الثلاثاء، مارس 22، 2016

إنها انحناءة أميركية – إيرانية مؤقتة أمام العاصفة فاحذروها


إنها انحناءة أميركية إيرانية مؤقتة أمام العاصفة فاحذروها



بدأت مرحلة تحرير القرار العربي من هيمنة الخارج تؤتي ثمارها. ففي معركة عض الأصابع بين دول الخليج العربي وكلٍّ من الولايات المتحدة الأميركية، وحيلفها النظام الإيراني، يبدو من الظاهر ومن الباطن أن الطرف الثاني في معركة العض بدأ بالصراخ، ومن أهم مظاهرها حتى الآن، يمكن قراءة المشاهد التالية:

-أولاً: الانحناءة الإيرانية ومرحلة الوساطات لرأب الصدع في العلاقات السعودية الإيرانية:

منذ بداية الانفجار الكبير في العلاقات بين السعودية وإيران في أوائل العام 2016، تتوسَّع اليوم رقعة أصحاب الوساطات من الذين أبدوا استعدادهم للقيام بما يُسمى رأب الصدع بين كل من إيران والسعودية. تارة تأتي الوساطات من الغرب وتارة أخرى من الشرق وفي بعض الأحيان يحملها موفدون خليجيون ممن ترتجف ركبهم خوفاً من التهديدات الإيرانية المعلنة أو الموحى بها... هي السياسية التي يحاول فيها أولياء أمر النظام الإيراتي مخاطبة الرأي العام العالمي بأنهم حمامة السلام في المنطقة. وتلك من وسائل الخداع التي مارسها النظام المذكور مع النظام الوطني في العراق قبل الاحتلال. إذ كانوا يعلنون شيئاً ويبطون أشياء أخرى... ولهذا يجب أن تحمل تلك المظاهر الإيرانية الخادعة تحذيراً للمملكة العربية السعودية من الوقوع في فخ الخداع الإيراني المنصوب.



-ثانياً: الانحناءة الأميركية والانتشار السياسي والعسكري الأميركي الجديد في العراق:

بما لا يمس جوهر الهيمنة الإيرانية على العراق بعد إعلان الهزيمة الأميركية في أواخر العام 2011. وبعد تصاعد المخاوف الخليجية من الهيمنة الإيرانية. وكرسالة تطمين من إدارة أوباما لتلك الدول. أعلنت تلك الإدارة عن جملة من الإجراءات التي توحي بأن الدور الإيراني في العراق يسير على طريق الزوال من خلال ما يلي:

-إبعاد قاسم سليماني شكلياً عن الصورة في المشهد العراقي لكي لا يبقى عامل استفزاز لدول الخليج واستبداله بآخر يقبع في كواليس خلفية المشهد، وهذا التغيير شبيه باستبدال نيغروبونتي ببول بريمر.

-والإعلان عما يشبه انقلاباً أميركياً في العملية السياسية بعد تفعيل دور السفير الأميركي في المنطقة الخضراء في بغداد بما يوحي بأن رزمة من الإصلاحات التي تحمل الغيث للعراقيين.

-الإعلان عن استقدام قوات خاصة أميركية، لا تسمن ولا تغني من جوع، وهو استعراض شكلي يوحي بأن إدارة أوباما جادة باستئصال الهيمنة الإيرانية عسكرياً وأمنياً.

فإذا كان غياب قاسم سليماني الشكلي عن المشهد العراقي فلن يلغي حقيقة الدور الإيراني. وإذا كان السفير الأميركي ليس أكثر فاعلية من بول بريمر. وإذا كانت مئات الآلاف من القوات الأميركية قد هُزمت في العراق، فكيف سيكون مصير بضعة آلاف منهم؟

إنه الجواب الوحيد الذي على الجميع أن يعلنوه: إذا كان الدور الإيراني مرفوضاً، فكل دور أميركي هو مرفوض أيضاً، لأنه أم المصائب كلها للعراقيين والخليجيين. و(ليخيط أوباما بغير تلك المسلَّة).

كل تلك الإجراءات ليست أكثر من مزاعم لن تُسمن ولن تغني العراق من جوع للرغيف وللأمن وللعيش الكريم ولمحاكمة الفاسدين والعابثين بالأمن، من أميركيين وإيرانيين وخونة من العراقيين، و.. و..



-ثالثاً: الانحناءة الأميركية والتنديد بالدور التخريبي الإيراني في الوطن العربي:

قبل أيام من كتابة المقال، وقبل أسابيع قليلة من زيارة أوباما إلى السعودية، نشرت وسائل الإعلام أن الإدارة الأميركية تدين ما تقوم به إيران من أعمال تهدد أمن المجتمعات القطرية العربية، وقامت بتعداد تلك الأعمال وحصرتها في سورية ولبنان واليمن، ولكنها تجاهلت الساحة العراقية حيث هناك يقوم النظام الإيراني بقمة الأعمال الوحشية والإرهابية. ولهذا التجاهل دلالة كبرى، ورسالة واضحة لمن عنده رؤية وسلامة البصر... ومن أولى معاني تلك الرسالة تؤكد أن أميركا وإيران يمكنهما المساومة مع المملكة على أي ساحة قطرية عربية، ولكنهما لن يساوما على الساحة العراقية، وأما السبب فلن يغيب عن إدراك اللبيب الذي من الإشارة يفهم.

لماذا تجاهل المسؤول الأميركي الساحة العراقية، واستثنى تسمية الإرهاب الإيراني فيها؟

أصبح من الممل تكرار القول بأن العلاقات الإيرانية الأميركية يشوبها التوتر، ويتفاعل الخلاف بينهما أينما كان باستثناء تطابق أهدافهما الكاملة في العراق، لأن العراق هي القاعدة المركزية التي ينطلق منها تحالف الشيطان الأكبر مع نظام ولاية الفقيه. ففي إبقاء الهيمنة المشتركة عليها توفر لهما في اللحظة المناسبة استخدامها قاعدة للقفز منها إلى أهداف أخرى، بينما لو فقداها، فسيصبح الأمر صعباً وصعباً حداً.

من تلك المقدمة نصف نداءات (حمامة السلام الإيرانية)، ومحاولات الالتفاف الأميركية المؤقتة، بأنها انحناءة أمام عاصفة المتغيرات الخليجية. وهي انحناءة مؤقتة لأنها لن تمس الجوهر في أهدافهما، وإذا ما نجحتا فيها، ومرَّرتا خداعهما فلن يطول الوقت من أجل اسئناف مشروعيهما التفتيتي المشترك، بعد امتصاص صدمة العاصفة الخليجية، وتنفيذ الخطوات التي لم يستطيعا تنفيذها حتى الآن.






ليست هناك تعليقات: