جاء الرد على سؤال وجَّهته جريدة العرب اليوم الأردنية
نص المساهمة
هل
سمعتم يوماً أن الذئب يتحوَّل إلى صديق للغنم؟
وإذا
حصلت الأعجوبة فإن واشنطن ستتحول إلى داعم للثورة العربية، لكن زمن الأعاجيب قد
ولَّى إلاَّ إذا كنا لم ولن نتعلَّم من طريقة الدعم الذي قدمته بريطانيا وفرنسا
لثورة الشريف حسين في الحرب العالمية الثانية. أَلَم يكن الدعم هو ذاته وعد بلفور
واتفاقية سايكس بيكو؟
نعم
إن الدعم الذي تقدمه واشنطن للثورات العربية ليس أكثر من اتفاقية أخرى جديدة، وهي
اتفاقية «الشرق الأوسط الجديد».
ونعود
لنتساءل: هل تحوَّلت واشنطن من ذئب غنمه (عرباً) إلى صديق يحميهم؟
وهل
كانت واشنطن في مرحلة ما داعماً لقضايا العرب؟ ومن هو مقتنع بذلك، فليرشقنا ببرهان
واحد.
ليست
نوايا واشنطن مما يجوز أن نحتار بتحديد اتجاهاتها، فلألف برهان وبرهان لا نشكك
بصدق تلك النوايا فحسب، بل إننا نتهمها بصراحة ووضوح في أنها ترتكب جريمة كل لحظة
ضد الشعب العربي. تقترفها واشنطن عن سابق إصرار وترصد، لذلك نجيز لأنفسنا أن نغير
طريقة السؤال لنتساءل: أي جريمة تريد أن تقترفها من وراء زعمها أنها تدعم الثورات
العربية؟
وإذا
كنا نعتقد بأننا إذا صافحنا اللص فعلينا أن نعد أصابعنا بعد المصافحة، فعلى
الثورات العربية أن تعد أصابعها كل يوم ألف مرة ليس لتطمئن على أنها لم تفقد
إصبعاً، بل عليها أن تعرف كم إصبعاً فقدت كلما أعلنت واشنطن أنها تدعم الثورات
العربية.
وإذا
كانت التجربة الطويلة شديدة المرارة مع واشنطن فاعذرونا إذا لم نقم بتفصيلها، وأما
السبب فلأننا نعتقد أن كل من يشكك بمرارة تلك التجربة فسيكون غبياً أو ممن غسلت
أجهزة المخابرات المركزية الأميركية أدمغتهم، أو ممن انبهروا بزيف الشعارات
الأطلسية وهؤلاء ممن فقدوا شعور الانتماء لوطنهم وأمتهم.
أما
بالنسبة للثورات العربية، ولأننا ممن يعاني الكثير من مصائب الأنظمة الرسمية
وأخطائها، فلن نشكك يوماً، ولا نسمح لأنفسنا بأن نشكك بمصداقية شعاراتها، ولا
نوايا الشعب الذي ثار، وإنما لنا مجموعة من التساؤلات التي تستند إلى حرصنا الشديد
على أن لا تذهب أرواح شهدائها هدراً، ومن أهم تلك التساؤلات التالية:
1-الثورة
هي ما كانت أهدافها واضحة. وهذا لا يجعلنا نشكك بالأهداف.
2-أن
تبلغ الثورة تلك الأهداف. ولكي تبلغها من الواجب عليها أن تضمن صحة الوسائل،
ومقدرة الحصول عليها. فهل من يرشدنا على طريقة حصول الثورة العربية على صواريخ
التوماهوك؟ وكيف تحصل على قرارات سريعة من (جامعة دول عربية) عوَّدتنا على أنه لو
كان لها سرعة فهي لن تتجاوز سرعة السلحفاة. وكيف تجذب مجلس الأمن الدولي بحرارتها
وأعضاء مجلس الأمن لم يتبق لديهم فرصة للراحة سهراً من أجل الثورات العربية؟
3-أن
تحول دون تسلل الثورة المضادة إلى صفوفها، لأن الثورة المضادة يمكنها توفير وسائل
نجاحها في تحويل مسارات الثورة إلى غير مرافئها الآمنة.
4-إن
الثورة المضادة لها علاقة وثيقة بالتدخل الأجنبي، وهذا التدخل أصبح حقيقة لا لبس
فيها. والتدخل الأجنبي تسلل إلى صفوف الثورات بأشكال ووجوه مختلفة. وهو يملك
الوسائل والأدوات الضرورية والكافية والمخطط البديل لإنتاج أنظمة تستفيد من إسقاط
سابقاتها من جهة، وضرب أهداف الثورات الشعبية عرض الحائط من جهة أخرى لأن المصالح
البديلة هي مصالح الخارج الذي يدعم تلك الثورات، بل هو يدعمها للاستفادة من زخمها
ومن أرواح شهدائها.
من
أجل كل ذلك لن نثق بدعم واشنطن للثورات العربية فحسب، بل إننا نرفضها بالفم الملآن
أيضاً. ونصرخ بأنه آن للشعب العربي أن يعي بأن واشنطن تقدم الدعم المعسول للثورات
العربية لكي تدس فيه السم القاتل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق