عرض كتاب (تهافت الأصوليات الإمبراطورية)
(الحلقة الأولى 1/ 4)
(الفصل الأول والثاني)
تعريف بالكتاب:
صدر
كتاب (تهافت الأصوليات الإمبراطوية، وأو، شروق العصر القومي العربي) في العام
2009، عن دار الطليعة في بيروت، للكاتب حسن خليل غريب.
يقع
الكتاب في حوالي 300 صفحة من الحجم الكبير. ويحتوي على سبعة فصول.
الهدف
من إصدار الكتاب، جهد مضاف إلى جهد المفكرين العرب، في الدفاع عن أهمية الفكر
القومي في بناء الدولة القومية.
وإن
كان الكتاب قد حمل عنواناً رئيساً (تهافت الأصوليات الإمبراطورية) فإنما لكي يبرهن
الكاتب على أن عصر الإمبراطوريات، بمعنى بناء الدول العابرة للحدود القومية، قد
زال، أو يجب أن يزول بعد إسقاط الإمبراطورية العثمانية، كآخر مظهر من مظاهر
الإمبراطوريات التقليدية التي عرفها التاريخ والتي ابتدأت بتأسيس إمبرطورية
الإسكندر المقدوني القادم من خارج البيئة الجغرافية لمنطقتنا العربية.
ولكن
على العكس من ذلك، فقد استمرَّ المنهج الإمبراطوري التقليدي لأنه لم تتغيَّر
الأيديولوجيا التي بُني عليها. وكان القرن العشرون قرناً يؤسس إلى مرحلة
النيوإمبراطورية، وظهرت بأشكال وألوان مختلفة الأهداف والمناهج والوسائل.
إن
الكاتب يوزِّع رؤيته إلى مرحلتين:
-المرحلة
الأولى:
نقدية تتناول واقع الإمبراطوريات السابق والراهن، وأسباب تهافتها لأنها أثبتت
فشلها في قيادة العالم نحو السلام أولاً، وغياب مبادئ العدالة والمساواة بين أبناء
البشرية. وهذا يعني تهافتها وفشلها.
-المرحلة
الثانية:
إعطاء البديل القومي، وسوق البراهين النظرية والعملية لإثبات نجاعتها في تحقيق
السلام العالمي من جهة. وتحقيق مبادئ العدالة والمساواة بين أبناء المجتمع الواحد
على طريق عولمتها في المراحل اللاحقة من جهة أخرى.
لذلك
تناول الفصل الأول من الكتاب، كفصل تمهيدي، وبإيجاز، تاريخية مشاريع الإمبراطوريات
الجديدة، ومناهجها الفكرية والسياسية. وحصرها باثنتين رئيستين، بعد انهيار مشروع
الإمبراطورية السوفياتية، وهما: المشروع الجديد للإمبراطورية الأميركية، والمشاريع
الإمبراطورية لحركات الإسلام السياسي في المرحلة الراهنة.
المرحلة النقدية للأصوليات الإمبراطورية
-المرحلة
الأولى: وتناول الباحث المرحلة الأولى بأربعة فصول: ولأنه يمثل المشروع
الخارجي الأخطر على سيادة الدول، وخاصة الأمة العربية. فقد خصَّص الباحث المشروع
الجديد للإمبراطورية الأميركية، المُسمَّى بـ(القرن الأميركي الجديد)، بفصلين
اثنين:
-الفصل
الأول،
وجاء
تحت عنوان: (التكوين الإيديولوجي للمحافظين الجدد، ذو أبعاد شوفينية عرقية وطبقية
واقتصادية).
لقد تزعَّم هذا
المشروع، وخطط له أصحاب الشركات الكبرى؛ وهذا ما يؤكد أنه ذو أبعاد رأسمالية، راح
يستغلُّ كل الأيديولوجيات لمصلحة مشروعه. ولأن الأيديولوجية الصهيونية تمتلك المال
والتأثير الديني، كانت الأكثر تأثيراً في قيادة المشروع والعمل على تنفيذه. ولهذا
عرض الباحث أصوله ومضمونه الأيديولوجي القائم على نظرية نهاية التاريخ عند حدود
المفهوم الديموقراطي الرأسمالي. وبرهن على ارتباط أيديولوجيته بالنظرية الماورائية
لليمين المسيحي المتصهين، ذي العلاقة الوثيقة بالنظرية الصهيونية، والرامي إلى
بناء العالم من جديد على أسس استعادة مجد هيكل سليمان على أرض فلسطين. وعلى الرغم
من تباين تياراته، إلاَّ أنهم اتفقوا على الاستراتيجية العامة، واختلفوا حول
التفاصيل. هذا وقد واجه من جهة أخرى بعض التيارات المعارضة للمشروع، وأعلنت رفضها
له.
الفصل الثاني
باحتلال العراق يكتمل المشروع الإمبراطوري الأميركي
-والفصل
الثاني: عرض فيه المؤلف وسائل تطبيق المشروع، مستنداً إلى التقارير
المنشورة أولاً، وإلى وقائع ما جرى ثانياً. وجاء فيه أن تنفيذ المشروع يجب أن يبدأ
باحتلال العراق ليس عسكرياً فحسب، وإنما اجتثاث فلسفة البعث، بما عُرف
بـ(استرتيجية حرب الأفكار) أيضاَ. وفي النهاية سيُتوِّج المشروع أهدافه بالسيطرة
على العالم كله، سياسياً وعسكرياً واقتصادياً. وهذا ما حصل فعلاً، فقد زرعت
الصهيونية العالمية في ذاكرة جورج بوش الإبن، أن الله قد أرسله لتنفيذ المشروع
التلمودي، الأمر الذي اتخذ فيه قرار احتلال العراق راكلاً فيه القوانين الدولية
بـ(رجله) حسب تعبيره. وهذا ما أكدته الوقائع من خلال رفض بعض الدول مشروع القرار
الأميركي باحتلال العراق.
عرض الباحث في
الفصل الثاني، وقائع الإعداد للمشروع، سياسية وعسكرية ومالية، وعدَّد بالأسماء كل
المسؤولين والمؤسسات الرسمية في إدارة الرئيس بوش التي شاركت في كل خطوات تنفيذه
في العراق.
وفي هذا الفصل،
وبفعل انطلاق المقاومة الوطنية العراقية، أسَّس الباحث لخطوات التنفيذ التي باءت
بالفشل خطوة تلو الأخرى. وعرض لتأثير المقاومة على فرض التراجع العسكري لقوات
الاحتلال، بدءًا بانسحاب حلفاء أميركا واحداً تلو الآخر، وصولاً إلى إعلان الفشل
الأميركي وقراره بالانسحاب. وهذا ما أذهل المخططين والمنفِّذين، الأمر الذي أرخى
بظلاله على بداية انهيار المشروع برمته.
وعرض الباحث، في
هذا الفصل، وقائع انهيار منظومة (مشروع القرن الأميركي)، من عسكريين وسياسيين
ومفكرين. وعرض الباحث لعدد من تفاصيل سقوط الصقور منهم:
-سقوط الفريق
السياسي والعسكري: ريتشارد بيرل، بول وولفويتز، دوغلاس فيث،
دونالد رامسفيلد، جون بولتون، سقوط الفريق العسكري.
- سقوط فريق
المفكرين وتحميل الخطأ بالوسائل وزر الفشل:
-انسحاب
فرنسيس فوكوياما، منظِّر المشروع الفكري، بكتابه الشهير (نهاية التاريخ). وهو
الإيديولوجي المفضل لدى الجمهوريين، إذ تراجع عن أفكاره ونظرياته السابقة في كتابه
«أميركا على مفترق الطرق». وبانسحابه تلقى المحافظون
الجدد ضربة قاسية. فظهر في كتابه الجديد وكأنه يجري جردة حساب
بعد فشل وهزيمة نظريته في العراق. ومع ظهور كتابه الأخير، بات المحافظون الجدد
«تحت مرمى النيران الصديقة». وعلى الرغم من أنه بشر بنهاية مرحلة المحافظين الجدد
بعد العام 2008، فقد أشار إلى أنهم سيتواجدون دوماً، وسيبقى لهم أنصار في الادارة ونفوذ فيها على نحو ما.
-
زبغنيو بريجينسكي: وقد عبَّر بريجنسكي عن استيائه بوضوح، وعن
افتراقه عن إدارة جورج بوش، قائلاً: لقد أضحى البيت الأبيض قلعة مظلمة مهووسة
بالأمن والسيطرة، ومصابة برهاب الارتياب، وقاربت من حدود النزعات العنصرية التي
تلقي بظلالها السوداء المخيفة على العالم من حولها. لذا لا عجب في أن تهوى صورة
أمريكا حول العالم.
ولهذا وصل الباحث
إلى إعلان تهافت المشروع الإمبراطوري الأكبر والأكثر خطورة في تاريخ البشرية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق