الثلاثاء، فبراير 07، 2017

حوار مع أحد الإسلاميين

حوار مع أحد الإسلاميين

حول دراستي المعنونة

(دراسة تاريخية ومعرفية في عناصر تكوين القومية العربية)

في موقع (منتديات الوحدة العربية)، وفي شهر حزيران من العام 2010 نشرت دراسة تحت عنوان ( دراسة تاريخية ومعرفية في عناصر تكوين القومية العربية)، وقد علَّق عليها أحد القراء، ويدعى محمد يوب، وتبعها حوار شاركت فيه السيدة رنا خطيب. وسأنشر مضمون الحوار مبتدئاً بتعليق السيد محمد يوب.

 

تعليق السيد محمد يوب على الدراسة:
أعتقد أخي أن هذا الطرح الذي تفضلت به قد نوقش بشكل مستفيض ولا حاجة تدعو إليه للإشارة فقط فالعرب في الجاهلية لم تكن لديهم دولة ونما كانوا قبائل متنقلة ترحل من منطقة لأخرى من أجل البحث عن الكلئ والماء وأن العرب لم تعد لهم قيمة إلا بمجئ الإسلام هو الذي أسس لهم الدولة وأعطى المعنى الحقيقي للسياسة وللدولة.
كما أن الاسلام ليس أيديولوجية لأن الأيديولوجية فكر بشري أما الاسلام فهو من الله تعالى ولم يتناقض أبدا مع ما يرمي إليه الانسان من رغبة في الحياة و في العيش وفي العدل، لقد أعطى الاسلام للإنسان كرامته وحريته وأعتقه من العبودية والاستبداد كما أعطى للمرأة كل حقوقها.
إن ما ترمي إليه أخي من أفكار يظهر أنها أصبحت من الماضي لأنها نوقشت ولم تعد لازمة للمناقشة، إن مقارنة الأديان التي قمت بها مع القوانين السابقة ظهر بطلانها فكبار العلماء في الغرب أثبتوا أن الاسلام هو الدين الوحيد الذي يلتقي مع العلم ومع العقل اقرأ كتاب "القرآن والتوراة والعلم " هذا الكتاب الذي أثبت بشكل علمي حقيقة الاسلام وبفضل هذا الدراسة دخل صاحبه إلى الاسلام اقرأ كتابات روجي جارودي هل هؤلاء العلماء أكثر منا معرفة بالاسلام إنهم كانوا شيوعيين دعوا إلى أفكارهم لكن في النهاية اهتدوا إلى الطريق الصحيح وصححوا أفكارهم .
إن الاسلام لم يجب ما قببله لقد خافظ على القيم الجميلة و النبيلة ....
إن هذا المشروع الذي تبدؤه ويعتبر أول موضوع لك ميت في مهده لا أعتقد أن القراء سيتجاوبون معك وسوف نرى ذلك.
مودتي 
محمد يوب
رد حسن خليل غريب
أخي الأستاذ محمد يوب
بداية أشكر لك اهتمامك بقراءة الدراسة التي سمحتم بنشرها في موقع (الملتقى) الكريم.
ويشرفني أن تكون مشرفاً على صفحة الحوار،
ولكن ما كنت أرجوه، هو أن تلعب دورك كحكم أخير، بصفتك مشرفاً، بأن تنتظر القراء يكتبون آراءهم عن الدراسة.  لكنك لم تلعب دور الحكم، بحكم موقعك، بل جئت منذ البداية لتصدر حكم الإعدام بحق الدراسة، مستبقاً آراء الآخرين، قائلاً: «المشروع الذي تبدؤه ويعتبر أول موضوع لك ميت في مهده لا أعتقد أن القراء سيتجاوبون معك وسوف نرى ذلك».
وليس لي إلاَّ أن أرثي حظي وأندبه، وألملم أوراقي وأنزوي عن الكتابة وإبداء الرأي وعليَّ أن أتخذ النتائج التي وصل إليها «روجيه غارودي» نصاً مقدساً لأنه أعرف منا جميعاً. وكأنه كان على فلاسفة العرب الذين نقدوا الإيديولوجيا الإسلامية أن ينتظروا «غارودي» ليولد ويرسم لهم مسارات تفكيرهم واستنتاجاتهم.
أخي الكريم
ليست الدراسة التي قمتم سيادتكم بقراءتها «أول موضوع» لي، بل تأتي آخر دراسة علمية قمت بنشرها، وقد سبقتها كتب عديدة منشورة، وعشرات الأبحاث الأخرى. وقد استندت دراستي الأخيرة على نتائج أبحاثي الأكاديمية السابقة، وعندما أنفقت الوقت الكبير لأكتب كل تلك الأبحاث الأكاديمية فإنما لكي تكون معلَّلة بمصادر ووثائق. كما أن (البحث الأكاديمي) لا يقوم على التخمين بل يستند إلى مصادر ومراجع موثوقة. لذا أرجو منك أخي الكريم أن تكلف نفسك عناء الضغط على (www.al-ourouba.blogspot.com) الموجود في أعلى الدراسة، وأن تتصفح الموقع المخصص لإنتاجي الفردي. لكنك كنت عجولاً بأن نعىت دراستى (اليتيمة) ونصحتني بدفنها، وكأنها الإبن البكر عندي، بينما هي حفيد لآباء من الكتب السابقة، وابن لعشرات الأبحاث.
أخي العزيز
سامحك الله بأنك قمت بصدي منذ البداية قائلاً لي: «الطرح الذي تفضلت به قد نوقش بشكل مستفيض ولا حاجة تدعو إليه». ولكنك لم تحدد عنوان هذا الطرح «الذي تفضلت به» أنا، كما أنك لم ترشدني أين وكيف ومتى تمت مناقشة هذا الطرح، ومن ناقشه وما هي النتائج التي توصل إليها من قام به. وهل هناك نتائج جامعة مانعة، لا تقبل التأويل من قبلها ومن بعدها. وهل هناك خليفة اسمه «القادر بالله» وافق على تلك النتائج، وأصدر قراراً آخر ألزم فيه مثقفي الأمة وباحثيها ومفكريها بأن يأخذوا بحروفه، واعتباره نصاً مقدساً، يُعتبر أي نقاش أو حوار آخر فيه «لا حاجة تدعو إليه»؟؟!!
يا أخي أنا لا أثير مسلمات دينية، ولا أنقد من يؤمنون بها، لأن الإيمان الديني خيار فردي، ولا يجوز لأحد أن يتدخل به، كما ليس من حق أحد أن يحاكم أحد على خياره الديني. فـ(لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الغَيِّ )(256). البقرة. (وَقُلْ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ) (29) (الكهف). وليس من حق أحد أن ينوب مكان الله تعالى في حساب أحد، بل جلَ ما هو مسموح لبشر أن يقوم به هو: (َذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ (21) لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ (22) إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ(23) فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ(24)إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ (25)ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ(26)  الغاشية.

أخي الكريم محمد يوب
بعد هذه المقدمة، إسمح لي بأن أتقبل تعازيك، بموت مشروعي في مهده، شاكراً. وبعد هذه المقدمة أعتبر أن حواري معكم قد يطول، ولا يجوز أن تميته بضربة جزاء رفعت أنت في وجهه بطاقة حمراء.
كان تعليقك على دراستي ردة فعل بغير وجه حق، ولم تكن رداً يفند الواقعة بالواقعة والحجة بالحجة، وترد عليها بقصد الحوار، بل قمت بقطع الحوار. وما هكذا تُورَد إبل الإسلام يا أخي، بل تورد إبل الإسلام بأن تدعو (إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة)، وأن تجادلهم (بالتي هي أحسن).
أنا لم أنكر الدور الكبير الذي أتت به الدعوة الإسلامية، بل أكبرت هذا الدور، واعتبرت أن الإسلام أدى أكبر ثورتين في تاريخ العرب الوسيط (التاريخ الوسيط يقع بين مراحل التكوين القومي الأولى) وعصرنا الراهن، عصر القومية العربية. وهاتين الثورتين: الأولى، توحيد قبائل الجزيرة سياسياً واجتماعياً وفكرياً. والثانية، تحرير العرب من العبودية للفرس والروم.
لكن يا أخي، على أيدي من أنزلت الدعوة الإسلامية؟
هل أنزلت بواسطة صيني أو هندي أو ماليزي أو أفغاني؟
الدعوة الإسلامية أنزلت بواسطة نبي عربي قرشي، وبلسان عربي مبين، وما أنزل من رسول إلاَّ بلسان قومه، ولكل أمة رسول.
وبأيدي من تم تحرير العرب من دولتي الفرس والروم؟
لقد تم تحرير العرب بأيد عربية، وسيوف عربية، ورجال عرب.
كانوا يرعون الإبل؟
نعم كانوا يرعون الإبل، ويحلبون الناقة،
ولكن هل وُلد شعب من غير العرب، في زمن الدعوة الإسلامية، كان أفراده يمتلكون الطائرة والقطار، ويصلون إلى القمر؟؟
هل كان هناك شعب من غير العرب، وفي زمن ولادة الدعوة الإسلامية، يولد أفراده وهم يستهلكون «الكنتاكي»، وسندويشات «الهمبرغر»؟؟؟
يا أخي، استريحوا وأريحوا
لم يوجد نبي في أمة، أو قائد ثورة في أمة، من أسف لأنه قاد ثورة فيها ولأجلها. بل كان يعتبر أن من واجبه أن ينقذ أمته لا أن يعمل على إهانتها ويذكرها دائماً بأنها كانت متخلفة ويطلب منها الاعتراف له بالفضل.
الثورة الإسلامية في الجزيرة العربية لم تأت من فراغ أيها الأخ الكريم، بل كان العرب على الرغم من رعايتهم للأبل، وملاحقة الكلأ، واستهلاكهم للتمر، يعيشون في بيئة متحفزة للثورة والتجديد. أليس أيام الحج في مكة قبل الإسلام، وملتقى قوافل الشتاء والصيف، كانت مكة نقطة وصل لحضارة ذلك الزمان وثقافته؟
أتدري أخي الكريم أن خديجة بنت خويلد طلبت من محمد بن عبد الله، قبل إعلان الإسلام، أن ينزل إلى أسواق مكة يومياً للحوار مع نخبها ومع القادمين إليها من العرب، والقادمين إليها من غير العرب؟
أتدري أخي الكريم أن (المعلقات) كانت تُكتب بماء الذهب، ويتم تعليقها على جدران مكة؟
وهل كانت المعلقات شيئاً عابراً ومن دون قيمة تُذكر؟
وهل كان تيار «الأحناف» في الجزيرة العربية، وهم تيار الموحدين، من دون عمق ثقافي ومعرفي؟
لن أطيل أخي، لأن السلة ملآنة بما يلذ ويطيب من الحضارة والتقدم، بمكاييل تلك المرحلة، مما بنته سواعد العرب بدءاً من بلاد الرافدين وصولاً إلى وادي النيل، مما شكَّل تراثاً معرفياً متقدماً، وهو الأمر الذي شكل ظهيراً معرفياً كبيراً قبل نزول الدعوة الإسلامية على الرسول العربي محمد بن عبد الله.
وأخيراً، وقبل أن أطلب منك اللقاء ثانية، لمتابعة حوارنا على قاعدة «الكلمة الحسنة»، إسمح لي بأن أنهي الجولة الأولى قائلاً: إنه وإن قمت بتأكيدك رداً على دراستي أن «مقارنة الأديان التي قمت بها (أي أنا حسن غريب) مع القوانين السابقة ظهر بطلانها»، لا أستطيع إلاَّ أن أقول لك رأفة بالعلم عليك أن تقتنع أن القوانين السابقة لم تكن استنتاجاً من أحد أو منة من أحد، بل هي نُحتت على أحجار منذ آلاف السنين، ولا تزال تلك الأحجار موجودة لمن يريد أن يقرأ، وطالما هي منحوتة على حجر فلن يستطيع عالم أن يثبت بطلانها، إلاَّ إذا لم يكن عالماً؟؟!!
وإلى اللقاء مع كل الحب والاحترام
حسن خليل غريب

رد السيدة رنا خطيب
الأستاذ الفاضل حسن خليل غريب
سلام الله عليك..
أولا اشكرك على الدراسة التي هممت بنشرها هنا في ملتقى الفكر الإنساني..
و طبعا أراكم قد أختلفتم في الرأي حول هذه الدراسة أنت والأستاذ محمد يوب ..لكن لا غبار عليه فالاختلاف في الراي هو ظاهرة صحية في الحوار ..
بالنسبة لدراستك و التي ستعرضها بشكل حلقات فمكانها في نافذة الرؤية ما دامت دراسة متكاملة ...
تابع نشر دراستك و نود هنا أن نعرف هل دراستك هي لكي يقرأها القارئ ، أم للحوار فإن كانت للحوار فلابد من تحديد محاورا تدور حول الفكرة المراد مناقشتها ..
مع التحيات
رنا خطيب

رد حسن خليل غريب على السيدة ونا خطيب
سيدتي الكريمة رنا الخطيب
أشكر لكم اهتمامكم بدراستي، من حيث نشرها على موقعكم الكريم. كما أشكر عنايتكم في إبلاغي عن نقل الموضوع من المحور السابق إلى هذا المحور.
لقد نشرت دراستي «الطور التكويني للقومية العربية» أصلاً من أجل الحوار، خاصة وأنا بصدد استكمالها لاحقاً في بحث أكاديمي يتناول المرحلة الثانية «الثورة الإسلامية وتأسيس الدولة القومية الأولى»، والمرحلة الثالثة «الدولة القومية في المستقبل».
ولأنني أعرف مدى وعورة القضية التي أطرحها خاصة أنها تلامس وتراً «عصبوياً» عند بعض الإسلاميين المناوئين لـ«العروبة»، فهم جمدوا مسار التاريخ المعرفي للبشرية، وبتروا التاريخ السابق لانطلاقة الثورة العربية الإسلامية ووصفوه بالتاريخ الجاهلي، وهم فعلوا ذلك ليس حباً بدور الإسلام بل كرهاً بدور العرب.
لذلك، بدأت نشر البدايات الأولى للبحث الأشمل، والهدف من وراء ذلك، أن أتلقى ملاحظات، وأجري حوارات مع من يريد أن يكون محاوراً مجرداً عن «التقوقع التعصبي»، لأنني أستطيع الاستفادة من أية ثغرات في بحثي قد تخرج عن موضوعية البحث العلمي.
فالقضية المطروحة للنقاش تدور حول الفكرة التالية:
-هل تشمل العروبة، كمفهوم سياسي اجتماعي، سكان جزيرة العرب فقط، أم أنها كانت تشمل قبل الدعوة الإسلامية كل المنطقة الممتدة من بلاد ما بين النهرين ووادي النيل؟
-هل كانت مرحلة ما قبل الإسلام مرحلة جهل وتخلف حضاري، وجاءت الدعوة الإسلامية لتنقذها من ذلك الواقع؟
-هل يجوز، حتى ضمن المسلمات الدينية، أن نعتبر عناصر المعرفة منفصلة عن تطورها التاريخي؟ واستطراداً هل كانت العقائد الإسلامية جديدة كلياً منفصلة عن تطور عناصر المعرفة وعواملها ومعاييرها التي تراكمت قبلها في منطقة نشأة الأديان الوثنية والأديان السماوية؟ هذا مع العلم أن النبي إبراهيم أتى من بلاد ما بين النهرين، والنبي موسى نشأ في وادي النيل، والنبي محمد نشأ في الجزيرة العربية.
نتيجة لكل ذلك، أؤكد ما يلي:
-ليست الدراسة التي أنشرها نصاً مقدساً، بل هي عبارة عن وجهة نظر بنيت نتائجها على أبحاث موثَّقة.
-الحوار حولها، جملة وتفصيلاً، يشكل حاجة لي كما يشكل حقاً للقارئ.
-أمنيتي من كل قارئ ناقد أن يحترم أصول المناقشة الموضوعية. ويكون هدفه مساعدتي على تجاوز الهفوات التي أكون قد وقعت فيها.
لكل ذلك اقتضى التنويه، وعلى بركة الله

حسن خليل غريب

ليست هناك تعليقات: