شباب ثورة تشرين
ليس العراق غنيمة حرب لنظام الملالي في طهران
من
عادات التوسع الإمبراطوري، الذي انقرض قانونياً منذ بداية التأريخ لتأسيس الدولة
المدنية القومية الحديثة، أن يعتبر الغازي الإمبراطوري كل ما يسيطر عليه من أرض
وأموال وبشر، في حروبه التوسعية، غنائم حرب يستغلها لمصلحة إمبراطوريته.
ولأن
نظام الملالي في طهران أعلن نفسه إمبراطوراً فارسياً بالفم الملآن، وإن
إمبراطوريته ضمَّت حتى الآن أربع عواصم عربية: بغداد، ودمشق، وبيروت، وصنعاء، راح
يتصرف تجاه تلك العواصم وكأنها ملك خاص له.
ولأن
العراق يعتبر البقرة الحلوب بالنسبة للملالي، ولأنه يمتلك ثروات هائلة، اعتبر نظامهم
أن تلك الثروات غنائم حرب يكدِّسها في بيت مال علي خامنئي، المرشد الأعلى لـ(الثورة
الإسلامية). ومنها يُغدق القسم الأكبر كموازنات لـ(الحرس الثوري الإيراني)، اليد
الضاربة لتوسيع حدود تلك الإمبراطورية. كما يُغدق منها على أزلامه في تلك العواصم
لتدعيم نفوذه وبسط سيطرته على إرادة الشعب العربي أينما حلَّت أقدامه.
يأخذ
نظام الملالي من تلك الثروات ما يشاء، ويترك الجزء اليسير منها أجوراً لعملائه في
العراق من ساسة ورجال دين. ولأن غنائم الحرب، في منظور الإمبراطور الفارسي، حق
(شرعي)، كما يزعم، تحوَّلت سرقاته من العراق إلى (سحت حلال). وما بال ذلك النظام
إذا عاث فساداً ونهباً في أملاك العراقيين وحوَّلتها (فتاواه الدينية) إلى عمل
شرعي يرقى إلى مثابة (هبات إلهية) أغدقها (الله) على إمبراطورية تعتبر أنها (تنتصر
لله ورسوله وآل بيته).
ولم
تقف شرعنة اللصوصية عند حدود سلب ثروات العراق ونهبها فحسب، بل اعتبرت أن شعب
العراق، شيباً وشباباً ونساء وأطفالاً، رقيقاً وسبايا وذراري يحق له التصرف
برقابها تصرف المالك بملكه. وهذه الصورة ليست من قبيل التعبئة ضده، بل هي واقعية
تجري كل يوم على أرض العراق.
فإذا
تناسينا أن الشعب العراقي اليوم، ومنذ أن تسلَّم نظام الملالي حكم العراق، كهبة له
من قبل أميركا (الشيطان الأكبر)، يعيش في أسوأ ظروف الجوع والمرض وفقدان الأمن؛
فإننا لن ننسى المشاهد الصادمة التي تصور الاستقبال الذليل الذي يمارسه بعض
العراقيين مع الزوار الإيرانيين، حيث يغسلون أقدامهم ويقبِّلونها. وهذا ما لم
تفعله شعوب أخرى في تاريخ البشرية. كما لم يفعله أي من أباطرة التاريخ.
وإذا
كان عملاء إيران، من الساسة و(رجال الدين)، وعدد من ضعاف النفوس، الذين انطلت
عليهم صورة نظام الملالي وكأنه (المهدي المخلِّص)، فإن شعب العراق يأنف أن يتحول
إلى رقيق وسبايا في خدمة إمبراطورية خامنئي. وهذا الرفض جاء عاصفاً في أكثر من
انتفاضة شعبية، ولعلَّ أكثرها صفعاً لأحلام ذلك الإمبراطور وأكاذيبه، ما تنقله
الأنباء عن ثورة الشباب التشرينية، التي تقدِّم الدم والروح لامبالية بكل تلك
التضحيات من أجل وقفة عز وكرامة، ورفضاً لـ(الذلة) التي يمارسها الإمبراطور
الفارسي بحق الشعب العراقي.
وأخيراً،
وبالفم الملآن، أعلنها الشباب هاتفين: أخرج خامنئي من العراق، فليس العراق غنائم
حرب لك. بل للعراق رب يحميه، وشباب يقدمون الدم والروح رفضاً لـ(الذلة) وامتهان
الكرامة، واغتصاب الثروات ونهبها باسم الدين وباسم الإسلام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق