الأربعاء، نوفمبر 13، 2019

كلام أرخص من الفضة وسكوت أغلى من الذهب


كلام أرخص من الفضة وسكوت أغلى من الذهب

أن تدافع أحزاب السلطة عن نفسها فهذا شيء طبيعي لأنها متَّهمة بالفساد، وهي تريد أن تغطي على سرقاتها سواءٌ أكان حجمها كبيراً أم كان صغيراً، ومن أجل ذلك تبتكر الوسائل والأكاذيب من أجل إخماد الانتفاضة الشعبية.
ولكنها، على الرغم ممن تُنسِّبه من أعضاء يُعتبرون جهابذة باللغة وفنون إخراج الأكاذيب التي لا تنطلي سوى على المستفيدين أو من المتعصبين لزعمائهم بمنظور طائفي. أو من المفوَّهين في إتقان فنون اللف والدوران. فإنها، خاصة في هذه المرحلة الفاصلة في تاريخ لبنان، تستعين في معاركها الإعلامية بمجموعات من الوجوه الذين يتكرر ظهورهم على وسائل إعلام أحزاب السلطة، ويقدمون أنفسهم كمحايدين، تشغل بالهم هموم الشعب اللبناني، خاصة من الطبقات الفقيرة.
وبذريعة زعمهم بأنهم حريصون على مصلحة الفقراء راحوا يوزعون النصائح على الشعب المنتفض. لعلَّ أخطر النصائح، هي تلك التي تدعوه إلى تعليق انتفاضته خوفاً من وقوعها في أفخاخ المشاريع الخارجية المشبوهة التي، كما يزعمون، تستهدف إثارة الفتنة والفوضى والانهيار الاقتصادي. وهم يقدمون نصائحهم وكأن الوضع في لبنان بخير وعافية.
يتبادر إلى الذهن أن هؤلاء المحامين، المدافعين عن حياض أمراء الطوائف، أنهم من المثقفين لمجرد أنهم حازوا على ألقاب يتم تعريفهم بها على شاشات التلفزة الناطقة باسم أحزاب السلطة، كمثل (رئيس مركز أبحاث) أو (المحلل السياسي الاستراتيجي)، أو (المستشار في هذه الهيئة الثقافية أو تلك)... أو ... أو إلى آخر سلسلة الشهادات والمواقع الثقافية.
إن ما حدا بنا للكتابة عن هؤلاء، لأنهم يلعبون دوراً متناقضاً مع مصالح الجماهير الشعبية الكادحة وهم من أبنائها. وبدلاً من أن يقفوا، خاصة في هذه المرحلة الحساسة،  إلى جانب أبناء طبقتهم، فهم يجعلون من أمراء الطوائف ضحية، وطبقة الفقراء هي الجلاد. وهم يعملون على إجهاض انتفاضة شعبية باهرة طالما حلمت بها القوى الصادقة بوطنيتها وحرصها على مصالح الجماهير الفقيرة.
إنهم باختصار، امتهنوا وظيفة (محامي الشيطان)، وباعوا أبناء طبقتهم بثلاثين من الفضة.
فهل هم مثقفون فعلاً؟
إن الثقافة ليست مهنة، بل هي رسالة. فمن يقف في خدمة السلطة يذهب مع السلطة التي دافع عنها كالموظف المستفيد منها ومن امتيازاتها. ومن يقف إلى جانب مصلحة الجماهير لا تهمه السلطة إذا أقبلت أو أدبرت، بل يظل صامداً لإتمام رسالته الثقافية طالما ظلت مصلحة الجماهير غائبة عن هموم السلطة الحاكمة. فالمثقف إذن هو كل من انحاز إلى مصلحة الجماهير، وليس من انحاز إلى صف تلك السلطة.
وفي معرض إشارتنا، في مقالنا هذا، إلى موظفي السلطة كإعلاميين مدافعين عنها، نناشدهم أن يعودوا إلى ضمائرهم، وإلى حضانة طبقتهم التي نشأوا في أتون آلامها. وأن يتعظوا أخيراً، بأنه إذا كان كلامهم أرخص من الفضة، سيكون سكوتهم أغلى من الذهب.

ليست هناك تعليقات: