الثلاثاء، مارس 12، 2019

دراسة عن الحراك الشعبي العربي الحلقة الثالثة


دراسة عن الحراك الشعبي العربي
الحلقة الثالثة
(3/9)

ثانياً: الفراغ الحزبي العربي
فتح الأبواب أمام استغلال انتفاضات الحراك الشعبي العربي:
لقد أثبتت المرحلة السابقة من عمر الحراك أن الجماهير العربية، كانت مستعدة لتقديم شتى التضحيات في سبيل النضال من أجل حقوقها. ولكن الحماس الجماهيري لا يكفي من أجل إحداث التغيير، لأن ادنى شروط إنجاح الحركات الجماهيرية تتطلب توفير شروط بديهية من أهمها وجود قيادة تستطيع التوجيه في تصويب الأهداف، وتفجير الأفخاخ، ومنع القوى المضادة لمصالح الجماهير من حرف اتجاهاتها واستغلالها. وإن لم نضع البرنامج السياسي في أولوية الشروط، فلأن وعي الجماهير لحقوقها لا يحتاج إلى برهان، لأن الجائع لا يحتاج إلى برهان ليشعر بالجوع. ولا المريض بحاجة إلى وعي ليشعر بالألم. ولا المقموع بحاجة إلى برهان ليشعر بقسوة سوط الجلاد. إذ يكفي الشعب أن يعي ماهية المصدر الذي يسبب جوعه، أو ألمه، أو قمعه. وتحديد هذا الجانب يقع تحت مسؤولية الحركات والأحزاب الثورية. ولأن ساحات الحراك كانت فارغة من وجود الحركة الحزبية العربية الأمينة، كانت الطرق سالكة أمام القوى الخارجية والقوى الانتهازية، فحصل الاختراق، واتسعت مظاهره. فأين كان دور تلك القوى والأحزاب؟ وما هو مدى تأثيرها في الانتفاضات الجماهيرية الشعبية؟
كانت الأحزاب العربية، حينما ابتدأت الانتفاضات، بأقصى أشكال تراجعها. ولأن مناهج الأحزاب تشكل الدليل النظري للحقوق الشعبية، فانطلقت الانتفاضات في ظل غياب المنهج النظري، وهذا كما أوضحنا أعلاه لا يشكل الشرط الضروري لحركة الجماهير المنتشرة في الشوارع والميادين، لأن نزعة الحصول على لقمة من الخبز، وعلى حبة من الدواء أو نسمة من الحرية، هي نزعة فطرية. ولكن الحراك الشعبي بحاجة إلى من يقوده في الميدان، وتحصينه من اختراق القوى الانتهازية، والقوى الخارجية ذات الأغراض والأوطار في إسقاط هذا النظام أو ذاك. فعندما نزلت الجماهير إلى الشارع بالكثافة اللافتة، لم يكن هناك من ينبهها من تلك الاختراقات وشخوصها وقواها. فصحَّ فيها القول أنها شكلَّت غطاء لقوى الاستغلال والانتهازية التي قامت بتوجيه رياحها باتجاه طواحينها. وأبلغ دليل على ذلك، أن أحداً من المنتفضين لم يعترض على وجود شخصية صهيونية بين صفوفها، مجتمعاً مع من زعموا أنهم قيادة للثورة. ولم تع خطورة الحماسة الغربية في تأييد الانتفاضات ودعمها بكل الوسائل والسبل.



ليست هناك تعليقات: