عرض كتاب
(تهافت الأصوليات الإمبراطورية)
(الحلقة الرابعة 4/ 4)
(الفصل السابع والثامن)
-الفصل السابع:
آليات العمل الجبهوي من أجل النضال الوحدوي
في هذا الفصل يركِّز الباحث على ضرورة ابتكار آليات
ضرورية من أجل التجديد في حركة الفكر لقوى وأحزاب حركة التحرر العربية، وإدامة
الزخم النضالي من أجل مواجهة القوى المعادية للمشروع القومي العربي. وعن هذا
يركِّز على عاملين أساسيين:
-العامل الأول: وسائل المقاومة الشعبية على شتى مستوياتها.
-العامل الثاني: ابتكار صيغ ورؤى للعمل الجبهوي بين أطراف حركة التحرر
العربي.
وعن العامل الأول، فقد أفرد الباحث له مقطعين، يتناول
الأول فيهما (المقاومـة الشعبية العربيـة تردم المسافـة بين مفهوميْ النصر
والهزيمـة)، وفيه ينقد مرحلة النقد التي سادت في الخمسينيات والستينيات من القرن
العشرين التي غرقت فيها حركة التحرر العربية في نقد الأنظمة الرسمية وعجزها عن
الانتصار على الكيان الصهيوني المغتصب لفلسطين. وفيها تناسى الناقدون أن تحقيق
عوامل التوازن العسكري بينه وبين الدول العربية شبه مسحيل. وهذا ما أبعدهم عن
التفتيش عن عوامل القوة الكامنة في المقاومة الشعبية المسلَّحة. وهذا ما استكمله
الباحث في المقطع الثاني (نحو تأسيس مفاهيم جديدة للصراع مع المشاريع المعادية).
وفيها دعا الباحث إلى تعميق البنى المعرفية الجديدة، بحيث تكون مهمة المثقف دراسة
متغيرات المراحل، لا أن يتقوقع في مفاهيم ما قبلها. لأن (تجميد تلك البُنى يتعارض مع
أهداف توليد حركة معرفية عربية تصب في خدمة قضايا الأمة). على أن تكون تلك الأهداف
واقعية (تستخلص من تجارب الأمة دروساً تدفعها إلى التفتيش عن وسائل تكون أقرب إلى
التحقيق منها إلى الفشل). وأشار الباحث إلى ثلاث تجارب، من أهمها: المقاومة
الفلسطينية، والعراقية، واللبنانية.
ولذلك
أنهى الباحث إلى (الترويج لثقافة المقاومة العربية الشعبية الطويلة الأمد، وتضع
الجماهير العربية أمام مسؤولياتها في رفد حالة النضال المقاوم بالإمكانيات
والقدرات، وهي حتماً قليلة التكاليف،
وبمقدور الجماهير الشعبية أن تقدمها).
وعن
العامل الثاني، فقد حلَّل الباحث شروط نجاحه، في أربعة مقاطع، نقد في المقطعين
الأول والثاني، غياب الشارع العربي وغياب حركة حزبية عربية ناشطة. وفي المقطعين
الأخيرين، قدَّم رؤيته وأفكاره التي يحسب أن تصب في مصلحة بناء إطار جبهوي ناجح.
في
ظل غياب النظام العربي الرسمي النتخاذل أساساً، والذي يجد في التغيير انقلاباً على
مصالحه، فقد حمَّل الباحث مسؤولية غياب الشارع العربي في مساندة القضايا العربية
لإطراف حركة التحرر العربية. لأنها (ممزقَّة ومفتَّتة، فالقوى العلمانية
تتشرذم إلى ثلاث: قطرية وقومية وأممية.
أما القوى الدينية، فتتشرذم إلى ما يوازي الأديان، والأديان تتشرذم إلى ما يوازي
عدد المذاهب في كل دين).
وهنا
يتساءل الباحث: (هل هذا الوضع الراهن يدعو إلى القنوط واليأس؟). ليجيب أن في تجارب
المقاومة في العراق وفلسطين ولبنان دروساً تعيد الأمل إلى الشعب العربي، ويدعو
حركة التحرر العربية إلى التقاط الفرصة والاستفادة من انتصارات تلك المقاومات.
ولكن كيف تستفيد
أحزاب وقوى حركة التحرر العربية من الضفحات المشرقة التي سطرتها المقاومة الشعبية
العربية، فيحددها الباحث بما يلي: قيام حركة نقدية داخلية لكل طرف فيها، وإلى
تذليل عوامل الإعاقة التي تحول دون انخراطها في عمل جبهوي موحَّد. ومن أجل ردم هذه
الهوَّة، يقدم الباحث الأفكار التالية:
-تحويل الدعم
الخارجي التكتيكي للمقاومة في لبنان وفلسطين إلى عامل دعم استراتيجي يأخذ بعين
الاعتبار شروط عدالة القضية، وليس ما تقدمه من أثمان تصب في مصلحة الداعمين. ولأن
إيران هي التي تقدم هذا الدعم، يشكك الباحث في مصداقيته الإنسانية والأخلاقية. وما
يدعم صحة هذا التشكيك، تحالف النظام الإيراني مع أميركا علانية ومع الصهيونية بشكل
مستور في العراق. وتساءل: هل يمكن لإيران أن تتحالف مع الامبريالية والصهيونية في
العراق وتعاديهما في لبنان وفلسطين؟
وهنا، يحمِّل
الباحث مسؤولية لحزب الله في أن ينجو من الفخ المنصوب له. وإذا كان يدري هذه
الحقيقة، وهو يعيها لأنه جزء لا يتجزأ من منظومة ولاية الفقيه. فعلى القوى المؤيدة
له أن تعي حقيقة أهداف النظام الإيراني الحقيقية من دعم المقاومة اللبنانية.
ويستطرد الباحث
بالتأكيد على النقاط التالية: التكامل بين المقاومات الثلاث حاجة قومية. وغياب
الرؤية القومية يؤدي إلى استراتيجية جزئية، لذا تكون بداية التوحد في الاتفاق على
تحديد ثوابت الصراع. وتحديد مفاهيم المقاومات الاستراتيجية والفرعية. ويعتبر
أخيراً أن توحيد مركزيات المقاومة شرط ضروري لإحراز النصر الاستراتيجي.
وفي
نهاية الفصل بحسب الباحث أنه (ليست المهمة بالسهولة الميسورة، ولكنها ليست
بالمستحيلة أيضاً. فصعوبتها تكمن في كثرة الإيديولوجيات التي ترسم خطى تياراتها،
ورفض استحالتها يكمن في أن الشعب العربي سيكون الداعم الأكبر لها، فهو مع أية
وحدوية في مواجهة العدوان الخارجي بغض النظر عن شكلها ولونها).
-وفي خاتمة الكتاب:
يدعو الباحث
إلى ردم هوة الاختلاف حول الهوية القومية بين أطراف حركة التحرر العربي. وبناء أسس
لفكر قومي عربي متماسك وواضح.
اعتبر
الكاتب أن الاختلاف حول الهوية الثقافية والهوية القومية ، تشكل أزمة أساسية
تعيق طريق حركة التحرر العربي. عن هذه الأزمة يتساءل الباحث: هل (التيارات
الثقافية التي تجر أجزاء الأمة إلى وحدات أخرى تقع خارج حدودها إلاَّ تيارات تكتسب
هوية ما بعد القومية؟ وإذا كنا حتى الآن لم ننجز بناء الأسوار السياسية لقوميتنا،
فهل يمكننا الاعتراف بمرحلة ما بعد القومية؟).
وخطورتها
تكمن في أن (الهوية الثقافية العربية أصبحت كالعربة التي يجرها عدة أحصنة، كل حصان
منها يجرها إلى اتجاه يعاكس تيار الأحصنة الأخرى، وفي مثل تلك الحالة سوف تنشطر
العربة وتتشظى. والثقافة عندنا، حتى ولو كانت لغتها العربية، ومنتجوها من الذين
يسكنون الأرض العربية، الثقافة التي لا تدعم أحصنتها قطر الدائرة وتشدها إلى
التماسك فإنها ليست ثقافة عربية).
ويستطرد
الباحث: إن (التيارات الثقافية ذات المشاريع السياسية القطرية والأممية، لعلها
الأكثر تأثيراً في الحفر تحت أسس الثقافة القومية من أجل تقويضها. ومن كل ذلك
نستنتج أن هناك أزمة ثقافية عربية فعلية، هناك اختلاف حول تحديد هويتها).
ويعالج
الأزمة من خلال دراسة تيارات ثلاثة، وهي:
-تيار
الثقافة القومية العربية التي تعمل لمصلحة بناء دولة قومية.
-تيار
الثقافة الدينية السياسية التي تعمل لمصلحة بناء دولة دينية عالمية.
-تيار
الثقافة المادية الصرفة التي تعمل لبناء دولة مدنية عالمية.
وبعد
عرضها يعرض الباحث أمام الجميع بحث الإشكاليتين التاليتين:
-الأولى:
إشكالية تعريف الهوية الثقافية نتيجة لإشكالية الاختلاف حول هوية الأمة
-الثانية:
تقوية جدران صمود الفكر القومي مسؤولية التيارات القومية.
وعن
ذلك ، ومن أجل بناء فكر قومي متماسك وواضح، يدعو الباحث إلى اعتبار ثوابت الفكر
النظري هي التي عليها أن تصوب متغيرات الخطاب السياسي. ودعوته تلك تعود إلى ما
يعتبره اختلاف (معالجات المفكرين العرب والحركات السياسية القومية لطبيعة
العلاقة بين أصالة الفكر القومي وحداثته، وبين حداثته وعصرنته. فهم، حتى الآن، لم
يتجاوزوا حدود التوفيق بالعلاقة بينهما، أي عملوا على تغليب خصوصيات الثقافة
التُراثية على ثوابت التشريعات القومية الحديثة، كما عملوا على تزويجهما بشكل لا
يؤدي إلى صياغة علاقات سليمة بينهما. بينما الوصول إلى تعريف لا يخضع لمعايير
الإيديولوجيا هو الأمر الموضوعي المطلوب، لأن هذه المعايير غالباً ما تتأثَّر
بالحركة السياسية والبيئة الثقافية السائدة، فتنتج تعاريف قد تكون قاصرة عن الوصول
إلى الحدود الموضوعية. ومن أجل التوفيق بين عناصر الموضوعية والعوامل الإيديولوجية
ليتكاملا، لا بدَّ من أن يكون للأيديولوجيا سقف موضوعي يحميها من الغرق في تغليب
الذاتي على الموضوعي).
ملاحظة: من يود الاطلاع على
الكتاب كاملاً، يمكننا تزويده بنسخة pdf.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق