الاثنين، أكتوبر 17، 2016

قرار قيادة المقاومة الوطنية العراقية بدخول معركة الموصل



قرار قيادة المقاومة الوطنية العراقية بدخول معركة الموصل
خطوة أخرى لإغراق دبابات الخارج في رمال العراق

لا شك بأن كل معركة من معارك المدن الدائرة الآن على مساحة الوطن العربي لها أهداف وأبعاد تصب في مصلحة كل القوى الخارجية المشاركة فيها، باستثناء مصلحة القطر الذي تجري فيه. ولا تشكل معركة الموصل الآن استثناءً، بل لها أبعاد استراتيجية أكثر خطورة من كل المعارك الأخرى على المستوى العربي بشكل عام، وعلى مستوى ما يتم التخطيط له على مستوى العراق بشكل خاص، ولكن لماذا؟
وإذا كان مقالنا الآن ينحصر في معركة الموصل في هذه اللحظة، فإنما لخطورتها الشديدة على مستقبل العراق بما يعنيه استكمال مخطط تقسيمه أولاً، وليس للتقسيم حظ بالنجاح من دون إعادة وضع منطقة نينوى تحت سلطة الاحتلال الأميركي الإيراني بشكل مباشر ومن جديد.
إن مزاعم التحالف الأميركي الإيراني بـ(تحرير الموصل) من سلطة داعش، وكيلهم الذي أعاق مسار المقاومة الوطنية العراقية في حزيران من العام 2014، من تحرير بغداد، لهي مزاعم باطلة ولا تحمل من المصداقية شيئاً يُذكر. فهما من سلَّم الموصل لسلطة داعش، وهما من يأمران داعش للخروج منها.
لقد خُيِّل للتحالف المذكور أن تأثير المقاومة الوطنية العراقية ودورها قد قُضي عليهما طوال أكثر من سنتين، وهذا يعني أنهما أضعفا الطرف الذي يعيق استكمال تقسيم العراق، وتوهما أن العودة إلى السيطرة على الموصل بشكل مباشر سيجعل من السهل عليهما أن يستكملا مخطط التقسيم.
إن تقسيم العراق بالنسبة لنظام الملالي في طهران مطلب حيوي لتبرير استمراره باحتلاله، ولكن ما لم يعلنه ذلك النظام بشكل صريح هو أن يكون له في استعادة الموصل حصة، لأن الموصل بالنسبة إليه يعني ضمان خط للمرور تجاه البحر الأبيض المتوسط أولاً، وضمان محاصرة المصالح التركية في العراق التي تعتبر الموصل بوابتها الاستراتيجية ثانياً. وإذا أقفلت أبواب الموصل في وجهه يعني حرمانه من تلك الميزة الاستراتيجية. فالموصل هي مثلث التواصل الاستراتيجي بين العراق وسورية وتركيا. وفي هذه النقطة ما يفسر إصرار الحكومة التركية على دخول معركة الموصل مهما كلفها الأمر من تضحيات.
كل تلك الحقائق تعني إبقاء قرار تحديد مستقبل الموصل بيد الآخرين، وتبقى معركة الموصل معركة الآخرين على أرض العراق. ولكن لن تعبِّر هذه الصورة عن الواقع تماماً إذا تذكَّر العالم أن هناك قراراً وطنياً عراقياً سيمنع بقاء الموصل كالأيتام على موائد اللئام. ويتساءل البعض: هل بقي للقرار الوطني العراقي وجوداً في ظل الاحتلال الأميركي الإيراني للعراق، أرضاً وسماءً وبشراً وحجراً واستيلاء سياسياً على قرار الخونة والعملاء الذين ترمز إليهم حكومة حيدر العبادي؟
بلى ظلَّ دور المقاومة الوطنية العراقية، على الرغم من التعتيم الشديد على ذلك الدور. فغداة تكليف حيدر العبادي، رئيس حكومة العمالة في بغداد، إعلان ساعة الصفر للبدء في معركة الموصل، استفاق العالم على بيانات صدرت عن المقاومة الوطنية العراقية، الممثلة لأصوات العراقيين الأحرار من أحزاب وقوى وتيارات وعشائر، تعلن أنها ستدخل معركة الدفاع عن هوية الموصل الوطنية والعربية. فكانت تلك البيانات كالحجر الذي حرَّك مياه التدخل الخارجي الآسنة، ولا شك بأنه أحدث إرباكاً في صفوف التحالف الأميركي الفارسي أولاً، وأنه سيغيِّر الكثير من المعادلات التي بنى عليها الآخرون حساباتهم ثانياً.
وإلى هنا، ومع إبداء كل أنواع الألم من المعاناة الشديدة التي ستصيب أهالي الموصل، لا بُدَّ من أن نعلن أن مهر تحرير العراق غالٍ على قلوب كل العراقيين، وسيبذلون من أجله كل نفيس.
ولا يفوتنا، أخيراً، إلاَّ أن نبارك لقيادة المقاومة والتحرير خطواتها وقرارتها الجريئة، ولعلَّها تكون الخطوة الأول التي تدقَّ مسماراً آخر في نعش مطامع الخارج، كخطوة أخرى على طريق تحرير العراق كله. ولتكن معركة الموصل، بالنسبة للمقاومة الوطنية العراقية معلماً آخر من معالم إصرارها واستمرارها في سلوك دروب تحرير العراق، وتحرير إرادة الأمة العربية من الارتهان لقرار شذاذ اللصوص القادمين من خارج أسوار الوطن العربي الكبير.

ليست هناك تعليقات: