الثلاثاء، مارس 19، 2019

حسن خليل غريب في لقاء صحفي مع جريدة الكرامة المصرية


حسن خليل غريب في لقاء صحفي مع جريدة الكرامة المصرية
التاريخ: 18 آذار 2019

وجهت صحيفة الكرامة المصرية عدداً من الأسئلة حول مؤتمر وارسو، وهذا نص الأجوبة عليها:
1-بعد مؤتمر وارسو هل بدأ بالفعل التطبيع العربي مع إسرائيل كما تروج له تل أبيب وواشنطن حيث أن نتانياهو كان " عريس" وارسو كما أطلق عليه الكثيرون؟..أم أن العرب يرفضون بالفعل التطبيع؟.
بداية زعمت أميركا بدعوتها لعقد المؤتمر بأنه تحشيد دولي ضد إرهاب النظام الايراني، ولكنه انعقد تحت عنوان (مؤتمر الامن والسلام في الشرق الاوسط)، وهذا يعني أن هدفه الأساس هو  دعوة (إسرائيل) لحضور المؤتمر، وفرضها طرفاً أساسياً في التحالفات التي تقيمها أميركا في الوطن العربي.
لقد عُقد مؤتمر وارسو تحت عنوان تشكيل ناتو جديد لمواجهة التدخل الإيراني في شؤون الشرق الأوسط بشكل عام، وفي شؤون الوطن العربي بشكل خاص. ولأن الهدف المعلن مغرِ للأنظمة العربية ويمثل ستاراً لأهداف أخرى، فقد وُضع لجذب الأنظمة العربية الرسمية للمشاركة فيه والتعمية على أهدافه الرئيسية. وفي تقديرنا استغلت الإدارة الأميركية ذلك الشعار لتمرير عضوية العدو الصهيوني، والتشريع العلني لضم (إسرائيل) إلى أية منظومة تُعنى بشؤون الشرق الأوسط، ولذلك كان حضور نتنياهو بمثابة (عريس للمؤتمر)، للاعتراف بشرعيته الواقعية في أية مؤتمرات خارج مؤسسة الأمم المتحدة.
وأما عن التطبيع الرسمي العربي مع العدو الصهيوني، فهو يجري على قدم وساق، وقد سبقت علنيته الأخيرة، بعد زيارة نتنياهو، رئيس العدو الصهيوني، إلى مسقط، الكثير من جوانب التنسيق التي كانت تجري وراء الكواليس. وأما دعوته إلى مؤتمر وارسو فتطرح إشكالية أساسية، هو فرضية المقايضة بين مساعدة أميركا في تحجيم الخطر الإيراني مع فرض قبول العدو الصهيوني أمراً واقعاً في أية منظومة إقليمية دولية عربية.
وعلى العموم، تبقى مواقف أميركا المعلنة من مخاطر النظام الإيراني على الأمن القومي العربي، محكومة بالمصالح الأميركية الصهيونية، وهي لن تتجاوز المحافظة على إبقاء هذا النظام (فزَّاعة) تبرر لأميركا عقد صفقات (الحماية بالإيجار) لبعض الأنظمة الرسمية العربية. وتبقى حماية الأمن القومي العربي مرهونة بطرد  الاحتلال الإيراني للعراق، ومنع تدخله في الشؤون العربية، مسؤولية عربية بامتياز، تقع مسؤولية حمايته على عاتق الشعب العربي أولاً، وإذا أدركت الأنظمة الرسمية مسؤوليتها في حماية الأمن الذاتي، ستعطي زخماً كبيراً بدون أدنى شك.

2-هل سنشهد مرحلة جديدة من العلاقات العربية الإسرائيلية من شأنها أن تضر بالقضية الفلسطينية أم أن أحلام نتانياهو ستتبخر ولن تجني تل أبيب أي فائدة من المؤتمر؟. وهل تنجح واشنطن في ظل ضغوطاتها أن تجبر الشعب الفلسطيني على التنازل عن حقه في دولة عاصمتها القدس الشرقية؟
طبعاً إن أي تصعيد بتطبيع العلاقات الرسمية بين الأنظمة والعدو الصهيوني يضر بالقضية الفلسطينية، ولكنه لن يستطيع أن يلغيها طالما تبقى محاصرة بالرفض الشعبي العربي من جهة، ورفض الشعب الفسطيني من جهة أخرى.
وكي لا نخلط بين نوايا الأنظمة العربية بالتطبيع العلني أو السري مع (إسرائيل)، هناك إعلان نوايا صدر عن مؤتمر القمة العربية التي عقدت في بيروت في العام 2002، والتي وافق عليها المؤتمر تحت اسم (مبادرة السلام العربية)، وفيها وُضعت قيود للتطبيع مع (إسرائيل) بحيث يأتي التطبيع بعد تطبيق الاتفاق على حل الدولتين، على أن تقام دولة فلسطينية على أراضي الضفة الغربية، وبحدود الرابع من حزيران في العام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وكذلك بعد تنفيذ قرار حق العودة للفلسطينيين حسب القرار الدولي الذي يحمل الرقم 194.
استناداً إلى كل ذلك، وبما تفعله بعض الأنظمة العربية من محاولات للتطبيع هنا أو هناك، قبل الاتفاق على حل للدولتين هو خروج رسمي عن مقررات رسمية، وطبعاً هذا لا يخدم القضية الفلسطينية؛ بل يسمح للرضوخ للوقائع التي تفرضها (إسرائيل) على الأرض، ولما تفرضه أميركا بعد نقل السفارة الأميركية إلى القدس، والاعتراف بها موحدة عاصمة لـ(إسرائيل)، وبعد إعلان (صفقة القرن) التي  تبيح احتلال كل الأرض الفلسطينية.
وعلى الرغم من تأكيد بعض الأنظمة أنها ما تزال متمسكة بمبادرة السلام العربية، فإن العدو الصهيوني يخلق وقائع جديدة كل يوم بعد يوم، وطبعاً فرض الوقائع على الأرض نوع من مراهنة العدو على إيصال الأنظمة الرسمية إلى حافة اليأس، لوضعهم في النهاية أمام حافة القبول بالأمر الواقع.
ولكن لما كانت الأنظمة العربية ليست هي التي تقرر، ولن تسطيع تمرير أية صفقة رسمية مع العدو الصهيوني، وإنما الذي يقرر بالفعل، هما جهتان: الشعب الفلسطيني بفصائله المختلفة أولاً، والشعب العربي بقواه وأحزابه وحركاته الشعبية ثانياً، فلن يكون أي تطبيع رسمي مع (إسرائيل) قابلاً للتنفيذ ما دامت أية حالة تطبيع لن تتجاوز أسوار السفارات (الإسرائيلية) التي أقيمت في عواصم عربية، أو التي ستقام في عواصم أخرى.
وبناء على هذه القواعد، ولأن حالات التطبيع الرسمي ستكون مطوقة بالرفض الشعبي له، أعتقد أن ما يدور حالياً من محاولات رسمية للتطبيع ستكون صكوكاً من غير رصيد، سواءٌ أأدركت الأنظمة هذه الحقيقة أم لم تدركها. فالتطبيع من فوق لن يجدي طالما التطبيع الشعبي من تحت صعب الحصول عليه، هذا إذا لم يبلغ حدود الاستحالة. وطالما ظلَّ الرفض الشعبي قائماً أعتقد أن ما تحوكه الولايات المتحدة الأميركية، والعدو الصهيوني من مشاريع ضد القضية الفلسطينية، في ظل استسلام رسمي عربي، لن تضيع تلك القضية، وأكبر دليل على ذلك، أنها ما زالت حية، منذ مؤامرة التقسيم في العام 1948 حتى الآن. وهل مصير اتفاقيات كامب ديفيد، ووادي عربة، وسجنها شعبياً داخل أسوار شائكة تحيط بسفارات العدو الصهيوني في بعض العواصم العربية أقل دلالة على فشل كل محاولات الاحتواء والتدجين والاحتواء والتطبيع؟

ليست هناك تعليقات: