الأحد، أكتوبر 27، 2019

ثورة الشعب اللبناني فوق كل الشبهات


يا مثقفي أحزاب السلطة:
ثورة الشعب اللبناني فوق كل الشبهات


في الأيام الأخيرة من  تسابق مثقفو أحزاب السلطة، على إلقاء الدروس والمواعظ والإرشادات للشعب الثائر. وفي الوقت الذي أبدوا فيه حرصاً على مصلحة الشعب، أعربوا عن مقاصدهم الحقيقية بدعوة الجائعين والمرضى والعاطلين عن العمل إلى كظم أوجاعهم، والعودة إلى بيوتهم، فأثبتوا أن حرصهم كان كاذباً.
لقد ابتكر هؤلاء وأولئك، وصفات سحرية لم يسبقهم إليها أحد. ومن أغربها وأكثرها سوءاً، نوجز بعضها بما يلي:
1-أن يعطوا فرصة لحكومة (الخصم الحكم) لكي تضع حلولاً لمشكلات ترقى إلى حدود الجرائم الموصوفة، التي ارتكبتها أحزابها. وكأن فرصة أكثر من ثلاثين عاماً من السلب والنهب، لا تكفيهم.
2-التخويف من الفراغ، وكأن لبنان تملأه حكومة تمثله، وتسهر على مصالح أبنائه من الفقراء والمساكين والمعوزين والعاطلين عن العمل، ولا تترك له مرفقاً عاماً إلاَّ وتصونها برموش عينيها. أليس لبنان يعيش فراغاً في الماء والكهرباء وكل تفاصيل حياته لأن ضمير الحاكمين يعيش فراغاً كبيراً من كثرة السمسرات والمقايضات والمحاصصات.
3-التخويف من الفتنة والإخلال بالعيش المشترك، وكأنَّه كلما دقَّ (كوز) أمير من أمراء السلطة)، بـ(جرة) أمير آخر، لا تقوم قيامة (المدقوق فيه) وتتقطع الطرقات وتنصب المتاريس، وترتفع الأصوات استنكاراً من (الدق بالمقامات)، و(المس بالمقدسات).
3-التخويف من أموال السفارات وأجهزة المخابرات التي استغلت عرق المتظاهرين وراحت توزِّع عليهم السندويشات وقناني المياه، وتشتري لهم الأجهزة الألكترونية ومكبرات الصوت، وتدفع لمحطات التلفزة أجوراً لكي تغطي الوقائع اليومية للثورة.
إنها لمهزلة، وأي مهزلة تلك التي راح يضحك فيها (مثقفو أحزاب السلطة)، من محللين سياسيين، ورؤوساء مراكز أبحاث، على ذقون الناس. وقبل أي شيء آخر، نقول لهم: عندما تنقطع عنكم الأجور التي تتقاضونها من أحزاب السلطة، ستجدون أنفسكم عاطلين عن العمل، وستُرغمون على النزول إلى خيم المعتصمين.
ما تحذرون منه المعتصمين والمتظاهرين والثوار، من شر (وسواس السفارات) وخناسهم، أما خطر ببالكم أن أجوركم المدفوعة لكم من أحزاب السلطة، هي مما قبضوه من السفارات التابعين لها؟ فإذا كنتم تدرون فهذه مصيبة وإن كنتم تجهلون فالمصيبة أفظع وأعظم. وعلى من تقرأ مزاميرك يا داوود؟ فمن يرتكب إثماً بالقبض بشكل غير مباشر من السفارات، لا يجوز له إلصاق تهمة بحق  شعب نظيف، وحكماً هو فوق الشبهات.
إن الشعب الثائر يمتلك الحصانة الكافية ضد تدخل السفارات، وهو لا يرفض التدخل الخارجي بشؤون لبنان الداخلية فحسب، بل يرفض وصايات السفارات على أحزاب السلطة أيضاً. ولعلَّ الذل الذي تعاني منه تلك الأحزاب بارتباطها بالسفارات، لأنه إذلال للشعب اللبناني، كان من بين أهم أسباب ثورة الشعب ضد النظام القائم بأحزابه كافة. وعن ذلك، تتساوى جميع أحزاب السلطة بالوقوف خدماً أمام سعادات السفراء، ويقدمون لهم كشفوفاً بما يقدمونه لهم من خدمات.
نناشد المدافعين عن أحزاب السلطة (مثقفو السلطة) الشبيهون بـ(فقهاء السلطان)، أن يكفوا الشعب مؤونة مهاتراتهم، خاصة أنهم قادرون بإتقانهم فن بيع المواقف أن يقبضوا من السفراء بشكل مباشر لأنهم سيزيدون الكيل لهم بأكثر بكثير مما لو قبضوه بالواسطة.
لقد اقتصرت وقفتنا بالكلام عن الأبواق الإعلامية لأحزاب السلطة ممن ينسبون أنفسهم مثقفين، فلأنهم يعملون على تجميل صورتها أمام ملايين البشر، ونناشدهم أن يكفُّوا عن تشويه الحقائق، رأفة بضمائرهم ورأفة بالضمير الإعلامي.
إن وقفاتنا الأخرى ستكون في مواجهة منطق السلطة ومؤيديها من المستفيدين من لبنها وعسلها.
وللحديث تتمة.

ليست هناك تعليقات: