الجمعة، فبراير 26، 2010

تهافت نهاية التاريخ

-->
تهافت نهاية التاريخ
أسبابه وأبعاده
20/ 11/ 2007

مؤامرة شرم الشيخ

-->
مؤامرة شرم الشيخ:
«وثيقة العهد الدولي» لمساعدة لصوص «مغارة جورج بوش»
3/ 5/ 2007

الأمة العربية تنتج الثورة

-->
الأمة العربية تنتج الثورة
وتستفيد من ثورات الآخرين
وحق لرموزها أن يتصدروا بوابة الثقافة العربية
والخطاب السياسي العربي

أمراض الأمة الطائفية

-->

على وقائع تآمر التحالف الأميركي الصهيوني:

أمراض الأمة الطائفية

جعلتها أقلَّ حصانة ومناعة

فصائل المقاومة العربية

-->
فصائل المقاومة العربية:
أفكار في التمايز والتكامل والتوحَّد
21/ 10/ 2006
تمهيد وأمنية

المقاومة الوطنية العراقية تركِّب

-->
المقاومة الوطنية العراقية
تركِّب لمعاقي الأنظمة الرسمية أرجلاً
8/ 10/ 2006

المقاومة الوطنية العراقية

-->
المقاومة الوطنية العراقية
تعيد للفكر القومي العربي حيويته
23/ 9/ 2006

الحلقات المفقودة دولياً وعربياً وإقليمياً

-->
الحلقات المفقودة دولياً وعربياً وإقليمياً
في المواجهة على الساحة اللبنانية
2/ 8/ 2006

الحلقات المفقودة في المواجهة

-->
الحلقات المفقودة في المواجهة الدائرة
في لبنان وفلسطين والعراق
19/ 7/ 2006

إلى دول الجوار العراقي

-->
إلى دول الجوار العراقي،
والعراقيين اللاهثين وراء حلول سريعة
ليكن هدفكم الانحياز إلى تحرير العراق
وإعادة توحيده أولاً
10/ 7/ 2006

الشارع العربي الغائب الأكبر

-->
الشارع العربي الغائب الأكبر عن مواكبة القضايا القومية:
الأسباب والنتائج
24/ 3/ 2006

دور الجامعة العربية في العراق


--> -->
دور الجامعة العربية في العراق
يصب في مصلحة الاحتلال وحركتها بوحي منه
تشرين الأول 2005

«نيرون» أميركا


--> -->
«نيرون» أميركا يحرق العالم ويتفرَّج عليه
11/ 3/ 2005

حسني مبارك

-->
حسني مبارك
«كاسحة ألغام عربية» أمام المشروع الأميركي
شباط 2005
 
-->

في ذكرى رحيل جمال عبد الناصر

-->
في ذكرى رحيل جمال عبد الناصر
شباط 2005
-->

الزناد ضد أفغانستان والعين على فلسطين والعراق

-->
الزناد ضد أفغانستان والعين على فلسطين والعراق
8/ 12/ 2001

إشكالية العلاقة بين القومية والدين

إشكالية العلاقة بين الفكر القومي والفكر الديني

أسباب ووظائف المواقف المؤيدة للعراق

-->
أسباب ووظائف المواقف المؤيدة للعراق على المستويين العربي والعالمي

لا بُدَّ من حركة حزبية عربية

-->
في مواجهة الخطر الداهم من الخارج
والاستغلال القابع في الداخل
لا بُدَّ من حركة حزبية عربية سليمة ومتعاونة وناشطة
29/ 11/ 2004
»

إغناء قضايا فكرية والتجديد فيها

إغناء قضايا فكرية والتجديد فيها

إلى الدكتور فؤاد

22/ 8/ 2004

في خلال فترة الاستراحة التي حصلت عليها بعد إنجاز الكتاب الثاني عن المقاومة العراقية قمت بعدة قراءات فكرية لعدد من المقالات والدراسات التي كُتِبَت عن فكر الأستاذ ميشيل عفلق، وهي:

1-العمل المستقبلي والفكر النهضوي لدى الأستاذ ميشيل عفلق: د. فؤاد الحاج.

2-العفلقية: نظرية الثورة العربية المستمرة: د. محمد أحمد الزعبي.

3-قراءة لإشكالية الانقلاب في فكر ميشيل عفلق: د. عز الدين ذياب.

4-مقاربة من هاجس الحرية في فكر ميشيل عفلق: د. عز الدين ذياب.

إن ملاحظاتي الأولى، بالجملة:

1-تبارك قيام ورشة بحث فكري حول الأصول الفكرية لحزب البعث. لتجديد وتنشيط الذهن البعثي بشكل خاص، لأنني ألاحظ أن الميدانيات السياسية قد استولت على العقول والأذهان، فأصبحت السياسة تحتل المكان الأول بالاهتمام. وما هو أنا خائف منه، من دون تنشيط فكري ثقافي أن يتوه البعثي ويبقى أسيراً للموقف السياسي الخاص من دون تحصينه برؤية فكرية استراتيجية من التوهان والتخبط.

2-كانت لقاءات بيت الحكمة، بأمانة الأستاذ حميد، بدايات جديَّة للتأسيس لورشة بحث فكري نقدية. ومن أهم أهدافها العودة إلى الأصول الفكرية البعثية بالعرض والنقد للمتابعة على قاعدة إغناء الأصول برؤية معاصرة. وأنا لم أفقد الأمل من متابعتها في مستقبل عراق ما بعد التحرير.

3-لديَّ عشرات الأبحاث والكتب المنشورة التي تؤسس لمرحلة الإغناء في جوانب والتجديد في جوانب أخرى. وكانت تشكل قبل احتلال العراق- الهاجس الأول في تفكيري وعملي. وقد صدرت الكتب التالية:

-الردة في الإسلام.

-في سبيل علاقة سليمة بين العروبة والإسلام.

-نحو طاولة حوار بين المشروعين القومي والإسلامي.

-الماركسية بين الأمة والأممية: نحو طاولة حوار بين المشروعين القومي والأممي.

-مفاهيم إسلامية بمنظار قومي معاصر.

وهناك بحث موسَّع بعنوان: الإسلام التاريخ والإيديولوجيا في فكر حزب البعث العربي الاشتراكي ويتناول دراسة البعد الإيماني في المصادر الثلاثة: فكر الأستاذ ميشيل، وفكر الرئيس صدام حسين، ومقررات المؤتمرات القومية للحزب. وهذا الكتاب جاهز، وقد رفعت نسخة منه إلى الرئيس صدام قبل الاحتلال بثلاثة أشهر. كنت أود أن أنشره في ربيع العام 2004م، إلاَّ أن إصدار كتاب المقاومة الثاني قد دفعني لتأجيل نشره.

إن تجميد العمل الفكري، بالنسبة لي، كان يعود إلى إعطاء الأولوية للفكر السياسي المقاوم. فالاهتمام منصبٌّ عليه، وهو يستهلك اهتمامات البعثيين في هذه المرحلة. وبالإضافة إلى الكسل الثقافي والفكري جاءت الظروف لتدفع الأكثرية الكبرى منهم إلى الغرق في الكسل الثقافي، وأصبحت المشكلة اليوم هي كيف تعيد البعثيين إلى حظيرة الاهتمام بالمادة الفكرية.

على كل حال، كما أرى، لا يجوز تجميد النشاط الفكري إلى ما شاء الله. خاصة وأن أداء المقاومة العراقية أصبح من الثبات في الدرجة، التي تصل إلى درجة اليقين، بأن التحرير أصبح يسير على سكة النصر.

ولهذا، وبما لا يعيق مهمتنا الأولى في رفد المقاومة بكل الجهود الإعلامية التي تخدمها، أن نفتح نوافذ ثقافية وفكرية لأننا بغيابها نفتقد إلى البوصلة الاستراتيجية في تصويب المسارات السياسية. وأنا جاهز على قاعدة أن نخصص مساحة لمنتدى فكري على صفحات المحرر. ويمكننا أن نكون دقيقين حول ذلك. وأرى أن نختار المواضيع التي نحسب أنها شديدة الارتباط بالزوايا التي تخدم قضية المقاومة العراقية.

4-فيما له علاقة ببحثك، تأتي أهميته من إعادة توجيه النظر إلى رؤية الأستاذ في العمل المستقبلي العربي. ومن أنه بدون الحوار الجبهوي سوف يبقى جدار المقاومة العربية ضعيفاً. وحبذا لو قمنا بنشر خطابه الأخير الذي أعلن فيه تلك الرؤية النظرية، ونقوم بالإضاءة حول كل مفصل منها بدراسات أو مقالات تعمل على تفصيلها ورؤيتها من جوانب فكرية وسياسية وميدانية خاصة وأن المقاومة العراقية تحتاج إلى تدعيم وضعها في هذا الجانب.

5-دراسة الدكتور الزعبي، ومضمونها لا يوحي أنها غير صالحة للنشر، ففيها جوانب نحن بحاجة إلى تناولها بمبضع نقدي يهدف إلى الإغناء والتوضيح من جهة، وإلى النظر إليها من الأصول الثقافية والفكرية التي تأثَّر بها فكر الأستاذ. ومن خلال الورشة التي كنت قد بدأت بها، سيقوم أحد الرفاق بتناول أصول المعرفة والفكر الغربيين التي اطَّلع عليها الأستاذ، وأخذ منها أو تأثَّر بها، أو قام بتعديلها وأنتج فكراً قومياً جديداً. لذا أقترح أن تنفتح أبواب المحرر أمام الدكتور الزعبي، على قاعدة تشجيعه على متابعة منهجه النقدي الموضوعي، وأنا أرى أنه لا يحيد عن هذا المنهج فيما قرأت له. فهو قد يضيء أمامنا عدداً من الشموع التي لا نراها بعين الحب.

6-في دراستيْ الدكتور عز الدين ما يلفت النظر إلى رؤية واضحة حول الانقلابية في نظرة الأستاذ، وهو يقربِّها كثيراً إلى الفهم الموضوعي المتسلسل والمنطقي. أما حول الرؤية في دراسته عن الحرية فهي تحاول المقاربة الواضحة من دون أن تصيبها تماماً. وهذا حال الدراسات الجديدة. لكن منهجه علمي ورزين ونقدي هادف استطاع أن يقنعني بأهميته على شرط المتابعة.

7-وعلى العموم ما زالت الدراسات التي قرأتها، والمذكورة أعلاه، تتحاشى الغوص بمسألة العلاقة بين القومية والدين، العروبة والإسلام، بأكثر من النظرة التقليدية التي لم يستطع البعثيون حتى الآن إلاَّ قراءتها قراءة سريعة لا تتجاوز الحالة الإيمانية العائمة والمقصود منها الاستفادة السياسية المرحلية. ولهذا الجانب عندي قراءات جديدة في الخاص منها والعام نشرتها في الكتب والأبحاث.

عن الأستاذ حميد كان من المتابعين لهذا المنهج الذي كنا نعمل على تعميقه، وأرجو من الله أن يعود الحزب إلى موقعه التاريخي في العراق، لأن ليس غيره يستطيع أن يحتضن مشروعاً فكرياً ناضجاً حول تحديد جوانب تلك العلاقة.

وأخيراً أيها العزيز أشكرك لأنك تفتح تلك النوافذ الفكرية التي طالما يشدنا الشوق والمصلحة الحزبية إلى خوض ساحاتها على الرغم من من الكثير من العوائق الذاتية العامة التي تقف حجرة عثرة في طريقها، خاصة أولئك الأعزاء الذين يضيق صدرهم ذرعاً في فتح كوى التجديد والإغناء بما هو ضروري جداً.


دور الشباب في المجتمع

دور الشباب في المجتمع

( قضايا التحرر الاجتماعي والتحرير السياسي)

المجتمع جسم حي له صفة الديمومة، ويضمن استمرار ديمومته.تجدد خلاياه؛ وخلاياه عبارة عن أجيال تتواصل على الشكل التالي:

1-الطفولة والمراهقة: وهي تمثل مرحلة ولادة الخلية الجديدة وإعدادها لمرحلة الدخول إلى دائرة المجتمع، فيكون تكوين المجتمع صحيحاً أو عليلاً استناداً إلى صحة تلك الخلية أو علتها.

2-مرحلة الشباب: تنتقل الخلية الجديدة بعد إعدادها، في مرحلتيْ الطفولة والمراهقة، إلى مرحلة الإنتاج الناشطة في شتى مفاصل المجتمع. فمرحلة الشباب هي مرحلة البناء والتجدد، أي مرحلة الانتاج، وهي العصب الفاعل في بناء صرح المجتمع.

3-مرحلة النضج والكهولة: وفيها تنتقل الخلية إلى مرحلة النضج بالخبرات، فتشكل مع خلية الإنتاج، أي مرحلة الشباب، مصنعاً لإمداد الجسم البشري بخلاصة تجاربها في شتى الحقول، ومن أهمها الأسس المعرفية على شتى أصنافها.

بيولوجياً ننحدد أعمار كل مرحلة بعمر زمني محدود، أما اجتماعياً فهي ليست كذلك. والسبب يعود إلى أنه من شروط اجتياز المرحلة الأولى أن تكون الخلية قد أصبحت مؤهَّلة للإنتاج، والعكس يعني أن تلك المرحلة قد تطول، ولن يكون انتقالها طبيعياً إلى ما بعدها. ولهذا لن تكون مرحلة الشباب عند تلك الخلية بذات جدوى، وما ينطبق عليها ينعكس على واقع مرحلة الكهولة.

وقد يكون الخلل كامناً في الانتقال، من مرحلة شباب الخلية إلى كهولتها، غير طبيعي عندما لا تؤسس لاكتساب خبرات جديدة ترفد حقول المعرفة المجتمعية وتغنيها. وهنا تفتقد حياة المجتمع المعرفية إلى حالات الإغناء والتجدد، فيضعف دور الخلية في مرحلة الكهولة وتغيب الفائدة من تراكم الخبرات في حياة المجتمع.

من هذا التقسيم نعرف ماذا تمثل مرحلة الشباب في تكوين الجسم الاجتماعي. وعلى قاعدة صحة البناء والإعداد (الطفولة والمراهقة)، أو علتهما، تكون مرحلة الشباب ناشطة أو عاجزة.

ولأننا نبحث عن دور الشباب في مرحلة التغيير والتحرر الاجتماعي والتحرير والسياسي- نرى أن التحديد العلمي لمرحلة الشباب، اجتماعياً ونفسياً، هو من اهتمامات علماء الاجتماع والنفس، وهم الأقدر على إعطاء مناهج مفيدة لبناء أجيال من الشبيبة تكون سوية نفسياً واجتماعياً. لهذا السبب سنصب اهتمامنا حول تحديد دور الشباب في بناء مجتمع مُثقَلٍ بالهموم والمشكلات.

أما البيئة التي تعيش في ظلها مجتمعاتنا فهي من التخلف بدرجة تجعل خلايا المجتمع الشابة والكهلة مُثقَلَة بالمشكلات الكثيرة، التي يتطلَّب الأمر منها تشخيصها ومعرفتها للسيطرة عليها.

إن كثرة المشكلات، المتعلقة بالتغيير على صعد التحرر الاجتماعي والسياسي والاقتصادي في الغالب الأعم- ذات مصدر خارجي، ويتم تعميقها وإدامتها تحت غطاءات النهب الاقتصادي في عصر العولمة، نرى من الضروري لمثل تلك الأسباب- أن تستأثر بالدرجة الأولى من اهتماماتنا في هذه الندوة، لنرى ما هو دور الشباب في معالجتها. فما هو هذا الدور؟

أساساً على الشباب يقع عبء اكتساب الثقافة، أي معرفة الشباب بقضايا مجتمعهم، فالخلية الاجتماعية لن تلعب دورها في بناء جسم مجتمعي سليم إلاَّ إذا كانت عالمة بخصائص وظيفتها في داخل الجسم المجتمعي، وأن تكون عالمة من دون ثقافة فهو منتهى التناقض.

فمن أولى الشروط التي على الخلية الشابة أن تكتسبها هي حيازة ثقافة مجتمعها الخاصة، ومعرفة جوانب النقص فيها، بما يساعد المجتمع على حل مشكلاته.

أما الشرط الآخر والضروري فهو أن يوظف الشباب معرفتهم من أجل وضعها في خدمة التغيير، وهذا يفرض على المثقف أن يتميَّز بالحركة من أجل إحداث التغيير المطلوب.

فالثقافة والحركة (النضال)، إذاَ، يشكِّلان سلاحين أساسيين للشباب:

فالثقافة للثقافة ترف، لأن كثرة المشكلات في مجتمعاتنا لا تحتمل أن يكون عنصر الشباب المثقف محايداً، يخاف العمل من أجل حل لها.

والنضال من دون ثقافة ضياع؛ فقد تتوه الخلية الشابة المتحركة/ المناضلة في عرض بحر المشكلات إذا كانت لاتمتلك بوصلة المعرفة التي تصوِّب لها اتجاهاتها.

فمرحلة الشباب هي كمثل العقد في القنطرة، إذا نخره السوس تسقط القنطرة بكاملها. ولأن مراحل تطور الخلية متكامل ومتجدد، فلا مرحلة شبابية صحية دون نمو طبيعي للطفولة والمراهقة، ولا أسس ثقافية سليمة من دون خبرة معرفية تنضجها تجارب الكهولة.

وهنا، تتعدد مهمات النضال من أجل التغيير: فبعضها ثقافي ومعرفي، وبعضها اجتماعي ونفسي، وبعضها سياسي، أما البعض الآخر في حياة الشعوب الخاضعة، بشكل غير مباشر، لقوى الرأسمال العالمي أو لاحتلال مباشر، فهي من أكثر المهمات إلحاحاً أمام الشباب في المجتمع.

ملاحظة: تُعتبَر هذه مقدمة لأبحاث عديدة تتناول الدور التفصيلي لكل القضايا التي على الشباب أن يقوموا بها في سبيل خدمة مجتمعهم.


المقاومة الوطنية في فلسطين والعراق

المقاومة الوطنية في فلسطين والعراق:

وحدة الاستراتيجية ووحدة النتائج

تسير المقاومة في كل من فلسطين والعراق على خط استراتيجي واحد من أجل هدف واحد ومواجهة عدو واحد. فكل منهما يواجه عدواً واحداً تحددت معالمه منذ اتفاقية سايكس بيكو. حينذاك كانت مهمة الاستعمار الأكثر إلحاحاً في المنطقة العربية هو زرع حاجز بشري في فلسطين بين شطريْ الوطن العربي الإفريقي والآسيوي، على أن يكون استيطانياً، ومدعوماً عسكرياً وأمنياً وسياسياً من منظومة الدول الاستعمارية. فيحمي حالة التقسيم التي حددتها اتفاقية سايكس بيكو، فيحول دون وحدة أقطار الأمة العربية. لهذا السبب شكَّلت القضية الفلسطينية قضية العرب المركزية. وتميَّزت ثقافة الأجيال السابقة بعمق رؤيتها لتلك القضية. فأصبحت سدى الثقافة القومية ولحمتها فلسطينية النسيج واللون والهوى. وكانت مقاييس التقدمية والرجعية تُكالان على مقاييس القرب من القضية الفلسطينية أو البعد عنها. فبها تُكال صدقية الموقف من الاستعمار وصدقية الموقف من القضية القومية والوحدة القومية.

ولأن بدء المؤامرة مرَّ عبر اغتصاب فلسطين، ولا يمكنها أن تكتمل إلاَّ باجتثاث كل الحركات التي تنادي بتحريرها، استمرت فصولها بالترهيب والترغيب، فنالت النجاح في معظم تراكيب النظام العربي الرسمي، لكنها عجزت عن النيل من مواقف الحركات والأحزاب الثورية، لذا ظلت المخرز الذي يؤذي المخطط الإمبريالي الصهيوني، ويحول دون إتمامه واكتماله.

كان الأشد تأثيراً بين تلك الحركات والأحزاب تلك التي تدعو إلى الاستعاضة عن الحروب النظامية النظامية بأسلوب الكفاح الشعبي المسلح. ولأن المقاومة الفلسطينية كانت في طليعة تلك الحركات توجَّهت كل الجهود من أجل إنهائها عبر سياق تآمري طويل ومرير من كل الساحات التي نمت فيها وشقَّت طريقها النضالي ضد العدو الصهيوني. كما عملت المؤامرة على اجتثاث كل الحركات والأحزاب التي تساندها أو تشاركها طريق الكفاح الشعبي المسلَّح. فطالت المؤامرة القطر العراقي من ضمن مهماتها من أجل عاملين لعلاقتهما بهذا الجانب، وهما: رفضه لكل الحلول التسووية أولاً، ودعمه المطلق لكل الحركات التي تمارس الكفاح الشعبي المسلح ثانياً.

بالأمس أعرب جورج بوش عن أن أهم أسباب احتلال العراق هو أنه كان يقدم المساعدة لعائلات الاستشهاديين الذين يصنفهم المذكور إرهابيين. فمن أجل حماية الأمن الأميركي طبعاً المرتبط بالأمن الصهيوني كاستراتيجية أميركية معلنة- قال بوش: كان يجب القضاء على النظام في العراق ليصبح العالم أكثر أمناً.

في خطاب لرئيس أكبر دولة في العالم وأكثرها قوة لا يستأثر باهتمامه إلاَّ الفرد الذي يفجِّر نفسه دفاعاً عن وطنه، والحركة المنظمة التي تدعمه،لنعلم كم هو أسلوب المقاومة الشعبية مؤثر ومخيف. ولهذا السبب وحده نركِّز على مسألة المقاومة.

بداية لا بُدَّ من أن ندعو إلى تجديد آليات النقد في الخطاب السياسي العربي لكي يرفق نقد الأنظمة، وهو الجزء السلبي من الخطاب النقدي، مع الجزء الإيجابي منه وهو الدعوة والتبشير بصلاحية حرب التحرير الشعبية كأسلوب لمواجهة الاستعمار بشتى أشكاله وألوانه.

تشكل حرب التحرير الشعبية البديل للحروب النظامية وهي التي يستحيل على العرب تأمين موجباتها. ويأتي على رأس استحالة تأمينها هو أن الحصول عليها خاضع لقرار دول الاستعمار لأنها الوحيدة التي تنتجها من جانب، وتحول دون أن ينتجها العرب ثانياً. ولأن الهدف من امتلاكها هو محاربة الاستعمار فمن الغباء أن يمكننا من الحصول عليها أو يسمح لنا بإنتاجها.

استساغ الاستعمار واقع غياب التوازن بالقوى فراح يعربد في السماء والبر والبحر، ووجد أن أحلامه لن تقف دونها حدود. خاصة وأن الأنظمة العربية الرسمية استسلمت وانبطحت لمنطق اللاتوازن في القوى وراحت تدعو إلى الواقعية في نسج علاقة مع الاستعمار تسلِّم فيها سيادتها وثرواتها له، بحيث يدفع أولياء الأمور فيها من ثروة أوطانهم ما يحدده الاستعمار وهم صاغرون.

أصبحت حرب التحرير الشعبية القنبلة النووية للشعوب التي لا تستطيع أن تمنع الجيوش الاستعمارية من احتلال أراضيها. وفي تجربة الأمة المخزون الكبير حول هذا الشأن، وقد أثبت فعاليته وجدواه، وأعطى نتائج باهرة وواضحة، وفيها أثخن المقاومون العرب جسد الاستعمار والصهيونية بالجراح، وكبَّلوا آلته العسكرية، فأمَّنت كلمة الرفض، وحجر الفتى، والبندقية العادية، والعبوة الناسفة التي يزرعها أشباح، التوازن مع الآلة المعقَّدة وأبطلت مفاعيلها.

بمثل تلك النتائج لم يعد الردح بالأنظمة ودعوتها إلى تكديس السلاح النظامي ذو جدوى، بل الدعوة إلى تأهيل المواطن العادي وتعبئته إيديولوجياً بفكر المقاومة الشعبية، وتدريبه على أبسط وسائل القتال هو الأجدى، والأكثر فعالية من كل آليات النقد السابق. فهل لنا من رجاء أن يسود خطاب المقاومة، ويصبح الخطاب الأساس في آليات تيارات حركة التحرر العربية؟

إذا كانت بداية المؤامرة قد انطلقت من فلسطين فإن اكتمال نجاحها ينتهي في العراق، فتحوَّل العراق اليوم إلى قبلة لكل المراهنين على إسقاط المشروع الأميركي الصهيوني. ولهذا السبب كان الترابط وثيقاً بين المقاومتين. وإذا كانت المقاومة في فلسطين قد وصلت إلى حدود من الثبات يصعب وقفه، وتحوَّلت ثقافتها إلى ثابت في فكر الحركة العربية الثورية، فإننا نتساءل عن موقع المقاومة العراقية في رحلة النضال القومي الطويل ضد الاستعمار.

لأن المعلومات حول القضية العراقية، التي تناولتها شتى الوسائل الإعلامية والثقافية، كانت في غاية من السعة، التي تسمح لنا بوصفها بأنها كانت كالسيول التي تساقطت على ذاكرة المتابع، وبدلاً من توضيح الصورة الحقيقية أمامه، فهي قد ضلَّلته ووضعته أمام حيرة وارتباك. وبكثرة الأخبار تضاءل حجم التحليل الموضوعي أمام الشريحة الكبرى من الرأي العام، وبشكل خاص منه الرأي العام العربي والإسلامي.

لمثل هذا السبب كان اختياري عدداً من العناوين الكبرى التي سأتناول بعض جوانبها بالتحليل المستند إلى الوقائع والوثائق والمعلومات وإعادة ربطها من جديد لتقريب الصورة الحقيقية عن المقاومة العراقية على أساس العناوين التالية:

1-الأسباب الحقيقية لاحتلال العراق:

لقد ضلَّلت الأهداف المعلنة لاحتلال العراق الرأي العام العربي بشكل خاص، فانحازت ويا للأسف- أكثر الحركات الحزبية والأوساط المثقفة العربية إلى جانب تصديق تلك الذرائع وغزل المواقف على منوالها. وغلَّفت شعاراتها بغطاء هشٍّ من الكره للديكتاتورية ومحبة الديموقراطية. فجاءت تلك الشعارات بغير محلها لأن فيها ما يغيِّب حقيقة الأهداف الأميركية، أو على الأقل يقلِّل من حجم جريمة الاحتلال في نظر المتابع الأمي أو صاحب الإيديولوجيا المتعصبة.

كان كشف حقيقة المعارضة العراقية دليلاً على حجم المبالغة في الاتهامات التي سيقت ضده. واستهلكت جهدنا من دون طائل مسألةٌ يغيب فيها الطرف الذي نريد أن نحاكمه فبعضه موجود في خندق المقاومة وبعضه الآخر في الأسر. فيأتي هدف محاكمته الآن بينما الاحتلال ينوء بثقله على أرضنا- في موقع من يريد أن يريح الاحتلال. فلنصرف الجهد إلى طرد الاحتلال أولاً كما فعلت التيارات العراقية المعارضة الوطنية. تلك التيارات وجدت أن توزيع الجهد لن يخدم الديموقراطية ولن يضر بالاحتلال. ورفعت شعارات أساسية تستند إلى أنه لا ديموقراطية في الوقت الذي يمسك به الاحتلال بقرار الجميع.

إن أساسيات ثوابت الاحتلال تصبح أكثر وضوحاً إذا انكشف الغطاء عن الأطراف المتحالفة لتنفيذ مشروع الإدارة الأميركية الحالية. وتلك الأطراف هي:

-اليمين الأميركي المتطرف أي نخبة النخبة في الطبقة الرأسمالية الأميركية وهي التي تأسست إيديولوجيتها على العداء الطبقي والعداء الإيديولوجي ضد كل الشعوب. فتلك الإيديولوجيا تؤمن بمصلحة اللون الأبيض عموماً ونخبة النخبة فيه على وجه الخصوص.

-الصهيونية العالمية وهي الجامع المشترك بين كل الإدارات الأميركية.

-اليمين المسيحي المتطرف، أي المتصهين، وهو اليمين الذي ينتظر ظهور المسيح المخلَّص ليحسم الصراع بين الخير والشر في معركة وهمية تقع فصولها في هرمجدون كما تبشر بها التوراة.

-تحالف المافيات الاقتصادية العالمية التي تتبنى إيديولوجيا تحصيل الأرباح وتراكمها من خلال الحروب. لذا فهي تعمل من أجل التخطيط لها وتأمين مستلزماتها السياسية والعسكرية. وهي دائماً تكون الرابحة أياً تكن نتائج الحروب التي تخطط لها.

ليس في الأهداف المعلنة لتلك المنظومة الخبيثة ما يدل على أن العدوان على العراق، كمثل نشر الديموقراطية ومحاربة الإرهاب، هي أهداف حقيقية.

من خلال معرفة خطورة الأهداف التي حددتها أطراف التحالف المساهمة في احتلال العراق ما يدفعنا إلى دعوة من يرفعون شعارات غير شعار مقاومة الاحتلال أن يسهموا في طرد الاحتلال أولاً، ويبقى صراع التناقضات الداخلية أكثر يسراً وأكثر جدوى، وهو خاضع لعملية نقد شاملة غير انتقائية بين منقود بمبالغة شديدة أو مسكوت عنه بانتهازية مقيتة. فالحوار والنضال من أجل التغيير الديموقراطي يستند إلى حالة تغيير اجتماعي وسياسي وثقافي متواصل وطويل يبدأ من تثقيف القاعدة الشعبية، ويمر بنقد التجارب الحزبية، وينتهي بنقد الأنظمة الرسمية والسلطات السياسية.

2-تاريخية المقاومة العراقية:

لم تنطلق المقاومة العراقية بقدرة عصا سحرية. ولم تكن طفرة مقطوعة الجذور عن أسباب وعوامل أسهمت في تكوينها. بل مرَّت عبر مخاض طويل وإعداد مترافق معه. وتعود جذورها إلى أنها ثابت استراتيجي في فكر حزب البعث العربي الاشتراكي. وثابت نضالي وسم تاريخ الحزب بسماته منذ العام 1948م حتى اليوم. أما الإعداد لها فيعود إلى اللحظة التي تأكدت فيه قيادة الحزب والثورة في العراق من أن العدوان والاحتلال واقعان لا محالة. وتعيدها بعض الوثائق إلى العام 1991م.

منذ تلك اللحظة أولت القيادة إعداد المقاومة اللوجستي أهمية قصوى من حيث تأمين إمكانياتها البشرية والتسليحية بسرية وجهود متواصلة. ووُضعت تلك الخطة كمرحلة مكملة لمفصل الحرب النظامية النظامية. وهي في المفهوم الاستراتيجي المرحلة الأساسية التي بها وحدها تستطيع قيادة الحزب بعد أن رفضت الإملاءات الأميركية كلها- أن تؤمن التوازن في القوى مع العدوان الأميركي. وتأمين التوازن يتم على قاعدة منعه من تثبيت احتلاله أولاً ومن تحقيق أهدافه الحقيقية ثانياً.

هذا ما حصل على أرض المعركة أيها السادة. فمنذ أن استنفذت المواجهة النظامية دورها المرسوم، وبعد أن أصبحت تشكل عامل استنزاف غير محسوب للطاقات البشرية العراقية حينما استخدمت القوات الغازية أسلحة فتاكة، حصل الانتقال الطبيعي إلى المرحلة الأساسية منذ العاشر من نيسان من العام 2003م.

3-تأثيرات المقاومة العراقية:

سجَّلت المقاومة العراقية نقلة نوعية لم تعرف سرعتها كل الحركات والثورات الشعبية في العالم. فبعد أقل من شهرين ويتأكد هذا من خلال العودة إلى الوثائق ذات العلاقة- أخذت ثوابت الاحتلال تهتز بفعل ضربات المقاومة. تلك الثوابت تتعلق بمنع القوات العسكرية من الاستقرار لأن فيه حمايةً للخطوات السياسية والاقتصادية اللاحقة، وبدون تأمينه يمتنع على الاحتلال أن يحرز النصر. أما الثابت الثاني، وهو الهدف الأساسي من الاحتلال فهو منعه من الاستفادة من ثروات العراق ومن أهمها الثروة النفطية.

كانت استراتيجية المقاومة واضحة منذ البيانات الأولى التي صدرت عن قيادة المقاومة والتحرير ويعود أولها إلى تاريخ 22/ 4/ 2003م، وبيانات القيادة القطرية لحزب البعث في العراق ولرسائل الرئيس صدام حسين. فبهذا تكون ثوابت المقاومة الاستراتيجية قد دفعت بثوابت المشروع الأميركي إلى الانكفاء مما نتج عنه تداعيات على شتى الصُعُد:

أ-انتقلت تأثيرات المقاومة العراقية إلى الداخل الأميركي على مستوى الرأي العام من جهة وإلى كواليس الإدارة الأميركية من جهة أخرى، وتصاعدت حدتها بالتوازي مع استمرار أداء المقاومة الرائع. وتتعمَّق تداعياتها أكثر فأكثر إلى المستوى الذي أخذت تتسرَّب فيها مشاريع عروض للخروج من العراق. ولكن التفتيش حاصل على قاعدة كيف يتم الخروج من دون إعلان لهزيمة الجيش الأميركي.

ب-إعادة الحيوية إلى الشارع العراقي، وهو ما أخذ يستنهض كل الحركات والقوى الوطنية العراقية الشريفة التي انحازت بالكامل إلى جانب المقاومة العراقية. وقد ضمَّت تعدديات حزبية وشعبية ودينية، وهي لا تزال تتوسَّع كلما تقدَّم الوقت والزمن.

ج-إعادة الحيوية إلى الشارع العالمي. وهنا لا بُدَّ لنا من الإشارة إلى أن الشارع العالمي يعرف خطورة المشروع الأميركي أكثر بكثير من الشارع العربي، جماهير ونخباً، ولهذا التقط الشارع العالمي إيجابيات وتأثير المقاومة العراقية على الاحتلال الأميركي، وكان أكثر حركة من الشارعين القومي العربي والإسلامي.

د-إعادة الحيوية إلى منظومة الدول الممانعة للحرب على قاعدة مكافحة مشروع حكم العالم بأوحدية أميركية. وهذا النادي يراهن على نتائج انتصارات المقاومة العراقية حتى ولو كانت بحدود- من أجل إعادة صياغة العلاقات الدولية على قواعد جديدة تضمن فيه دول العالم توازناً بالقوى.

4-خصائص المقاومة العراقية

إن انطلاقنا من النتائج التي حققتها المقاومة العراقية يدفعنا إلى التذكير بخصائصها التالية:

أ-تكامل السلطوي مع الثوري في تجربة حزب البعث: على العكس مما أسرت فيه العديد من الأصوات نفسها بأن النظام العراقي هو من عجين النظام العربي الرسمي، أثبتت تجربة المقاومة العراقية أن الأولوية في فكر الحزب حتى لو كان في السلطة هي للثورة، وما الوصول إلى السلطة إلاَّ من أجل الإفادة من إمكانياتها لصالح الثورة.

سوف يكشف التاريخ حقيقة هذا عندما تشعر القوى المشككة أن عليها -بعين الموضوعية ما رفضته بعين الهوى- أن تعرف حجم الإنجازات القومية في خلال خمسة وثلاثين عاماً من تجربة دؤؤبة كانت محاطة بكثير من المؤامرات والأفخاخ.

إن الدليل الأبرز على معادلة الاستفادة من إمكانيات السلطة ووضعها في مصلحة الثورة هو المقاومة العراقية. فلو كانت قيادة الحزب تولي اهتماماً للسلطة لكان القرار ملك يديها، ولم يكن هناك ما يمنعها من محاباة المشروع الأميركي. ولكن الذي منعها هو إيمانها المطلق بمبدأ مقاومة الاستعمار والصهيونية. ولهذا أعدَّت لمقاومته إعداداً رائعاً، وفضَّلت النزول إلى خنادق النضال على قاعدة مواجهة الاستعمار بأسلوب الكفاح الشعبي على البقاء على كراسي السلطة.

فالإعداد لحرب التحرير الشعبية بديلاً للحرب النظامية هو من ابتكارات نظام عربي استفاد من وجوده على رأس السلطة السياسية للإعداد للحرب الشعبية. وقد لعبت التعبئة بإيديولوجيا المقاومة دوراً مؤثراً في تحفيز الشعب العراقي للالتفاف حول المقاومة بسرعة قياسية. لذا لم يتصرف الحزب في العراق كنظام رسمي بل تصرَّف كحزب للثورة الدائمة، فوضع إمكانيات السلطة في خدمة الإعداد للثورة.

ب-الأنموذج العراقي هو حالة بناء جديدة تقترب من البناء المؤسسي وتبتعد عن البناء الفردي. وليس من دليل أوضح من أن شتى القيادات التي كانت متهومة بالفردية قد وقعت في الأسر. بينما المقاومة استمرت، وهي بدلاً من أن تتراجع فقد تصاعدت. وهذا دليل على بنيان مؤسسي لا تهتز أركانه إذا ما غابت قياداته لأنه قادر على إنتاج البديل عنها.

ج-حالة التراكم النضالي السريعة كان فرض التراجع على الاحتلال بشهور قليلة نتيجة منطقية وبرهاناً عملياً على صحة الإعداد المسبق للمقاومة. فحالة التراكم النضالي بمثل تلك السرعة على مخططات الاحتلال لم تعرفها التجارب الأخرى في العالم. وهناك مقارنات عديدة توصلت إليها بعض الأبحاث ذات العلاقة.

د-المنهج السياسي الاستراتيجي للمقاومة العراقية:على العكس مما تشيعه بعض القوى والحركات الصديقة للمقاومة أو تلك التي تريد بها شراً، فقد وضعت قيادة المقاومة منذ التاسع من أيلول من العام 2003م، منهجاً سياسياً استراتيجياً من أهم ثوابته:

-الأولوية لقتال مستمر ضد الاحتلال وعملائه، حتى خروج آخر جندي من أرض العراق.

-وضع قوات الاحتلال وعملائها في كفة واحدة، سواء من الذين كانوا من المقيمين أو من القادمين على دباباتها. بمن فيهم الدول والمؤسسات الدولية التي تساعد الاحتلال على الاستقرار على أرض العراق.

-منع الاحتلال من تحقيق أهدافه بتضييق الخناق عليه من خلال مفصلين رئيسين: إيقاع أكثر ما يمكن من القتلى في صفوف جنوده، ومنعه من استغلال ثروات العراق ومن أهمها الثروة النفطية. أي ضربه في أكثر الجوانب حساسية وتأثيراً عند المواطن الأميركي، إي إغراقه في مستنقع يدفع فيه الدم والمال.

5-الاتجاهات الجبهوية في عمل المقاومة العراقية وواقعها الراهن:

منذ البيان الأول لقيادة المقاومة والتحرير، في 22 نيسان من العام 2003م، ظهرت الاتجاهات الجبهوية واضحة في نداءات القيادة، وخاصة في المنهج السياسي الاستراتيجي الذي أعلنته في 9/ 9/ 2003م. أما الواقع الجبهوي كما هو حاصل اليوم فهو حالة الفرز الواضحة بين حدين: الاحتلال وعملاؤه، والمقاومة وأنصارها. وليس بينهما خط رمادي. فإما المقاومة وإما الاحتلال. أما الانتظار في الوسط فهو حيلة المترددين العاجزين عن رؤية استراتيجية لحقيقة الصراع بين الاحتلال وقوى التحرر القومي والوطني.

ولهذا يقوم العمل الجبهوي على ساحة المقاومة في العراق بجهود أساسية من البعثيين ومشاركة ملحوظة من تيارات قومية وشيوعية وإسلامية ورؤساء عشائر، ومن عموم أبناء الشعب العراقي من شتى الأديان والعرقيات والمناطق.

ومن أهم مظاهر الحالة الجبهوية هي تلك التي أُعلِن عنها في بيان الأول من نيسان من العام 2004م، وفيه كُشف النقاب عن وجود مجلس تنسيق أعلى للمقاومة منذ الأشهر الأولى للاحتلال. ويضم المجلس شتى أطياف التنظيمات الحزبية والعسكرية التي أعدَّتها قيادة الحزب والسلطة في العراق مع تنظيمات قومية وشيوعية وإسلامية حسمت خياراتها إلى جانب الدفاع عن الوطن وتحريره قبل أية مهمة أخرى. كما أن كل المعلومات تؤكد أن الحالة الجبهوية تنمو وتتزايد وتنتشر في شتى أنحاء العراق.

6-إحتمالات المستقبل

في صراع الثوابت بين الاحتلال والمقاومة سيكون النصر لمن يفرض على الآخر التراجع عن ثوابته. ولأن صورة الصراع بين الثوابت ثوابت المقاومة وثوابت الاحتلال- أصبحت بغاية من الوضوح، أصبحت نتائج الصراع واضحة أيضاً.

لم يستطع الاحتلال أن ينجز عامل الأمن لقواته، وإدامة المنع هو بيد المقاومة، ويراهن الاحتلال في هذه المرحلة على احتواء المقاومة أو تصفيتها بأقذع أنواع القسوة والإرهاب، فلو نجح في تحقيق هذا الهدف فلن نستطيع الادعاء بأن الاحتلال سيكون إلى زوال.

ولأن لتيارات حركة التحرر العربية كافة، ولتيارات حركة التحرر العالمية، مصلحة كبرى في هزيمة الاحتلال، لأصبح علينا أن نعرف أنه من الواجب أن لا تُترَك المقاومة العراقية وحيدة مستفردة محاصرة إعلامياً ومادياً، فعلى الجميع أن يبادر إلى ابتكار الوسائل التي تؤمن دعمها وإسنادها، حتى لا نصل إلى اليوم الذي نبكي فيه بدموع النساء مقاومة لم نستطع أن نحافظ عليها بجأش الرجال.