في
ذكرى استشهادك العاشرة
يكفيك
فخراً أنك صدام حسين
(المقال
نُشر في ملف اللجنة التحضيرية للاحتفاء بالذكرى العاشرة
للشهيد
صدام حسين)
إن الرسالة بلا شك
خالدة بخلود رجالاتها، والرجال الخالدون هم أبناء تلك الرسالة، تربوا على عقيدتها،
واختطوا تعاليمها سراطاً لهم، وجُبلوا على حبها، ورهنوا مستقبلهم من أجل عزتها
وكرامتها. هي التي أنجبتهم، وهم الذين حموها بأرواحهم، فدفعوا حياتهم من أجل أن
تبقى حية.
كان صدام حسين
واحداً في سلسلة طويلة من أبطال هذه الأمة الذين أسهم كل واحد منهم بدور متميز في
صناعة تاريخها. وبإبداعاتهم كتبوا لأمتهم الاستمرار في هذا العالم المليء
بأعدائها، الطامعين بالاستيلاء عليها. ولكن، وحتى لو تمكنوا منها في مرحلة ما،
كانت تنتفض من كبوتها حينما يهب أبناؤها لطرد الطارئين على مسيرتها. وبهذا فقد نجت
الأمة من عشرات الدول الطامعة، وهي ما زالت تتعرض حتى الآن إلى المزيد منهم. أولئك
الطامعون الذين ما إن يخلدوا إلى الراحة مطمئنين بمكوثهم على أرضها حتى يحصل
الزلزال العربي الذي يقوِّض كل أحلامهم، ويبدد طموحاتهم وآمالهم.
إن أمتنا سبقت
الأمم في الحضارة، وهي أكثر الحضارات التي طالتها أيادي الشر والتدمير منذ غزوات
الإسكندر المقدوني الذي جاء من الغرب، وغزوات قوروش الفارسي الذي جاء من الشرق.
لذا فقد تقاذفتها أيادي الإمبراطوريات الصفراء والسوداء، إلى أن جاء محمد العربي
من قلب جزيرة العرب، فهبَّت عواصفه التي اقتلعت الفرس من الشرق والروم من الغرب.
فكان سعد ابن وقاس، أول قائد إسلامي عربي، هو الذي قاد حروب التحرير من الفرس في
معركة القادسية الأولى.
منذ تلك الثورة
المباركة، التي فجَّرها الرسول العربي، راحت أمتنا العربية تسطِّر صفحات الحضارة
من جديد، وما كانت لتتوقَّف لولا أن نخرتها الخلافات الداخلية، بسبب أطماع في
التسابق على السلطة إلى أمراض التشتت الطائفي. وحتى في أكثر صفحات التناحر الداخلي
سوداوية، تلك التي أغرت فرنجة الغرب، ودهاقنة الشرق لاحتلال أجزاء من الأرض
العربية، فقد كان ينبت من بين الصخور والرمال رجال كبار من العرب يعيدون للأمة
حريتها المسلوبة، ويقطعون أيادي الشر الممدودة إليها، فكان صلاح الدين الأيوبي هو
الذي شتت شمل الأعادي، وأعاد للأمة حريتها. وكانت لنتائج حرب التحرير أن تستمر
لولا أن أهلكتها من جديد موجات التنازع على السلطة، ونزعات التفتيت الطائفية.
في كل تاريخها
المجيد، كانت الأمراض الداخلية تشكل أكبر عون للقوى الخارجية في غزو أمتنا واحتلال
جزء من أراضيها لحين من الزمن، ولكن ولأن أمتنا ولاَّدة للرجال الكبار، كان
المحتلون دائماً ينقلبون على أعقابهم لائذين بالفرار، فلذلك استمرت أرضنا العربية
بين مدِّ الاحتلال وجزر التحرير حتى تاريخنا المعاصر. في تلك المعارك لم تملّ دول
العدوان من عدوانها، وفي المقابل أبت الأمة أن تكون ذليلة أمام محتل، فاستمرت في
التصدي لكل معتد أثيم.
ففي هذه المرحلة،
وقد حلمت فيه الرأسمالية الأميركية منذ ظهورها على مسرح التاريخ العالمي، أنها
ستحل مكان كل الإمبراطوريات التي احتلت أرضنا ، ولكنها ولَّت هاربة أمام جحافل
العرب بقيادة صدام حسين، وهذا ما حصل قبل خمسة أعوام مضت، عندما أدبرت
الإمبراطورية الرأسمالية وسلَّمت العراق إلى رياح الشرق الصفراء، وقد أضمرت العودة
إليه من جديد لتحكمه بشكل مباشر ومن دون أي وسيط. كانت أحلامها بالعودة تستند إلى
أن اغتيال صدام حسين، وتعزيز أوضاع شبكة عملائها من الصحوات، سيشكلان عاملين مهمين
في اجتثاث المقاومة التي أرهقت جيش الاحتلال وأرغمته على تجرع كأس الهزيمة المرة.
لقد خاب فألها مرة
أخرى، لأنها لم تضع في حساباتها أن الأمة التي أنجبت صدام حسين، فقد أنجبت الآلاف
الذين يتولون متابعة معارك التحرير. وإذا كانت قيادة صدام حسين قد أنقذت العراق من
الأمركة، فقد آلت القيادة إلى الرفيق عزة ابراهيم، الذي يقود الآن معركة إنقاذ
العراق من مشروع الفرسنة. وإن الأمة تنتظر نتائجها التي ستؤدي إلى إكمال معركة
تحرير العراق من دون لبس أو غموض، وساعتئذ ستتخلص من أدران الخطر الأميركي، وأدران
الخطر الفارسي معاً.
هذه هي أمتنا
العربية، ما إن تكبو حتى تنتفض من جديد. وما كان لسارقي حرية الشعوب، ولصوص
ثرواتها، أن يتسللوا شبراً واحداً من دون أن يستندوا إلى المرضى فينا ممن نخر
عقولهم وقلوبهم سوس الجهل والخوف والخيانة والتواطؤ.
فلا تحسبنَّ صدام
حسين، في ذكرى الوفاء العاشرة لرحيلك، أن الخونة والخدم سيحمون اللصوص وشراذم
الآفاق من القوى الخارجية الذي انقلبوا على مبادئ الإنسانية في العدالة أنهم
سيستقرون على شبر من الأرض التي أنجبتك، والتي فديتها بدمك، بل إن رفاقاً لك في
البعث والعروبة ما زالوا رابضين في خنادق الدفاع عن حياض الشرف، ولن يخرجوا منها
إلاَّ عندما يدق نفير النصر والتحرير.
وإذا سألنا الأعداء
والخونة: ماذا جنى صدام حسين من رفضه الخنوع لأي طارق لأبواب أمتنا العربية سوى
الموت؟ سنقول لهم، بأن ما يكفي صدام حسين شرفاً وخلوداً هو أنه صدام حسين. ذلك
البطل الذي مات من أجل أن تبقى أمته حية، وستبقى حية إلى الأبد. وهكذا أقسم عزة
ابراهيم أنه إذا قدَّم حياته، فإنما يقدمها من أجل حياة الأمة الواحدة ذات الرسالة
الخالدة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق