السبت، فبراير 27، 2010

لقد طفح كيل غضبنا،

-->
لقد طفح كيل غضبنا، إرحلوا واتركونا نعيش
أيار 2008
إرحلوا وخذوا حكومتكم معكم، فنحن لسنا بحاجة إلى حكومة لا توفر لنا العيش بحرية وكرامة. لسنا بحاجة إليها سواءٌ أكانت زائداً مقعداً، أو ناقصاً عشرة. أنتم تريدون حكومة تحافظ على مصالحكم، ولا ترعى مصالحنا.
إرحلوا وخذوا كل حكوماتكم معكم، واتركونا نشكل حكومة من الفقراء والمساكين، يجهلون سياساتكم وأحابيلكم، حكومة من المساكين والفقراء والفلاحين، ينظمون لنا الدور في زراعة الأرض التي وهبناها الله لنأكل من خيراتها بالتساوي، ونتسامر في الليالي المقمرة على وهج القنديل، نتسامر وأطفالنا ينامون ناعمي البال بعيداً عن أصوات رصاص بنادق أزلامكم، بعيدين عن حقنهم من خلال شاشات تلفزيوناتكم.
لم ننتفع بدفاعكم عن أميركا، كما لم ننتفع بمقاومتكم لها، لقد جعلتم منها سلعة للمتاجرة بآلامنا ومرضنا وعتمتنا وهواء دراجاتنا وفرص عملنا.
حلوا عنا انتم وأميركا، ونحن كفيلون بقتالها، ونحن أدرى منكم بحقيقتها، لقد تساعدتم معها على إفقارنا، وعرينا، وتعتيم منازلنا وصدورنا. واختلفتم حولها فزدتمونا من نعم الإفقار والعري والبطالة. أنتم تريدون التحالف معها على حساب لقمتنا، كما تريدون خصومتها على حساب حياة أطفالنا.
إرحلوا وخذوا معكم شركة كهربائكم، واتركونا نفتش على مهلنا عن قطرة (كاز) نضيء بها قناديلنا. أو نكتفي بنور الشمس في النهار، ونسهر على ضوء القمر حينما يكون في السماء.
وإذا رحلتم بشركة الكهرباء التي جعلتموها تنهبنا، وتفقر دولتنا، ليصب ما تسرب من سرقات إلى جيوبكم، فلن يتغير الأمر شيئاً بالنسبة لنا، فنحن ندفع ونبقى في دهاليز العتمة، وإذا شحنتموها معكم، نبقى في دهاليز العتمة بينما نوفر على جيوبنا دفع الخوة التي تفرضونها علينا، تحت حجة صيانة شركة لا حياة فيها، ولا حركة.
خذوا شركات أدويتكم، وأغربوا عن وجهونا، فمرضانا تموت. إرحلوا عنا لا نريد أن نملأ جيوب شركاتكم بقطرات عرقنا، ولا حتى بالغبار الذي غطى أحذيتنا. أتركونا نفتش بين أعشاب الطبيعة لنداوي آلامنا، ونجد الشفاء لأمراضنا. ماذا انتفعنا من صيدلياتكم؟ ومن مستشفياتكم؟ ومن مختبراتكم؟ إلاَّ المزيد من المرض، لقد تلبَّستنا أمراض اليأس والمرارة والحرقة والألم.
خذوا شركات هواتفكم وارحلوا عنا، وخذوا معها الأجهزة التي اشتريناها، فما نفعها إذا كنا نعجز عن دفع فواتيرها؟
خذوا شركتيها، وارحلوا عنا، واسرقوا من جيوب من أردتم، فنحن أفلسنا ولم يبق في جيوبنا قرش تسرقونه بعد. لقد أفلسنا وأُتخم أولادكم، وبطروا. ونحن نشتاق إلى عضة ليس من جهاز خليوي، بل عضة من رغيف للخبز.
إرحلوا وخذوا معكم كل الشواطئ التي احتلتم على سرقتها، وبنيتم عليها مواخير لاستقبال السياح لتعزيز خزائن جيوبكم. وخذوا السياحة معها، بترول لبنان، ودعونا نسترخي على شواطئنا مجاناً فهي ملكنا، لقد حرمتمونا من برودة مياه بحرنا، وفرضتم علينا ضريبة النظر إليه. فممنوع علينا أن نتمتع بطبيعتنا مجاناً، إذ أصبح هواء وطننا ومياه وطننا وتربة وطننا ترفاً لمن يستطيعون أن يدفعوا أجرة النظر إليها.
خذوا شواطئكم، وابتزوا بها من يريد أن يدفع الثمن. ولأنها ملكنا فقد استأثرتم بعائداتها، وسلبتم حقنا فيها وأتختمتم جيوبكم بعائداتها، وأتخمتم معدتنا بالجوع والشكوى من أمراضها. وستبقى شواطئنا على سجيتها كريمة معطاء، تستقبلنا وتحتضننا، ولا تطالبنا بدفع خوة الدخول إليها، والتمتع بمياهها الدافئة أم الباردة.
ارحلوا وخذوا معكم شركات الماء، واتركوا لنا أنهارنا. فشركاتكم تلوث الماء الذي نشربه، فالماء ملكنا وهبه الله لنا، وأنتم تتاجرون به. فما يدخل إلى بيوتنا منه يدخل ملوثَّاً، وما تكرره شركاتكم التجارية مملوء (صحة) وعافية، نعجز عن شرائه، فسلبتم منا نعمة الله، وفرضتم علينا ثمناً له. أعطانه الله مجاناً وأنتم تبيعون هبة الله.
ما بالكم، وما داءكم، جئتم باسم الدفاع عن حقوقنا، وها أنتم تدافعون عن مصالحكم.
جئتم بالطائفية لنا تزعمون حمايتنا باسمها، فلم تحموا الطائفية ولا شكلتم حماية لنا. لقد نزع الجار ثقته بجاره، ووضع الجار متراسه في مواجهة جيرانه. فمتنا برصاص الطوائف، ومات أطفالنا. لقد جعنا وعرينا كرامة لعيون توازناتكم الطائفية، فلا أنتم حصلتم عليها، ولا نحن شعرنا بحمايتها لنا.
إرحلوا وخذوا التوازنات الطائفية معكم، واتركونا نعيش جيراناً متآلفين متحالفين، هكذا كما خلقنا الله شعوباً وقبائل لنتعارف، ولنجعل من تقوى علاقاتنا مع جيراننا مساراً نسلكه لنكون الأكرم عند الله، وبمقاييسه وليس بمقاييسكم.
ماذا جلبتم لنا؟ وأية أمراض حمَّلتم أجسامنا؟ وأي ظلام لفتتم ليلنا؟ وأية جراثيم اجتماعية غرستم في نفوسنا؟ وأية محبة لله غرستم في ضمائرنا؟
اتقوا الله فينا، في عيشنا، ولقمتنا، وإيماننا، ودعونا نعيش مع جيراننا كما نشاء، على طبيعتنا، وسجيتنا، فقد مللنا مساربكم للدخول إلى جنة الأرض وجنة السماء، فالله وهبنا عقلاً متحرراً يهدينا ويقودنا إلى معرفة أي طريق نسلكه للسعادة في الدنيا والآخرة.
تذكروا، أيها السادة القابعين في عليائكم، أن الله غرس في ضمير الإنسان وعقله محبة الجار، على مثال محبة الابن والأسرة والدار، وجعلها فطرة خالية من الغش والدجل، وأمر البشر بالبعد عن كل ما يفرق الجار عن جاره، وغرس فينا فطرة اقتسام خيرات الأرض بالتساوي...
إرحلوا عنا، بسياساتكم وأحابيلكم وخداعكم، واكفونا شر فنون سياساتكم ومتاهاتها، ودعونا نعيش كما خلقنا الله. وأقسم بالله أننا سنعيش أخوة متحابين متساوين متعادلين متعاونين.
إرحلوا وسيكون لبنان واللبنانيون أفضل حالاً بغيابكم، بعيداً عن نزاعاتكم على مصالحكم، ومصالحاتكم على مصالحنا. إرحلوا عنا وستكون عين الله حارسة على حياتنا وحريصة عليها، فالله ليس طامعاً بتحقيق مصالحنا على حساب دمائنا وأرواحنا وأرزاقنا، كما لن يكون طامعاً بتحقيق مصالحه وجعلنا وقوداً لتلك المصالح يحرقنا كما يشاء وكيفما يشاء وأينما يشاء.
-->

ليست هناك تعليقات: