وجه العراق أصبح أقبح الوجوه من دون صدام حسين
نص المقال الذي كتبه حسن خليل غريب بمناسبة الذكرى
التاسعة لاستشهاد الرئيس صدام حسين. ونشرتها اللجنة التحضيرية إحياء الذكرى.
أيها
الشهيد الرمز،
يا
رمز الشهادة والشهداء،
تمر
علينا الذكرى التاسعة بعد الحصول على شهادتك، وما تزال تتصدر الواجهة بين أبطال
الأمة العربية والعالم.
وسوف
تمر الذكرى التاسعة والتسعين، أو قل الذكرى التي لن يكون لها نهاية، وستتصدر موقع
الرمزية في شهادتك.
صاحَبَك،
أو سبقك، أو سيأتى من بعدك، الكثيرون من شهداء الحزب، الذين رصعوا تاج الأمة
بالدرر والجواهر، ولكنهم جميعاً اعتبروك، ويعتبرونك، وسيعتبرونك، الرمز الذي
أحتلَّ مكان الصدارة على صدر الأمة.
أنت
قلت إن الشهداء أكرم منا جميعاً، وأنت أكرمهم، لأنك كنت الكريم المميَّز بعطاءاتك.
وكنت الأول الذي ركل خشبة الإعدام برجله في وجه الأقزام الذين احتفلوا بلحظة
إعدامك.
احتفلوا
لأنهم توهموا أن الساحة خلت لهم، خلت لقذاراتهم، خلت لسفالاتهم، خلت لفسادهم.
بعد
احتلال العراق أيها الرفيق الشامخ بشهادتك، أكد الرئيس الأميركي السابق، جورج بوش،
أن العالم أصبح أفضل دون الرئيس العراقي صدام حسين.
وبعد
هزيمة جورج بوش في العراق، نؤكد نحن، وباعتراف أعدائك قبل محبيك وأصدقائك، أن وجه
العراق أصبح أقبح الوجوه من دون صدام حسين. نحن لن نتفرد بتعداد البراهين، بل
سنترك أعداءك يسردون عشرات الأسباب، بل آلافها.
بعد
أن أُتخم الاحتلال الأميركي والإيراني، من سرقة ثروات العراق، فقد جاراهم بذلك
عملاؤهم، أولئك أتخموا من مقادير السرقات والنهب والتآمر على وطنهم، وسقطوا وطنياً
وقومياً وأخلاقياً وسياسياً. أما أنت، مع كل البعثيين في العراق، فبقيت شامخاً في
قلوب محبيك، واعترف عنوة من احتفل بيوم إعدامك أنك الشريف والمثال في قيادة العراق
ليس من أجل نفسه وأطفاله، بل من أجل شعب العراق، من أجل أطفال العراق، ومن أجل
شيوخه ونسائه وشبابه.
سيكنسهم
التاريخ، ويعلقون على مشانقه أبد الدهر رمزاً للخيانة والفساد والسرقة والنهب.
ولكنك ستبقى مع البعثيين من أسلافنا الصالحين، أو من الذين رافقوا مسيرتك، أو من
سيأتي من بعد الرقم الماية والستين ألفاً من درر الحزب وجواهره، ستبقى الرمز الأب
الذين اقتدينا، ونقتدي، وستقتدي الأجيال القادمة بك وبهم.
فرح
شذاذ الآفاق، واحتفلوا بإسقاط تمثالك في ساحة السعدون صبيحة احتلال العراق.
وفرحوا
واحتفلوا بإسقاط جسدك في أحد زنازينهم صبيحة الأضحى المبارك.
حينذاك
كان المخرج أميركياً تارة، وتارة أخرى إيرانياً. وكان الممثلون من الأوباش هم من الذين
جمعوهم من أجل استكمال الكورس في المسرحية. وعلى الرغم من أن المسرحية انطلت على
الرأي العام لبضع سنوات، إلاَّ أنها انكشفت حتى عند أكبر المجرمين الذين اغتالوا
العراق في عدوانهم، وقد اعترفوا بها صاغرين.
لقد
اغتالوك ليستكملوا اغتيال العراق، ولكنهم ما نجحوا. بل سقطوا ليس في معاييرنا
فحسب، بل سقطوا في نظر شعوبهم التي يزعمون تمثيلها، ولكنك أنت ارتفعت فوق القامات
نوراً ساطعاً يبهر العالم كله قبل أن تبهرنا نحن.
هنيئاً
لك أيها القائد الرمز،
حاولوا
أن يرتفعوا باغتيالك، ولكنك أنت الذي ارتفعت. حاولوا أن يُسقطوك، فسقطوا.
لقد
هتفوا بكل خساسة ولؤم قائلين: العالم أجمل من دون صدام. ولكن حتى شعوبهم هتفت بعد
تبيان الحقيقة، قائلين: إن العالم أجمل بوجود صدام، ولكنه أجمل أيضاً برحيل زعيميْ
العدوان، جورج بوش، وطوني بلير. وهو أجمل أيضاً بغياب كل من شاركهم بالجريمة.
لا
أتصور يا أكرمنا جميعاً أن نبني وطناً من دون أرواح يتم تقديمها، ودماء تنزف من
أجله.
ولا
أتصور وطناً لا يكون سقفه صدام حسين، أو على الأقل وطناً قمت بتوصيفه، ووضعت أسسه
النظرية والتطبيقية.
يا
رمز الشهداء،
أيها
الشهيد الرمز،
في
ذكرى استشهادك التاسعة، أو حتى في ذكراك المئة، أو في ذكراك إلى الأبد، ستبقى
أمثولة تحكيها الأجيال، وينقلها جيل عن جيل كما تحكي عن صلاح الدين وعمر المختار.
لا
يمكننا أن نعتبر إحياء ذكراك كل سنة، أو حتى كل يوم، تكراراً أو من قبيل التكرار،
وإلاَّ سنكون كمن يعتبر بأن تلاوة أسفار
العدالة والكرامة والتضحية تكراراً مملاً، أو تدعو إلى الملل.
أيها
الشهيد الرمز،
إن
الرمز هو كل ما يجمع أكثر ما يمكن من صفات الإنسانية. ورمز النضال هو ما يجمع أكثر
ما يمكن من صفات المناضلين. ورمز العقل هو أيضاً ما يجمع أكثر ما يمكن من صفات
المتعقلين. ورمز الفكر هو كل ما يجمع أكثر ما يمكن من صفات المفكرين. ورمز التضحية
والشهادة هو أكثر من حاز على صفات التضحية والشهادة.
فأنت
رمز للإنسان، والنضال، والعقل، والفكر، والتضحية والشهادة، لأنك جمعت أكثر ما يمكن
من صفات هؤلاء وأولئك. وإذ نحتفل بالذكرى التاسعة لرحيلك، فكأننا نحتفل بذكرى رحيل
كل إنسان مناضل ومضحٍ وعاقل ومفكر وشهيد.
أنت
رمز للبعثيين، لأنك أكثرهم ممن حاز على صفات البعثي.
وأنت
رمز للعراقيين لأنك أكثرهم ممن آمن بوطنيته العراقية ودفع حياته من أجلها.
وأنت
رمز للعروبيين لأنك أكثرهم ممن آمن بقوميته العربية وضحى في سبيلها. وأنت من بنى
للوطن العربي سوراً حمى حدوده الشرقية ضد بغي الملالي في طهران.
وأنت
رمز للثورة العالمية لأنك أكثر من قدَّم للعالم الحر من جهده الفكري والسياسي،
وأنت من كنت أنموذجاً يحتذي طريقه الثائرون ضد وحشية الرأسمالية الأميركية. وأنت
أكثر من قدَّم من روحه ودمه وجهده في سبيل تحطيم أسطورة الإمبرطورية الرأسمالية
الأكثر وحشية في التاريخ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق