عيد
تحرير جنوب لبنان محطة تضيئها دماء الشهداء:
نحتفل، كما في كل عام، بعيد تحرير جنوبنا الغالي،
ونعتبره يوماً مجيداً أحرز فيه اللبنانيون نصراً كبيراً على العدو الصهيوني.
في مثل هذا اليوم من كل عام، بل في كل يوم، نتوجه
بالتحية والإكبار للشهداء الذي قدموا أرواحهم مهراً لوطنهم وأرضهم، ونعلنها
باستمرار (الشهداء أكرم منا جميعاً) وهو الشعار الرمز الذي أطلقه صدام حسين، شهيد
البعث والأمة العربية.
نحتفل بعيد التحرير الثاني عشر ونحن نترقَّب أن يترافق
بعيد آخر وهو اتخاذ قرار بتنمية المناطق المحرَّرة ولكن هذا القرار حتى ولو أعلنت
عنه بعض الحركات، إلاَّ أنه ما يزال قراراً نظرياً ولم يأخذ طريقه للتنفيذ حتى
الآن.
لن نتوسع بتعداد فوائد فعل التنمية لأنه واضح وبيِّن،
لأن الأرض إذا تحررت من قبضة العدو الصهيوني ولم يتم تحرير سكانها من عبء الإهمال التاريخي
في شتى نواحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية وتأهيل البنى التحتية فكأننا أنجزنا
نصف المهمة وأهملنا نصفها الثاني.
عندما قدَّم المناضلون أرواحهم، وقدَّم الجرحى دماءهم،
وقدَّم المعاقون جزءاً من أعضائهم، وقدَّم الأسرى حريتهم، فإنما قدَّم كل منهم
حصته من أجل طرد العدو من أرض الوطن المقدَّسة، لا لكي تقع تحت احتلال إرادات ذوي
القربى وأهوائهم ومصالحهم، بل ليقدِّم ذوو القربى بعض العرق والسهر والهتاف
والاحتجاج لاستعادة الإنسان في الجنوب إلى حاضنته الوطنية بأن يرى حقوقاً له طالما
ظلَّت مهدورة ومباحة لأصحاب المصالح الضيقة والمصالح الفردية.
وكما يتوجَّه أبناء لبنان عامة، وأبناء الجنوب والبقاع
الغربي خاصة، بأسمى آيات الاحترام لأرواح الشهداء، ودماء الجرحى، وعذابات
المعاقين، وذكريات الأسرى المرَّة، فإنهم يتطلعون كل عام إلى رؤية الأرض المحررة وقد
غزتها جحافل وُرش التنمية لتبنى الجنوب الصامد بأبنائه. وأبناء الجنوب لن يستطيعوا
الصمود إذا لم يجد شبابه عملاً يدرُّ عليهم ثمن لقمة الخبز لملء المعدة، وحبة
الدواء لمكافحة المرض، والمقعد الدراسي للقضاء على الأمية. هؤلاء الشباب الذين
يدافعون عن المصنع الذي يعملون فيه، والأرض المعطاء التي يزرعونها فتكافئهم بوافر
من خيراتها، والمدرسة التي تحتضن أطفالهم.
نستعيد ذكرى تحرير الأرض هذا العام من العدو الصهيوني
الغاصب، ونحن نتطلع للعام القادم لعلَّه يحمل إليها بشرى البدء في أكثر من مشروع
تنموي لتكتمل الفرحتان: فرحة تحرير الأرض من العدو الغاصب مع فرحة تحرير الإنسان
من الفقر والبطالة والجهل.
كما أن إنسان الجنوب معطاءٌ بالروح والدم، وكان الخزان
الأساسي لكل مقاومة في وجه العدو، فإن أرضه لو غزتها قرارات التنمية فإنها ستكون
الخزان الرئيسي لإنتاج زراعي يسد القسم الأكبر من احتياجات لبنان الزراعية. فيا
ليت من له أذنان من المسؤولين تسمع، فليسمع. ويا ليت من له يدان تزرع فليزرع. ويا
ليت من له مقدرة على التصنيع فليصنع.
وإذا كانت الأرض قد تحررت بفعل تضحيات الجماهير الذين
دفعوا من أرواحهم ودمائهم، فعلى أكتاف الجماهير يقع أيضاً عبء الضغط على كل مسؤول
من أجل توفير شروط التنمية الاجتماعية والاقتصادية. وساعتئذٍ سنرحب بـ(ربيع جنوبي)
زاهر فيه ما يعيد عقد زواج وطني بين المواطن والأرض.
(طليعة
لبنان الواحد)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق