الجمعة، ديسمبر 10، 2010

إخترنا لكا من أرشيفنا الخاص


تعريف كتاب
في ســبيل عـلاقـة سليمة بيـن العروبـة والإســلام
(بحث في التاريخ والأيديولوجيا)
المؤلف حسن خليل غريب
نشرت دار الطليعة في بيروت الكتاب بطبعتيه: الأولى في العام 2000، والثانية في العام 2001.
مقـدمــة الكتاب
للموضوع أهمية ملحة، والفصل بين طرفي الإشكالية التي يطرحها، بنجاح أو فشل، يترتب عليه نتائج مصيرية على وضع الأمة العربية. وحجم المقارنة بين النتيجتين يأتي بحجم الفرق بين نتائج الوحدة والتفتيت.
ففي الوجه الإيجابي، تكتسب الأمة إجماعاً توحيدياً، لأن الوحدة لن تحصل إلا في ظل الإجماع. أما في الوجه السلبي، فتفقد الأمة ذلك الإجماع الوحدوي، وعكسه هو تغليب التفتيت الداخلي، وبقاء الصراع حول أية هوية نريد مستمراً إلى ما لا نهاية.
لم تعان أمة من الأمم من إشكالية تسمى إشكالية الهوية مثل التي تعاني منها الأمة العربية. لماذا؟
لم تعرف الأمة العربية، كما هي معروفة اليوم، مرجعية سياسية عربية إلا في محطات قصيرة، إذا ما قورنت نسبياً مع عمرها التاريخي الطويل، وإنما كانت مرجعيتها السياسية دولة إسلامية بقيادة غير عربية لأكثر من ثمانية قرون. كانت آخرها المرجعية السياسية التركية العثمانية.
لما فُقدت المرجعية السياسية الإسلامية بانهيار الدولة التركية العثمانية، منذ ثلاثة أرباع القرن تقريباً، لم تكن الإثنيات القومية المنضوية تحت سلطتها قد انصهرت برابطة إسلامية تشكل بديلاً للروابط القومية، فانكفأت بعض أجزائها إلى داخل أسوارها القومية السابقة، ولم تجد صعوبة في الانتماء إلى هوياتها القومية: فمنذ قرون انفصلت بلاد فارس عن جسم الدولة الإسلامية وأصبحت إيرانية الهوية، وبعدها انفصلت الأندلس لتعود إلى قوميتها الأسبانية، ولحقت بها الدول الأوروبية الأخرى لتأخذ كل منها هوية خاصة بها، وقبل أقل من ثلاثة أرباع القرن انفصلت إستانبول، تحت تأثير نتائج الحرب العالمية الأولى، لتلتحق بقوميتها التركية العثمانية.
وبقيت أجزاء من الإمبراطورية العثمانية الإسلامية، هي تلك التي تنطق باللغة العربية، ومنها الأجزاء التي كانت عربية أصلاً، ومنها الأجزاء التي تعرَّبت منذ قرون مديدة. هذه البقعة تواجهت بإشكالية أية هوية تريد؟ فما هي مضامين هذه الإشكالية؟
تعرضت الأقطار / الدويلات / الأجزاء الباقية من الإمبراطورية العثمانية الإسلامية، إلى حالتين متميزتين في تكوينها التاريخي: حالة الانفصال، وحالة الوحدة.
كانت حالة الانفصال بارزة من خلال الاستقلال الذاتي لكل دويلة (سياسياً وإدارياً واقتصادياً، وأحياناً مذهبياً). أما حالة الوحدة، فهي انشدادها، ولو شكلاً وبالإسم، تجاه الولاء لمركزية الدولة الإسلامية (مركز الخلافة / إمارة الاستيلاء / شيخ الإسلام ...).
لم تعرف تلك الدويلات، حالات الانفصال الكلي، ولا حالة الوحدة التامة. فهي كانت تمارس الانفصال والوحدة معاً. لكنه عندما سقطت الوحدوية السياسية (سقوط الرأس المرجعي في استانبول)، وإلغاء المرجعية الوحدوية الدينية (مركز الخلافة)، أخذت تبرز إشكالية الانفصال والوحدة، وكانت تدور حول التفتيش عن المركز الوحدوي، وهل هذا المركز يمكن أن يكون في وحدوية إسلامية، أو في وحدوية قومية؟
من هنا حصل الانقسام الفكري بين تيارين: أحدهما إسلامي سلفي، والآخر ليبرالي قومي. وكان يجمعهما شعار الوحدة، لكنهما يختلفان حول مضمونها: أهو ديني إسلامي، أم علماني قومي؟
أخذت هذه الإشكالية، وما زالت، تستنزف الكثير من الطاقات الفكرية والسياسية والتنظمية والإعلامية وبدلاً من الاتفاق حول الوحدة كشعار، وتدعيمه بما يقوِّيه بالقواسم المشتركة، وهي موجودة. أصبح النهج السائد يسير بالعكس وهو التفتيش عن الذي يفسِّخِ ويفتت، وهو موجود أيضاً.
من هذه الثغرة بالذات تسللت القوى المعادية، وعلى رأسها القوى الخارجية، فاختارت أحد طرفي التناقض، وللأسف كان الطرف المختار هو التيارات السلفية الإسلامية، أنظمة وحركات ذات مشاريع سياسية، وعملت على تدعيمها في سبيل وضعها في مواجهة التيارات القومية والوطنية الليبرالية / الجذرية. وكانت إشكالية العلاقة بين العروبة والإسلام من أكثر المواضيع التي اهتمت بها الأوساط الثقافية والسياسية، وأصبحت مادة أساسية أمام الباحثين والمفكرين، كذلك أمام أصحاب الاتجاهات الأيديولوجية، الإسلامية السلفية والعلمانية - الليبرالية.
أما على صعيد الأيديولوجيين، فقد تمحورت الاتجاهات حول موقعين:
- الأول ينفي العلاقة بين القومية والدين ويضعهما كطرفين متناقضين، وفيه تساوى كل من الرافضين للدين بحجة رجعيته، والأصوليين الرافضين للقومية بحجة استنكارهم لإحلال أية رابطة، غير الرابطة الدينية، بين أفراد المجتمع.
- أما الثاني، فهو الموقف التوفيقي الذي يحسب أنه لا تعارض بين الإسلام والعروبة، فهما نبتتان لبيئة تاريخية واجتماعية وفكرية واحدة. وهذا الموقف نابع من أيديولوجيا سياسية، تساوى فيه كل من الحريصين على الوحدوية، من أصحاب التيارات القومية أو الوطنية والتيارات الإسلامية الإصلاحية على حد سواء، بفارق أن كل منهما يعطي أرجحية في هذه العلاقة لمنطلقه الأساسي.
كان أصحاب الموقفين ينطلقون بأحكامهم من خلفيات أيديولوجية بالدرجة الأولى، وكل منهم يستطيع أن يدعِّم آراءَه بسيل من الأسباب والوقائع والنصوص المجتزأة. فأصحاب المواقف الحادة كانوا ينتقون من السلبيات ما يدعم آراءَهم، وأصحاب المواقف التوفيقية ينتقون من الإيجابيات ما يدعم آراءَهم أيضاً.
في وسط هذه المواقف أو تلك، حاول كثيرون من المفكرين والباحثين القوميين والإسلاميين، أن يسلكوا منهج البحث الأكاديمي، في محاولة منهم للبحث عن الحقيقة التي قد تكون أقرب إلى الموضوعية، فتراكم العديد من هذه الأبحاث مما يُصنَّف في دائرة الجهد الإيجابي الذي قد يوصل إلى حقائق أقرب للعلمية والموضوعية. وإن الاستمرار في هذه المنهجية هو طريق سليم وصادق، وأقرب للموضوعية العلمية منه إلى الغرضية الأيديولوجية. وهو، بلا شك، يفتح أبواباً للحوار العلمي الهاديء، بعيداً عن الصخب الأيديولوجي. وهذا الأسلوب قد يؤدي إلى نتائج إيجابية تخدم الوحدوية المطلوبة، وتقرِّب مسافات الحوار الأيديولوجي، الإسلامي والقومي، التائق للوحدوية.
ولأن الأبحاث التي اتخذت منهجاً أكاديمياً، كانت تركز على قضايا منفردة، فتضعها تحت المجهر وتدرسها بكل تفاصيلها. حاولنا، نحن، في بحثنا هذا، أن نطل إطلالة منهجية أخرى تستفيد من نتائج تلك الأبحاث المجهرية المشار إليها، على قاعدة رسم اللوحة الشاملة التي تضع النتائج المجهرية في موقعها المناسب من اللوحة، ضمن سياقها التاريخي.
أما أهم الخطوات المنهجية التي استندنا إليها في هذا البحث فكانت:
- رسم الإطار التاريخي للوحة، ثم تتبع القضايا الرئيسة لكي نضع كل منها في موقعها المناسب بمايراعي تطورها التاريخي، ويحدد البيئة السياسية والاجتماعية التي نشأت فيها، ثم النظر إليها من زوايا عقيدية، سياسية، اجتماعية، اقتصادية، فكرية....
- حاولنا السعي، بقدر الإمكان، أن نستفيد من نتائج الأبحاث المجهرية التي استطعنا الحصول عليها، والتي اقتنعنا بنتائجها. وقد ناقشنا بعض تلك النتائج حيثما وجدنا ضرورة لذلك.
استناداً إلى هذا المنهج، جاء بحثنا لوحةً بانورامية، تلاحق نشأة الإشكالية، ضمن حالتها التاريخية، ثم تفاعلها في وسطها الذي نشأت فيه، ولاحقنا أيضاً عملية تفاعلها مع الوسط الخارجي الذي انفتحت عليه.
ولأن للعمل البانورامي منهج شامل، قد يتجاوز، أو قد لا يركزِّ على مسائل / قضايا، يعدُّها الباحث غير ضرورية في صناعة اللوحة، فنحن نحسب أننا أولينا هذا الجانب اهتماماً وتقديرات خاصة بنا؛ ولأن آخرين من الباحثين قد يحسبون أن هذا التجاوز يسيىء إلى صناعة اللوحة، فنحن ننظر، وبدواعي الأمانة للبحث العلمي ولضرورة التنوع في الآراء من جهة، ولكي يتجاوز البحث أكثر ما يمكن من الثغرات من جهة أخرى، أن يقوم الباحثون الآخرون بتصويب ما قد يجدونه من نواقص في بحثنا هذا، مقدمين إليهم الشكر المسبق على ملاحظاتهم أو تصويباتهم.
ودون الخوض باستعراض موجز لمحتويات الأبواب والفصول، فإننا نتتقل إلى توجيه الشكر إلى كل الباحثين الذين استفدنا من أبحاثهم المجهرية التي نعدُّها ذات قيمة موضوعية. وكذلك إلى الذين قاموا بجهد مماثل اطلعنا عليه بعد إنجاز بحثنا هذا، ولم نستطع الاستفادة منه لأسباب فنية، آملين بالاستفادة منها، مستقبلاً، كلما تيسر لنا ذلك.
ولا بد أيضاً من تقديم الاعتذار إلى من ناقشنا آراءَهم، لأن منطلقنا هو حرية الحوار ولأنهم بالذات، كما نحسب، هم من أنصاره أيضاً. ونحن ننتظر منهم مناقشة آرائِنا، لأنه لن نقترب من الحقيقة إلا بسلوك هذا السبيل.
وأخيراً فإننا نتوجه إلى الله عز وجل، مالك الحقيقة المطلقة، أن يوفقنا إلى عمل ما نستطيع به أن نسهم في الإضاءة على بعض ما نحسبه حقاً وخيراً يخدم مجتمعنا وأمتنا. وهو ولي التوفيق.

حسن خليل غريــب

في 15 / 1 / 1994م

محتويــات الكتـــاب

البـــاب الأول

القومية العربية ومرحلة التراكم التاريخي، السياسي والاجتماعي

(منذ عصر الجاهلية حتى انهيار الإمبراطورية العثمانية الإسلامية)

الفصــــل الأول:

 مرحلة الصفاء العربي: منذ الجاهلية حتى العصر الأموي

I- عصر الجاهلية:
1-النظام السياسي - الاجتماعي.
2- النظام السياسي - الاقتصادي.
3- النظام الفكري - الاجتماعي.
II- عصر الإسلام: مرحلة النبوة والخلفاء الراشدين.
1-مرحلة النــبوة . .
2- مرحلة العهد الراشدي. .
III- العصر الأموي: الإسلام في مرحلة الصفاء السياسي - العربي.
IV- استنتاجات.

الفصـل الثــاني:

العصر العباسي تمهيد للانتقال من الدولة القومية إلى الدولة الأممية

I-    لمحة تاريخية.
II-   النظام السياسي العباسي يؤسس لنظام سياسي إسلامي أممي.
III- الفتوحات الإسلامية: مزيد من تراكم الإشكاليات في وجه الدولة الإسلامية العربية.
IV-   التفاعل الداخلي - الخارجي بذرة للأممية الإسلامية.
V-    ولادة الأنماط المتزاوجة تحمل تناقضات جديدة.
VI-   الصراع بين التناقضات الفكرية نتيجة حتمية .
VII- صراع التناقضات الدينية - السياسية: ثورات مسلحة.
VIII-صراع التناقضات السياسية وجه آخر من وجوه الثورات المسلحة.
IX-   وللطبقية كوجه للتناقضات الاجتماعية دور مسلح.
X-    نتائج صراع المتناقضات: تفسخ ودويلات متعددة.
XI-   استنتاجات.

الفصـل الثـالـث:

العصران المملوكي والعثماني: مرحلة الإسلام الأممي وانهيار التجربة السياسية

I- العصر المملوكي: الخليفة العربي تحت السيطرة المملوكية.
1-المماليك حماة الأمة في عصر الوهن العربي - الإسلامي.
2-النظام السياسي المملوكي: هرمية عسكرية وإقطاع حربي.
3-المغول غريم للمماليك يلبسون الثوب الإسلامي على الكتف الفارسي.
4-الأتراك العثمانيون: غريم يقف على الكتف المملوكي في آسيا الصغرى.
5-السياسي والديني في العصر المملوكي: كان الديني انتقائياً في خدمة المصالح السياسية.
II- عصر الأتراك العثمانيين: خلافة إسلامية أممية.
1-لمحة تاريخية عن مرحلة التأسيس والانحطاط.
2-الإمبراطورية الصفوية الشيعية غريم للإمبراطورية العثمانية السنية.
3-النظام السياسي لدولة الأتراك العثمانيين.
4-النظام الاجتماعي: تعددية في القوميات والأديان.
5-النظام الاقتصادي: إقطاع الدولة وضرائبها وجه اجتماعي استغلالي.
6-النظام الإقطاعي العثماني: إدارة الولايات العربية بالواسطة.
7-تاريخ الحركة الصوفية: تاريخ المأزق الإسلامي في نظام الحكم السياسي.
8-النمط الثقافي المعرفي المتخلف تحوَّل مأزقاً للنظام السياسي العثماني.
9-انعكاس المؤثرات الحضارية الأوروبية على الوضع السياسي والأيديولوجي للإثنيات في داخل الإمبراطورية العثمانية.
10-إستنتاجات.

البــــاب الثــــاني

مرحلة التكوين والتأسيس للفكر القومي العربي (العقائدي والسياسي)

الفصـل الرابــع

بين الثوابت السياسية الامبريالية والحضارة الغربية مساحة للتمييز بين الرفض والتفاعل
I- الثوابت السياسيـة والاقتصادية الدوليـة.
1-المسألـة الشرقيـة.
2-السيطرة الإمبريالية الأوروبية على المنطقة (1920 - 1945م).
3-الانتقال من مرحلة تعايش الدول  الكبرى في الشرق الأوسط إلى مرحلة الوراثة من قبل الإمبريالية الجديدة.
II- الفكر الأوروبي: أغزو هو أم اشعاع ؟
1-النخبوية السياسية والاجتماعية والدينية كانت صاحبة المصلحة في استمرارية النظام العثماني.
2-ثنائية التناقض بين النظام السياسي والعاَّمة ولَّدت مساحة فراغ واسعة.
3-النخبوية الثقافية جاءَت على انقاض الفراغات مستندة إلى المؤثرات الأوروبية.
4-المؤثرات الفكرية السياسية الغربية فصلت بين الديني والسياسي.
III- استنتاجــات.

الفصـل الخامـس:

مظاهر تأسيس الفكر القومي العربي

I- مساحة الفراغ بين انهيار النظام الاقليمي القديم ونشأة النظام الدولي الجديد (استراحة لتحديد الخيارات).
1-النخبوية تسعى لتحديد الاتجاهات الفكرية والسياسية.
2-التيارات النخبوية واتجاهاتها.
3-مرحلة الانتقال من نخبوية المجتمع إلى التنظيم الحزبي الشعبي.
II- الفكر القومي العربي في مواجهة التحديات المصيرية والاتجاهات اللاقومية.
1-الفكر القومي في مواجهة التحديات المصيرية.
2-الفكر القومي والاتجاهات القطرية.
3-موقف الفكر القومي العربي من الأمميتين الإسلامية والشيوعية.
III- استنتاجــات.

الفصـل السـادس:

مظاهر البناء السياسي وقضايا الصراع القومي العربي

I- مرحلة تأسيس استراتيجيات القوى العظمى.
1-مرحلة البناء الاستراتيجي الامبريالي / الرأسمالي.
2-مرحلة البناء الاستراتيجي السوفياتي.
3-لم يكن التناقض السوفياتي - الاميركي دون مظلة تمنع الصدام بينهما.
II- مرحلة التأسيس لاستراتيجية العمل القومي.
1-القطرية ، كمفهوم للانظمة القائمة، هي الواقع السياسي للمرحلة.
2-بناء المؤسسات الرسمية ذات الهياكل القومية.
III- مرحلة التراجع القومي السلطوي تضع التيارات القومية، الحزبية والشعبية، بين سندان الداخل ومطرقة الخارج.
1-التأسيس للخيارات الاستراتيجية الجديدة.
2-محطة تنفيذ الخيارات الجديدة: التيارات القومية بين الحصار والتفتيت.
IV- الثروة القومية تستمر في موقعها التابع للرأسمال الإمبريالي.
V- دفع الصحوة الإسلامية إلى مواجهة مع القومية العربية.
1-واقع الاتجاهات والحركات الإسلامية التي سبقت نكسة حزيران 1967م.
2-واقع الاتجاهات والحركات الإسلامية بعد نكسة حزيران 1967م.
3-الصحوة الإسلامية المعاصرة: واقعها واتجاهاتها.
VI- استنتاجات.
المصادر والمراجع
***


ليست هناك تعليقات: