إلى متى سنظل قرابين تُذبح
أمام هياكل آلهة الآخرين؟
لقد هذَّبت الديانات السماوية معنى القرابين فحوَّلتها
إلى رمز تقدم فيها القرابين الحيوانية أو ترمز إليها بقدسية مُرسل ضحى بنفسه من
أجل البشر، ولكن الكثير من مجتهديها استمروا بالاعتقاد، بأن الله لا يرضى ببقاء
الكفر به سائداً بين البشر، فابتكروا أفكاراً وطوعوا نصوصاً تحض على القتل تلبية
لأوامر آلهتهم وهماً منهم أنهم يستأصلون جذور الكفر به.
إن نزعة اجتثاث الكفر بالله بواسطة القتل استفحلت في
المرحلة الراهنة فشملت العالم، وتكاثرت الضحايا البشرية التي يقدمها من يزعمون
بأنهم مؤمنون بالله، حتى بلغت الملايين، ولكن آلتهم لم ترتوي من دمائنا، وهي لن ترتوي،
طالما أن هناك من يؤمنون بوجود (إله سفاح)
تنفرج أساريره برؤية الدم يُسفح تحت قدميه وكرامة لعينيه.
إن النزعة تلك، كانت أكثر جذباً واستغلالاً عند دعاة
الإيمان بالرأسمالية التي تعتبر أن الله رأسمالي وعلى جميع الشعوب أن تلتزم بخدمته
وتُقدم قرابين له من أجل استدرار رضاه. لهذا فقد شجع الرأسماليون نزعة القتل عند الشعوب
التي تزعم أنها تقتل من أجل إرضاء آلهتها، ولأن لكل منها إلهاً تريد أن تتقرب منه بقتل
من يزعمون أنهم لا يؤمنون به، استغل إله الرأسمالية نزعة القتل في سبيل الله، وعمَّقها
عند تلك الشعوب لأنهم سيقتتلون فيما بينهم ويتذابحون، فيضعفون وتخور قواهم وتتلاشى
مناعتهم الدفاعية، فتقوى آلهة الرأسمالية لتصبح سيدة على آلهة الجميع.
ولأن (نزعة القتل في سبيل الله) هي أكثر ما تميز
مجتمعاتنا، فقد عززتها الشعوب التي تدين
بإله رأسمالي وشجعتها على القتل. ولذلك نحن العرب، والإسلاميون منهم بشكل أخص،
نقتتل باسم الإله، ونذبح باسم الإله، ونشرد باسم الإله، ويقدم البعض منا قرابين
لإلهه من أرواح البعض الآخر ودمائه وأمنه وقوت يومه.
نقتتل باسم آلهتنا إلى الحد الذي كفرنا بهم، بحيث بات
القسم الأكبر منها يدعو إلى الإيمان بإله لا يتلذذ برؤية الدم المسفوح، بإله يسخط
على من يسفح الدم باسمه، ويغضب على من يقتل باسمه ويقدم قرابين بشرية من أجل
مرضاته.
ولأن الآخرين حيدوا دماء شعوبهم وحرموها على أنفسهم وعلى
غيرهم، وباركوا أعمال الذبح فيما بيننا وشجعوها وغذوها، لكي يصبح إلههم أقوى بين
آلهة أنهك عابدوها قواهم وإمكانياتهم.
فهل ستدركنا صحوة ضمير لنقتنع بأن الله الواحد الذي علينا
أن نعبده يغضب من رؤية الدم الذي يسفك باسمه، وجثث الأبرياء التي تقدم قرباناً له،
كما أن غضبه الأشد سينهال على رؤوس من يعتقد أنه يرتكب الجرائم باسمه وكسباً
لمرضاته؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق