الأحد، يونيو 22، 2014

الرفيق حسن خليل غريب في ندوتيْ صيدا وجب جنين:



الرفيق حسن خليل غريب في ندوتيْ صيدا وجب جنين:

تحرير محافظات الأنبار تمهيد لتحرير بغداد

وتحرير بغداد تمهيد لتحرير جنوب العراق

المجتمعون في الندوتين يوجهان برقية تأييد للثورة العراقية وتثمين لإنجازاتها الثورية وانتصاراتها السريعة

دعا حزب طليعة لبنان العربي الاشتراكي في لبنان إلى حضور ندوتين للتعريف بالثورة العراقية المباركة، تحت عنوان (العراق إلى أين في ظل اندلاع الثورة الشعبية المسلحة).
-في الندوتين حاضر الرفيق حسن خليل غريب، عضو اللجنة الإعلامية لدعم الثورة العراقية:
-حضر في ندوة صيدا، التي عقدت مساء يوم الجمعة في 20/ 6/ 3014، أمين سر فرع الجنوب وعدد من أعضاء قيادة الفرع، وبحضور الكوادر في الحزب، وحضور الرفيق حسين الرميلي مسؤول ساحة لبنان لجبهة التحرير العربية، وعدد من كوادرها، وحشد من الجماهير الشعبية. وقام الرفيق صادق شعيب بتقديم المحاضر بعد أن تناول أهمية اندلاع الثورة الشعبية المسلحة في العراق، وتداعياتها الإيجابية على العراق والساحة العربية.
-وفي ندوة جب جنين، التي عقدت في الساعة الخامسة من بعد ظهر السبت بتاريخ 21/ 6/ 2014، حضر أيضاً حشد من الجماهير الشعبية وعدد من الشخصيات وممثلي الأحزاب الوطنية اللبنانية. كما حضر عدد من الرفاق أعضاء القيادة القطرية، وعدد من كوادر حزب طليعة لبنان العربي الاشتراكي.

بعد أن رحَّب الرفيق محسن يوسف عضو قيادة فرع البقاع لحزب طليعة لبنان العربي الاشتراكي بالذين حضروا ندوة جب جنين، وأشاد بإنجازات الثوار العراقيين دعا الرفيق عبده شحيتلي، عضو القيادة القطرية للحزب، لتقديم الرفيق المحاضر. وبدوره، وبعد أن عدَّد أهم إنجازات الثورة العراقية المشتعلة الآن في معظم أنحاء العراق، قدَّم الرفيق شحيتلي الرفيق المحاضر بصفته عضو اللجنة الإعلامية لدعم الثورة العراقية.
وهذا النص الحرفي للمحاضرة:
أيتها السيدات
أيها السادة
يشرفني للمرة الثانية أن ألتقي بكم في بلدية جب جنين، وأتوجه لكل إخوتنا في هذه المدينة الأبية بتحية التقدير والاحترام، عبر رئيس بلديتها الأستاذ شرانق. كما أتوجه بالشكر لكل الحاضرين من ممثلي أحزاب وهيئات اجتماعية، ومن شخصيات مستقلة.
جئت إليكم قبل سبع سنوات وكان زادي في تلك المرحلة مجموعة من الاستنتاجات عن وضع العراق تحت الاحتلال، قارئاً الأحداث التي لم يكن يتسرب منها إلاَّ القليل لوسائل الإعلام بسبب الحصار الإعلامي. وكل ذنبها أنها مقاومة عربية كانت تسجل للتاريخ العربي صفحات مشرقة.
في تلك الندوة كنت مستقرئاً الأخبار على قلَّتها، كما كنت أفعل في كل ما كتبت عن المقاومة العراقية. ولعلَّ الكثيرين كانوا يحسبون أن استنتاجاتنا لم تكن أكثر من كلام إنشائي وتعبوي، كما كان يظن البعض أن ذلك الكلام يستند إلى نزعة عصبوية يفرضها انتمائي الحزبي.
أما اليوم فجئتكم حاملاً الخبر اليقين، والدليل القاطع، على أن ما كنا نقوله لم يكن إنشاء، كما لم يكن كلاماً تعبوياً. لذا يسرني أن أعلن الآن بأن المقاومة العراقية قد ترجمت منهجها السياسي إلى واقع لا يستطيع حتى الحاقدون أن ينكروه. لقد بدأت الثورة الشعبية العراقية تحقق الانتصار الكبير، وها هي تقف على أسوار بغداد تحاصر ما تبقى من ذيول احتلال مباشر، كما تحاصر كل من ناب عن الاحتلال في خيانة وطنه وأرضه وقومه.
قبل هذا الإعلان الذي أخذ يملأ آذان العالم كله، غرَّد المحللون ونقلة الأخبار من الذين يتعاونون مع الإدارة الأميركية والنظام الإيراني، مبشرين بولادة متغيرات جديدة، موجزها أن الحوار الإيراني الأميركي أدى إلى تفاهمات سيقتسمون على أساسها ومقاييسها جلد الطريدة العربية، فأخذوا يوزعونها حصصاً بين دول الإقليم والدول الأجنبية الأخرى. ولم يستفق المحللون على أن ا توصلوا إليه من نتائج لهو محض خيال غير واقعي، إلاَّ بعد أن شاهدوا النتائج على أرض الموصل.
أيتها السيدات
أيها السادة
هنا أستذكر ما جاء في كلامي في ندوتي السابقة على هذا المنبر منذ سبع سنوات، وهذا هو النص الحرفي لما جاء في الندوة المذكورة: (على جميع القوى أن تضبط ساعتها على قرار المقاومة الوطنية العراقية). وخلافاً لذلك، فإن القلة هم الذين قرأوا جيداً في استراتيجية المقاومة العراقية، بينما الآخرون لم يعيروها اهتماماً، وكأن البعث الذي أسس تلك المقاومة وقادها، أصبح بحساباتهم  جزءاً مهملاً من التاريخ، لذلك انساقوا للتسابق في رسم سيناريوهات لمستقبل العراق ولمستقبل الأمة العربية بعد احتلال العراق. ولأن قراءاتهم كانت خاطئة فقد توصلوا لاستنتاجات خاطئة. وهذا ما كان يدور على المسرح الدولي والإقليمي حتى أسبوع سبق الحدث الأكبر في مدينة الموصل.
لذا أبدأ الآن من حيث انتهيت في تلك الندوة. وأعيد التذكير بما ورد في نصها حرفياً: (على جميع القوى أن تضبط ساعتها على قرار المقاومة الوطنية العراقية). وهل كان هذا المقطع من دون أصول وأسباب وبراهين؟
لم يكن ذلك الاستنتاج أمنية، بل كان يستند إلى أسباب موضوعية، وإلى وقائع لم تكن تصل إلى مسامع الرأي العام، ومن أهم تلك الأسباب أن البعث منذ تأسيسه كان يؤمن بأهمية الكفاح الشعبي المسلح في مقاومة الاستعمار والصهيونية من جهة، وأنه من جهة ثانية بدأ بتطبيق هذه الاستراتيجية في العراق بواسطة مقاومة شعبية كان قد أعدَّ لها مستلزماتها.
ففي بداية احتلال العراق، كانت رقعة الاحتلال تتمدد وتتعمَّق، وكأن الأميركيين دخلوا بغداد لا لكي ينسحبوا منها، وعلى تلك القاعدة أخذت كل الأوساط الأخرى، باستثناء المقاومة العراقية، تبني سيناريوهاتها. وظلت تلك السيناريوهات مستمرة حتى الأمس القريب.
وعلى العكس من كل تلك الحسابات، وبحركة عكسية لما حصل في بداية الاحتلال، أخذت رقعة الاحتلال تتقلص تحت تأثير ضربات المقاومة العراقية، تلك الضربات التي أرغمت الاحتلال الأميركي على إعلان الهزيمة وانسحاب قواته المقاتلة في أواخر العام 2010. ولكنها في المقابل سلَّمت زمام الأمور، من أجل إدارة مصالحها في العراق للنظام الإيراني، على أن تدير الأوضاع فيه عملية سياسية يتبادل المسؤولية فيها عراقيون، معظمهم ينتسبون للعراق ببطاقات هويات مزوَّرة، والبعض الآخر خان وطنه وشعبه عندما عاد إلى العراق على دبابة أميركية، أو عاد تحت مظلة أمنية وسياسية إيرانية.
لقد كان هؤلاء وأولئك يلبسون ثوب المعارضة العراقية التي هجرت وطنها بسبب ما زعموا أنها ديكتاتورية النظام الوطني في العراق. واتخذوا ذريعة إسقاط الديكتاتورية لكي يبرروا خيانتهم لوطنهم.
ولهذا وعلى على وقع الاطمئنان بتثبيت مواقع الاحتلال، على أن تحرسه حكومات عراقية غير شرعية، استرخت الإدارة الأميركية، وحليفها النظام الإيراني، إلى واقع الهيمنة على العراق. وبدأ ذلك الوهم يتجذَّر بعد أن أسبغ التحالف المذكور صفة الشرعية على الحكومات العراقية التي توالت على حكم العراق بعد الاحتلال. وقد دافع ذلك التحالف عن شرعيتها متذرعين بأكاذيبهم أنها تشكلت بعد انتخابات شعبية. ولكنهم تجاهلوا القاعدة الأساسية في القانون الدولي التي تنص على أن ما بُني على باطل فهو باطل، ولأن الاحتلال باطل فالحكومات التي قام بتشكيلها هي باطلة قانوناً.
أيتها السيدات
أيها السادة
لم يبق من مهزلة  الانتخابات إلاَّ الشكل، إذ راحت تلك الحكومات تعيث فساداً وتآمراً على مصالح الشعب العراقي حتى أُتخمت جيوب المسؤولين وأبنائهم وأنصارهم بمليارات الدولارات، ومن جهة أخرى راح كل منهم يغطي على جريمة استباحة ثروات العراق من قبل الأميركيين والإيرانيين.
لم تستطع المؤسسات الدولية، وحتى منها الإدارة الأميركية بشكل خاص، والمؤسسات الدولية والإنسانية الأخرى، أن تغطي وتبرر جرائم الفساد والسرقة والنهب. كما لم تستطع أن تغطي جرائم الأمن والفساد الإداري والسياسي والخدماتي. حتى إنه لم يبق للعراقيين سوى أقل من لقمة الخبز، وهذا من أشد الجرائم التي يرتكبها مسؤول بحق الشعب الذي يحكمه.
ولكن بعد مرور إحدى عشرة سنة من الاحتلال، كانت صورة ما زعموا أنها حكومة شرعية تهتز. بينما هي حكومة أقل ما يقال فيها، أنها تمثل قمة الخيانة العظمى التي ارتكبها المسؤولون فيها من جهة، وهي تمثل قمة الفساد واللصوصية من جهة أخرى.
كما أنه في الوقت الذي استرخت فيه الإدارة الأميركية والنظام الإيراني وحسبا أنهما سيطرا على العراق ومحضا حكومة المالكي كامل ثقتهما، كانت المقاومة العراقية ماضية في استكمال مشروع التحرير.
فكيف كان واقع عمل المقاومة العراقية بعد الهزيمة الأميركية؟
بعد الانسحاب الأميركي من العراق، في أواخر العام 2010، أصبحت المقاومة العراقية في مواجهة واقع جديد وظروف جديدة. فمقاومة المحتل الأميركي لم تكن تتطلب جهداً لمعرفة العدو لأنه كان مرئياً بالعين المجردة، وأما بعد اختفاء الجنود الأميركيين من الشوارع، خفت صوت العمليات العسكرية  المباشرة لأنه قلَّ وجود العدو الأميركي المنظور، بينما الوجود الإيراني كان مخفياً في بدلة الميليشيات العراقية الموالية له. لذا أصبحت المقاومة في مواجهة عملاء الاحتلال مباشرة، ففيهم المسؤول السياسي والعسكري والأمني تحميهم قطعات مما سُميت بقوات الشرطة أو الجيش الحكومي.
وكان في داخل هذه المؤسسات، التي عمادها من العراقيين من هو مضلَّل، ومن هو جاهل لما يحصل، ومن هو يريد أن يوفر لقمة العيش لعائلته. وباختصار، وباستثناء رؤية المسؤولين الضالعين بالجريمة، فإن الواقع في مؤسسات الدولة كانت خليطاً من المجرمين والأبرياء، لا تستطيع أن تفرز المجرم من البريء إلاَّ عين دقيقة. ومن هنا كانت المواجهة العسكرية ضد المؤسسات الحكومية مغامرة محفوفة بالوقوع في الكثير من الأخطاء التي تؤلب الرأي الشعبي العام ضد المقاومة، وهي بدلاً من أن تؤدي مهمة تصب في مصلحة تحرير العراق، فإنها ستُصاب بخسارة التأييد الشعبي لها. إن هذا الخوف كان مرده إلى تجربة بعض الفصائل الدينية المتطرفة التي انخرطت بمقاومة الاحتلال، التي ولأنها ارتكبت الكثير من الجرائم بحق العراقيين، وعدا عن أنها شوَّهت صورة المقاومة فقد أساءت للمقاومة كلها. وما استغلال إنشاء الصحوات في العام 2006 إلاَّ نتيجة لأخطاء الحركات الدينية المتطرفة.
أيتها السيدات
أيها السادة
لقد تطرقت لتلك التجربة لا لكي أسجل حادثة للتاريخ، وإنما لكي أجيب مسبقاً عن موضوع ما تسمى بتنظيمات متطرفة يزعم الإعلام المعادي للثورة العراقية أنها هي التي فجرت الثورة وتقودها. وليس من هدف لهذا الإعلام إلاَّ أن يثير الخوف في قلوب العراقيين أنفسهم قبل غيرهم. وليعيد إلى نفوسهم الرعب الذي عانوه في المرحلة السابقة التي ارتكبت فيها بعض التنظيمات الإسلامية أخطاء فادحة بحق المواطنين. وهذا ما سيدفعهم كما يخطط له التحالف الأميركي الإيراني، إلى تشكيل صحوات جديدة تقف بالضد من الثورة الآن كما وقفت الصحوات في العام 2006 بالضد من المقاومة.
إن الغاية مما أقوله الآن هو التالي: إن قيادة الثورة العراقية لن تتجرع كأس التجربة السوداء مرة أخرى. وليكن جوابي هذا حاسماً ليزرع الاطمئنان في النفوس الخائفة والصادقة في تأييدها للثورة العراقية التي تنتشر ألسنتها بسرعة لتحرق بأوارها كل بقايا الاحتلال وعملاء الاحتلال.
ولهذا وتطبيقاً لاستراتيجيتها في إنجاز التحرير الشامل والكامل، كانت التجربة المرة، التي أساءت فيها الحركات الدينية المتطرفة للشعب العراقي في تلك المرحلة، ماثلة في ذهن قيادة المقاومة عندما أخذت تعد لمواجهة المرحلة الجديدة، أي مرحلة ما بعد إلحاق الهزيمة بالعدو الأميركي. لقد أخذت المقاومة بعين الاهتمام منع كل ما يؤذي علاقتها مع الشعب العراقي.
أيتها السيدات
أيها السادة
إن الإعداد للمرحلة الجديدة لم يكن منظوراً بسبب التعتيم الإعلامي المعادي للمقاومة العراقية، بل إن الإعلام المعادي كان يمارس وسيلة غسل أدمغة الرأي العام العربي والدولي، بمنع نشر أي خبر عن المقاومة من جهة، ومن جهة أخرى تعويم المؤسسات السياسية والأمنية للحكومات المتعاقبة التي أنشأها الاحتلال، وغسلها من تهم الخيانة العظمى، وإسباغ صفة الشرعية عليها.
إن هذا التعتيم الإعلامي غير المسبوق، شوَّش الرؤيا عند الأكثرية الساحقة من الرأي العام العربي والدولي، ولهذا فوجئ الرأي العام بحصول ما حصل في الموصل، وفوجئ أيضاً بالسرعة القياسية التي انتشر فيها لهيب المقاومة حتى وصل إلى حزام بغداد بعد مرور أسبوع على انطلاق بداية الثورة المسلحة الكبرى في الموصل. ومن أجل توضيح ما جرى التعتيم عليه من أحداث مرحلة ما قبل الموصل وقبل مرحلة حصار بغداد، سأقوم بإيجاز ما كان يجري من إعداد وتحضير لتلك الثورة. وسأجزئها إلى ثلاث مراحل: ما قبل العام 2013، وهي مرحلة المقاومة ضد الاحتلال الأميركي. وما بعد العام 2013، أي مرحلة بدء الحراك الشعبي. والعام 2014، بدء الثورة الشعبية المسلحة.

-المرحلة الأولى منذ انطلاقة المقاومة ضد الاحتلال حتى العام 2013:
منذ انطلاقة المقاومة العراقية المسلَّحة في 10 نيسان 2003، أعلنت منهجها السياسي في 9 أيلول 2003، وحددت هدفها الأساسي بتحرير العراق من الاحتلال ومن كل إفرازاته، وكل الدول المشاركة فيه، وخاصة دول الإقليم المجاور للعراق. وكانت لها قيادة تشرف على عملياتها العسكرية، وكانت وسائلها العمليات الفدائية ضد قوات الاحتلال الأميركي.
وفي آذار من العام 2004، تشكل المجلس الوطني للمقاومة العراقية الذي يضم كل الفصائل المنخرطة في قتال الاحتلال. لكي يكون اطاراً تنظيمياً يقود عملية المقاومة ويحدد موقفها العسكري والسياسي: وكان من أهم أهدافه:
-رفض مطلق وشامل لمنطق الاحتلال وادواته.
- استمرار المقاومة بكل اشكالها.
- تشكيل حكومة وحدة وطنية انتقالية لمدة سنتين.
-إجراء انتخابات لمجلس وطني.
- تشكيل مجلس شوري.
قرار الدستور الدائم.
-يجتمع المجلس الوطني ومجلس الشوري لانتخاب رئيس للجمهورية ونائب له.
إن الخطوط العامة التي حددها البيان الجبهوي في العام 2004، كانت بمثابة مبادئ عامة ترشد خطوات المقاومة، في المراحل التالية:
-مرحلة بيان (التحرير والاستقلال) الذي أعلن في العام 2006، إثر تأسيس الجبهة الوطنية والقومية والإسلامية.
-ومرحلة بيان (المجلس السياسي العام لثوار العراق) الذي أعلن عن تأسيسه في أوائل العام 2014.

-المرحلة الثانية منذ بداية العام 2013، أي بداية الحراك الشعبي في المحافظات الست.
إن الإعداد لهذه المرحلة، استهلك الكثير من الوقت، وبعد أن اطمأنت المقاومة لتوفير الحدود الدنيا من الاطمئنان، باشرت منذ مطلع العام 2013 بتنظيم سلسلة من الاعتصامات السلمية فيما عُرف بالمحافظات الست استمرت وصمدت لسنة كاملة.
إن المقاومة من خلال ذلك الحراك حققت العديد من الإنجازات كان من أهمها ضمان وجود حاضنة شعبية من جانب، ووجود جبهة ضمت عشرات الفصائل المقاتلة من جانب آخر، هذا عدا عن استقطاب قوة لا يستهان بها من العشائر الوطنية. ولما أثبتت الحاضنة الشعبية صلابتها خاصة أنها وُضعت أمام اختبار مواجهة المجازر التي ارتكبتها حكومة المالكي، وأهمها مجزرة الحويجة. وعلى الرغم من سلمية الحراك في تلك السنة فقد طلب الأميركيون والإيرانيون من حكومة المالكي أن تقوم بإزالتها باستخدام شتى الوسائل لقمعها وأعطت للمالكي الضوء الأخضر.
ولأن الانتخابات العراقية قادمة على الأبواب ولن يمكنه تجديد ولاية ثالثة إذا لم ينجح في اقتلاع خيم الاعتصام، لم ينتظر المالكي طويلاً في تنفيذ أوامر الإدارة الأميركية والنظام الإيراني في الإسراع بتنفيذ الأوامر. وتشير بعض التقارير التي نُشرت على أن قاسم سليماني، الحاكم الإيراني للعراق، أي بول بريمر الأميركي، أصدر أوامره الحاسمة باقتلاع تلك الخيم بشتى الوسائل والسبل. وكان هذا القرار يشكل بداية الانتقال من سلمية الحراك إلى عسكرته. وهذا ما مهَّد للانتقال إلى المرحلة الثالثة.

-المرحلة الثالثة، وهي انطلاقة الثورة الشعبية المسلحة في مطلع العام 2014:
تنقسم هذه المرحلة إلى قسمين يكمل أحدها الآخر، وهما:
-الأول: صمود الفلوجة والرمادي والإعداد لهيكلة مؤسسات الثورة.
-الثاني: تحرير الموصل، والتمهيد لتحرير بغداد.
إن هذين الفصلين يمهدان لـ:
-الفصل الثالث والأخير: وهو تحرير بغداد والتمهيد لتحرير الجنوب.

-الأول: صمود الفلوجة والرمادي والإعداد لهيكلة مؤسسات الثورة.
إنه منذ بدء مرحلة الاعتصامات في المحافظات الست، أعلنت المقاومة العراقية أنها ستقوم بحماية المعتصمين إذا ما لجأت حكومة المالكي إلى استخدام القوة ضدها. وبعد صدور القرار الأميركي الإيراني للمالكي بفض الاعتصامات بالقوة، أعدَّ القوة العسكرية اللازمة منذ أواخر العام 2013، وابتدأ العدوان الحكومي على مدينتي الفلوجة والرمادي. وما أن ابتدأ العدوان حتى كانت المقاومة تفي بوعدها، فواجهت فصائل المقاومة قطعات الجيش الحكومي بوسائل عسكرية. وصمدت المقاومة العسكرية إلى الدرجة التي عجزت فيها القوات المعتدية عن اختراق حدود مدينة الفلوجة، وأما في الرمادي فقد حررت المقاومة المساحة الأكبر منها.
لم يكن بحسابات القوى الآمرة والمتآمرة معاً أن الصمود سيدوم أكثر من أيام قليلة، فالقوات الحكومية استخدمت كل أنواع الأسلحة، ولكنها لم تفلح. وليس هذا فحسب، وإنما أخذت قوات الثورة أيضاً تتمدد في مناطق أخرى، كان آخرها وأهمها منطقة جرف الصخر التي تفصل مدينة بغداد عن الجنوب العراقي. واشتعلت المعارك في مناطق أخرى قريبة من بغداد، وهي تلك المناطق التي تُعتبَر أسوار بغداد بالمصطلح العسكري.
أيتها السيدات
أيها السادة
ترافقت المعارك العسكرية ضد القوات الحكومية، منذ شهر كانون الثاني، مع تأسيس عدد من الهياكل التنظيمية للمقاومة، وهي هياكل لا بد لثورة ما أن تؤسسها لتضمن نجاحها. وتلك المؤسسات هي:
-لجنة إعلامية مركزية، وعشرات اللجان الفرعية في العراق وخارجه، ومهمتها أن تتابع الأحداث وتقوم بتغطيتها بمختلف الوسائل المتاحة، فكان الأنترنت هو الوسيلة الرئيسية لذلك.
-المجلس العسكري العام الذي يضم عشرات المجالس التي تأتمر بخططه وتعليماته. ووظيفة هذا المجلس تشابه ما تسمى بوزارتي الداخلية والدفاع. والغاية من تأسيسه هو أن يملأ كل فراغ أمني يتركه غياب السلطات عن المناطق التي يتم تحريرها.
-المجلس السياسي العام لثوار العراق، وتعداده خمسة وعشرين عضواً يمثلون كل الفصائل المشاركة بالثورة، وهو مخول برسم سياساتها الداخلية، وعلاقاتها الخارجية. ووظيفته ملء أي فراغ سياسي في العراق بعد إسقاط حكومة الاحتلال.
إنه بتأسيس تلك المجالس تكون قيادة الثورة قد أعلنت عن نفسها، وهذا كان يشكل المؤشر الأساسي إلى أنها لن تتوقف. وما كان على المراقب إلاَّ أن ينتظر خطوات جديدة ومكاسب جديدة، ستقوم بها قيادة الثورة تباعاً.
لم يهتم الإعلام الخارجي بما بنته الثورة العراقية، بل مع تنامي عملياتها بدأت وسائل الإعلام الأميركي والإيراني، والإعلام المساند لهما في تشويه صورة الثورة، أن القوة التي يستخدمها إعلام المالكي هي من أجل القضاء على إرهاب (داعش). لقد عمَّموا ذلك لأنهم يعلمون أنهم بإطلاق هذه التهمة يثيرون خوف الرأي العام العربي والدولي. وليس هذا فحسب بل إنه يثير الرعب بشكل خاص في نفوس العراقيين من الذين ذاقوا مرارة تجربة العام 2006،  الأمر الذي قد يدفعهم إلى إنشاء صحوات جديدة تقف ضد الثورة وتقاتلها. ولكن لم تنجح وسائل الإعلام باختراق ما على صعيد التأييد العراقي الشعبي للثورة، وإنما انعكس تأثيره السلبي في خارج العراق فقط.

-الثاني: تحرير الموصل، والتمهيد لتحرير بغداد.
اعتبر المراقبون أن تحرير الموصل كان مفاجأة لهم، وأما السبب فلأنهم قرأوا بشكل خاطئ ما كانت تعلنه المقاومة العراقية، أو أنهم لم يقرأوا تلك الإعلانات على الإطلاق. وهذا ليس بالمستغرب خاصة أن إدارة جورج بوش بعد احتلال العراق اعترفت أنها فوجئت بانطلاقة المقاومة العراقية.
لن أخوض بتفاصيل ما جرى لأن إنجازات الثورة العراقية فرضت نفسها، ولو بشكل جزئي، على معظم وسائل الإعلام. ومن المثير أن أقول، أن إعلام الثورة كان يلهث وراء أي وسيلة إعلامية لكي تنشر شيئاً عن الثورة، ولكن عبثاً كان اللهاث. وأما اليوم، فقد أخذت وسائل الإعلام باللهاث لتحقق سبقاً في مقابلة مع هذا أو ذاك من رجالات الثورة، أو الحصول على تصريح من هذا أو ذاك. ولست أبالغ عندما أقول: إن ما ننتظره من إنجازات أخرى، مخطط لها أن تحصل، ستجذب كل الإعلام العالمي من أجل الحصول على مقابلة أو تصريح من رجالات الثورة وأبطالها.
وهنا لا بدَّ من الإشارة إلى أن الإعلام الموجَّه كان يركز على أن تحرير الموصل قد تم على أيدي (داعش)، وما تزال التعبئة مستمرة على قدم وساق. وأما الغرض من وراء هذه الإشاعات التي يتم ترويجها فأصبحت شبه منحصرة في الإعلام الإيراني ومن يسانده. وأما السبب فعائد إلى أن ما يجري في العراق لهو تهديم لكل الأحلام التي بناها النظام الإيراني من خلال مشاركته لـ(الشيطان الأكبر) باحتلال العراق أولاً، ولأنه أصبح يشكل الاحتلال البديل بعد هزيمة الاحتلال الأميركي ثانياً، ومن هذا الواقع استمرأ النظام الإيراني طعم الهيمنة على العراق واعتبر أن العراق سيبقى مستقراً لأطماعه في بناء إمبراطورية فارسية ثالثاً.
وفي المقابل فقد أعلنت المقاومة العراقية منذ 9 أيلول 2003، في منهجها السياسي الاستراتيجي، أنها لن تسمح لأي دولة من دول الإقليم أن تحقق مصالحها على حساب العراق. وما يزال هذا الهدف معلناً في كل مناهج الثورة، وهذا ما يدفعنا للقول بأن من أهم أهداف معركة تحرير العراق الآن هو تحريره من الاحتلال الإيراني، وأما السبب فلأنه هو بذاته يحمي المصالح الأميركية بفعل تفاهمات واتفاقات بينهما.
أيتها السيدات
أيها السادة
إن هذا الهدف الآن، هو ما لم تكن الثورة تتمناه، لأنها وجهت في السابق الكثير من دعوات حسن النية للقيادة الإيرانية بأن تترك العراق لأهله، وذلك من أجل توفير الكثير من الخسائر المادية والبشرية على الشعبين العراقي والإيراني. وكانت الدعوة الأخيرة للنظام الإيراني قد وجهها الرفيق عزة ابراهيم الأمين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي، والقائد العام لجبهة الجهاد والتحرير والخلاص الوطني، في خطابه الذي أذيع قبل أقل من ثلاثة أشهر، بمناسبة العيد السابع والستين لحزب البعث.
وبناء عليه، وعلى الرغم مما توقعناه ونتوقعه من عناد للنظام الإيراني، سأنقل إليكم مقتطفات مما جاء فيه، حيث قال: (أدعو النظام الإيراني إلى الرجوع إلى مبادئ وقيم الجيرة الحسنة للعراق والأمة التي لا مفر من العودة إليها، لأنهم لا يستطيعون أن يرحلوا عن جيرتنا ولا نستطيع أن نرحل عن جيرتهم، وإن لم يعودوا سيبقى الصراع يتوسع ويتعمق. وتبقى قوى الأمتين وإمكاناتهما مستنزفة ومدمرة. ويكفي تجارب وتحارب بين الأمتين، وإيقاف النزيف الدائم والصراع المتصاعد. ولنتجاوز الماضي السيء بكل مرارته، ونتجه إلى عهد جديد من العلاقات الأخوية التي تقوم على أساس المصالح المشتركة المشروعة، والاحترام المتبادل، والجيرة الحسنة).
باختصار أيتها السيدات، أيها السادة، لقد أعلنت الثورة العراقية، منذ بداية هذا العام، بدء صفحة القادسية الثالثة من أجل تحرير العراق من الاحتلال الإيراني، والقضاء على ما تبقى من تأثير أميركي، وهي لن تقف إلاَّ على آخر شبر من أرض الفاو، المنطقة الواقعة في جنوب مدينة البصرة.
ولهذا أدعوكم إلى متابعة أخبار الثورة العراقية، في فصلها الثالث ما قبل الأخير. ذلك الفصل الذي بدأ في حصار بغداد، ولن يتوقف إلا إذا شاء الله ذلك.

-الفصل الثالث والأخير: وهو تحرير بغداد والتمهيد لتحرير الجنوب.
وإن هذا الفصل هو قيد الإنجاز بعد أن استكملت الثورة توفير ضمانات نجاحه. وهنا لا بدَّ من الإشارة إلى حقيقة أثبتتها معركة تحرير الموصل، هو أن بغداد كفيلة بتحرير نفسها بزنود الثوار فيها. وقد لا تشكل مفاجآت كل الوقائع التي سوف تحصل إلاَّ على الذين لم يستفيقوا من أضغاث أحلامهم حتى الآن.
وإننا بانتظار إنجاز هذا الفصل نترككم بخير، ونعتذر عن الإطالة بالكلام عن قضية واسعة وشاسعة ومعقَّدة. وإذا أردتم أن نتوجه باسمكم بتحية إلى الثورة العراقية ممثلة بمجلسها السياسي العام لثوار العراق، فهذا سيكون رهن إرادتكم.
والسلام عليكم ورحمة من الله وبركاته
وبعد انتهاء المحاضرة، قدم بعض الحاضرين مداخلات، وتوجهوا بعدد من الأسئلة. وكان من أهمها استنكارهم تدخل التنظيمات الإسلامية ذات الإيديولوجيات المتطرفة في شؤون الثورة لأنها ستكون المبرر الرئيسي الذي يغطي الدعوات الإيرانية، وكذلك إعلام حكومة المالكي العميلة، التي تحض على مواجهة الثورة، بدعوات التعصب المذهبي.
كما ركزت المداخلات والأسئلة على ضرورة تمسك الثورة العراقية بمبادئها وأهدافها الوطنية والقومية.
وقد استجابوا لدعوة المحاضر بتوجيه برقية تأييد لقيادة الثورة، وتهنئة للثوار بما أنجزوه من انتصارات على طريق تحرير كل الأراضي العراقية من الاحتلالين الأميركي والإيراني.
وهذا نص البرقية:
المنتدون في مديني صيدا وجب جنين يبعثون رسالة تأييد ومباركة للثورة العراقية الكبرى
وقد وجَّه الحاضرون في الندوتين برقية تهنئة وتأييد، لقيادة الثورة الممثَّلة بـ(المجلس السياسي العام لثوار العراق)، و(المجلس العسكري العام، وهذا نصها:
نحن المجتمعون نتوجه لثوار العراق بتحية الإكبار والإعجاب بالإنجازات التي حققوها في فترة زمنية قصيرة. وفيها استطاعوا أن يحرروا مدينة الموصل، ويفكوا الحصار الغاشم عن مدينة الفلوجة المحررة أصلاً. كما انجزوا مهمة تحرير عشرات المدن في الأقضية التابعة للمحافظات الست المنتفضة، وصولاً إلى تطويق مدينة بغداد، التي أصبحت تحت قبضات الثوار، وتحت مرمى نيران الثورة.
وإذ يعلن المجتمعون بهجتهم وإعجابهم بتلك الانتصارات البطولية، فهم يشدون على سواعد الثوار لاستكمال تحرير العراق من شماله إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه. كما يعلنون شجبهم لكل التدخلات التي أعلن عنها النظام الإيراني والإدارة الأميركية، ويعتبرون أن تلك التدخلات مرفوضة رفضاً مطلقاً لأنها تعتبر تدخلاً وانتقاصاً من سيادة شعب العراق الحر على تقرير مصير وطنه المحتل.
وإذ يذكِّرون بأن التشريعات الدولية رفضت كل أنواع الاحتلال، يعتبر المجتمعون أن النظام الإيراني والإدارة الأميركية بمثابة محتلين للعراق.
ولأن الشرائع بشتى أشكالها ومصادرها تعترف بحق الشعوب في مقاومة الاحتلال يدعو المجتمعون أيضاً للاعتراف بحق ثوار العراق، تحت قيادة (المجلس السياسي العام لثوار العراق)، بأنه الممثل الشرعي والوحيد للعراق والعراقيين حتى يمن الله عليه بالنصر المؤزر.

ليست هناك تعليقات: