رسالة
إلى أوباما:
دخول
إيران إلى العراق كان خطأً أميركياً وأميركا مسؤولة عن إخراجها منه
بعد قراءتنا لخطاب
أوباما يوم الأربعاء بتاريخ 5/8/2015، في كلية الخدمة الدولية بالجامعة الأميركية في واشنطن،
واعترافه بأن إدارة جورج بوش قد ارتكبت خطاً كبيراً في شن الحرب على العراق، ولأنه اعتبر أن الدخول الإيراني كان من أحد تلك الأخطاء، وبدلاً من أن يعمل
من أجل تصحيح ذلك الخطأ، راح يقنع الأميركيين بضرورة الاعتراف بأهمية سلوك دروب
الحلول الديبلوماسية مع إيران حول ملفها النووي، بينما تناسى أن النظام الإيراني
تسلل إلى العراق عن طريق القوة العسكرية الأميركية وعلى أميركا تقع مسؤولية إخراجه
منه لأنها كانت السبب.
لقد تناسى أوباما
هذه المسألة كلياً بينما هي بالذات تشكل المسألة الأساسية التي هي بحاجة للحل بعد
اعترافه بالخطأ، وتناسى أنه هو المسؤول الأول عن إخراج إيران من العراق لا أن
يلهينا بأهمية سلوك الأساليب الديبلوماسية مع دولة تحتل دولة أخرى بقوة السلاح
والحرب والعدوان.
ولأنه لم يفعل ذلك،
تأكَّد أن هناك إنفصاماً بين توصيفه الأسباب والنتائج بشكل سليم، بينما
كان عليه أن يُكمل تصحيح أخطاء الإدارة الأميركية السابقة بدعوة إيران للانسحاب من
العراق، أي بإزالة كل آثار الخطأ الأميركي الأساسي.
لقد بدا أوباما،
رئيس الولايات المتحدة الأميركية، في توصيفه الاحتلال الأميركي للعراق، كمحلل في
المختبر جديراً بالثقة، ولكنه في وصفه للعلاج كان مثال الطبيب الفاشل الذي يداوي
جراح العراق العميقة بـ(قشر البطيخ الإيراني).
تصريح أوباما جريء
وتشخيصه سليم
كمحلل في مختبر، اعترف أوباما صراحة بأن الحرب التي قادتها
الولايات المتحدة ضد العراق أدَّت إلى سلسلة من الأخطاء، ومن أهمها كما جاءت في
خطابه المذكور:
-كان احتلال العراق عملية
غزو، وإن قرار الغزو كان خاطئاً. واعترف أيضاً أن أميركا قد خسرت هذه الحرب بشرياً
ومادياً واستراتيجياً.
-واعترف أن الحرب سهَّلت
لإيران السيطرة على العراق. وأكَّد بأن أميركا خسرت، وأن
الرابح الوحيد كانت إيران. وبمثل هذا الاعتراف يؤكد بأن إيران سيطرت على العراق
مستفيدة من خطأ أميركي، يعني أن تلك السيطرة كانت خاطئة. والمنطق ينص على أن من
يستفيد من خطأ الآخرين يصبح في موقع من ارتكب الخطأ ذاته، ويجب أن تتم مساءلته
ومحاسبته على هذا الأساس.
-ولأن القرار الأميركي
كان خاطئاً، كان على الرئيس الأميركي أن يزيل أسباب هذا الخطأ فانسحب من العراق في
أواخر العام 2011.
-ولأن إيران كانت الرابح
الوحيد من ذلك الخطأ كان على أوباما، بصفته رئيساً للدولة التي ارتكبت قراراً
خاطئاً، أن يأمر إيران بأن تنسحب من
العراق كما انسحبت أميركا منه.
الحل الذي اقترحه أوباما خارج عن كل المقاييس المنطقية
إن الذي يقدِّم تشخيصاً سليماً للخطأ لا بد من أن يقدم حلاً سليماً.
ولكن أوباما لم يفعلها. فلنستعرض الحل الذي قدَّمه.
قال
أوباما: إن الذين قاموا بغزو العراق من المسؤولين الأميركيين، ذات (العقلية التي تتسم بتفضيل العمل العسكري على الدبلوماسية)، هم
الذين يقفون وراء عرقلة الاتفاق النووي مع إيران. ولأن أوباما (عارض قرار الحرب في العراق) كما يزعم، فقد أعلن في خطابه الأخير: (إنه
ليس على أميركا فقط وضع حد لهذه الحرب، وإنما أيضا علينا أن نضع حدا للعقلية التي
أوصلتنا إلى هناك في المقام الأول). ويريد بذلك أن يقنع الأميركيين بأهمية
الحلول الديبلوماسية مع إيران بصدد ملفها النووي.
وهذا
كلام جميل ويراعى كل المكاييل الإنسانية والقوانين الدولية. وانسجاماً مع ذلك، كان
على أوباما، كرئيس لأميركا يؤمن بوضع حد لعقلية الحرب والعدوان، أن يدعو إيران إلى
وضع حد لعدوانها على العراق، لا أن يتناسى كل ذلك ويدعو إلى حلول ديبلوماسية مع
دولة تمارس العدوان على الآخرين.
نحن مع أوباما في أن تستخدم أميركا الوسائل الديبلوماسية في علاقاتها
مع الدول الأخرى، ولكنه في خطابه المذكور يجافي المنطق تماماً لأنه كان عليه أن
يصحح الخطأ، الذي ارتكبته الإدارة الأميركية السابقة بحق العراق، وذلك بإرغام
النظام الإيراني، الذي دخل العراق بمساعدة من الاحتلال الأميركي، على الخروج منه.
وبغير ذلك، أي بغير أن تزيل الولايات المتحدة الأميركية كل آثار
الخطأ الذي وقعت فيه ومنها السماح لإيران بأن تقوم باحتلال العراق تحت سمع وبصر
أميركا ومشاركتها وسكوتها، أي بغير أن تدعو إيران للانسحاب كلياً من العراق فلا
معنى لكل جرأته بالاعتراف بأخطاء أميركا. فكأنه بذلك لم يعترف ولم يكن جريئاً.
ولأنه لم يقدم حلاً لقضية العراق بخصوص دفع إيران للانسحاب بعد تلك الجرأة، فلذلك
ندينه ونعتبره مخادعاً ومخاتلاً. كما نعتبره كالطبيب الذي يداوي جروح العراق بقشور
البطيخ الإيراني.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق