الخميس، أكتوبر 27، 2016

هل تبقى أمتي فريسة لحيوانات العالم المتحضِّر!؟

هل تبقى أمتي فريسة لحيوانات العالم المتحضِّر!؟


أمتي، ومليون آه يا أمتي.
أنت عروس الشاشات والصفحات،
ما يجري على أرضك وسماءك وفي كل زواياك أصبح المادة الأولى، وأحياناً الوحيدة، لوسائل الإعلام من المحيط إلى المحيط. لقد تباروا في سبق الحصول على أبشع المشاهد التي تؤرق مشاهدتها جفوننا، فيجافينا النوم حتى آخر رمق من الأرق، ومن الكوابيس المرعبة.
في كل ساعة بل في كل لحظة نشاهد مناظر الدمار والدماء والقتلى وطوابير اللائذين من ديارهم طلباً لسلامة نسائهم وأطفالهم والعجزة منهم. لقد أدمنا متابعة وسائل الإعلام، وبتنا في حالة من الهستيريا التي تكاد تصل بنا إلى حدود تحطيم الشاشات بما نجده أمامنا من أدوات الكسر، وتكاد أيادينا تمتد إلى تمزيق كل وريقة تذكرنا بالمناظر الأشد وحشية من مشاهد عصور ما قبل التاريخ. بل الأكثر وحشية من مشاهد صراع الحيوانات البرية في الغابات والأدغال، التي تسود فيها (شريعة الغاب).
إنه منظر وحوش العالم المتمدن الكاسرة التي تتعاون على مطاردة الفريسة العربية.
إنه منظر الوحوش من الدول الكبرى الأشد بأساً التي تتناتشها وتترك من لحمها ما تعجز أنيابها الضخمة عن الوصول إليها.
إنه المنظر الذي لا ينقصه مشاهدة أرتال الثعالب، وأبناء آوى، ممن ينسبونهم إلى جيرتنا. أنهم الذين لا يخرجون من الوليمة من دون تعريتها مما تبقى من نتف من اللحم.
إنه المنظر  الذي لا تغيب عنه مشاهد الحشرات البرية، ممن ينسِّبونهم افتراءً إلى أمتنا،  التي تنال حصتها مما تبقى من دسم لم تستطع الثعالب أن تلعقه. إنه منظر الحشرات التي تتكوم على العظام لتنخرها حتى آخر نسغ فيها.
إنه باختصار منظر الحيوانات البشرية التي غزت أرضنا وسماءنا، واستباحت أرضنا وعرضنا. إنه منظر الحيوانات البشرية التي تجمَّعت من كل غابات العالم وأدغاله.
من ينظر إلى ما يجري على ساحات الوطن العربي، يرى مشاهد تقشعر لها ضمائر حتى الذين ماتت ضمائرهم.
نشاهدها كل يوم، حتى نكاد نصاب باليأس، أو نضرب رؤوسنا في الصخر حنقاً. ولكن...
على الرغم من غياب من نحسب أنهم نواطير كرومنا، نتذكر أنه ما زال بيننا من يعضون على نواجذهم حنقاً على ما آلت إليه أحوال الأمة العربية. ما زال بيننا ضمائر الذين يحملون الأمة في قلوبهم وعقولهم وفي حدقات عيونهم.
أولئك هم القوميون الحقيقيون الذين لا يرتضون أن تكون الأمة من دون هوية، وامتشقوا السيف، ونذروا أرواحهم، ودماءهم، وراحتهم وأمنهم، للتصدي للضباع الذين حسبوا أن الأمة أصبحت فريسة، فراحوا ينهشون في جسدها، لتمزيقها والحصول على حصة من ذلك الجسد المدمَّى، والأشلاء المتناثرة.
أولئك هم البعثيون الذين ما لانت لهم عريكة، وما أرهبتهم وحشية الضباع، فكيف بالثعالب والحشرات؟
أولئك كلما نعاهم أعداؤهم، تجدهم ينبتون من بين رمال الصحارى، وصخور الجبال، من دون خوف أو رهبة.


ليست هناك تعليقات: