الاثنين، يونيو 20، 2011

في الحراك الشعبي العربي الراهن

-->
في الحراك الشعبي العربي الراهن
الشعب يريد حماية المقاومة العربية ووحدتها
حسن خليل غريب   في 20/ 6/ 2011
لو لم يُوجد شعار ترفعه الجماهير العربية في حراكها الدائر الآن في الشارع العربي لكان عليها أن ترفع شعار (الشعب يريد حماية المقاومة العربية ووحدتها)، وتعتبره من أولوياتها. وعلى الرغم من أن الجماهير لم ترفعه بشكل واضح حتى الآن، إلاَّ أنه يحتل ضميرها ووجدانها. لذا فإننا من قلب هذا الحراك، نطالب كل القوى والشخصيات والحركات والأحزاب المنخرطة بأن توليه الأهمية التي يستحقها.
ومن الموقع الذي تحتله المقاومة العربية في حركتنا ودورنا وفي ضميرنا وعقلنا.
ومن الموقع الذي تحتله في زراعة الأمل في نفوس جماهير الثورة بأن المقاومة قادرة على تحقيق التوازن في القوى مع كل طامع بأرضنا وثرواتنا، وتنتصر عليه.
ومن موقع الحقيقة التاريخية التي أثبتت أن المقاومة العربية نبتت من أرواح المقاومين ودمائهم، ونتيجة نضالاتهم.
لا يمكننا أن نتصوَّر إلاَّ أن شعار المقاومة سيكون سيد الشعارات التي تجوب الشارع العربي من المحيط إلى الخليج.
لقد قرأ النازلون الأوائل إلى خندق الشارع الثوري جيداً ما تعانيه جماهير أمتنا العربية من قهر وحرمان اجتماعي واقتصادي وسياسي، وما تنزلق إليه الأنظمة من حالات الفساد والسرقة يقابلها حالات القمع الشديد لحرية الرأي والتعبير. وما تمثله تلك الأنظمة من حالات تواطؤ شديد ضد كرامة الشعب الوطنية والقومية. ولكنهم اكتفوا برفع شعارات تمس لقمة عيش الجماهير وحقها بالحياة الحرة الكريمة، ولم يشيروا إلى مسألة في غاية الحساسية، تلك هي المقاومة العسكرية التي ركَّعت أكبر أباطرة العالم وأكثرهم ترويجاً وتطبيقاً لوسائل الفساد الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، وكثيراً ما تاجروا بلقمة العيش والحياة الحرة الكريمة.
وإذا كان من حق المقاومين الأبطال على الحراك الشعبي العربي الدائر الآن أن يرفع المؤثرون فيه شعارات تأييد المقاومة العربية، فإنه من حق الشارع العربي الآن أن يطالب المقاومين العرب ليس بشعارات توحيد صفوفهم في الإعلام فقط، بل أن يبدأوا الخطوة الأولى في توحيد نضالاتهم أيضاً. وأن يرفعوا شعار وحدة الدم والروح التي بذلها المقاومون الأوائل والتي يتابع مسيرتهم المقاومون العرب على طول الساحة العربية وعرضها.
ليس من الحقائق الجديدة الكشف عن أن تحالف الأطلسي مع الصهيونية يريدون من وراء دعمهم لبعض قوى الثورة المضادة ليس حصار المقاومة العربية أينما كانت واجتثاثها بشتى الوسائل والطرق، بل يريدون إسقاط روح المقاومة من الوجدان العربي أيضاً. وإذا كان الثمن المعجَّل المطلوب تحقيقه الآن حصار المقاومة فإن الثمن المؤجل هو اجتثات كل نفس مقاوم في المستقبل.
لكل هذه الأسباب نطالب بأن يترافق شعار حماية المقاومة العربية مع خطوات عملية تبادر إليها قياداتها في العراق وفلسطين ولبنان من أجل وصل ما هو مقطوع بينها من خطوط التنسيق العملي والسياسي.
أليس وصل ما هو مقطوع الآن يشكل دافعاً وحاجة للجماهير العربية الثائرة؟
أليس ظاهر القطيعة بين فصائلها واضحاً في المؤتمرات السياسية والإعلامية، كما حصل في مؤتمر البريستول الذي عقده المؤتمر القومي العربي بتاريخ 26 27/ 5/ 2011؟
ونحن إذ نذكِّر بتلك الواقعة، بالإضافة إلى ما سبقها من وقائع أخرى في مؤتمرات أخرى، ليس إلاَّ من قبيل التحذير من استمرار العلاقات السلبية بين طلائع الأمة الأكثر ثورية في تاريخها. وإن البدء بحوار جدي بين تلك الفصائل يعيد الأمل إلى نفوس الجماهير العربية التي عقدت الأمل على نواصي خيولها من دون تمييز أو انحياز. ونحن لن ننسى أن تأييد الجماهير العربية للمقاومة العربية في العراق وفلسطين ولبنان كان تأييداً مطلقاً من دون الغرق في النقاش حول جنس ملائكتها. ولم تعتن تلك الجماهير بجنس المقاومة أكثر من أنها كانت ملائكة التحرير التي لوت أو كسرت أذرعاً صهيونية هنا، أو أذرعاً أميركية هناك.
نحن، وقبل كل شيء، علينا أن لا نحرج فصيلاً مقاوماً هنا أو هناك، بالطلب منه أن يتخذ موقفاً نهائياً وحاداً من هذا النظام أو ذاك، أو ما يُفسَّر أنه قد يسيء إلى الحراك الشعبي في قطر من أقطار الأمة. بل أن تقف المقاومة موقفاً حاسماً في حالة واحدة هو أنه لا يجوز السكوت عن أي دور أجنبي في أي حراك شعبي عربي، لأن هذا الدور لا يحتمل افتراض حسن النية، بل هو تدخل لا يريد للشعب الثائر خيراً. ومن جهة أخرى، لا يمكننا أن نزج المقاومة بعراك مع نظام هنا أو هناك طالما أنه يمتلك نسبة ولو ضعيفة من الممانعة ضد الأجنبي خاصة إذا كانت ممانعته ملموسة وأثبتت وقائع التاريخ والجغرافيا مصداقيتها. وقياساً عليه لا يجوز للمقاومة أن تتغافل عن أن القوى الأجنبية الآن تحديداً قد أسست لها مواقع معلنة وأخرى مستورة في مجرى من يمثلون عناصر الثورة المضادة، ونحن لا نشك بأن تلك الثورة تحفر أفخاخاً وتزرع ألغاماً لحصار فصائل المقاومة العربية في العراق وفلسطين ولبنان. وإنه على تلك الفصائل أن تتعاون من أجل إحباط أهداف قوى الثورة المضادة، وتفجير تلك الأفخاخ والألغام في وجه تلك القوى.
ولأن القاعدة العامة تؤكد أن عناصر الثورة المضادة، الخارجية والداخلية، تحدد خريطة الطريق في المراحل القادمة على أسس اجتثاث المقاومة العربية واقعاً وروحاً، وهذا ما يضع على قيادات هذه المقاومة مسؤولية توحيد الاتجاهات والصفوف (الآن الآن وليس غداً). فكل دقيقة تضيع تصب في مصلحة قوى الثورة المضادة.
ولكي لا نقف موقف الذي يقول كلمته ويمشي، نضع أمام أعين المسؤولين في كل القيادات المقترحات التالية:
1-اعتبار المقاومة الشعبية المسلحة ثابتاً لا يجوز إهماله في أي ظرف من الظروف، وتحت أي ضغط من الضغوط، وتحت أي إغراء من الإغراءات. وهذا الاعتبار كما يعني المقاومة فإنه يعني أيضاً كل نظام يزعم أنه يقف في صف الممانعة، وإنه كلما تراجع هذا الثابت تراجعت معه قوة المواجهة ووهنت أوصالها، والقوى المضادة ستكون الأقدر على قطف الثمار دائماً.
2-اعتبار الغرب الاستعماري والصهيونية وجهان لعملة واحدة، مقاومة هذا مقاومة لحليفه. وإضعاف أحد طرفيه إضعاف للآخر. والسكوت عن بعضه سكوت عن بعضه الآخر. وقوة أحد طرفيه قوة للآخر.
3-وحدة هدف المقاومة في مواجهة التحالف بطرفيه وفي كل ساحة عربية من دون تمييز.
4-اعتبار قوة العرب بوحدتهم قوة للإقليم. وهذا يُرتِّب على دول الإقليم ليس أن تقلع عن أية نزعة إمبراطورية تقفز بأهدافها فوق حدود القوميات فحسب، بل أن تعترف بسيادة الدول القومية والوطنية على أرضها وشعبها أيضاً.
5-اعتبار تحالف العرب مع الإقليم الجغرافي بديلاً لأي تحالف آخر. ففيه الحضارة والثروة ووحدة الثقافة، وتكامل المصالح الاقتصادية والأمنية والعسكرية.
وإذا كنا لا نقف موقف النصح لمن يدفع الدم والروح، فإننا من موقع الثائر الحريص على أهداف الثورة العربية نتقدم بما نراه يصب في مصلحة كل المتضررين من الأخطبوط الأميركي - الصهيوني، على أن يكون لقاء المقاومين العرب مقدمة فيما لو ظهرت من دول الإقليم بوادر تصحيح ما ارتكبه بعضها من أخطاء بحق المقاومة العراقية، لصحَّ القول بأنها ستغير مسالكها بما يحفظ حقوقها وحقوق الأمة العربية.

هناك تعليقان (2):

نبيه السعدي يقول...

الأخ الحبيب حسن غريب:
بارك الله بنفسك العربي الأصيل، وأكثر من نفحاتك القومية الفكرية في هذا الوقت العصيب، الذي يمرّ بأمتنا.
تطلب بحقّ وإلحاح من الجماهير المتظاهرة على الساحة العربية، أن تتحوّل إلى النهج المقاوم، بنصرة المقاومة العربية ضد الصهيونية والإمبريالية؛ أي بكلمات قليلة؛ تقويم النهج الثوري المعمول به اليوم من قبل شبابنا. صحيح أنّ للحرّية حلاوة لا تعادلها أخرى، كما أنّ لاجتثاث الفساد المعشّش في أروقة حكوماتنا المزمنة، رونقا يجتذب كلّ غيور على صحّة وطنه، لكن غاب أو غُيّب عن عيون المتظاهرين عمق الهوّة التي يسعون إليها، والتي يُراد لهم التردّي فيها، ألا وهي تقسيم الوطن ونهب ثرواته وإعادته مئة عام إلى الخلف، والأمثلة واضحة لكلّ ذي بصر وبصيرة. فأمامنا مثالين اثنين للتدخل العسكري الأجنبي، هما أفغانستان والعراق، وأمامنا أيضا مثالين اثنين لتحويل، أو محاولات تحويل ثورة الشباب في تونس ومصر عن مسيرتها الإصلاحية.. وجميع هذه الأمثلة لا تبعث على الراحة والاطمئنان، بقدر ما تدفع إلى النفور والاشمئزاز.
مودتي

مدونة العروبة يقول...

أخي الدكتور نبيه:
لقد أعمانا التعصب والحقد الى الدرجة التي أصبحنا عاجزين فيه عن التمييز بين ما هو ثوري وما هو مسموم بنكهة ثورية. نحن نريد، كما قلت، الإصلاح الذي يعيد إلينا حريتنا ولقمتنا، ولكن على أن لا نجعل أعداءنا يسرقون اللقمة والحرية معاً بأساليب الخداع والكلام المعسول المملوء بالسم.
إن أعداءنا لا يريدون إصلاحاً وديموقراطية، بل يريدون تقسيماً وتفتيتاً.
أنا أثق بما تقولون لموقعكم، وليس لدينا الا أن نقول الحقيقة الموضوعية التي ترى المصير القومي بعين العقل، وليس بعين التغصب القطري. ووحدهم الذين ينظرون الى الوضع بالعين القومية هم وحدهم الذين يسيرون نحو الحقيقة.
مع تحياتي
حسن