الثورة أعلنت من الموصل أن بغداد على طريق التحرير
(كش مالكي) يعني (كش إيران) و(كش
أميركا)
في 11/ 6/ 2014
عندما يظهر الواقع جلياً واضحاً تصبح طريقة
التحليل والاستنتاج من دون فائدة. وهذا ما هو عليه وضع الثورة العراقية في هذه
اللحظة. الثورة التي فاجأت الجميع بنتائج أعمالها الفائقة الأهمية في الموصل منذ
قبل أربع وعشرين ساعة من الآن. وعندما نقول أعمالها الفائقة الأهمية فإنما نعبِّر
عن المشاعر التي تنتاب حكام أميركا وإيران معاً. تلك المشاعر التي عبر كل منهما
عنها. إنها كانت صفعة قوية أقلقت مضاجعهما، إذ أنهما شاهدا عمليتهما السياسية
تنهار في ساعات، وليس في أيام، ما قاما ببنائه في سنوات. وأصبحت (العملية
السياسية) (خيبة سياسية) لن يستطيعا إحياءها مهما بذلا من جهد وعنتريات، ومهما
رفدا (المالكي) المسكين بكل أنواع العتاد الاستراتيجي العالي الجودة، والعالي
(الذكاء). ومهما سرَّب النظام الإيراني من ميليشيات (غوغائية) إلى أرض العراق
لإعادة إحياء ما أماتته الثورة العراقية من مؤسسات عسكرية وأمنية وسياسية.
إنها الدائرة الجهنمية المغلقة التي دوَّخت
عقول مخططي مشاريع الشر في أميركا وإيران. وهذه الدائرة تقوم على قاعدة: من يحمي
مصالح من؟
احتلت أميركا العراق لكي تضمن مصالحها،
وتحمي مصالح إيران، وكلاهما أعلنا حمايتهما لـ(العملية السياسية) التي تولى
إدارتها نخبة من الخونة العراقيين. ولكن أميركا خرجت مهزومة وتركت العبء على
حليفيها: إيران والخونة. ونام الناطور الأميركي عن شواردها بعد أن درَّب وسلَّح
(الجيش الحكومي المليوني). وعقد معه الاتفاقيات العسكرية إعلاناً منه أنه سيحمي ما
بناه. وبدوره أعلن النظام الإيراني خيمة حمايته السياسية والأمنية على تلك
العملية، وتسلَّم مقاليد التوجيه والإدارة والفتوى لعملائه، وخيَّرهم بين أن
يخلصوا له فيبقون على رأس سلطة الفساد والسرقة، وبين أن يتلكأوا فيخسرون السلطة
والسرقة معاً لأنه في قاموس عملاء الاحتلال يؤمنون بأنه (لاسرقة من دون سلطة). لقد
انصاعت نخبة الخونة للأمر وعينوا في المراكز العسكرية والأمنية والاقتصادية والسياسية
كل من بنفسه شبق للفساد. وتحولت الوظائف في المواقع الأمنية والعسكرية من مهنية وطنية
إلى مورد للسرقة والتشبيح. وبقي الجنود والمراتب الصغرى في تلك المؤسسات في دائرة
العرض والطلب. السلطة تعرض أنها تحتاج إلى من يحميها، ومن يستطيع الحماية هو بحاجة
للقمة العيش. وعلى هذه العقيدة تم بناء المؤسسات العسكرية والأمنية. ولما فقد
الملتحقون إلى تلك المؤسسات عقيدة حماية المواطن وحماية الوطن، من المراتب الصغرى
حتى أعلاها، تحولت إلى شرانق خيوطها أوهى من خيوط العنكبوت. وهي عرضة للتفسخ في
مواجهة أي نسمة من الهواء.
وما جرى في الموصل كان البرهان الأكيد على
أن من يبني مؤسسة عليه أن يبنيها على عقيدة وطنية، وليست عقيدة معيشية فحسب، سيحصد
منها الهروب في أي فرصة تتاح لمنتسبيها. وهذا ما أثبتته وقائع ما جرى من تداعيات
بعد الموصل، في محافظة نينوى وصلاح الدين. وهذا هو مصير القطعات الأخرى في كل مكان
لم تصل الثورة إليه بعد.
في مجرى الواقع الراهن، وعلى أنموذج لعبة
الشطرنج، لقد انهارت قلاع (المالكي) وأحصنته، وأفياله، قبل انهيار الجنود. مع أن
العكس هو الذي يحصل في لعبة الشطرنج. وهذا مصداق لكل التوقعات التي تنظر إلى أن
خيمة المالكي بدأت تتقوض منذ اللحظة التي فقد فيها المنتسبون قضيتهم بالولاء للوطن
والمواطن، واستبدلها بعقيدة الولاء للقمة العيش ولأولياء أمرهم في الطائفية
والمذهبية.
وأخيراً نقول: ما لعاقل أن يتأخر عن الفهم،
إذ عليه أن يفهم أنه بعد أن انهارت المنظومات الدفاعية التي أهَّلها الثنائي
الأميركي – الإيراني لحماية
(العملية السياسية) لا يجوز إلا أن نقول: (كش مالكي). ومن المنطقي أن نقول لأوباما
وروحاني: (كش أميركا وإيران).
وفي الوقت ذاته نخاطب الدول الأخرى خارج هذا
السرب الثنائي لأن يعيدوا حساباتهم بالنسبة لمفاعيل الثورة العراقية ومستقبلها في
تحرير العراق وإعادة بنائه على قواعد التكافؤ بالمصالح بين عراق الغد وبين مصالح
دولهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق