التنسيق
الإيراني الأميركي حول احتلال العراق كان جاهزاً قبل الاحتلال
وتجربة المعارضة العراقية تتكرر (في
ثورات) ما يُسمى (الربيع العربي)
لإعادة التذكير بدور إيران ودور
المعارضة المرتبطة بالخارج نعيد نشر مقطعين من الفصل الثالث من كتاب (المقاومة
الوطنية العراقية: الإمبراطورية الأميركية، بداية النهاية) المنشور في
حزيران/ يونيو 2004.
وهذا نص
المقطعين:
ثانياً:الدور الإيراني
والحسابات الخاطئة
لما كانت بعض أطراف المعارضة العراقية، سابقاً، ذات
ارتباط مع بعض دول الجوار الجغرافي للعراق، وتحديداً إيران، فمن الممكن أن نلقي
الضوء على الدور الإيراني في التنسيق مع الإدارة الأميركية، قبل احتلال العراق
وبعده:
عقدت إيران اتفاقيات استراتيجية مع الإدارة
الأميركية بصفقة واحدة شملت أفغانستان والعراق معاً، ومما انكشف من تلك الأسرار
ننقل ما ورد من تصريحات وزَّعها المسؤولون الإيرانيون هنا وهناك في وسائل الإعلام،
وشتى المناسبات، ومنها:
أعلن محمد على أبطحي نائب
الرئيس الإيراني للشؤون القانونية والبرلمانية أن بلاده قدمت الكثير من العون
للأمريكيين في حربهم ضد أفغانستان والعراق، وأكَّد أنه »لولا التعاون الإيراني لما
سقطت كابول وبغداد بهذه السهولة«.
وتابع : »لكننا بعد أفغانستان حصلنا على مكافأة وأصبحنا ضمن محور الشر، وبعد العراق
نتعرض لهجمة إعلامية أمريكية شرسة«([1]).
أعلن رئيس مجلس تشخيص مصلحة
النظام، علي أكبر هاشم رفسنجاني، في خطبته بجامعة طهران: أنّ »القوات
الإيرانية قاتلت طالبان، وساهمت في دحرها، وأنّه لو لم تُساعد قوّاتهم في قتال
طالبان لغرق الأمريكيون في المستنقع الأفغاني«. وتابع قائلاً: »يجب على أمريكا أن تعلم أنّه لولا الجيش
الإيراني الشعبيّ ما استطاعت أمريكا أنْ تُسْقط طالبان«([2]).
أفاد العديد من المسؤولين
الأمريكيين والإيرانيين عن وجود اتصالات وتعاون بين الطرفين بشأن الحرب في
أفغانستان، ومنها:
1-أكَّد نائب رئيس مجلس الشورى الإيراني الإصلاحي محسن أرمين عن
وجود اتصالات مباشرة بين الولايات المتحدة وإيران، في أنقرة ونيقوسيا وتناولت
خصوصا مسألة أفغانستان([3]).
2-ذكرت صحيفة يو إس إيه
توداي أن إيران مهتمة بإعادة العلاقات الدبلوماسية بينها وبين الولايات المتحدة.
وما قالته مستشارة الأمن القومي، كوندوليزا رايس، في مقابلة مع إحدى وكالات
الأنباء أن الأمم المتحدة قد قامت بتيسير اتصالات بين الولايات المتحدة وإيران
بصورة منتظمة، لمناقشة مسائل عملية كانت تتعلق أصلاً بأفغانستان، ثم اتسع نطاقها
لتشمل العراق.
3-ما قاله نائب الناطق
الرسمي باسم وزارة الخارجية الأميركية، فيليب ريكر: »جهود التحالف في أفغانستان
التي تمكنا بها من التباحث مع إيران« ]موقع
وزارة الخارجية الأمريكية على شبكة الإنترنت[.
4-أعلن الناطق باسم الخارجية والاستخبارات الإيرانية علي يونسي عن
أن هناك شكلاً من أشكال الدعم تقدمه إيران للولايات المتحدة. وأعلن د. محسن رضائي
الأمين العام لمجمع تشخيص مصلحة النظام في إيران من فضائية الجزيرة ]بلا
حدود 25/7/2002م[ أثناء العدوان، حين قال: »إن
الخلاص منه (المستنقع الأفغاني) يجب أن يمر عبر إيران«، وإذا وصلت أميركا إلى طريق مسدود في أفغانستان فإيران طريق جيد،
وإيران يمكن بشتى الطرق أن تحل هذا الطريق.
5-وما قامت به إيران في
العراق عندما تطوَّعت لتشكل جيش العراق من محازبيها سواء من العراقيين أو
الإيرانيين المهاجرين إلى العراق، وبدعم مباشر من ضباط وعناصر الاستخبارات
الإيرانية والباستيج الذين تدفقوا ـ وما زالوا يتدفقون- إلى العراق دونما رقابة,
وبطرف مغمض من المحتلين الأمريكيين والبريطانيين([4]).
6-لإيران أطماع في العراق تعمل من أجل تأمينها
بالتسلل عبر عملائها المعروفين: حزب الدعوة الإسلامية، والمجلس الأعلى للثورة
الإسلامية في العراق وجناحها العسكري (فيلق بدر الذي أسسته أجهزة الاستخبارات
العسكرية الإيرانية من الهاربين من العراق، أو من الأسرى العراقيين لدى إيران من
الذين استجابوا لإغراءات الإيرانيين وضغوطاتهم). ويبرز دور إيران في العراق من
خلال إسهامها بتدمير البنى التحتية: العسكرية والتعليمية والصحية، بحيث أن »كل
المُعدّات الإنشائية الثقيلة والمصانع الحربية والمدنية والمكائن الثقيلة فككّت
وُنهبت ونقلت إلى إيران. باعها الأكراد لإيران بأسعار بخسة، سوية مع جماعة الحكيم
وحزب الدعوة. مئات الألوف من السيارات والشاحنات وشاحنات الأحواض والكومبيوترات
تمّ تهريبها إلى إيران«([5]).
وبالإجمال شجّعت
إيران »الأحزاب السياسية الشيعية«
في السر والعلن على الاستقواء بالخارج لإسقاط النظام السياسي في العراق خاصة في
جوانبه الوطنية والقومية الجامعة لأنها تحول دون قيام كيانات دينية مذهبية، ودفعت
المجلس الإسلامي الأعلى وحزب الدعوة إلى المشاركة في مجلس الحكم الانتقالي([6]).
وخرجت ، بعد الاحتلال، بأكبر حصة من وليمة ذبح الدولة العراقية([7]).
ثالثاً: إشكاليات والتباسات
حول المعارضة العراقية
إن ما كان يُطلق عليها »المعارضة
العراقية«
لنظام حزب البعث في العراق، تستثير عدة من التساؤلات والإشكاليات والالتباسات. ومن
أهمها:
هل فعلاً تلك المعارضة تحوز على الشروط الموضوعية
المتعارف عليها في تاريخ الأنظمة الديموقراطية أو حتى في الأنظمة الديكتاتورية؟
تعريفاً يُقصَد بمصطلح المعارضة في القانون
الدستوري، وفي علم السياسة، »الأحزاب
والجماعات السياسية التي تناضل للاستيلاء على الحكم… وغالباً ما تُمارَس المعارضة في الإطار الشرعي وضمن المؤسسات
الثابتة…
غير أنها قد ترفض –أحياناً-
النظام السياسي القائم، فتتمرد على قواعده وأصوله، مما يضفي عليها طابع التطرف«([8]).
على صعيد الأهداف: إن أطراف المعارضة
العراقية أطياف عدة (علمانية، وقومية، وشيوعية، وأحزاب سياسية دينية ومذهبية يكفر
بعضها لبعض الآخر)،فهي لا تفرقها أهداف متباينة فحسب، وإنما تتناقض أهدافها أيضاً.
فما هو الجامع المشترَك بين تيارات النظام العلماني والنظام الديني؟ وما هو الجامع
المشترك بين تيارات المذاهب الدينية إذا كان لكل منها أهداف فقهية ومضامين سياسية
تصل إلى حدود التكفير والتكفير المضاد؟
على
صعيد وسائل التغيير: وهنا تُثار عدة من الإشكاليات، ومن أهمها: هل استعانة
المعارضة مع الخارج يجوز أن يكون من المبادئ الديموقراطية؟ أي هل من الحق
الديموقراطي للجماعة أو للحزب المعارض لنظام حكم وطني أن يستعين بالخارج للاستيلاء
على نظام الحكم؟ وهل من الحق الديموقراطي أن يطلب المعارض أن يتدخَّل بلد أجنبي
بقوة عسكرية إلى حدود التواطؤ على احتلال الأرض الوطنية وإسقاط نظام الحكم القائم؟
ليس
تناقض الأهداف السياسية والدينية والمذهبية، بين أطراف المعارضة العراقية سبباً
كافياً لمنع تشكيل ائتلاف بينها في سبيل إسقاط النظام السياسي القائم، لأن أطراف
الائتلاف يتفقون –تكتيكياً حول
هدف إسقاط النظام- على قاعدة تأجيل الصراع بين مشاريعها السياسية المتناقضة إلى ما
بعد إسقاط الحكم. لكن وسيلة التغيير، التي سلكتها »المعارضة
العراقية«
بشتى ألوانها ومشاربها، هي التي تدفع بنا إلى الوقوف عندها من أجل محاكمة شرعيتها.
من
المشروعية الديموقراطية أن يعمل أي طرف وطني للاستيلاء على الحكم على قاعدة
الممارسة في الإطار الشرعي ومن داخل المؤسسات القائمة. وأحياناً قد يكون من
المغفور له أن يسلك طريق التطرف للوصول إلى أهدافه. ولكن أن يستعين طرف معارض
داخلي بطرف آخر أجنبي فعلينا أن ننظر إلى مدى مشروعيته الديموقراطية والوطنية.
جاء
في تعريف الخيانة العظمى ما يلي: »جريمة سياسية
ضد أمن الدولة…
وتشمل التآمر على حقوق المواطنين، وتسليم البلاد للأجنبي، أو خلق حالة من الفوضى
تسهِّل تدخل الدول الأجنبية في شؤون الدولة… وغالباً ما تنص دساتير الدول صراحة على حالات الخيانة العظمى وطرق
النظر بها«([9]).
وقياساً
عليه، وخاصة بما تطبقه الولايات المتحدة الأميركية نفسها حول كل متهم بالخيانة
العظمى، نحصل على تأكيد لا يرقى إليه الشك أن ما تُسمَّى »معارضة عراقية« -بشتى أطيافها
وألوانها- أنها ارتكبت جريمة الخيانة العظمى بحق العراق، للموجبات التالية:
-بعضها:
كمثل المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق، و»فيلق بدر،
وكذلك حزب الدعوة الإسلامية« قامت بالتآمر على سلامة العراق، بأكثر من تهمة ثابتة، بالتعاون مع
إيران التي خاضت حرباً ضد العراق لأكثر من ثمان سنوات. واستكملت وسائلها بالتعاون
مع الولايات المتحدة الأميركية في تقديم معلومات تمس بأمن الدولة العراقية،
وبالتخطيط لاحتلال العراق، والمشاركة في الحرب ضده مع قوى الاستعمار، وتسهيل
احتلاله.
-وبعضها
الآخر: كمثل أحمد الجلبي وحزبه، وأياد علاوي وحزبه، ومحمد بحر العلوم وأكثر من فرد
من عائلته، والحزبين الكرديين (بزعامة طالباني والبرازاني). قام بالتعاون والتنسيق
مع المخابرات الإيرانية والأميركية والبريطانية و»الموساد
الإسرائيلي«،
بشتى الوسائل والسبل. سواء بالتجسس أو التخطيط للحرب ضد العراق، أو المشاركة في
الحرب ضده، وتمكين قوات الاحتلال من إدامة مدة احتلاله…
إن
ثبوت ارتكاب أولئك الفرقاء، جماعات وأفراد وأحزاب، جريمة الخيانة العظمى يعتبر
سبباً وحيداً وإنما كافٍ لمنعهم من حق التلطي بالممارسة الديموقراطية، لأن
الديموقراطية لا تشرِّع الحق بالخيانة العظمى.
([9])
موسوعة السياسة (ج 2): المؤسسة العربية للدراسات والنشر: بيروت: 1981م: ط1:
ص 634: جاء في أسباب تشكيل محكمة الثورة في مصر (1953م) أن الخيانة العظمى تشمل:
الاتصال بجهات أجنبية لغرض الإضرار بنظام الحكم القائم، ومصلحة البلاد العليا. كما
تشمل تمكين الاستعمار بالبلاد. وتشمل أعمال التجسس لحساب دولة أجنبية. أما في
الولايات المتحدة الأميركية فهناك إجراء اتهامي يتَّخذه الكونغرس ضد رئيس الدولة
أو نائبه…
في حال إقدام هؤلاء على خيانة عظمى، أو رشوة، أو جريمة، أو أي عمل يشكل مساساً
بأمن الدولة ومصلحتها العليا.
هناك تعليق واحد:
بهذا النهج الانحرافي والريغالي ،، اصبحت ايران والمعارضة العراقية المثل الذي يحتذى ، لبيع الاوطان وتسليمها للامبريالية ،، اول من استفاد بهذه التجربة الفزة ، الليبيين ، سلموا ليبيا ودفعوا 100 مليار دولار بخشيش للناتو ولعلي بابا الامريكاني ،، احزاب الاحتلال بالعراق دمرت ونهبت ما فوق 700 مليار دولار ؟! فيلم امريكي ابطاله ا لاعراب ومخرجيه الصهاينة...
يا للكارثة..... اننا بأ سوء مرحلة تاريخية من تاريخنا.
متابع
إرسال تعليق