قراصنة
الروم والفرس يختطفون سفينة العراق
وشعب
العراق يثور الآن من أجل تحريرها
العراق اليوم يقع
تحت ضغوط أكبر حالتين ثأريتين في تاريخه الوطني وتاريخه القومي، بحيث يمثلهما
بأجلى صوره البشعة كل من أوباما، رئيس الولايات المتحدة الأميركية؛ وعلي خامنئي،
المرشد الأعلى لنظام (ولاية الفقيه).
أوباما، الذي على
الرغم من أنه وصل إلى رئاسة أميركا تحت تأثير إعلانه للأميركيين أنه سيترك العراق
لأهله. ولكنه أولاً وأخيراً ينفذ قرار مؤسسة الحكومة الخفية التي تأمر وتنهي، تخطط
وتلزم رؤساءها بالتنفيذ. وإذا كان قد وعد فلكي يعمل على تنفيس حالة الاحتقان
الشعبي الأميركي الذي أرهقته صور الجنود الأميركيين الموتى العائدين من العراق.
ولكنه ما إن وصل إلى كرسي الرئاسة فلم يكن أمامه بد من أن يثأر لجنوده الموتى في
مدن العراق وصحاريه. فقرر الانتقام، وما يفعله الآن، ليس أكثر من حماية ميليشيات
الطائفية التي تمارس أقذر أنواع الجرائم وأكثرها خسة. وبينما هي تقتل على الأرض
تقوم طائرات أوباما بالقتل من الجو.
وعلي خامنئي الذي
ورث حسرة زعيمه الخميني الذي مات وفي نفسه حسرة على العراق، خاصة وأن العراقيين
جرَّعوه السم مرغماً. فما نسي ولا يمكنه أن ينسى بل هو يخاطب سلفه قائلاً: لبيك يا
صاحب نظرية ولاية الفقيه ها قد وصلنا ليس إلى بغداد فحسب بل ثأرنا لك من خصومك
بالوصول إلى ثلاث عواصم أخرى أيضاً.
بهذا المعنى كان
العراق عصياً على كل أنواع العدوان التي مورست ضده، أميركياً وإيرانياً، فسجل بذلك
حسرة في قلوب الحكومة الخفية في أميركا، وحسرة أشد في قلوب ورثة نظام ولاية
الفقيه.
تاريخان ماثلان
كنقطة سوداء في تاريخ أميركا الشيطان الأكبر وحلمها الأميركي الإمبرطوري، وفي
تاريخ إيران الشر المطلق وحلمها الإمبرطوري الفارسي.
تاريخ 8/ 8/ 1988،
و31/ 12/ 2011، تاريخ إحباط المشروعين المذكورين على أيدي العراقيين، يتشابهان
تماماً مع مرحلة إنهاء نفوذ الفرس والروم السابقة لثورة النبي العربي محمد بن عبد
الله. والتاريخ يعيد نفسه بإعادة إحياء الحلم الفارسي، وإعادة إحياء حلم الروم مرة
أخرى بعد فشلها تحت رمز الحروب الصليبية.
من أجل كل هذا
تلاقت الأهداف وتشابهت الوسائل، فتحالف شيطان الروم مع كسرى الفرس منذ العام 1980،
وتحقق الحلم عندما بدأ تنفيذه في التاسع عشر – العشرين من آذار من العام 2003. وأعلن جورج بوش النصر
في الأول من أيار من العام 2003. وبمثل ذلك الإعلان فكأنه قد اعترف بأن أميركا
القرصان العالمي قد سيطر على السفينة العراقية. ولكن ما كان خافياً عن إعلان هي
فرحة القرصان الفارسي الذي وطأت أقدامه أرض العراق لأول مرة بعد إعلانه قبول وقف
إطلاق النار مرغماً في 8/ 8/ 1988.
وإذا كان العراق،
قبل الاحتلال، يمثل سفينة مليئة تبحر في اليم العربي هانئة بقبطانها وبحارتها بعد
إعلانهم أن البحر العربي سيكون تحت سيادة العرب وبحمايتهم، فإن أميركا وإيران
تمثلان تحالفاً لقراصنة ضاقوا ذرعاً بالبحار العربي فحاكوا كل أنواع المؤامرات من
أجل السطو على السفينة العراقية، ونهب كل حمولتها. فعلوا ذلك بالتواطؤ مع زمرة من
العملاء المشتركين، والمشاركين بنهش ما يتركه زعماء القرصنة من بقايا.
سفينة العراق
اليوم، وفي هذه اللحظة، وقعت تحت سيطرة قراصنة أميركا الغربيين، وقراصنة الفرس
الشرقيين، وقد أظهرت حقيقة الواقع الآن أن حمولة السفينة النقدية قد نفدت، وأعلن
العملاء الصغار إفلاسها. فعام العراق اليوم على بحور من الظلام والأراضي القاحلة،
وحمل على موجاته المرضى والجياع والعاطلين عن العمل. كما هام أهله في الصحارى
والفيافي على وجوههم التي أكلها الهم والمرض والجوع، فعمَّ فيهم الموت بوحشية على
أيدي برابرة لم يعرف عصر البرابرة مثيلاً لها. من سلم من العراقيين من الموت في
بيته هام في الشوارع والأزقة والأراضي على قلتها. ولم يترك لهم القراصنة ما يقاتون
به، ومن أسبغوا رحمتهم عليه لتقليل آلام الجوع وتخفيف آلام المرض فقد مارسوا عليه
وسائل القتل الوحشي أو التعذيب الجسدي أو النفسي.
لقاء هذا المشهد
الوحشي لعراق ما بعد الاحتلال، نسجل موقفين لا بد من تسجيلهما، وهما:
-الموقف الأول:
نتوجه بنداء إلى كل من بقي عنده ذرة من ضمير ديني أو إنساني، أو وازع أخلاقي، أن
يصرخ في وجه قراصنة القرن الواحد والعشرين أن يخلعوا عنهم ثوب الملائكية
الديموقراطية، أو الملائكية الفقهية، لتظهر الوجوه على حقيقتها القذرة من قلة
الدين والضمير، وتظهر أثواب اللصوصية والقرصنة.
-الموقف الثاني:
نتوجه بنداء إلى العراقيين من أقصى العراق إلى أقصاه، لكي يكتشفوا بأنفسهم ما
فعلته وسائل الخداع الأميركي والفارسي بعد مرور أكثر من اثنتي عشرة سنة على احتلال
بلدهم. وليسألوا أنفسهم أين كان العراق، وإلى أي درك انحدر.
وأما الدعوة
الأساسية فنقول: إن تحرير العراق من قراصنة الفرس والروم هو بأيدي العراقيين وحدهم،
لأن الضمير مات على أيدي دعاة الديموقراطية، ولأن الدين أصبح مطية لقراصنة الدين
والمذهب.
وإن مظاهر الغضب
ومشاهده التي تلف العراق من جنوبه إلى شماله، هي دلالات على أن شعب العراق شهر سيف
الثأر من الفرس والروم معاً، وإنه لن يعيد السيف إلى غمده، ليس لتحرير لقمة عيشه
من أيدي الأوغاد، بل لتحرير العراق من كل ما دنَّس أرضه من الشرق كان، أم كان من
الغرب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق