(نقلاً عن صفحة اللجنة التحضيرية لإحياء
الذكرى):
ثورة السابع عشر – الثلاثين من تموز 1968 بقيادة صدام حسين
مقاومة مستمرة ضد المشاريع الصهيو أميركية
وأطماع دول الإقليم الجغرافي غير العربي
بالمفهوم
العام، تعتبر الثورة انقلاباً جذرياً ضد الواقع الفاسد. وبهذا المعنى كانت ثورة
الثلاثين من تموز 1968 ثورة بالفعل على الرغم من أنها تحققت بفعل انقلاب عسكري.
فلا تأخذ الثورة معناها من الوسيلة بل تكتسبها من أهدافها، وهكذا فرضت الثورة
نفسها من خلال سلسلة من أهداف حزب البعث العربي الاشتراكي القائمة على مبدأ الوحدة
العربية في مواجهة واقع التجزئة العربية؛ والحرية في مواجهة الديكتاتورية؛
والاشتراكية، بمعنى تعميم العدالة والمساواة، في مواجهة الرأسمالية التي تعمل من
أجل مصالح الطبقات الغنية والميسورة. وبمجموع تلك الأهداف واجهت الثورة كل القوى
التي تقف في صف التجزئة العربية وتعميم ديموقراطية الطبقات الغنية بديلاً
لديموقراطية العدالة والمساواة. ووفق ذلك كله اتخذت ثورة الثلاثين من تموز سمتين
أساسيتين: الثورة الداخلية على شتى الصعد والمستويات، ومقاومة الأطماع الخارجية من
أي جهة أتت.
فثورة
الثلاثين من تموز 1968، كانت تمثل سمات المقاومة المستمرة بشكل دائم ومستمر:
-على الصعيد الداخلي: أحدثت انقلاباً واسعاً على كل الأرث السابق، فهدمت كل الأسس والمبادئ التي
قامت عليها الأنظمة السياسية المتعاقبة على العراق، وقامت ببناء هياكل جديدة من
العقائد تصب في مصالح أوسع الجماهير الشعبية.
-على الصعيد القومي: نقد دائم لأداء أنظمة التجزئة والتبعية للخارج، والدعوة إلى بناء الشخصية
العربية القادرة على تحرير الأمة من أنظمتها التابعة للأجنبي والسائرة في ركاب
الرأسمالية العالمية.
-على صعيد مواجهة
الاستعمار والصهيونية بشكل مباشر حيثما حصل احتلال لأرض عربية، وكانت فلسطين في
المقدمة من تلك الأهداف. كما على مواجهة المخططات الأمبريالية في إسقاط كل الأنظمة
التي تًظهر الممانعة لمشاريع تلك الأمبريالية.
من
كل ذلك مارست ثورة تموز فعل المقاومة والبناء، ولأنها كانت كذلك ظلَّت عرضة للتآمر
والعدوان المستمرين طوال عقود استلامها السلطة في العراق.
هذا
الجانب الثوري القائم على البناء والمقاومة، كان يتم في ظل وجود قيادة وطنية
العقيدة، تلك القيادة التي شكَّلت بتكاملها حزمة صعبة الاختراق. فبوحدة عقيدتها
ووحدة صفوفها استطاعت أن تجذب إليها أنظار الجماهير الواسعة وتحظى بتأييدها. وليس
من الاستثنائي أن يكون على رأس القيادة شخصية فذَّة كمثل صدام حسين، بل هي من
قواعد نجاح أية قيادة في تطبيق رسالتها. ولم يكن حزب البعث هو الاستثناء الذي محض
تلك القيادة ثقته، وأعلن ولاءه للشخص الأول في تلك القيادة، فشعوب الأرض كلها محضت
الولاء لأشخاص حكموا بلدانهم بمصداقية ثورية، وأعلنوا رمزيتهم. ولن نختزل نضال
الشعوب بفرادة أشخاص، بل إن تلك الشعوب هي التي ميَّزتهم ووضعتهم في المقدمة، ولا
يفوتنا هنا أن نستذكر نلسون مانديلا، والمهاتما غاندي، والجنرال جياب، وفيديل
كاسترو، وجمال عبد الناصر، وعمر المختار، وهناك الآلاف غيرهم ممن احتلت أسماؤهم
كتب التاريخ منذ بداية تكوين الإنسان على ظهر هذه البسيطة.
فعندما
نتكلم عن صدام حسين فنحن نتكلم عن منظومة قيادية تبنَّت عقيدة ثورية من أهم
أهدافها بناء أنظمة تكافح التخلف في الداخل وتقاوم عوامل الخارج. وقد أثبتت
القيادة الوطنية في العراق، برئاسة صدام حسين، مصداقيتها الثورية. ولذا كانت في
الوقت الذي تبني الداخل على أسس جديدة، كانت أيضاً تعد لمقاومة الخارج الذي لم
يبطن أهدافه في الهيمنة على القرار العراقي فحسب، بل استخدم وسائل الترهيب العسكري
والأمني. وقد ازدادت وتائر تلك التهديدات منذ التسعينيات من القرن الماضي، ونفذتها
في عدوان العام 1991. واستكملت وسائلها بالضغط معتقدة أن العدوان الآنف الذكر
سيرغم الحكم الوطني في العراق على الركوع وتسليمه لقمة سائغة لأطماع الرأسمالية
والصهيونية، ولم تفلح وسائل الترهيب، فاستكملها الاستعمار بحصار جائر، واختلق
الأكاذيب من أجل تبرير عدوانه، الأكذوبة تلو الأخرى.
لم
يكتف النظام الوطني بمقاومة وسائل الترهيب واعتبر أنها إحدى الوسائل المرحلية التي
يمكن للاستعمار استخدام غيرها عندما يفشل بالضغط على العراق، لذا راح النظام
الوطني يعد نفسه لمواجهة أقسى أنواع الوسائل العسكرية. وتأكيداً منه على أن موازين
القوى العسكرية لا تسمح للعراق برد العدوان، راح يعد الشعب العراقي للمقاومة
الشعبية الوسيلة الوحيدة التي تمنع الاحتلال، إذا حصل، من الاستقرار والبقاء
طويلاً. وقد دلَّت التقارير المنشورة على صحة هذه الحقيقة. وهي التي لم تحسب لها
دوائر الاستعمار حساباً. وبالفعل فقد أرغمت قوات الاحتلال على الإقرار بالهزيمة
بعد أن لاقت من المقاومة العراقية البأس الشديد، والتصميم على تحرير العراق.
فلو
طُلب منا أن نحدد يوماً لانطلاقة المقاومة الشعبية العراقية لكان ردنا: إن
المقاومة الشعبية كانت تمثل نهجاً للحكم الوطني وعقيدة في مواجهة الاستعمار
والصهيونية. والمقاومة هي السلاح الأفعل والأشد فتكاً بالجيوش النظامية حتى ولو
امتلكت تلك الجيوش إمكانيات تعادل ما تملكه الولايات المتحدة الأميركية. وقد أثبتت
التجربة مصداقية تلك الاستراتيجية وصحة مبادئها ومنطلقاتها على أرض العراق في
مواجهة الاحتلال الأميركي الذي كان مدعوماً بقوات من عشرات الدول. وإذا كانت
أميركا قد تعلمت درساً لن تنساه أبداً، فإن غيرها لم يتعلم الدرس حتى الآن. ويأتي
النظام الإيراني في هذا السياق بشكل رئيسي، إذ ما يزال مصراً على إنجاح احتلاله
للعراق، ولكن ستثبت له المقاومة العراقية التي ما تزال مستمرة بزخمها وإرادتها على
التحرير وإن كان بوسائل أخرى.
إن
التاسع من نيسان من العام 2003، كان الحد الفاصل بين وسيلتين للمقاومة: المواجهة
النظامية، والمقاومة الشعبية. فباحتلال بغداد، في ذلك التاريخ، أصدر الرئيس صدام
حسين البيان الرقم واحد واحد من منطقة الأعظمية بانتقال الجيش العراقي من صفحة
المواجهة العسكرية إلى صفحة الحرب الشعبية الطويلة الأمد. وحينها أعلن في ساحة
الأعظمية مؤكداً أن الشعب الذي يقاوم سينتصر حتماً، لأن «القراءة التاريخية الحقيقية والواضحة أنه لا بد من النهاية لكل
احتلال وعدوان وتبقى العزة للشعوب ... «. وأكد على
واجب مواجهة الاحتلال، لأن فيها كسباً لـ«شرف المقاومة للدفاع عن ديننا ووطنا وشرفنا«، مشيراً إلى أن «الشعب والجيش والقيادة العراقية فى المقدمة قد تعاهدوا على
الاستمرار ... حتى النهاية...
«.
وتأكيداً لمصداقية الدعوة، وفي 22/ 4/ 2003، صدر عن »قيادة المقاومة
والتحرير« العراقية بيان يعلن مواصلة القتال، وهذا أهم ما جاء
فيه:
»منذ يوم
10/4/2003 ورجال ونساء المقاومة والتحرير يخوضون عمليات قتالية ما بين الهجوم
الخاطف والعمليات الاستشهادية، ولصعوبة إصدار بيانات في وقتها بسبب إعادة ترتيب
بعض الأولويات الجهادية، فقد مرت الأيام ونحن نخوض حرباً لتحرير العراق العظيم من
قوات هولاكو العصر المجرم بوش والمجرم بلير والصهاينة الخاسئين... «.
وحثَّ البيان العراقيين على القتال قائلاً: »جاهدوا وقاتلوا حتى يخرج المحتل وقاطعوه واصبروا
فرضى الله والوطن أهم من كل الحاجات وقاطعوا الخونة ومن سهل للعدو الدخول للعراق«.
وأكد البيان أن: »العمليات
الجهادية في عراق العروبة والإسلام مستمرة يومياً والله والله والله سيندم الغزاة
الكفرة والقتلة واللصوص وكل من تعاون معهم«.
واستمرت المقاومة وهي تحقق
النصر تلو الآخر على الرغم من أنها تتعرض لكل أنواع المؤامرات، بعضها يبتدئ من
التعتيم على أدائها، مروراً بتشويهها، وانتهاء بمحاولات تصفيتها بشتى الوسائل
والسبل. وعلى الرغم من كل ذلك، يبقى أبطال الجيش العراقي الوطني عاموداً أساسياً في
بنيانها واستمرارها. كما يبقى صدام حسين قائدها وملهمها. وإذا كان صدام حسين مع
بعض قادتها قد نالوا شهاداتهم. وبعض من قادتها يعانون من الأسر وويلاتها. فإن
المقاومة بخير ما دام يقودها الرفيق عزة ابراهيم محاطاً بعدد من القيادات التي
أثبتت كفاءتها وجدارتها، محروسين بعشرات الآلاف من البعثيين، وما يماثلهم من
التنظيمات والفصائل المقاومة الأخرى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق