الثلاثاء، مايو 22، 2012

قراءة في خطاب الرفيق الأمين العام


قراءة في خطاب الرفيق الأمين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي
في 21/ 5/ 2012          
في قرائتنا سنركِّز على أهم المسائل التي تعرّض لها الرفيق الأمين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي، وسنختصرها بثلاث:

أولاً: الوضع في العراق بعد الانسحاب الأميركي:
بعد إلحاق الهزيمة بالاحتلال الأميركي في العراق، وملء الفراغ بغزو إيراني سافر، الرفيق الأمين العام حدد أولويات المواجهة في هذه المرحلة مع الاحتلال الفارسي البديل وأدواته المخضرمة. ولأن العملاء نقلوا البندقية من كتفهم الأميركي إلى كتفهم الفارسي، دعا العراقيين والعرب، ولم يستثن منهم الأنظمة التي تآمرت على العراق وحكمه الوطني، إلى وعي خطورة المرحلة، وتحديد ثقل العبء الجديد الذي يواجه العراق والأمة العربية في هذه المرحلة.
1-طبيعة المرحلة الأميركية السابقة وإفرازاتها الفارسية:
لقد حدَّد في خطابه أهداف المؤامرة ضد العراق بقيادة أميركا بالاشتراك مع النظام العربي الملتحق بها، والمنصاع لأوامرها، ذلك النظام «المتخاذل المتهاوي بل المتآمر». فحصدت أميركا من مؤامرتها على العراق هزيمة كبرى على أيدي أبطال العراق المقاومين. فكان النظام الفارسي هو المستفيد الأكبر من مشاركته في احتلال العراق عن سابق تصور وتصميم، واستفاد من هزيمة أميركا التي تركت العراق (لقمة سائغة للفرس)، فـ«أصبح الصراع معهم وجهاً لوجه»، ويؤكد الرفيق الأمين العام أن شعب العراق الذي انتصر على أميركا سيجرع الفرس «السم الزعاف».
2-طبيعة المرحلة الراهنة وتحدياتها ووسائل مواجهتها:
أكثر من أي وقت مضى، لم تعد وسيلة تحرير العراق عراقية فحسب، بل أصبحت مهمة عربية بامتياز أيضاً.
ويحدد الرفيق الأمين العام أن الغزو الفارسي في هذه المرحلة يقف اليوم «على أغلب أبواب أقطار الأمة الداخلية، وسيجتاح الأمة من أقصى مشرقها إلى أقصى مغربها». ولأن العملية السياسية قد جيرت بالكامل اليوم لإيران بهدف ابتلاع العراق ثم تدمير الأمة وجَّه تحذيره قائلاً: «نضع هذه الحقيقة أمام الحكام العرب فنقول ... إن معركتنا اليوم وطنية قومية إنسانية مع إيران الصفوية مباشرة». كما دعا كل بيت عراقي كي يستعد «للدفاع عن عقيدته وحرماته ومقدساته عن نسائه وبناته وأخواته». كما دعا الفصائل الجهادية والمعارضة الوطنية للالتحام «على قاسم مشترك تحطيم المشروع الفارسي».

ثانياً: واقع الحركة العربية الثورية ومهامها المرحلية ومستقبلها.
مستنداً إلى أنه لا خيار يحصِّن الأمة أفضل من خيار أحزاب الحركة العربية الثورية، بقواها الطليعية وفصائلها وحركاتها وأحزابها، خصَّ الرفيق الأمين العام للحزب الحركة العربية الثورية بفقرات مطوَّلة منطلقاً من قاعدتين اثنتين:
-الأولى:  لها علاقة بخصوصية حزب البعث: منطلقاً من قاعدة «فاقد الشيء لا يعطيه»، يدعو الرفيق الأمين العام  لبناء الحزب على مثال التكامل بين فكره ونضاله من جهة وبين واقع الحزب في المرحلة الراهنة من جهة أخرى.
-الثانية: ولها علاقة بشتى فصائل حركة التحرر العربي وأحزابها: ولأنه يعتبر أن مشاكل الأمة كثيرة ومتشعبة ومتداخلة وطنياً وقومياً وتتطلب جهوداً حثيثة ونضالات متواصلة، ومنطلقاً من قاعدة «لا يظنن أحد أنه قادر لوحده أن ينهض بهذه المهمة»، يولي الرفيق الأمين العام للحزب العمل الجبهوي أهمية قصوى في خطابه.
وسنقوم فيما يلي بقراءة مكثَّفة لرؤيته حول هذا الجانب.
1-حول حزب البعث:
أ-تمهيد في فكر الحزب ونضاله: مؤكداً أن ثوابت فكر حزب البعث تحمل الخلاص للأمة من الشرذمة التي تعاني منها، يؤسس لنظرة نقدية لواقعه ومسيرته منطلقاً من أن «أي شيء قد حصل في مسيرة البعث فيما مضى، أو قد يحصل لاحقاً... فهو مردود على من أحدثه.... إن كان متعمداً وقاصداً»، وأن كل شيء خاضع للنقد والمساءلة، ففي مسيرة الحزب نجاحات وفيها إخفاقات، يستفيد من النجاحات ويطورها، وينقد الإخفاقات ويصحح فيها.
ب-مواقف نقدية: على الرغم من أن الحزب اليوم «في العراق كما أرادته الأمة يفجر ثورتها الكبرى ويؤججها، ويقود مسيرتها الكفاحية». يرى الأمين العام أن المطلوب «مواصلة الجهاد في كل ميادين الحياة وخاصة في ميادين الحياة الداخلية لحزبنا، لإعادة بنائه على أسس ومنطلقات عقيدته ومبادئه وتثويره وتصعيد أدائه وعطائه، ولإعادة بناء النموذج الطلائعي الأمثل فيه. وحتى تتجدد وتثور وتثور الحياة في حزب الرسالة». ولذلك يتابع قائلاً: «فإن لم تستطع تحقيق هذا الهدف الأسمى، هذا التحول الكبير والبناء الجديد والمتجدد لحزبنا وعقيدته وفكره ومنهجه الكفاحي، بعد دراستها بعمق وشمول، وتقييمها، والوقوف بقوة وشجاعة عند أخطائها وهفواتها. فإن لم تستطع تحقيق هذا التحول الكبير فسوف لن تغير ولن تجدد في مسيرة شعبنا وأمتنا. لأن فاقد الشيء لا يعطيه».
-والتجديد كما يراه الأمين العام يجب أن يتم على مستويات عدة، ومن أهمها:
-على صعيد العلاقات الداخلية:
-يقول: «إن المسؤولية التاريخية تفرض علينا أن نبادر فوراً كل من موقعه ومسؤوليته، مسؤولين ومؤسسات إلى وضع الخطط والبرامج الدقيقة والشاملة والعميقة لإعادة بناء الحزب الثوري الطليعي الشعبي التقدمي الاشتراكي حقاً»:
-أن «يُبني القائد الرائد الواعد المبدع في مسؤوليته وفي أدائه وعطائه». الذي «يرون فيه كل معاني البطولة والبسالة والفداء والإقدام والصدق والإخلاص والتفاني والإيثار».
-«إعداد النخبة الطليعية أولاً، وإعداد القدوة والمثل»..
-العودة «بقوة إلى حزبنا الثوري الشعبي الاشتراكي التقدمي التاريخي الرسالي، وليس إلى الحزب السياسي التقليدي الذي يتصارع مع الآخرين على السلطة».
ويعلن أن قيادة قطر العراق، على الرغم من مهامها الكبرى في معركة التحرير، قد «أعدت الكثير من الدراسات الاستراتيجية عن التجربة والمسيرة عموماً»، إلاَّ أن المطلوب أيضاً من «قيادات الحزب ومكاتبه ومنظماته ومناضليه»، «المزيد من الدراسات والمساهمات... لإغناء استراتيجيته الشاملة والعميقة بعيدة المدى».

-على صعيد العلاقات مع قوى الأمة:
-بـ«الانفتاح الأخوي الأبوي الرفاقي الحميم على كل قوى الأمة الخيرة». «وبعد التجربة الواسعة والخبرة العميقة أن نصل من قاطعنا من هذه القوى، ونعفو عمن ظلمنا ولمن أساء إلينا، وخاصة إلى إخوتنا في التيار الإسلامي الوطني المعتدل».

2-العمل الجبهوي بين تيارات حركة التحرر العربي وأحزابها:
لقد كادت جراثيم اليأس تنخر في نفوس بعض التيارات والحركات والأحزاب، فبعضها أُصيب بالضعف والتراجع، والبعض الآخرانحرف عن خط سيره التاريخي. وأستثار الرفيق الأمين العام الهمم، داعياً للخروج من أنفاق اليأس، ففي الأمة من العوامل الإيجابية ما يمكن البناء عليه، من خلال:
-الاقتداء والاستفادة من عوامل القوة التي أثبتت التجربة جدارتها، وهي تلك الكامنة في «جماهير الأمة في العراق ومقاومته الوطنية والقومية والإسلامية الباسلة، ثم في جماهير الأمة الثائرة في عدد من أقطارها أسوة حسنة».
-واعتبر أن العمل الجبهوي حاجة وضرورة بين الجماهير وقواها وأحزابها، داعياً الجماهير لمتابعة النضال: «من خلال قواها الوطنية والقومية والإسلامية»، مستندة إلى «وحدة الصف ووحدة الموقف ووحدة الكلمة ووحدة المسيرة الجهادية الكفاحية ووحدة القتال»، وصولاً «لقيام وحدة الكفاح المسلح»، محذراً القوى والحركات والأحزاب من الاستسلام لأوهام التفرد، لأن التفرد كما يعنيه الرفيق الأمين العام يفرط بالقضية، لذلك يقول: «لا يظنن أحد (أنه قادر) لوحده للنهوض بهذه المهمة».
-وعلى أساس تلك الشروط والقواعد دعا «كل القوى التقدمية التحررية المناضلة، إلى الاستجابة فوراً إلى هذه الضرورة المبدأية الاستراتيجية الملحة لإنقاذ الأمة».
وكما كان جريئاً في نقد الحزب الذي يتبوأ أمانته العامة، كان واضحاً في تحديد الأخطاء التي وقعت فيها بعض الأحزاب والحركات وبعض رجال الدين، وكانت إشاراته واضحة للأطراف التالية:
-الحزب الشيوعي العراقي: لم ينس وعي قطاع من الشيوعيين لمهماتهم التاريخية، ووقوفهم في صف المقاومة، حذَّر من مصير الحزب الشيوعي العراقي «الذي تدحرج إلى أسفل السافلين من الخيانة والعمالة».
-حركة الإخوان المسلمين في العراق أولاً وفي بعض أقطار الأمة، حيث «تهاوت وتدحرجت وذهبت بعيداً»، ودعاها إلى تصحيح «انحرافها».
-علماء الدين والشريعة: مستثنياً الخيرين منهم، اتهم الأكثرية التي لم يحرك أحد منهم ساكناً لما جرى في العراق، باستخدام سياسة المكاييل المزدوجة المتمثلة بما وصفه الأمين العام بالتالي:
-سكتوا سكوتاً مطبقاً عما جرى من جرائم في العراق، وعما يجري. تلك الجرائم التي شارك بارتكابها الاحتلال الأميركي  والاحتلال الفارسي البديل، وعملاؤهما المشتركون.
-وفي المقابل «أقاموا الدنيا ضد النظام السوري ولم يقعدوها».

ثالثاً: الموقف من الانتفاضات الشعبية العربية:
صلَّت الأمين العام مجهره نحو الحدث التاريخي المتمثل بانتفاضات الجماهير العربية في أكثر من مكان، وأكد على عاملين متلازمين، وهما:
-الوقوف إلى جانب الشعب بتأييد حقوقه المشروعة على قاعدتيْن اثنتين:
-«الانتفاضة السلمية».
-و«رفض تجييش الجيوش» ضد الأنظمة الحاكمة، لأنها تؤدي إلى غزو الدولة «ومحو شعبها من الأرض كما حصل في العراق وليبيا... ».
وأكَّد، في نهاية خطابه، أن  البعث والمقاومة هما «مع جماهير الأمة ومع انتفاضاتها وثوراتها ... ضد الحكام الطغاة البغاة الفاسدين»،  لكنه حذَّر بشدة من  أن «تتخذ هذه الانتفاضات والثورات وسيلة وغطاء لمزيد من السيطرة الاستعمارية على أمتنا والى مزيد من نهب ثرواتها واستباحة أرضها وانتهاك حرماتها»، وطالب الثوار بالحذر «أشد الحذر من المؤامرة التي تجتاح الأمة اليوم»، وذلك بـ«تقسيمها وتفتيتها».

ليست هناك تعليقات: