الاثنين، يناير 25، 2010

رأي حول قصيدة (آخر العنت) لهدى محمد

-->
رأي حول قصيدة (آخر العنت) لهدى محمد
هذا رأي أرسله لي الأستاذ الكبير حسن خليل غريب، رأيت لأهمية ما يقول، أن أترك تعليقة بين أيدي القراء قبل أن أكتب ردي، كي لا يؤثر على أراء الأخرين، أرجو من الأخوة والأخوات المشاركة، فأني ارى أن ما يقوله الأستاذ حسن خليل ،أهم من النص نفسه. وله جزيل الشكر على اهتمامه المقدّر والكريم.
رأي حول قصيدة (آخر العنت) لهدى محمد
12/ 10/ 2004 أن يخلق الشاعر من هوَّة اليأس كلاماً جميلاً لهو الإبداع بأم عينه. ولكن أن يبقى عند حدود يأسه فهو مخالف لسنة الطبيعة. فعلى الشاعر أن يعود بنا من جحيم اليأس إلى أحضان الحياة لكي تكتمل صورة الإبداع وتتكامل مع ما هو خارج قوانين الكون الثابتة.
قوانين الكون الثابتة هي في استمرارية تكامل التناقضات في حياة الإنسان. ولكم تكون الصورة مأساوية وأليمة إذا سارت الحياة على نمط واحد. أليس ما نسميه ب(الروتين) هو قاتل ومميت؟
تناقضات الحياة هي مزيج من العوامل والأقدار التي لا يمكن أن تتعايش. وبينهما خلق الله للإنسان ملًكًة المقدرة على إدارة ذلك الصراع، على أن يكون مشدوداً إلى نصرة ما نسميه تقليدياً (إرادة الخير على إرادة الشر).
ليست مكاييل (أنكيدو) الثابتة إلاَّ طرف أول في صراع التناقضات الذي يمثِّل طرفه الآخر مكاييل (الحرية والاختيار الحر) أي التجديد كثورة في وجه تلك الثوابت. فبين ثوابت الكون فواصل كبرى من إرادة التجديد والاختيار.
لقد كنت يا هدى متعسَّفة عندما أسرت الوليد الجديد في داخل سجون (أنكيدو) وثوابته، أو انك في منتهى الحزن لأن من اتَّخذ من ثوابت (انكيدو) نصاً مقدساً يحدد أقدار كل مولود جديد بحدود مقاييسه.
ثوابت (أنكيدو) هي من صنع البشر وليست من صنع الله. وإذا كان الحال على عكس ذلك، لكان الله (وهو صاحب صناعة الكون الأكبر) قد أعفى البشر من صراع بين الثوابت والمتغيرات ليست منه أية فائدة لمصلحة البشر.
لقد وضع أنكيدو نفسه مكان الله، وأنكيدو نفسه من صناعة بشرية. ووضعه أنصاره مكان الله ولهم مصلحة في أن يكونوا ممثليه على الأرض. ليس لله، بمعنى خالق الكون، مصلحة في فرض قيود على الإنسان إلاَّ بما يجعل من تناقضات الحياة سراً لا يشعر (ذو عقل) بحلاوة في الحياة من دون وجودها. وأنا شخصياً أقف حائراً في اتخاذ موقف إذا ما استطعنا أن نبني (جمهورية أفلاطون) في يوم من الأيام.
ثقيلة هي وطأة التناقضات في الحياة. ولكن يبقى الخيار الأمثل لحياة بشرية أفضل، خالية من التناقضات، قضية قد لا تجد جواباً شافياً ومقنعاً. وتبقى أكثر زوايا الرؤية إليها مشوَّشة وبحاجة إلى أجوبة قد لا تقنع الكثيرين.
أنت يا هدى تريدين الخلاص من فلسفة (الكون المدبلج وفق ( إيزو ) القدرة العليا ...قياساً .. لايقل ولا يزيد). وتلك الرغبة، التي تكمن في نفس المتمرد على الجمود في التقاليد والأفكار والمقدَّس وممثلي المقدَّس على الأرض، لم يرافقها كما عهدنا في قصائدك السياسية- رغبة في ترسيم كوَّة للخلاص. وإنما استمرَّت لديك الرغبة في الهروب، كما تدل نهاية قصيدة (آخر العنت)، عندما تثبتين مصير الطفل (وهكذا ... بالرغم منه يُسَـلـَّـم المسكين _ أعني الطفل _ للأسفِ الشديد !!) إلى قدر مرسوم، يرى قارئ القصيدة أنك قمت بإقفال أبواب الأمل في وجه القارئ والوليد الجديد معاً. ولأنك تريدين الخلاص من تلك الثوابت عليك أن تبذلي الجهد في تكوين مقاومة واعية ضد حصونه. لقد دعوت إلى مقاومة ثوابت (انكيدو) السياسي والعسكري، وأرى أنه عليك أن تسهمي في تأسيس مقاومة واعية وطويلة النفس ضد ثوابت (أنكيدو) الاجتماعي والثقافي.
رفقاً بنا، هدى، وبك أيضاً. لا تجعلي من نهاية قصيدتك نهاية لحالة الأمل التي قمت بزرعها في قصيدتك السياسية. ولعلَّ لقصيدة (آخر العنت) تتمة نحن بانتظارها.


حمل الأن Emoticons عربية جديدة للماسنجر! حمل الأن

ليست هناك تعليقات: