الثلاثاء، أكتوبر 18، 2011

ملف حوار مع موقع الحوار المتمدن

ملف حوار مع موقع الحوار المتمدن
نص الدعوة للحوار
تحية طيبة
 دعوة للمشاركة في الملف- رسالة إلى ابرز كتاب وكاتبات الحوار المتمدن
 ثمة قضايا ومسائل عديدة قومية يعاني منها العالم العربي وأبرزها القضية الفلسطينية، الكردية، الأمازيغية ، الصحراء الغربية .... الخ.
نودّ في هذا الحوار أن نستقصي الآراء المختلفة تجاه هذه القضايا الشائكة ،وخاصة يجري هذه الأيام الطلب من الأمم المتحدة تخصيص مقعد لفلسطين في هيئتها والاعتراف بها كدولة مستقلة. وقد فتحنا هذا الحوار من أجل التفاعل والتفاهم بین مثقّفي شعوبنا والمضي نحو آفاق سلیمة ورحبة وتعزيز ثقافة حقوق الإنسان وروح المواطنة الإنسانية.
ستقوم مؤسسة الحوار المتمدن بالتعاون مع جريدة هاولاتي الكردية الواسعة الانتشار بإجراء حوارات مع نخبة من ابرز  الكتاب والكاتبات في العالم العربي حول ذلك، وستنشر الحوارات بالعربية والكردية ومن الممكن إن تترجم إلى الانكليزية ونود شاكرين مشاركتكم  والرد على الأسئلة أدناه مع اختيار عنوان لموضوعكم وإرساله من خلال نظام التحكم.
كل الاحترام والتقدير
حميد كشكولي
منسق الملف في مؤسسة الحوار المتمدن
أجوبة حسن خليل غريب
الأسئلة والأجوبة
1 أيهما أهم برأيك، بناء دولة مدنية على أساس المواطنة بدون تمييز قومي أو ديني واحترام حقوق جميع القوميات والأديان، أم بناء دول على أساس قومي و أثنية ، بغض النظر عن مضمون الحكم فيها؟
ج-نبدأ في الجواب عن السؤال بتحديد أي نظام سياسي نريد؟
إن العوامل الموروثة: كالدين والقبلية والعشائرية، والعرق، والطائفية، كلها عوامل تُعتبر مولداً دائما للحروب الداخلية. كما دلَّت التجارب التاريخية، حيث أكدت أنها تشكل عوامل الضعف الأساسية في منع نشوء دولة منيعة الجانب في مواجهة الغزو الآتي من خارجها، عدا عن أنها كانت مساعداً لهذه القوة أو تلك في احتلال هذا الجزء أو ذاك من الأرض العربية.
وحيث إن تقسيم سكان هذه البقعة الجغرافية، وتأسيس دولة لهذه العشيرة أو تلك، أو لهذه الطائفة أو تلك، ممكن ولكن أي منها لا تستطيع أن تحوز على  شروط بناء دولة تمنع العدوان القادم من الخارج من جهة، كما لا تستطيع أن توفر العامل الاقتصادي الذي يتيح لها توفير شروط العيش الكريم لسكانها من جهة أخرى. وبذلك يقود الضعف العسكري والاقتصادي لتلك الدويلات إلى الاتكاء على طلب الحماية من الخارج. وهذا العامل بدوره يمنع تأسيس دولة لها شروط الحق بتقرير المصير.
ولما عرف التاريخ مرحلة طويلة من مراحل النزعة الإمبراطورية، أي نزعة الشعوب الأقوى بالتوسع على حساب الشعوب الأضعف، وليس هناك شعوب أضعف من الشعوب التي تسكن منطقة جغرافية واحدة ولكنها تعجز عن الاتفاق عن تأسيس دولة واحدة توفر لها شرطين أساسيين، وهما: القوة العسكرية القادرة على حماية نفسها، والقوة الاقتصادية التي توفر العيش الكريم لمواطنيها.
ولما انتهى عصر الإمبراطوريات الكبرى، وكان آخرها الحلم الإمبراطوري الأميركي الذي أطلقته أحلام تيار (اليمين الأميركي المتطرف)، وهو الحلم الذي كان من المنتظر تحقيقه انطلاقاً من احتلال العراق، كان على العالم كله أن يحافظ على الدولة القومية، خاصة وأنها دولة حديثة التأسيس.
إن رفضنا قيام دولة دينية، أو دولة قائمة على الإثنيات التي لا تحوز شروط قيام دولة، ينبع على الأقل من خطورة مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي أعدته الإدارة الأميركية وتعمل على تطبيقه. ونحن نرى أن التطبيق بدأ منذ سنوات قليلة، ونخشى أن ما نسميه اليوم (الربيع العربي) يحمل معه الكثير من خطوات التمهيد لتطبيق هكذا مشروع. ولن نحصل على ربيع عربي، أو غير عربي، إذا كانت الحركة الشعبية والحزبية غافلة عن حالة التسلل الرأسمالي إلى قلب هذا (الربيع). فمشروع الشرق الأوسط الجديد ينص صراحة على تقسيم الوطن العربي إلى دويلات قائمة على العرق أو الدين. ولو وجد الغرب الرأسمالي غير هذا الطريق لشق مسارات الاستغلال والنهب لكان قد عمل على التخطيط له وفرض تطبيقه.
وبناء عليه، نرى أن ما تتم تسميته بحقوق الأقليات الطائفية والعرقية، لا يمكن أن يتم توفيرها إلاَّ ضمن دولة قوية تستطيع أن تحمي نفسها، كما تحمي التعدديات الأقلوية المنضوية في كيانها.
ولما كان النظام الذي نريد مبنياً على قاعدة قومية، مكتملة الشروط الجغرافية والاقتصادية والسياسية التي تكونت عبر مراحل طويلة من التاريخ الحضاري والمعرفي، أي ليس بالضرورة أن تكون القومية ذات نزعة شوفينية خاصة إذا كانت الأنظمة والقوانين والتشريعات تنطلق من حقوق المواطنين وواجباتهم، وعلى أن يتم تطبيقها على الجميع من دون تمييز بالعرق والدين، نختار هذا الشكل من النظام الذي كثَّفه الجزء الأول من السؤال باختصار شديد.

2- كيف ترى سبل حل القضية الفلسطينية وتحقيق سلام عادل يضمن الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني وفقا للمواثيق الدولية ومقررات الأمم المتحدة؟
هذه المسألة تنطلق من ثوابت مبدأية. ومن أهم هذه الثوابت يأتي رفض الاعتراف بمنطق الاغتصاب. فالكيان الصهيوني، تحت ذرائع توراتية، احتل أرض فلسطين لأهداف رأسمالية، والمثير في الأمر هو أن دول المنظومة الرأسمالية هي التي ساعدت بكل ما تملك من أجل زرع هذا الكيان، ليس محبة باليهود، بل من أجل استغلال مخططهم السياسي لفرض حالة تفكك وتفتيت في منطقة تُعتبر شديدة الحيوية لمصالحها الاقتصادية والعسكرية والأمنية.
ولهذا يصح رفضنا لمصطلح (سلام عادل)، وهو ما يحاول المجتمع الرأسمالي أن يفرضه على مصطلحنا السياسي، فهو يصيب فيه هدفين معاً: غسل الدماغ العربي من اعتبار احتلال فلسطين عملاً يتنافى مع المواثيق الدولية، والاعتراف بحق اغتصاب أرض بقوة السلاح.
ولهذا فـ(السلام العادل) المزعوم ليس سلاماً عادلاً لأن ما قام بطريقة تتناقض مع العدالة الإنسانية فهو ليس عادلاً. والعدالة هنا تشرِّع للشعب الفلسطيني أن يقاوم الاغتصاب والاحتلال.

3 - كيف تقيّم الموقف الأمريكي والدول الغربية المناهض لإعلان دولة فلسطينية مستقلة بعد خطوة الزعيم الفلسطيني وتوجهه إلى الأمم المتحدة لتحقيق ذلك؟
كان موقف منظومة الدول الرأسمالية التاريخي قائماً ليس على الاعتراف بمنطق الاغتصاب فحسب، بل على المساعدة لإنجاح هذا المنطق أيضاً. وما بذلته تلك الدول تاريخياً لاغتصاب فلسطين لن تعمل الآن على قاعدة منطق آخر. فهي أسست للكيان الصهيوني وهي المعنية بحمايته. لذلك نحكم بأن ما تظهره تلك الدول من حرص على حل النزاع بين الفلسطينيين والصهاينة لا يمكن أن نفهمه بعيداً عن ثنائية الأهداف الرأسمالية بالمحافظة على ثنائية (أمن النفط، وأمن إسرائيل).

 4- ــ ما هي برأيك الأسباب الرئيسية للموقف السلبي من قبل الدول الكبرى تجاه إقامة دولة كردية مستقلة، تجمع أطرافها الأربع في دول الشرق الأوسط ، وهو مطلب شعبي كردي وحق من حقوقهِ ، ولماذا يتم تشبيه الحالة الكردية على أنها إسرائيل ثانية من قبل بعض الأوساط الفكرية والقومية في العالم العربي ؟
للدول الكبرى مآرب وأهداف في تشجيع كل الدعوات الانفصالية للأقليات الإثنية والطائفية، وهذه مسألة واضحة تماماً من حيث إن من يريد أن يضمن أمن النفط لا يريد أن تبقى دولة في المنطقة قوية، لأن الدول الكبرى تمنع قيام هكذا دولة لأنها تهدد أمن النفط، أو على الأقل تفرض شروطاً في وسائل التنقيب والاستخراج والتسويق. وما مثال تأميم النفط الذي قام به مصدق في إيران، والذي قام به الحكم الوطني في العراق، الا تجربة لن تسمح تلك الدول بتكرارها.
وإذا صادف ووعدت تلك الدول بإقامة دولة كردية كبرى كما أشار السؤال فإنما يكون من قبيل الخداع. بل إن تلك الدول تستخدم الورقة الكردية من أجل الضغط على الدول الأربع (العراق، سورية، تركيا، وإيران) للحصول منهم على ضمانات لأمن النفط وأمن إسرائيل. وهل وعود إدارة أوباما لأردوغان بمساعدته على صد هجمات الحزب الكردستاني التركي انطلاقاً من الأراضي العراقية الا مكافأة له على تنسيق مواقفه مع تلك الدول في الحراك الشعبي العربي الذي يطلقون عليه (الربيع العربي).
وأما تشبيه الحالة الكردية على أنها إسرائيل ثانية، فالتشبيه لا يعود الى اعتبار الأكراد شبيهاً بالصهيونية، وإنما السبب يعود الى حالة التنسيق السياسي والعسكري بين الأحزاب الكردية التي تحكم كردستان العراق اليوم مع الكيان الصهيوني. وهناك اتفاقيات سرية عقدتها تلك الأحزاب مع (إسرائيل) برعاية أميركية، وقد نشرت مواقع الأنترنت بعضاَ منها. ولهذا لا أرى أن الاتهام قائم ضد الأكراد كأكراد، بل هو قائم من أجل سلوك سياسي شاذ تقوم به قيادات تلك الأحزاب.
5-هل يمكن للتغیّرات الراهنة في المنطقة - الانتفاضات والمظاهرات الأخيرة  من أن تؤدي إلى خلق آفاق جديدة أرحب للقومیّات السائدة کي تستوعب الحقوق القومیّة للأقليات غير العربية مثل الأكراد، إلي حدّ الانفصال وإنشاء دولهم المستقلة؟
إذا حصلت تغيرات بما يتناسب مع مخطط الشرق الأوسط الجديد، وهذا ما تعمل الدول الكبرى، وفي المقدمة منها أميركا، على إنجاحه باستغلال الحراك الشعبي العربي، فستنال كل الأقليات، أكراداً وغير أكراد، على الحق بالانفصال عن دولها الأم. وهذا بتقديرنا، وحسبما هو مرسوم له، ليس مطلباً للانفصاليات قصيرة النظر، وإنما هو حقيقة تعمل من أجلها الدول الكبرى، ليس حباً بحقوق تلك الأقليات، بل لجعلهم دوليات ضعيفة تحتاج إلى إمكانيات ليست موجودة إلاَّ في جيوب تلك الدول.

6-هل تعتقدون بأنّ المرحلة القادمة، بعد الربيع العربي، ستصبح مرحلة التفاهم والتطبیع وحلّ النزاعات بین الشعوب السائدة والمضطهدة، أم سندخل مرحلة جدیدة من الخلافات وإشعال فتیل النعرات القومیة والتناحر الإثني؟
إن الجزء الثاني من السؤال هو الصحيح. وفي أقل النتائج هو أن مشروع الشرق الأوسط الجديد قائم على افتعال الخلافات بين الدول الضعيفة ليأمن جانب إعادة توحدها.

7 -ما موقفك من إجراء عملیة استفتاء بإشراف الأمم المتّحدة حول تقریر المصیر للأقليات القومية في العالم العربي مثل الصحراء الغربية وجنوب السودان ويشمل أقليات أخرى في المستقبل، مع العلم أنّ حق تقریر المصیر لکلّ شعب حقّ دیمقراطي وإنساني وشرعي و يضمنه بند من بنود الإعلان العالمي لحقوق الإنسان منذ عام ١٩٤٨؟
إن حق تقرير المصير هو حق للشعوب التي تحوز على شروط تأسيس دولة تستطيع توفير حماية مصيرها السياسي والعسكري والأمني والاقتصادي والاجتماعي والثقافي. وأنا لا أرى أن هناك أقليات في الوطن العربي تستطيع بناء مثل تلك الدولة لأن شروط قيامها مفقودة. فهذه الأقليات كانت من رعايا دولة سابقة وارتبط مصيرهما معاً، وأصبح تاريخها وحضارتها وثقافتها من نسيج واحد مع المجتمعات الأخرى.
إن الدولة الحديثة، وهو ما تم الاتفاق على اعتبارها دولة مدنية، هي التي تضمن لكل أقلية أن تحتفظ بخصوصياتها، وفي الوقت ذاته تضمن حقوق كل مواطنيها وتلزمهم بالواجبات ذاتها. وإن قيام دولة عربية موحَّدة تستطيع أن تلبي تلك الشروط. أما الدولة القطرية، حسب خرائط سايكس بيكو، فهي بالكاد تستطيع أن تلبي شروط قيام اقتصاد قوي وجيش قوي على الرغم من أن الدخل القومي العربي، إذا ما جُمع بسلة موحدة، يستطيع أن يوفر العيش الكريم لكل أبناء الوطن العربي.
من هنا نعتبر أن الدولة العربية يجب أن تشكل مطلباً أساسياً لكل الأقليات، خاصة في عصر التكتلات الاقتصادية الكبرى، وعصر الأحلاف العسكرية.
 8- ما هي المعوقات التي تواجه قيام دولة كردية ، و كيانات قومية خاصة بالأقليات الأخرى كالأمازيغ و أهالي الصحراء الغربية؟
أعتقد أن الجواب على هذا السؤال كان جزءاً من الأجوبة على الأسئلة السابقة.
حسن خليل غريب/ لبنان في 13/ 10/ 2011


ليست هناك تعليقات: