الجمعة، فبراير 26، 2010

المقاومة الوطنية العراقية تركِّب

-->
المقاومة الوطنية العراقية
تركِّب لمعاقي الأنظمة الرسمية أرجلاً
8/ 10/ 2006
بالمقدار الذي شعرنا فيه أن زيارة كوندوليزا رايس إلى العراق تضيف إلى ذُلِّنا ذُلاًّ، فقد قرأنا في حركتها وفي تصريحاتها الذّلَ الذي تعاني منه إدارة جورج بوش بعد أن مرَّغت المقاومة الوطنية العراقية أنفها في رمال الصحراء.
لم تتسلَّل كوندوليزا إلى العراق، مرتدية الدرع الواقي من الرصاص، إلاَّ أحد أهم مظاهر الخوف من زنود المقاومين الأبطال، وهذا ما يدفعنا إلى التساؤل عما آلت إليه حال الإمبراطورية التي أرعبت العالم، وأرعبت قلوب المعاقين في النظام العربي الرسمي. فهي تنزل على أية أرض عربية مختالة تأمر وتنهي، ولكن ما أن تصل أرض الرافدين فتطؤها بسرية تامة، وترتدي درعها الواقي. فهي قد تسلَّلت إلى العراق لترفع من معنويات جنودها، وكيف ترفعها وهي خائفة على روحها؟ تأتي لتركِّب أرجلاً لعملائها وهي بالكاد تمشي على رجليها.
إننا من منظر درع كوندوليزا الواقي نقرأ ما لا يستطيع الخائفون والمرعوبون أن يقرأوه.
على رأس تلك القراءات يدل منظر الدرع الواقي على أن أكبر إمبراطورية في العالم، نقلت سياستها في العراق من استراتيجية الهجوم إلى استراتيجية الدفاع، وانعكست تلك الاستراتيجية على صورة أدائها مع دول العالم، ومنها بالأخص بعض دول النظام العربي الرسمي.
المقاومة الوطنية العراقية أرغمت بوش على التراجع إلى موقع الدفاع
سنكررها، حتى ولو تضايق من لا يحب التكرار، بل ينتقده.
سنكررها لنقول: إنه لولا قوة تأثير المقاومة الوطنية العراقية لشكت المصانع التي تنتج الدروع الواقية من كساد سلعتها. وهي الآن جدَّدت شبابها في العراق، ومصانعها لا تستطيع أن تلبي طلبات قوات الاحتلال في مجال إعادة «تدريع آلياتها» و «جنودها»، و«مرتزقتها»، و«عملائها». وليس ببعيد أن تؤسس شركات إدارة جورج بوش شركات خاصة لتصنيع «حفاظات عسكرية للضباط والجنود»، و«حفاظات لكبار المسؤولين السياسيين»، ونحن لا ننسى «الحفاظ» الذي حصَّن فيه «بول وولفويتز» نفسه في فندق الرشيد قبل سنتين مضتا.
استراتيجية الدفاع الأميركية تظهر في حماية مواقع وجودها في لبنان والعراق
إن الدرع الذي ارتدته كوندوليزا رايس في العراق يعبِّر تمام التعبير عن المتغيرات التي فرضتها المقاومة الوطنية العراقية على إدارة اليمينيين الأميركيين المتطرفين الجدد. وهذا ما عبَّرت عنه في جولتها الأخيرة بدءاً من الأرض الفلسطينية المحتلة انتهاء بأرض كردستان المغتصبة. إنها باختصار استراتيجية الدفاع والتراجع عن العناوين الكبرى المضلِّلة التي غزت تحت ذرائعها بلاد ما بين النهرين. فجاءت بمصطلحات «المعتدلين» في مواجهة «المتطرفين». أي كما نقرأه نحن: «القابلون»، والعاملون في خدمة الإمبراطور الأميركي، في مواجهة «الرافضين» والمقاومين ضده وضد مشاريعه.
يشير بعض المحللين إلى أن للإدارة الأميركية بعض مواقع القوة، أي بعض مواقع الاختراق، في كل من العراق ولبنان، ولأنها تريد المحافظة عليها، على الرغم من أنها مهتزَّة، لجأت إلى بعض الأنظمة العربية المعروفة بولائها للإمبراطور الأميركي، وهم من أصدرت تغييراً بوصفهم بـ«المعتدلين»، من أجل حماية عوامل الاختراق في الساحتين المذكورتين.
كثيرة هي الأسباب التي أوجبت على وزيرة الخارجية الأميركية أن تدخل إلى عدد من دول النظام العربي الرسمي بزهو وثقة لتأمر وتنهي، وان تتسلَّل إلى العراق «مدرَّعة» و«ناصحة». ومن أهم ما يمكننا أن نتوقَّف عنده ظاهرة جديدة استطعنا أن نقرأها من موقعها «المدرَّع»، و«الناصح» في العراق، هو أن في البدائل التي وضعتها الإدارة الأميركية بعد أن انتهكت المقاومة العراقية حرمتها وقوتها وعجرفتها، أن تعمل على التقليل من خسائرها في العراق، بالعمل على تحصين مصالحها في المنطقة عامة، وفي الوطن العربي خاصة.
الفراغ الذي سيتركه الانسحاب الأميركي في العراق من أهم هواجس دول الجوار
كنا قد أشرنا في مقالة سابقة، نشرتها بعض مواقع «الأنترنت» تحت عنوان «حروب الاستتباع»، والبعض الآخر تحت عنوان«هل القادسية الثالثة قريبة؟»، وفي تلك المقالة حسبنا أن حروباً ستتفرَّع عن العدوان الأميركي على العراق بعد هزيمة الاحتلال، منها حروب داخلية بين الميليشيات العميلة من جهة وشعب العراق الوطني بقيادة المقاومة الوطنية العراقية من جهة أخرى. وحرب بين فيدرالية كردستان والدول المحيطة بها جغرافياً. وحرب ثالثة بين ميليشيات فيدرالية الجنوب من جهة وكل الوطنيين العراقيين مدعومين بدول الجوار العربي من جهة أخرى.
لا شك بأن تقسيم العراق مطلب أميركي وإيراني، وإن كانت لكل منهما أهدافه ومراميه. ولا شك أيضاً بأن تقسيم العراق فيه الضرر الأكبر لدول الجوار الجغرافي للعراق، لأنه سيُولِّد تقسيمات أخرى فيها. والأمرُّ هو أن معظم تلك الدول تدين بالولاء للإدارة الأميركية.
عندما ساعدت تلك الأنظمة العدوان على العراق فإنما كان يحدوها أمل في أن الاحتلال الأميركي سيضبط الوضع فيه مما يشكل حماية أمنية وسياسية وعسكرية لها. ولكن النتائج كانت بعيدة عن حساباتها عندما وقع الاحتلال في مأزق لا ترى تلك الأنظمة نهايته إلاَّ بهزيمة أميركية محقَّقة، ومن بعدها ستبدأ رحلة آلام طويلة لها، ليس أقلها خلق دولة كردية تنعكس بشكل خطير على بنية الدول التي يشكل الأكراد نسبة لا يُستهان بها من جهة، ووصول النظام الإيراني، بما يشكل من تهديد إيديولوجي لبنية الأنظمة المجاورة لجنوب العراق، من جهة أخرى.
تلك حسابات الأنظمة، على الرغم من عمق ارتباطها مع الولايات المتحدة الأميركية، لا يمكنها أن تدير لها ظهرها، فهي ذات علاقة مصيرية بوجودها كدول وأنظمة، وهي إنما تحالفت مع أميركا من أجل ضمان استمرارها ووجودها، أما إذا كانت تلك الضمانات غير ذات جدوى، فلا يجوز حتى للعبد أن يثور على سيده، وهذا ما هو حاصل الآن.
لقد جرَّبت أنظمة مصر والخليج والأردن أن تحل مشكلة الفيدرالية في العراق على قاعدة إحداث توازن قوى مذهبية، دعم للسُنَّة في العراق لمواجهة الدعم الإيراني للشيعة، على أن تبقى الخيمة الأميركية ضابطة للعبة السياسية والعسكرية والأمنية، ولكن مع خروج الاحتلال المؤكَّد من العراق، ستنفلت الحبال على غاربها، وستبقى تلك الأنظمة عارية عن أية حماية في وجه القوة الإيرانية التي ستكون اللاعب الأقوى على الساحة العراقية ومنها ستشكل الضاغط الأهم على إحداث متغيرات جغرافية وإيديولوجية وسياسية في معظم دول وأنظمة الخليج العربي، وكذلك في تركيا.
الأنظمة الموالية تقايض الإدارة الأميركية: وحدة العراق مقابل حماية عملائها
المخاوف من حروب الاستتباع التي ستعقب الاحتلال الأميركي للعراق أرغمت الهاربين من نارها إلى تحذير الإدارة الأميركية من نتائج ما سوف يتركه الفراغ الأمني والسياسي والعسكري الأميركي في العراق بعد الانسحاب منه. وحذَّرتها من المتاعب القادمة التي ستهبُّ على المنطقة كلها.
قد يتفاجأ البعض من سماع لغة جديدة، ويستغرب أن يلعب التابع دور «المحذِّر» لـ«سيده»، ولكن لصبر العبد حدوداً تبدأ منذ اللحظة التي يرى في أمر ما نهاية لحياته، ويسمع السيد للعبد إذا رأى خطراً ما تهدد سلطته وأملاكه. ومن قبيل البديهة أن يرى كلاهما الخطر الداهم على كل منهما. وهذا ما يمكن استنتاجه من مجريات الوقائع ومتغيراتها على الساحة العراقية.
لقد رتَّبت الإدارة الأميركية استراتيجيتها القادمة على ضوء متاعبها في العراق، بينما شريكاها، الإيراني والكردي، يظهر أنهما لم يريا المتاعب التي سيواجهانها بعد الانسحاب الأميركي، ويتصرَّفان على أساس أنها ستدوم لهما على الرغم من أنهما تأكدا من أنها لم تدم للأميركي قبلهما. بينما دول الجوار الجغرافي للعراق تحسَّست الخطر الحقيقي، وراحت تحدس بالخطر القادم لذا حذَّرت إدارة جورج بوش من المخاطر القادمة.
ولأن التاجر الشاطر يوقف الخسائر التي يدفعها في مشروع فاشل، رسمت إدارة بوش استراتيجيتها البديلة بعد فشل استراتيجيتها في العراق على قاعدة المحافظة على ما تبقى منها في المنطقة فاختارت استراتيجية الدفاع عنها وضمان استمرارها بعد خروجها مرغمة من العراق، وفي كل استراتيجية قديمة كانت أم جديدة فقد وزَّعت الإدارة أدواراً على حلفائها من الأنظمة، ومن تلك الأدوار حماية ما تراهن على بقائه في العراق من بُنى سياسية وأمنية قامت بتركيبها خلافاً لقوانين الطبيعة والسياسة والشرائع والقيم من جهة، وحماية ما بنته في لبنان من بُنى سياسية واقتصادية بعد أن فشلت عن توسيعها وضخ المزيد من أسباب بقائها وعوامله في لبنان من جهة أخرى.
أما من أجل أن توفِّر الإدارة على حلفائها من الأنظمة مقداراً من القوة للقيام بدور الحماية، فهي إقفال أبواب العاصفة التي ستهب من البوابة العراقية بعد الانسحاب الأميركي. وأبواب العاصفة قادمة مما زرعته إدارة بوش من أسباب التفتيت الطائفي والعرقي وثبَّتته في دستور عراقي هش كانت تراهن على أنها ستمسك بالعراق بواسطته. ولكن مراهناتها باءت بالفشل، فكان الأكراد والنظام الإيراني أكثر شطارة ومهارة منها، فعمل الطرفان على تثبيت حصتهما وحمايتها بكل أشكال الحماية والتحصين.
وما لم تستفد منه إدارة بوش، بغرورها ووحشيتها، لم يقف عند حدود الفشل بل إنها قدَّمت على طبق من فضة صحناً عرقياً ومذهبياً لحلفائها في العراق، وتجد نفسها أنها ستخرج من وليمة العراق من دون حبات قليلة من «الحمص». وليس هذا فحسب وإنما ستترك حلفاءها عرضة لأن يشكلوا الوليمة القادمة لمشاريع الإيديولوجيتين المذهبية والعرقية في جنوب العراق وشماله لتنال من كل دول الجوار الجغرافي وتُغرقها بصراعات كانت بغنى عن مواجهتها لولا العدوان الأميركي على العراق.
ومن هنا لا نستغرب أن تجول كوندوليزا في المنطقة لتثبيت أسس استراتيجية إدارة بوش الجديدة عند الأقطاب من حلفائها من جهة، وأن تتسلَّل «مدرَّعة» إلى العراق، لتحذِّر «جواد الملكي» وتنصح «مسعود البرزاني» من جهة أخرى.
رايس في العراق تعلن موت الاحتلال وتدعو عملاءها لاختيار طريقة موتهم
في خلال اجتماعها مع عملاء أميركا في المنطقة الخضراء، لم تتحدث كوندوليزا رايس كثيرا خلال الاجتماعات، بل استمعت إليهم، وحضتهم على حل مشكلاتهم بأنفسهم.
لم تأت وزيرة الخارجية الأميركية إلى العراق مهدِّدة معربدة هذه المرة، بل أتت ناصحة عملاءها بجملة من التعليمات التي تحمل في باطنها التهديد بتركهم «يقلعون شوكهم بأيديهم» خاصة وأنهم أصبحوا رهائن خيانتهم لبلدهم، فلا هم قادرون على الهرب لأن الأبواب مقفلة بوجوههم بتعليمات من آمرهم السيد الأميركي، وهم ليسوا قادرين على الصمود من دون حماية سيدهم. فأين المفر؟
أمامهم فرصة يتدبَّرون فيها أمر إعادة الأمن إلى العراق، هذا ما هدد به الكونجرس الأميركي باتخاذ قرارات حاسمة وجريئة بعد ثلاثة أشهر من بينها سحب القوات. أما السبب فهو أن جيش الإمبراطورية الأميركية، كما اعترف قادة عسكريون أميركيون بأنه بعد خمس سنوات من الحروب بات مجهداً. وفعلاً أصبح حال جيش الإمبراطورية يُرثى له.
وفي مثل هذه الحال، ولما أصبح مستحيلاً أن يُعيد جورج بوش الحيوية إلى جنوده، وهم من الذين أرسلهم إلى القتال والنصر، فوقعوا في مصائد القتل والعودة جثثاً إلى وطنهم، تشيعهم تظاهرات مئات الآلاف في 200 مدينة من الولايات المتحدة لإعلان مناهضتهم لسياسات الرئيس جورج بوش. ولهذا أرغمت مساعدة المتحدث باسم البيت الابيض (دانا بيرينو) على القول: إن الرئيس بوش أكد أن الولايات المتحدة صبورة، وفي إمكان العراق أن يعوِّل على شراكتها مادامت الحكومة في بغداد تتخذ القرارات الصعبة الضرورية لقيام عراق موحد وديمقراطي وسلمي.
فيا فخرك أيها «المالكي» فأنت مطلوب منك، بميليشياتك وشلة الحرامية، متبوعين بشلة الخونة، ممن لا يستطيعون التجول في شوارع بغداد خوفاً على أرواحهم المرصودة من مقاومي العراق الأشاوس، فيا فخركم أصبحتم بديلاً مطلوباً منه معالجة ملفات ناءت تحت حملها إدارة جورج بوش مع مئات الآلاف من الجنود والمرتزقة المدرعين، وعلى رأسهم وزيرة خارجيتهم التي أعيى السفر قدميها النحيلتين.
نحن لن نقولها من قبيل التعبئة، بل نقولها من قبيل الواقعية، أن المالكي، وشلته لن يفعل شيئاً إلاَّ التمهيد لهرب مبكر مع ما نهبوه من ثروات العراق إلى أي مكان يستقبله مع مسروقاته لتعزيز اقتصاد البلد المضيف.
يعزز هذا الاعتقاد رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الامريكي السيناتور الجمهوري جون وارنر الحليف القوي لبوش الذي كان قد رسم صورة سوداء لما يجري في العراق، بعد زيارة تقويمية للاوضاع في البلد المحتل. وهو الذي قال أيضاً: إن حكومة بغداد عاجزة عن قطع التزام قوي بنزع اسلحة الميليشيات وإعادة بناء العراق. وأشار إلى أن الجيش الامريكي يؤدي واجبه بقدر المستطاع، وحذر بالقول «إذا لم تستطع الحكومة العراقية خلال 3 أشهر قادمة انجاز تقدم على جبهة وقف العنف الطائفي وإعادة البناء، فإن الكونجرس سيكون مضطراً بعدها لاتخاذ قرارات صارمة وجريئة»، لكنه لم يذكر تفاصيل واكتفى بالقول إن كل الخيارات ممكنة، ومن بينها انسحاب القوات الامريكية.
وزيرة الخارجية، استجابة لضغوط حلفائها، تنصح الأكراد بالوحدة
واستباقاً لحروب الاستتباع التي ستلي الانسحاب الأميركي من العراق، خاصة بعد أن أسالت «الفيدرالية» لعاب التقسيميين في شمال العراق وجنوبه، وهي العامل الأخطر على دول الجوار الجغرافي للعراق، حملت وزيرة الخارجية الأميركية نصيحة للأكراد بالعودة إلى رشدهم من أجل المحافظة على وحدة العراق.
ليست تلك النصيحة مما تلقى قناعة عند الإدارة الأميركية وهي التي جاءت بمشروعها التقسيمي إلى المنطقة، على قاعدة «نيو اتفاقية سايكس بيكو»، بل لأنها فشلت في توفير شروط حمايتها لتلك الاتفاقية بوضعها تحت مظلتها المباشرة، ولما أصبحت مرغمة على الخروج من العراق، كانت مرغمة أيضاً على الدعوة إلى وحدة العراق استجابة لمصالح حلفائها «المعتدلين» بإعفائهم من خوض حروب الاستتباع المقدر لها أن تندلع في العراق لتشمل الأنظمة «المعتدلة»، حسب المصطلح الأميركي الجديد، وتحرق أصابعها التي وقَّعت على حرب العدوان وقدمت كل التسهيلات لها. وإن إدارة جورج بوش تقدم على دعوة الأكراد إلى عدم الانسلاخ عن العراق الموحد، وهو ما لم نتعوده من خطابها الاستراتيجي الداعي إلى تقسيم جديد في المنطقة والوطن العربي، إنما يأتي وهماً جديداً تحسب أنها به قد تحمي بواسطة «المعتدلين» ما بقي لها من أوراق ضاغطة في كل من العراق ولبنان.
لقد كشف وزير الداخلية البريطاني السابق دايفيد بلانكيت، أن ادارة جورج بوش كانت على وشك «تفكيك العراق وتقسيمه» لكن تدخلاً بريطانياً مع ديك تشيني ووزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد منع تفتيت البلد، لكنه لم يستطع وقف تفكيك الهياكل الأمنية والعسكرية والادارية السابقة وتسريح كل الموظفين في الدولة للتخلص من عناصر حزب البعث فيها.
إن الجواب على التساؤل القائل: «ماذا عدا مما بدا»، كتغيير في الخطاب الأميركي الاستراتيجي، هو صوت «المعتدلين» الخائف من نتائج حروب الاستتباع، الذي وصل إلى آذان «السيد الأميركي» فاستجاب له. وبهذا تكون المقاومة الوطنية العراقية قد أرغمت من ليس لهم صوت أن يرفعوه، ومن لا يمتلك قدمين أن يقف. فلعلَّ أرباب الأنظمة العربية الرسمية يشعرون بأنهم يستطيعون أن يتوازنوا في مواقفهم وعلاقاتهم مع الولايات المتحدة الأميركية، وأن يعيدوا للصوت العربي بعض صيحاته واعتراضاته، وللأرجل العربية أن تتوقف عن الاهتزاز والارتجاف في حضرة الإمبراطور الأميركي، خاصة وأن إيمانويل تود، أحد المفكرين الأميركيين، قال: »أميركا ليست تلك القوة العظمى، ولا يمكنها في المرحلة الراهنة أن تُرهب سوى الدول الضعيفة، وإذا أصرَّت على أن تثبت قوَّتها الهائلة، فإنها لن تفلح أكثر من أن تكشف للعالم عن عجزها«.
-->

ليست هناك تعليقات: