الجمعة، أغسطس 07، 2015

جون كيري هل جئت تطفئ ناراً أم تشعل في الخليج العربي ناراً؟


جون كيري هل جئت تطفئ ناراً أم تشعل في الخليج العربي ناراً؟



مرة أخرى وأخرى يجول جون كيري بين دول الخليج العربي لكي يسوِّق الاتفاق النووي مع إيران. أي جال جون كيري، ويجول، وسيجول، من أجل إطفاء النار الخليجية المشتعلة خوفاً من الخطر الإيراني الذي يحيط بها من الجهات الأربع. فهل يفلح في جولته الأخيرة، ما أخفق به هو ورئيسه أوباما في الجولات الأخرى؟

سؤال يتردد في ذهننا طالما لم نجد حتى الآن الجواب الشافي والواضح والبعيد عن وسائل الديبلوماسية المهذَّبة التي غالباً ما لا تؤكد خبراً أو تنفيه. وهذا هو حالنا، لأننا سنبقى في حيرة من أمرنا إذا لم يصدر تصريح علني وصريح يعرب عن أسباب خوف دول الخليج الرئيسية. فهل سيصدر؟

إننا نشك بكل ذلك، لذا فما علينا إلا سلوك طريق التحليل والاستنتاج المبني على ما نعتقد أنها أسباب حقيقية تقف وراء مخاوف دول الخليج العربي من مخاطر الإيديولوجيا الإيرانية في هذا الوقت أكثر من أي وقت مضى.

ولأننا نستند، في ظل غياب الإعلانات الصريحة، إلى تحليل الأهداف الإيديولوجية للقوى الضالعة بالعدوان على الأمة العربية، فإننا ننظر إلى أيديولوجيا النظام الإيراني وليس إلى مظاهر السياسة التي ما تكون غالباً مضلِّلة، لنجد أن مبدأ تصدير الثورة الإيرانية هو أكثر ما يخيف فيها. وقد أدركت دول الخليج تلك الحقيقة خاصة عندما أخذت أذرع تلك الإيديولوجيا تتمدد في معظم أنحاء الوطن العربي.

جون كيري وزير مخادع ومنطقه في تظهير القضايا تضليلي بامتياز

جون كيري إنك تخادعنا ورب الكعبة لأنك لا تعالج الأسباب الحقيقية لمخاوفنا، ومخاوف دول الخليج. لقد قام جون كيري بجولته ليطمئن تلك الدول بأن الاتفاق النووي مع إيران لا يشكل خطورة على الأمن الخليحي. ومن النظر فيما يسوِّقه كيري وبين الأسباب الحقيقية للمخاوف فرق شاسع. فالاتفاق النووي ليس سبباً حقيقياً للخوف الذي ينتشر في أجواء الخليج أنظمة وشعوباً. لماذا؟

إذا كان امتلاك النظام الإيراني للقنبلة النووية لا يعني إمكانية استخدامها، إذن فلامخاوف منها. ولكن المخاوف تأتي من الإيديولوجيا التي توجِّه سياسة ذلك النظام. تلك الإيديولوجيا تستطيع أن تضلل عقول المتعصبين والجهلة ممن اعتقدوا بضرورة حماية المذهب الديني.

لهذا، وعلى العكس مما يروِّج له وزير خارجية أميركا، نرى أن تلك الإيديولوجيا تشكل عاملاً مهماً في احتلال إرادة تلك العقول المضللة. فإذا كان جون كيري قد قزَّم سبب الخوف واختزله بالدفاع عن أن الاتفاق النووي لا يشكل تلك الخطورة التي تخشاها تلك الدول، فيكون قد بدأ يمارس وسائل الخداع التي اشتهرت بها الولايات المتحدة الأميركية بتغليف أهدافها الحقيقية بالتركيز على قشور الأسباب الخارجية، من أجل التعتيم على جوهر تلك الأسباب.

جون كيري في واد، ورئيسه أوباما في واد آخر:

جون كيري، إسأل رئيسك عن حقيقة الأسباب التي كانت وراء غرق الوطن العربي في بحور من المآسي. فهل لم يشاركك بحقائقها، ولكنه دفع بك لكي تزورنا ضاحكاً على ذقوننا؟

 

الرئيس الأميركي أوباما يعلن أن احتلال العراق كان السبب في تعزيز الدور الإيراني وانتشار الإرهاب:

لقد شخَّص رئيسك أوباما الأسباب، ووضع بشكل غير مباشر قواعد أساسية لحل حقيقي، وإذا كنت لم تطلع عليها، فسننقلها لك كما وردت على لسانه بتاريخ 5/ 8/ 2015، في كلمته التي ألقاها في الجامعة الأميركية بالعاصمة واشنطن. والتي فيها حدد الأسباب الحقيقية لإغراق الوطن العربي في محيطات تلك المآسي، تعود إلى ما يلي:

-ما حصل في الوطن العربي يعود إلى تبعات الحرب التي شنتها الادارات الأميركية السابقة في العراق. لافتاً إلى أن "ظهور القاعدة وبعدها داعش كلها نتيجة تلك التبعات". وأعترف أن الحرب الأميركية على العراق كانت خطأ كبيراً.

-وبين الرئيس الأميركي أن "النتيجة الوحيدة التي حصلت عليها أميركا من حرب العراق هو تعزيز دور ايران بعد ازالة خصومها". وأعلن أن هذا الأمر "ساهم بشكل كبير في مضاعفة قوة إيران في المنطقة." وأكد أن إيران هي المستفيد الوحيد من ظهور التنظيمات الإرهابية في العراق.

إلى هنا، نعتبر أن تشخيص أوباما سليم وصحيح. وإذا علمنا أن ملف إيران النووي لم يكن في تلك المرحلة، أي مرحلة احتلال العراق،  قد ظهر إلى العلن، وحتى إلى الوجود، يعني هذا أن خطورة الدور الإيراني سبقت ذلك الملف، وهذا يعني أن إقراره أو عدم إقراره ليس هو المشكلة، بل المشكلة الحقيقية تكمن في الأسباب التي حددها الرئيس الأميركي، والتي حصرها بشكل صريح وواضح في أن تعزيز دور إيران في العراق والمنطقة جاء بعد إسقاط النظام الوطني في العراق، وليس في امتلاكها القنبلة النووية أو عدم امتلاكها. حينذاك كان مبدأ تصدير الثورة هو أكثر خطورة من امتلاك إيران القدرة النووية. وعندما فتح الاحتلال الأميركي أمام إيران البوابة الشرقية للوطن العربي التي كان يحرسها النظام الوطني في العراق، انفتحت شهية نظام (تصدير الثورة) الإيراني على مصراعيها. وتلك حقيقة أكدها أوباما. وانطلاقاً من تلك البداية راح الدور الإيراني يتوسع وينتشر ويزداد خطورة.

ونتيجة لكل ذلك، نتوجَّه بالسؤال إلى جون كيري، فنقول:

لقد قدَّم الرئيس الأميركي الحل في معرض تحديده للأسباب الحقيقية، والحل لن يكون بأقل من إخراج إيران من العراق، وإعادة العراق إلى أهله الحقيقيين وليس المزيفين الذين استخدمتهم الإدارات الأميركية السابقة، ولن نستثني أوباما من المسؤولية، فهو الذي يتحمل وزر أخطاء أسلافه. يتحمل المسؤولية مضاعفة لأنه يدرك أخطاء أسلافه، ولأنه استلم كرسي القرار لسنوات سبع كان عليه أن يتدارك الخطأ ويقوم بتصحيحه وتقديم المعذرة للعراق ولكل أقطار الأمة العربية الذين هم في مصاف المتضررين من الدور الإيراني ومن انتشار الحركات الإرهابية أينما كان.

ولكن هل يفعلها أوباما؟

لن يفعلها أوباما، وكذلك جون كيري، وهذا ما أكده الرئيس جيمي كارتر، الذي قال في معرض رده على سؤال وجهه إليه برنامج توم هارتمان الإذاعي، بتاريخ 6/ 8/ 2015، فقال ما يلي:

إن النظام الأميركي السياسي الآن، هو مجرد حكم أقلية، وأصبحت الرشوة السياسية غير المحدودة جوهر الحصول على الترشيحات لمنصب الرئيس. وينطبق الشيء نفسه على حكام الولايات، وأعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي، وأعضاء الكونغرس من الديمقراطيين والجمهوريين، وجميعهم ينظرون إلى هذا المال غير المحدود كأمر ذي فائدة كبيرة بالنسبة لهم.

وإذا كان من الواضح أن من يمسك بالقرار الأميركي هي تلك الأقلية التي أشار إليها جيمي كارتر، والتي يعبِّر عنها البعض الآخر بـ(الحكومة الأميركية الخفية).

وإذا كانت أهداف تلك الأقلية هي تكديس الثروات حتى على حساب كل القيم الإنسانية. ومن أهم تلك الأهداف المرسومة لوطننا العربي هو تنفيذ تقسيم جديد لأقطاره يضمن الهيمنة الدائمة عليه.

ولأن مبدأ تصدير الثورة الإيراني هو من العوامل الضرورية والأساسية لضمان نجاح المشروع.

ولأن إمساك إيران بالمفاصل الأساسية في العراق ما يعزز دورها ويقويه أمام شركائها الأميركيين، ولأنها تشكل مصدر التخويف الفعلي لدول الخليج.

يصبح من الواضح جداً أن بقاء النظام الإيراني، بإيديولوجيته المذهبية، يشكل عاملاً أساسياً لن تتخلى عنه حكومة الأقلية في الولايات المتحدة الأميركية. ولكل ذلك يجول جون كيري حاملاً على ظهره كل وسائل الخداع الأميركي من أجل ترغيب دول الخليج وترغيبهم كي يضبط حركتهم حول المحور الأميركي. وكانت من أكثر وسائل خداعه فظاظة هو أنه قام بنقل البشرى إليهم بأن بلاده ستقوم بتسريع تزويدهم بالأسلحة كضمان، كما يحسب، لمواجهة أي خطر إيراني.

وهل يستطيع أن يمرر خدعته الجديدة القديمة؟

جون كيري، فلتعلم أن مسألة تزويد دول الخليج بالأسلحة هي حاجة اقتصادية لمنتجي الأسلحة الأميركيين وتجاره قبل أن تكون حاجة دفاعية لدول الخليج. فالسلاح معروض على أرصفة كل الدول الأخرى ونحن نملك ثمن ذلك السلاح، فلا تطعمنا جوزاً فارغاً.

وإذا كنت تريد أن تضمن حماية العرب، وبالأخص منهم دول الخليج، فما عليك إلاَّ أن تلجم جماح التغول الإيراني، وأن تساعد على اجتثاث مبدأ تصدير الثورة، أي مبدأ تصدير الإرهاب على الطريقة الإيرانية.

ولكن على من تقرأ أكاذيبك يا جون؟

عليك أن تعود إلى رئيسك وتنصحه بأن يتمرد على الحكومة الخفية التي يقوم بتنفيذ أوامرها على العكس من قناعته.

عد يا جون إلى بلادك، وبدلاً من أن تساعد على إطفاء النيران المشتعلة في بيوتنا العربية، عد إلى بلادك لكي لا تزيدها اشتعالاً.

ليست هناك تعليقات: