الإمبراطور الأميركي المهزوم
يقاتل في العراق بسيف كسرى
لقد ولَّى عصر تحقيق أحلام الغيب، وانهزم
أمام معادلات العلم والمنطق. وعلى الرغم من كل ذلك، فقد استعاد النظام الإيراني
ذلك العصر، وهو الآن غارق حتى أذنيه في أضغاث أحلامه. والحقيقة الأشد مرارة،
والأكثر إثارة للاستغراب، هو أن يجد النظام الإيراني من يشد على يديه مباركاً له
ما تحقق من أحلامه حتى الآن، ومشجعاً له على تحقيق ما لم يحققه حتى الآن. وإذا كان
ربُّ البيت الإيراني على أنغام غيبياته يعزف، فما على من انقاد لغيبياته وصدَّقها
إلاَّ أن يرقصوا. فالشبيه يتلاقى مع شبيهه، ولولا ذلك لما أخذ مناصروه يعلنون
مباركتهم له.
إن من أضعف الأحلام الغيبية هو الحلم الذي
ما يزال يراهن على أن عصر الإمبراطوريات الكبرى يمكن استعادته، ومن أكثر الموبؤين
به هما: حلم الإمبراطورية الأميركية الآتي من الغرب على وقع حسابات أصحاب المصالح
الكبرى، وحلم الإمبراطورية الفارسية القادم من الشرق على وقع أحلام الملالي
وغيبياتهم. وما يجمع المشروعين معاً هو الطمع بخيرات الأرض العربية، وليس كما يزعم
أولهما أنه أتى ليهب العراقيين نسمات الديموقراطية، أو كما يزعم الثاني أنه أتى
ليعيد الحق بالخلافة لمن غُصِبَت منه.
وعن ذلك، ومن الثابت تاريخياً أن الأرض
العربية كانت محطة لأطماع إمبراطوريتيْ الفرس والروم، لأنه في ذلك العصر لم يكن
عصر الدول القومية المعترف بحدودها قد بزغ. ولذلك استباحت الشعوب القوية أراضي
الشعوب الضعيفة واحتلتها واستغلت خيرات أرضها، وجهد فلاحيها ومزارعيها. وكان
القانون الذي يرسم حدود الدول هو المدى الذي تقف عنده جيوش الدول الغازية.
قم يا علي لترى أن الفرس يقاتلون بسيفك
لاستعادة حقك وحق أبنائك بالخلافة،
قم لترى أنهم تواطأوا مع الروم، وراحوا معاً
يعبثون بالأرض التي رفضت من أجل كرامتها أن تقاتل معاوية. رفضت أن تقاتله عندما
تواردت الأخبار عن عزم الروم غزوها مستغلين خلافكما حينذاك.
قم يا محمد العربي لترى أن الأرض التي
حررتها من هيمنة الفرس والروم، ها هي تتعرض للاحتلال على أيدي الذين يحملون سيفك.
وهل أقبح من مشهد ترى فيه يداً تستل سيف
الحق لتعيد للباطل مكانته ونفوذه؟
أليس الحق أن علياً توقف عن قتال معاوية
عندما علم بعزم الروم على استعادة أمجاد إمبراطوريتهم؟
أليس الباطل أن يتعاون من يحملون سيف علي مع
الروم؟
أليس الحق أن محمداً حرِّر الأرض العربية من
احتلال الفرس والروم؟
أليس الباطل أن يحتل الأرض العربية اليوم من
يحمل سيف محمد الذي قام بتحريرها بالأمس؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق