الثلاثاء، مايو 31، 2011

الكفاح المسلح أعلى درجات المقاومة


في الدورة الوطنية الثقافية التدريبية لكوادر منظمة التحرير الفلسطينية
حسن خليل غريب:
ليس للإرهاب مفهوم سياسي راهن غير المفهوم الأميركي
والكفاح المسلح أعلى درجات المقاومة
في سلسلة نشاطاتها الثقافية، أعدَّت منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان دورة إعداد ثقافي للعشرات من كوادر فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، في مركزها الثقافي في مخيم البص صور، وأطلقت عليها دورة (الوحدة الوطنية الفلسطينية). وقد حاضر فيها الرفيق حسن خليل غريب تحت عنوان (الإرهاب والمقاومة). وفيما يلي أهم ما جاء في الندوة.
بعد أن قدمه الأخ أبو ربيع، مسؤول الدورة، استهل الرفيق غريب كلامه، بشكر القائمين على الدورة لتشريفهم بلقاء مع كوادر أبناء الثورة الفلسطينية. وترحيبه باتفاقية المصالحة بين فتح وحماس. وابتدأ محاضرته بتحديد الإلتباس الإعلامي بين مفهومين: المفهوم الأميركي المنطلق من مفهوم السيطرة والاحتلال، بحيث وضع المقاومة والإرهاب في كفة واحدة. فالإرهاب، بالمفهوم الأميركي، هو كل مقاومة تحد من مفهوم الهيمنة الأميركية، أو تقاوم الاحتلال الأميركي أو الصهيوني.
وبعد ذلك تناول المحاضر المفهوم العلمي للقضيتين:
أولاً: الإرهاب
باستثناء مفهومه اللغوي، أو ما جاء عنه في القرآن الكريم بمقاصده النفسية أي ما يدخل في دائرة الحرب النفسية، قال: إنه ليس للإرهاب مفهوم سياسي راهن غير المفهوم الأميركي. أما تعريفه العلمي فهو كل ما يتناقض مع القيم الإنسانية العليا، ومنها الاعتداء على المدنيين في الحروب، والاعتداء على حقوق التفكير والاعتقاد. ويأتي في هذا السياق فروعه:
-الإرهاب الفكري ومن أهم مفاهيمه:
-التكفير بالمعنى الديني المقدس: وهو المفهوم الذي أسس للإيديولوجيا الطائفية، وعنه لا تعترف طائفة أو مذهب بالطوائف أو المذاهب الأخرى، فالآخر هو دائماً الكافر. وخطورة المفهوم هو نتائجه التي تترتب على (التكفيريين) عندما يدعون إلى قتل الكافر.
-وعدم الاعتراف بالرأي الآخر بالمعنى السياسي، حيث يُعتبر الرأي الآخر هو الرأي الخطأ، والإرهاب المنبثق عن هذا المفهوم هو استخدام القوة أو أساليب التهويل والقمع لإرغام الآخر على اعتناق غير ما يقتنع به.
-والإرهاب السياسي وهو استلاب الحق بحرية الرأي والموقف والاعتقاد والتفكير وقمعها بكل أشكال الوسائل وهي عادة ما تمارسه الأنظمة السياسية. وهذا النوع من الإرهاب تتم ممارسته أيضاً حتى بين أصحاب الآراء المتباينة، وبدلاً من الحوار يُستخدم أسلوب التخوين.
-والإرهاب العسكري وهو استخدام كل الوسائل الوحشية لكسب الحرب ومنها استهداف المدنيين وكل من حرَّمت القوانين الدولية إيذاءهم. ويستحضرني في هذا الإطار وسائل الصدمة والترويع الأميركية التي استخدمت في العدوان على العراق، وكل وسائل الحرب التي يستخدمها العدو الصهيوني، ومن أهم معالمه التاريخية مجزرة دير ياسين، وجينين، وغزة، وقانا. وكل ما فعلته آلة الدمار الأميركي في العراق، وهي تكاد لا تُحصى، وما تفعله في أفغانستان....
ثانياً: المقاومة
المقاومة وهي غريزة إنسانية كامنة في النفس البشرية للدفاع عن النفس، والنفس البشرية في هذا الإطار تقاوم كل ما ترفضه أو تعتبره اعتداءً على الحقوق، (حتى الطفل يقاوم بالصراخ)، والمظلوم يقاوم الظلم الواقع على أكتافه، والمسلوب حقوقه يدافع عن حقوقه، والمحتلة أرضه يقاوم الاحتلال لتحريرها...
والمقاومة أم ويتفرع عنها أنواع عديدة، ومن أهمها:
-المقاومة السياسية وهي الانتفاض والثورة على الأنظمة السياسية الوطنية التي لا تقوم بواجباتها تجاه مواطنيها، وهو ما يُسمى عادة بالحراك الديموقراطي السلمي. كما تعني الانتفاض والثورة السلمية ضد كل أنواع الاحتلال كونه يشكل اغتصاباً لأرض أو لحق في السيادة.
أما الانتفاض على الأنظمة السياسية الوطنية، أي علاقة المواطن بالنظام السياسي الحاكم، فإذا تعدت الوسائل السلمية، أي بمعنى أنها لو استخدم المنتفضون السلاح فتخرج الانتفاضة أو الثورة عن طورها السلمي لتتحول إلى حرب أهلية يقتل فيها الأخ أخاه. وبذلك تنتفي عنها صفة الثورة الهادفة إلى الإصلاح.
وأما مقاومة المحتل بشكلها السلمي فتأتي مكمِّلة لأنواع المقاومة الأخرى ولا تغني عنها. وهذه المقاومة منوطة بعموم أفراد الشعب على شتى طبقاته العمرية. ومن أهم المقاومات وأكثرها ضرورة في مقاومة المحتل، هي السلاح الذي يتوفر لدى المقاومين. وهناك أنواع وأشكال للمقاومة، ومن أهمها:
-المقاومة الثقافية وهي حركات التجديد في المفاهيم الثقافية داخل المجتمع ذاته، أو بين مفاهيم ثقافية متعددة، أو مقاومة ما يسمى بالغزو الثقافي الخارجي.
-التجدد الثقافي الداخلي يعني مقاومة الثقافة السائدة التي يرى المجتمع أنها أصبحت عاجزة عن مواكبة حاجة المجتمع وعن حل مشكلاته. فالثقافة الطائفية مثلاً تشكل عائقاً أمام متغيرات العصر ومفاهيمه، ويكفي أنها تحول دون وحدة المجتمع في الدولة المدنية الحديثة.
-مقاومة الغزو الثقافي الخارجي، والغزو الثقافي هو عادة ما تمارسه الأنظمة الرأسمالية ذات الأهداف الاستعمارية، وهي كل ثقافة تأتي من الخارج لتغيير المفاهيم الثقافية الوطنية بما يجعل من تلك الثقافات الوافدة أساساً لضمان مصالح سياسية أو اقتصادية للغزاة أو المعتدين.
-المقاومة الاقتصادية: ولها أشكال عديدة كمقاومة المفاهيم الاقتصادية الرأسمالية (إقتصاد السوق الذي تروِّج له الرأسمالية الأميركية)، ومقاومة الاقتصاد الصهيوني الذي يعود ريعه لمصلحة العدوان والاحتلال (مقاومة التطبيع ومقاطعة البضائع).
وللمفاهيم الاقتصادية الرأسمالية هدفان: الأول نسخ أي تفكير أو اتجاه اشتراكي كمنهج في الاقتصاد والاجتماع يوفر العدالة بتوزيع الدخل القومي على كل مواطني الدولة. المنهج الاشتراكي هو نقيض للمنهج الرأسمالي الذي يوفر المناخات المناسبة لإنعاش الرأسماليين على حساب الطبقات الأخرى. أما الهدف الثاني للمنهج الرأسمالي فهو توفير الجو الثقافي في المجتمعات التي تتعرَّض للغزو بتعميم وغرس المفاهيم الرأسمالية التي تمهد الطريق أمام حركة تصدير السلعة الرأسمالية إلى تلك المجتمعات.
-المقاومة العسكرية وهي عادة تلك المقاومة التي يمارسها شعب ضد الاحتلال الأجنبي. ومن أهم فروعها وأكثرها تميزاً يأتي الكفاح الشعبي المسلح. وهو الأكثر انتشاراً وتعريفاً في الوطن العربي والثقافة العربية المعاصرة.
وإذا كانت المقاومة السلمية والثقافية والاقتصادية لها زمانها ومكانها وظروفها وشروطها، والتي لا تكون عادة وسيلتها السلاح، فإن المقاومة العسكرية التي تواجه احتلال الأرض الوطنية، تُعتبر أكثر أنواع السلاح قيمة وتأثيراً. وإذا كانت المقاومة السلمية تحتاج إلى جهود سياسية وفكرية، فإن المقاومة المسلحة تحتاج إلى دماء وأرواح المقاومة، فهي الأكثر احتراماً لمن يبذل دمه وروحه وحريته في سبيل تحرير وطنه. وهذا الأمر يقتضي عرض مفهومنا للكفاح الشهبي المسلح.
ثالثاً: الكفاح الشعبي المسلَّح
وتابع الرفيق غريب، قائلاً: أما الكفاح المسلح فقد أعطى حزب البعث العربي الاشتراكي له بعدين: الشعبي والقومي.
-أما البعد الشعبي: فمن حيث أداته وهو السلاح الخفيف، ومن حيث عنصره وهو الطبقة الشعبية التي ليس لديها ما تخسره، ويُعتبر دفاعها عن الأرض دفاعاً عن حقها في بناء دولة حرة ومستقلة في الوقت الذي تستطيع فيه الطبقات الرأسمالية أن تحمل وطنها في حقيبتها. فلهذا يقدم أبناء طبقات العمال والفلاحين والمثقفين الثوريين، إلى الانخرط في صف المقاومة لأنهم أصحاب المصلحة في تحرير الوطن والأرض من الاحتلال لأنه لا بديل عندهم عنهما. وإذا ذكرنا القاعدة فهناك استثناء في أن ينخرط بعض أصحاب الامتيازات المادية والسلطوية في كفاح قد يدفع فيها حياته أو ثروته أو موقعه.
-وأما البعد القومي للمقاومة: وهذا ينطبق على واقعنا العربي، فلأن العرب مطموع بهم من قبل الاستعمار  والصهيونية على قدر متساو. فتحرير جزء مغتصب هو تحصين لمصالح الأجزاء الأخرى. ولذلك أخذت قضية فلسطين في فكر حزب البعث العربي الاشتراكي بعداً قومياً لأنه اعتبر أن احتلال فلسطين هو الخطوة الأولى لتأسيس دولة الدولة اليهودية الكبرى، من الفرات إلى النيل. والعربي الذي يريد أن يدرأ الخطر عن نفسه يعتبر أن خطوة الدفاع الأولى تمر عبر تحرير فلسطين.
 وتابع قائلاً: هنا اسمحوا لي أيتها الرفيقات والرفاق باستذكار الهدف الذي من أجله تم تأسيس جبهة التحرير العربية؟
لم يكن قرار التأسيس، كما ورد في البيان السياسي الأول، لإضافة فصيل آخر إلى فصائل المقاومة الفلسطينية خاصة أن تعميماً قومياً كان قد صدر منذ الانطلاقة الأولى لحركة فتح وتضمن الطلب من البعثيين الفلسطينيين الانضمام إلى تلك الحركة.
وجاء تأسيس جبهة التحرير العربية فيما بعد لتوفير فكر قومي يحول دون اعتبار قضية فلسطين قضية قطرية، بل اعتبارها قضية قومية بامتياز من جهة، ومن جهة أخرى لتوفير مناخ قومي يحمي الثورة الفلسطينية ويوفر لها المشاركة القومية بالرجال والإمكانيات المادية والضغط على النظام العربي الرسمي من أجل حمايتها.
وأعقبت المحاضرة جولة من الحوار تقدَّم فيها المشاركون بأسئلتهم حول شتى القضايا القومية ذات العلاقة بموضوع المحاضرة.

ليست هناك تعليقات: