قراءة هادئة في مشهدية الثورة
العراقية الساخنة
عليك أن تضرب الحديد وهو حام،
لأنك إذا تركته يبرد فستضيع الكثير من الوقت لإعادة تسخينه
في 12/ 6/ 2014
إننا منذ أقل من ثلاثة أيام مضت، كنا
مشدودين حتى الاندهاش لمشاهد انتصارات الثورة العراقية التي وإن أعلنت بيانها
الأول من على أرض الفلوجة والرمادي، إلاَّ أن تحرير الموصل كان بداية المسيرة الثورية
التي يبدو أنها لن تنتهي حتى تحرير العراق الشامل والكامل. ومن يقرأ غير هذا
فقراءته ستكون ناقصة بالمنظار الاستراتيجي للمقاومة العراقية. ولكن التحرير الشامل
سيمر بالتأكيد في بغداد قبل أن تمتد نحو الجنوب.
وهنا، ومن خلال مواكبة عاملين في المشهدية
الراهنة، وهما: المزيد من الانتصارات يعطي للثوار دفعاً معنوياً كبيراً. والمزيد
من الانهيار النفسي في مؤسسات حكومة المالكي الأمنية والعسكرية. هذا غير أن مشهدية
أقطاب (الخيبة السياسية) تؤكد أن (العملية السياسية) أصبحت من آخر همومهم، فهم
الآن يضبطون ساعاتهم على مواقيت وصول الثوار إليهم حتى يلوذوا بالفرار. وحادت
نظراتهم عنها وأخذت تتركز على الكيفية التي سيصرفون على أنفسهم ما سرقوه من دماء
العراقيين وما سرقوه من ثروات العراق.
إننا الآن نبني حساباتنا في الاستنتاج
والتوقع على هذين العاملين، وليس غيرهما من العوامل الأخرى، كمثل التساؤل عن حجم المدد
الذي ستوفره الإدارة الأميركية والنظام الإيراني من أجل إنقاذ حلافائهما.
إن التساؤل عن حجم هذا المدد أصبح من دون
معنى، لأنه إذا كان المدد الأميركي والإيراني سيحمي حكومة نوري المالكي، فكان
الأحرى بهما أن يحميا نفسيهما في العراق عندما وضعا ثقلهما بحدوده القصوى قبل أن
تعلن أميركا إفلاسها من السيطرة على العراق. ووضع النظام الإيراني كل ثقته بوضع
حكومة المالكي ومؤسساتها العسكرية.
وعلى الرغم من أن أي مدد جديد لن يوقف عجلة
الثورة، وإذا كان هناك من مدد أميركي وإيراني سيتم تقديمه لإنقاذ (الخيبة
السياسية)، فهذا لن يحصل في مدة أيام أو حتى أسابيع، وهذا ما سنبني توقعاتنا على
أساسه.
وعلى هذا الأساس نرى أنه إذا لم تكتمل عملية
تحرير بغداد في هذه المرحلة، ضمن ظروف ومواقع كل من حكومة العمالة من جانب، ومواقع
الثورة من جانب آخر، ستفقد الثورة جزءاً من العوامل التي تصب في مصلحتها الآن، وفي
المقابل ستكتسب حكومة العمالة قوة إضافية لمصلحتها.
إن الثورة الآن في مرحلة انتعاش نفسي لا
يمكن قياسه، ومؤسسات المالكي في مرحلة انهيار نفسي تام، وهذا ما نحسب أنه يؤيد
استنتاجنا بأن الثورة ستستمر ولن تتوقف قبل تحرير بغداد. وهذا ما يحدو بنا إلى
القول بأننا لا يجوز ترك الأفعى تتلوى قبل القضاء عليها، لأنها ستستعيد شيئاً من
قوتها. فلا مجال من القضاء عليها بعد إنهاكها كما هو حاصل اليوم. وكما أنه لا يجوز
أن تعطي فرصة للثور المنهك ليلتقط أنفاسه، بل أجهز عليه وهو منهك. وكذلك عليك أن
تضرب الحديد وهو حام، لأنك إذا تركته يبرد فستضيع الكثير من الوقت لإعادة تسخينه.
وأخيراً تبقى استنتاجاتنا محض نظرية، لأننا
لا نستطيع ملامسة ظروف الواقع والإمكانيات والحسابات، وإن المناضلين الذين قادوا
عملية المقاومة منذ البداية، أدرى بشعاب واقعها وظروفها وإمكانياتها، خاصة أنها أثبتت
بما لا يرقى إليه الشك بقدرتها وحكمتها على قيادة سفينة الثورة إلى شواطئ النصر
والتحرير.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق