الاثنين، أكتوبر 26، 2015

ما كان بلير يكشف ستره لو كان في هذه الدنيا عدالة


ما كان بلير يكشف ستره لو كان في هذه الدنيا عدالة


سبقه أوباما بالاعتراف بحجم الكارثة التي ارتكبها سلفه جورج بوش بحق العراق، فجاء طوني بلير ليؤكد الخطأ الكبير الذي جناه قراره بمشاركة بريطانيا في العدوان على العراق. إلى هنا، يبقى الاعتراف مقبولاً، ولكن امتناع طوني بلير حتى عن الاعتذار عما جنته يداه لفيه العجب العجاب.

مأفونان: أحدهما رئيس الولايات المتحدة الأميركية، والثاني رئيس الحكومة البريطانية، أي أكبر تحالف بين دولتين من كبريات الدول في العالم، يرتكبان أبشع جرائم العصر، ويبقيان طليقي اليد واللسان، ينعمان بلذة الاعتراف، ولا يجدان في الاعتذار لذة.

إنه لأمر بغاية البساطة أن تقتل الملايين بجرَّة قلم، وتشرد عشرات الملايين، ويبقى من نجا من الموت رهينة لـ(عملية سياسية) يؤرقه الخوف والجوع والمرض، وينتظره الموت أو التشرد. والأسوأ من كل هذا، لن نقول أنه لم ترف جفن لهذين المأفونين، بل نقول إنه لم ترف جفن أميركي أو بريطاني، وكذلك لم يأبه باعترافهما ضمير العالم من أقصاه إلى أقصاه، خاصة وأن مسلسل الجرائم يتصاعد في كل يوم أكثر من اليوم الذي سبقه.

أن يكون الإنسان مجرماً، فليس هذا من غرائب الدنيا وعجائبها، ولكن أن لا يجد من يحاكمه ويحاسبه على ما ارتكبه من جرائم ففيه العجب العجاب. والأعجب من كل ذلك أن لا تجد أي فرد من أسرة المجني عليه، ليس من يطالب بحقه ويطالب بالاقتصاص من المجرم فحسب، بل أيضاً ليس هناك فرد من أفراد أسرة المجني عليه من يقرأ الفاتحة على قبره.

إن المشكلة ليست في المجرم وحده، بل المشكلة الأكبر في غياب من يحاسب المجرم. وليست المشكلة أيضاً بغياب الضمير العالمي إذا كان الضمير الوطني والقومي قد مات. وحدهم الذين قبضوا على جمر الدفاع عن العراق هم الذين أصروا على محاسبة المجرم والاقتصاص منه. وحدهم الذين أطلقوا المقاومة الوطنية العراقية هم الذين بقي الضمير عندهم حياً، ولن يبرح الضمير مكانه ما دام المجرم ما يزال حراً طليقاً وفالتاً من قبضة العدالة.

ما كان طوني بلير ليكشف جريمته لو كان الرئيس أوباما قد أحال جورج بوش أمام المحاكم الأميركية بدلاً من إدانته فقط. وما كان ليكشف ستر جريمته لو كان متيقناً أن الحكومة البريطانية ستحيله أمام القضاء البريطاني لينال جزاءه العادل.

وتالياً، وأخيراً، ما كان الشعبان الأميركي والبريطاني ليتجاهلا جريمة رئيسيهما، لو تأكدا من وجود ضمير عالمي يلاحقهما. وما كان الضمير العالمي لينام مسترخياً لو لم يكن أهل العروبة نياما. ولكن...

سيبقى ضمير أبطال المقاومة العراقية وأبطال الثورة العراقية يقظاً حتى تأخذ العدالة مجراها.

 

ليست هناك تعليقات: