الأحد، أبريل 05، 2020

الشعور القومي ليس نزعة رومانسية


بمناسبة العيد الثالث والسبعين لـتأسيس حزب البعث العربي الاشتراكي
الشعور القومي ليس نزعة رومانسية
 قرأت هذا المقطع في كتاب (تهافت الأصوليات الإمبراطورية) الصادر عن دار الطليعة في بيروت، للكاتب حسن خليل غريب.
من يعاني الشوق يكابده، فنحن العرب نعاني الشوق للقومية العربية وموجباتها في الوحدة والحرية والاشتراكية. نحلم بالقومية ونتشوَّق إليها، نشعر بالقومية ولا نجد لها ترجمة سياسية أو اقتصادية.
نحن العرب لم نتأكد بعد من خطورة القومية العربية على الطامعين بها وبخيراتها، فهم منعوا، ولا يزالوا يمانعون، وصولها إلى وحدة سياسية، فحالوا منذ انفصالها عن هيكلها الأممي الإسلامي، ولا يزالوا يحولون، دون تحقيقها، ويرفضون حتى التفكير بها.
كل الإمبراطوريات في التاريخ دالت، وتقوَّضت، فعادت آمنة إلى قومياتها، باستثناء الأمة العربية التي أعيدت إلى حالة من التجزئة والتفتيت. فإمبراطوريات الفرس والروم، وإمبراطوريات الشرق مع جنكيزخان وهولاكو عادت إلى الشرق، وإمبراطورية الإسكندر عادت إلى اليونان، والإمبراطورية الرومانية انكفأت إلى روما إيطاليا. وإمبراطورية الحملات الصليبية عادت من بلادنا لتغرد في قوميات أوروبا. وأخيراً، وليس آخراً، عاد العثمانيون من بعد انهيار إمبراطوريتهم إلى أحضان آسيا الصغرى.
لقد عادت كل الطيور إلى أعشاشها فمتى يعود طائرنا العربي إلى عشه؟
كل أحلام الغزاة، الذين غزوا بلادنا، رجعوا منها ليحققوا أحلامهم في أحضان أهلهم وقومهم، ما عدا حلمنا العربي الذي لا يزال كابوساً يؤرقنا لأنه لم يتحقق، وهو لا يزال كابوساً يؤرق الطامعين في بلادنا إن تحقق.
فهل يجوز لنا أن نحلم بتوحيد أبناء قومنا كما فعل الآخرون؟
وهل يجوز لنا أن نحلم بجمهورية عربية فاضلة؟
وهل يجوز لنا أن نحلم بأن يكون الإنسان العربي «الإنسان الأخير»؟
وهل يجوز لنا أن نقف في مواجهة كل الدعوات «عابرة القوميات»؟
وهل يجوز لنا أن نبني دولة قومية خالية من الشوفينية والتعصب، دولة قومية تربي أبناءها على أخلاقيات القيم العليا، دولة قومية لا تساوم على سيادتها، دولة قومية لا تطمع بسيادة الأمم الأخرى، دولة قومية قد تشكل الأنموذج التاريخي الذي يتكامل مع قوميات العالم؟
بعض المؤمنين بالعولمة يعترفون بتزايد الشعور القومي، الأمر الذي يؤكد أن العولمة لن تمحو الحدود السياسية بين الدول. وعلى افتراض أن العولمة استمرت على نمط المفاهيم الرأسمالية فإن الدولة القومية ستكون دولة منزوعة السيادة ومقيدة بجملة اتفاقيات دولية تكف يدها عن اتخاذ أي تدابير حمائية وتضع تشريعاتها بما يمكن الاستثمارات الأجنبية من التغلغل والعمل باطمئنان.
ضغوط العولمة تستثير المقاومة الثقافية وتعزز من النزوع القومي والتحصن بالهوية القومية في مواجهة العولمة الراهنة. يذهب (إيمانويل والرشتاين) إلى أن أن تاريخ العالم ذاته كان نقيضاً للتوجه نحو التجانس الثقافي. ولذلك، إن الدعوة الرأسمالية إلى وجود ثقافة عالمية هو خرافة وغطاء للهيمنة الغربية.



ليست هناك تعليقات: