الأحد، أبريل 19، 2015

رثاء المرحوم عبد الأمير ابراهيم


كلمة حسن خليل غريب في رثاء المرحوم عبد الأمير ابراهيم


أيها الحفل الكريم

يا رفاق عبد الأمير وأصدقاءه وأهل بلدته

إذ أقف على منبر تأبين فقيدنا الغالي، أشعر بالأسى والمرارة لأنه رحل كما رحل غيره من الرفاق والأحباب، رحلوا جميعاً في مرحلة الشباب والعطاء.

وإن كانت سُنة الله في عباده أن ساوى بين البشر جميعاً في الموت. وكانت مساواته من دون النظر إلى عمر الإنسان أو مقامه، فإن المساواة لا تحول دون شعور المتقدم بالسن بمرارة رثاء من هو أصغر منه سناً.

لقد شعرت بالمرارة أكثر من مرة عندما وقفت على هذا المنبر أرثي من سبقوني إلى الدار الآخرة. قمت بالسير وراء نعوشهم، كما قمت برثائهم، بينما كانت أمنيتي أن يحملوا نعشي فوق أكتافهم العامرة.

أيها الحفل الكريم

مما خفَّف عني المرارة، بعد فقدان من رثيت، هي ظاهرة المشاركة الواسعة لشباب ضيعتي في القيام بواجباتهم تجاه فقدان عبد الأمير، ورافقتها مشاركة رفاقه بذلك، وزاد الراحة أكثر ما لمسناه من كل من عرفوه سواء بحضورهم أو اتصالهم، أو حتى ممن سيشاركوننا لاحقاً بعواطفهم بعد أن قصرنا بواجب إبلاغهم.

عائلتي التي كان لي الشرف بأن أتكلم باسمكم سأحكي لكم ما أشعر به شخصياً تجاه عبد الأمير، وما تشعرون به أنتم، وأرجو أن تسامحوني إذا توسَّعت بالكلام عن تجربتي الشخصية معه، وما خبرته فيه من قيم وصدق وإخلاص تجاه عائلته وحزبه ومجتمعه.

على الصعيد الشخصي كان لي عبد الأمير أخاً ورفيقاً وصديقاً وأباً لأولادي، رافقني ورافقها طوال عشرات السنين، كما كانت له مواقف مشهورة في تاريخ الحزب النضالي.

كان عبد الأمير رفيقاً في معظم متاعبي، صادقاً وصدوقاً، وهو الذي احتضن زوجتي وأطفالي في رحلة غيابي شبه الدائم عن بيتي. وهذا الأمر لم يكن ليمر مرور الكرام، بل إنه كان يزيح عن كاهلي عبئاً ثقيلاً وهو عبء رعاية زوجة وسبعة أطفال لم يكن أحد منهم قد بلغ سن المسؤولية. فعائلتي تلك قد رافقت معظم الأخطار من حل وترحال مستمر متنقلة بين هذه البلدة أو تلك، وبين هذا البيت أو ذاك، هروباً من قصف هنا أو معركة هناك.

إن ما كان يجعلني صامداً ومتنقلاً بين هذا الجزء من النضال أو ذاك، هو أنني كنت أشعر في غيابي شبه المتواصل بأن عائلتي بأمان طالما كانت بين أيدٍ أمينة، وتلك كانت أيادي عبد الأمير.

وأما على الصعيد الحزبي، فقد ملأت مبادئ الحزب وجدانه، فكان حريصاً على تنفيذ أي مهمة يُكلَّف بها بدقة وإتقان، ولست أذكر أنه تلكأ عن أي واجب تم تكليفه به.

أيها الحفل الكريم

لقد كان عبد الأمير يضج حيوية في حركته وعلاقته مع الآخرين، سواء منهم من اتفق معهم بالموقف أم من الذين خالفوه به. وإذا كان الخلاف بالرأي أمراً واقعياً بل ضرورياً فإن عبد الأمير كان يكن لمخالفيه الرأي بالود والمحبة على الرغم من حيويته الفائضة وحماسه بالنقاش. وتلك حقيقة أعلنها لكل الذين عايشوه وعاشوا معه.

وأما على الصعيد العائلي، فقد أكتسبت منه شخصياً، وكما تعرف العائلة أيضاً، أنه كان حريصاً على شدِّ أواصر صلة الرحم، ليس عن تعصب أو عصبية، بل عن حسٍّ إنساني رفيع. بل كان حريصاً على أن تبقى العائلة متماسكة متحابة متعاونة. وهذا كان ديدنه مع المجتمع المحيط به.

أيها الحفل الكريم

إذ نفتقد عبد الأمير في غيابه، سنبقى نحتذي طريقته التلقائية والبسيطة ببناء علاقات جيدة تسودها المحبة والود في علاقاته مع عائلته ورفاقه ومع مجتمعه الأوسع. وهكذا كانت خصاله مع كل من عايشه بغض النظر عن الزمان والمكان.

وإنني أتوجه من زوجته وأولاده أن ينفذوا وصيته بأن يبقى بيتهم مفتوحاً أمام كل محبيه، ويبقى البيت الأم الذي أوصى أبو هاشم بأن يبقى مفتوحاً لنتنسم رائحة تقاليدنا القروية المحببة لكل من مارسها وعايشها.

وأخيراً وباسم العائلة الصغرى لفقيدنا الغالي أتوجه إلى كل من شارك بتشييعه أو بتأبينه، أو اتصل متعاطفاً معنا. أتوجه إليهم جميعاً بالشكر والامتنان وندعو لله تعالى أن لا يمسهم أي مكروه.

ليست هناك تعليقات: