الاثنين، مايو 21، 2012

هل تداعيات الأزمة السورية

-->
هل تداعيات الأزمة السورية ستتسبب بنزاعات مسلحة بين اللبنانيين؟


في 21/ 5/ 2012        
هذا جواب رداً على سؤال مُوجَّه من مركز الدراسات العربي الاوروبي في باريس:
لا شك بأن هناك أكثر من ارتباط بين القضايا القومية كافة، ومنها ترابط الوضعين السوري واللبناني، بحكم الجوار الجغرافي بينهما، وتلعب التداخلات السياسية وتأثير القضايا القومية المشتركة، بين الساحتين دوراً كبيراً في التفاعل بينهما سلباً أم إيجاباً. ولعلَّ عامل جوارهما الجغرافي مع فلسطين المحتلة، له تأثير شديد على ما يسميه الغرب (أمن إسرائيل). وبالتالي يشكل لبنان الخاصرة الأمنية الرخوة للأمن القومي السوري على هذا الصعيد، وأي نظام يحكم سورية لا يمكن أن يتجاهل هذا الترابط. ولعلَّ مرور سورية الآن بأزمة داخلية خارجية شديدة الخطورة في هذه المرحلة، بحيث يتعرَّض فيه الأمن السوري لمخاطر جمَّة، تلعب فيه بعض القوى المناوئة للنظام الحاكم على الساحة اللبنانية من خلال تلك الأزمة دوراً سلبياً مؤثراً يمكن أن تعرِّض الأمن السوري الداخلي والخارجي لمزيد من المخاطر.
نتيجة هذه العوامل تُعتبر الحدود اللبنانية السورية حاجة أمنية حيوية لكل من النظام السوري من جهة والقوى اللبنانية التي تدعم خصومه في الداخل من جهة أخرى. وكل منهما يعمل على تعزيز تأثيره على الساحة اللبنانية، يعمل فيه النظام على منع تصدير ما يُضرُّ بأمنه عبر الساحة اللبنانية انطلاقاً من الحدود المشتركة متكئاً على حلفائه اللبنانيين، كما تعمل القوى اللبنانية المناوئة له على اعتبار تلك الحدود ممراً لها لمساعدة حلفائها في الداخل السوري.
تلك المسألة هل تصل بالأمور على الساحة اللبنانية إلى حافة النزاعات المسلحة بين اللبنانيين؟
ولكي نجيب على هذا السؤال لا بُدَّ من التأكيد أن أي جواب لا يجوز إلاَّ أن يُبنى على قاعدة الاحتمالات الأرجح، فهناك احتمالات التفجير الواسع، كما هناك احتمالات التسخين فقط من دون التفجير الشامل. وبين هذا الاحتمال وذاك نرجِّح من جانبنا أن الساحة اللبنانية غير مؤهلة في هذا الظرف لتفجير شامل، لأن توقيته مؤجل لمراحل لاحقة إذا استوفى التفجير ظروفه وشروطه يصبح مؤكداً.
أما العوامل التي نبني عليها احتمالنا فلها علاقة بالمشروع الأم المرسوم تطبيقه في الوطن العربي، وهو مشروع الشرق الأوسط الجديد، الذي يتم التمهيد له بنشر الحروب الأهلية، وصولاً إلى الفوضى الشاملة التي تمهد لبناء دويلات طائفية. لذا لم يأتِ دور تفتيت لبنان لأنه الحلقة الأضعف فليس هناك دويلات طائفية كبرى تستطيع أن تحمي تقسيم لبنان. ومتى وُجدت يصبح تقسيمه تحصيل حاصل ويأتي نتيجة تحولات كبرى. فلبنان الآن منقسم بالقوة وينتظر تقسيمه بالفعل نتيجة الانقسامات الطائفية الحادة بين تنوعاته الطائفية والمجتمعية. وفي حال حانت مرحلة تقسيمه يقتضي المشروع الأم إخراجه على طريقة النزاعات المسلحة بين اللبنانيين.
أما ماذا نقصد بالتحولات الكبرى؟
في دومينو الحروب الأهلية انطلقت الشرارة الأولى من العراق الذي تمَّ تقسيمه إلى دويلات ثلاث لا يخفى على المراقب المتابع ما يحصل فيه. ومن أجل تثبيته لا بُدَّ من تعميم التجربة لتشمل سورية. فسورية الآن تُعتبر مركز الدائرة بين العراق المقسَّم ولبنان المؤهَّل للتقسيم، فإذا ما حصل تقسيم سورية تتحول النزاعات الأهلية المسلحة في لبنان إلى انفجار شامل يُصبح تقسيمه أفضل الشرور عند اللبنانيين.
ففي مرحلة التسخين هذه، وهي المرحلة التي نتكلم عنها، نعتقد أن النظام السوري لا يرى مصلحة له في تعميم الانفجار المسلح الشامل في لبنان، ففيه مخاطر تأسيس (دفرسوارات) أمنية في شماله بشكل خاص تؤثر في فتح ممرات لوجستية لخصومه لتهريب السلاح وإيواء المعارضين ومحطة لاستراحة المقاتلين...
كما لا نرى مصلحة لخصوم النظام السوري بتعميم الانفجار وتوسيعه لأنه يعني التقسيم الذي لن يجدوا من يحميه، خاصة أن مصير مركز الدائرة في سورية مجهول النتائج حتى الآن. هذا مع ضرورة عدم تجاهل احتمال تعميم النزاع المسلح إلى أبعد من الحدود السورية اللبنانية لدخول عوامل دولية مؤثرة في القضية السورية قد تهدد ليس باندلاع حروب بالواسطة بين الجبابرة، بل قد تهدد السلم العالمي، الذي إن وصل إلى شفير الهاوية فستبدأ مرحلة التسويات والمساومات. وطالما أن هذه المرحلة تجري تحت خيمة الحروب بالواسطة فالجبابرة لا يرون مصلحة لهم في إحداث تفجير شامل، وهذه الاستراتيجية كما نرى تشمل لبنان فيما تشمل.




ليست هناك تعليقات: