الأربعاء، أكتوبر 30، 2019

ليس العراق أرضاً فارسية إخرج منها قاسم سليماني


ثورة الشباب في العراق:
ليس العراق أرضاً فارسية إخرج منها قاسم سليماني

إذا كانت أحلام نظام ولاية الفقيه تجري خارج مفاهيم العصر، فسوف تتحطم على أرض الواقع مهما طال الزمن. وهكذا هو حال الحالمين من ملالي ولاية الفقيه، الذين يمسكون برقاب الشعب الإيراني، وعملوا على الإمساك برقاب الشعب العراقي، وعبره للإمساك برقاب الشعب العربي.
فإذا كنتم قد كذبتم على أنفسكم بأن ولي فقيهكم هو ظل الله على الأرض، وصدقتم أنفسكم، فإن خداعكم لم يعد ينطلي على الشعب الإيراني، وقد كشف الشعب العراقي عن زيفه منذ أن أعلن أول ولي فقيه بينكم أن فرصة استعادة إمبراطورية آل ساسان قد حانت.
أعلنتم، وبكل وقاحة أن العراق جزء من إيران، فاستبحتموه أرضاً وشعباً وسرقة ونهباً لتخزينها في إهراءات الولي الفقيه، ومنها راح يصرف بكرم ليس بعده من كرم على من صدَّقوه من الأزلام المحسوبين على العرب. هذا في الوقت الذي استفحلت فيه آفات الفقر والمرض والجهل والتهجير والاقتلاع من الأرض، في صفوف العراقيين جميعاً، سواءٌ أكان منهم المحسوبين على مكون نظامكم المذهبي، أم كان من غيره من الشبقين على بيع المسيح العربي بأقل من ثلاثين من الفضة.
ثماني سنوات عجاف عاشها العراقيون في ظل استيلائكم على أرضهم وعرضهم ورزقهم. ثماني عجاف، إذا ما أضيفت إلى ثمان عجاف تحت الاحتلال الأميركي، تكفي لأن يكتشف الموهومون من العراقيين الذين باعوا وطنهم، أو من الذين خُدعوا بمزاعم تعميم الديموقراطية والعيش الرغيد، تلك الأكاذيب. اكتشفوها تحت سياط الألم من الجوع والحرمان والاضطهاد واحتمال كل أنواع الذلة والمهانة التي مارسها عليهم الاحتلال الأميركي، والتي مارسها النظام الإيراني بكل قسوة ووحشية.
سيق تاريخ الأول من شهر تشرين الأول 2019، انتفاضات عدة في المحافظات العراقية، ولعلَّ أهمها وأكثرها تأثيراً كانت ثورة محافظات الأنبار في أوائل العام 2014، والتي ضُربت على مسرح تمثيلية داعش، التي أخرجت إلى المسرح ما يُسمى بـ(الحشد الشعبي) الذي لعب دور البطل في القضاء على الممثل (داعش). وتلتها انتفاضات أخرى في المحافظات الجنوبية التي كانت أشد قسوة وإيلاماً من الأولى لأن نظام الملالي في طهران اعتبرها كذلك لأنها اندلعت من أبناء من يعتبرهم تزويراً من أهل الدار (الملة)، وعلى الأرض التي يعتبرها الحاضنة الأهم لمشروع الإمبراطورية الفارسية الخبيث، الذي روَّج له تحت عباءة (الولي الفقيه). لذلك قاومها بالحشد الشعبي الذي يعتبره اليد الضاربة باسم المذهب، والذي كشف القناع عن وجهه القبيح في أنه ليس هو الحشد الذي يزعم أنه تم تشكيله من أجل حماية المذهب، والدفاع عنه وعن المنتمين إليه.
وأخيراً، حمل تشرين الأول 2019، بشائر ثورة تكوَّنت في أحشاء المحافظات الجنوبية من العراق، هذا على الرغم من قمع التي سبقتها بأبشع أنواع الوسائل من القتل والاغتيال. وانطلقت هذه المرة، تحت أهداف سياسية واضحة، ومن أهمها:
-دعوة إيران للخروج من العراق، وإنهاء احتلالها لأرضه، واستعادة عروبة العراق وحريته في بناء نظامه السياسي.
-كشف القناع عن الوجه الحقيقي لرجال الدين المشاركين في النظام، أو من المستفيدين من لبنه وعسله، ودروهم في تضليل العراقيين.
على أرض الواقع، وخلافاً لكل التوقعات، فقد صمد المتظاهرون في هذه المرة، وقاوموا أبشع صور القمع، والتي كان أشدها خطراً وسيلة القنص المتعمد لقتل أكبر عدد من المتظاهرين، في محاولة لإنهاء الثورة بشكل سريع.
تستمر الثورة، وكادت تنهي شهرها الأول، بإصرار وعناد تحدى فيها الشباب الثائر رصاص القناصين، والاختناق بغازات السارين التي استخدمتها بعض الأطراف في الحشد الشعبي. وفي استخدام هذه الوسيلة أو تلك، كان قاسم سليماني يقودها، ويشارك في تنفيذها مجموعات، بل فصائل من الحرس الثوري الإيراني، أو ممن يعادلهم في الوحشية من قادة ذلك الحشد الذين اختاروا الاستمرار في خيانة بلدهم عن سابق تصور وتصميم.
ليس من المستغرب أن يتدخل النظام الإيراني بهذا الحجم، وأن يفقد صوابه إلى حد الهستيريا. كيف لا وولي فقيههم يرى حلمه التاريخي ينهار ويتهدم. خاصة أن هزيمته في العراق تشكل الخطوة الرئيسية في هزيمة حلمه وحلم وكلائه في أكثر من قطر من الأقطار العربية.

ليست هناك تعليقات: