إظهر
يا مارد الثورة،
إن
العراق قد امتلأ ظلماً وجوراً
وهل تظهر الثورة بدون مقدمات تفرض ذلك الظهور؟
لا ثورة من دون أسباب. ولا دعوة للقيام بالثورة من دون
موجِّه فكري لها ومن دون ربان يقودها. ولكن، والأهم من كل ذلك، لا ثورة من دون
جماهير كوت حياتها نيران البؤس، فكيف يكون الأمر إذا اكتوت حياة العراقيين بكل
نيران المظالم.
مقدمات
ظهور مارد الثورة في العراق بدأت منذ أول يوم وطأت فيه قدم جندي أميركي أرض العراق
ودنَّستها، ولكن الكثيرين لم يصدقوا أنها مقدمات للظهور الثوري، لأنهم لم يصدقوا
أن الكرامة الوطنية إذا دنستها قدم محتل يمكن أن تشكل حافزاً أساسياً لثورة شعبية.
أليست السيادة تعني كرامة الإنسان؟ وإذا انتهكت فلا معنى للحياة من دونها؟ ألا يحق
لنا القول: (أنا سيد على أرضي إذن فأنا موجود)؟
وإذا
كان البعض قد تخَّلف عن اللحاق بموكب الثورة فلأنه لم يفقه معنى السيادة، بل لأنه
يعتقد بـ(أن اليد التي لا تستطيع أن تعضَّها فقبِّلها، وادع عليها بالكسر). وإذا
كان البعض الآخر يعتقد بأن السيادة هي أن ينوب عنه بالتفكير رجل سياسة أو رجل دين،
فبئس ثقافة الخنوع والاستسلام. بئس تلك الثقافة لأن من يسلِّم رقبة عقله لآخر،
يتعوَّد على التواكلية منهجاً له بالحياة. ولأن التواكلية مرض خطير تدع البعض
يخضعون لتنويم مغناطيسي يمارسه رجل سياسة متواطئ، أو رجل دين مأفون بالتعصب
والغيبية. ولذا استرخى البعض من العراقيين إلى وعود كاذبة من سياسيين عملاء،
واستسلم لفتوى من رجل دين أعطاه صكاً بالغفران ودخول الجنة. لم يعط رجل الدين صكه
مجاناً بل على من يريد أن يحصل عليه أن يدفع ثمنه استجابة لتقبيل يد الاحتلال. وقد
فسَّر البعض سبب تلك الفتوى بأنها تستند إلى قاعدة بالفقه تقول بـ(وجوب درء
المعسور بالميسور). أي لأن مقاومة الاحتلال مستحيلة، فوجوب الاستسلام له أمر واجب.
وهكذا مسخ بعض رجال الدين أوامر الله بهيئه قاعدة دينية.
ولكن
هذا البعض أو ذاك، ممن تنازلوا عن حقهم بالرأي لسياسي كذاب أو لرجل دين مأجور
دينياً، يجهل أنه لن يدخل الأغبياء إلى الجنة. بلى لن يدخلوها، لأن الجنة مأوى
للذين رفضوا تقبيل يد الاحتلال وجهَّزوا كل ما تيسر لهم من قوة ليكسروها. وتناسى هذا
البعض أو ذاك أيضاً أن الاحتلال وعملاءه لم يأتوا ليوفروا لهم عيشاً رغيداً ولقمة
عيش هانئة، بل جاؤا ليسلبوهم، ليس سيادتهم وكرامتهم فقط، بل ليسلبوهم أيضاً لقمة
العيش وقطرة الماء. وهذا ما أثبتته فترة ثلاثة عشرة سنة من الاحتلال، تحول فيها
العراقي إلى ذليل يتوسل للجهلة واللصوص لقمة من الخبز وحبة من الدواء، ولكنه لا
يجد من يسمع أو يرى.
بعد
ثلاث عشرة سنة، أصبح العراقي مسلوب السيادة والإرادة. وأصبح فقيراً ومريضاً
وجائعاً ويتيماً، ومقتولاً أو مطارداً أو مسجوناً أو مهاجراً في أرضه وفي أصقاع
الدنيا السبع. ولم يبق أمامه أي سبب آخر لكي لا يثور، فمتى يحين موعد ظهور الثورة
الشعبية الكاملة والشاملة؟ متى يظهر مارد الثورة ليضم إلى ثوار العراق ومقاوميه،
الذين تنبتهم رمال صحارى العراق وفيافيه، ليضم كل عراقي إلى مواجهة أخيرة مع من
سلبوا سيادته ولقمة عيشه، ليدمروا سقوف القصور في (المنطقة الخضراء) على رؤوس ساكنيها
من لصوص الاحتلال، وعلى رؤوس أولياء أمورهم من أميركيين وفرس؟
ولأن
كل علامات الظهور تبشِّر بخروجه من سراديبه، فهناك تدنيس للكرامة وهناك سطو على
موجبات العيش الدنيا، بتنا نتساءل: متى يظهر مارد الثورة، ليملأ الساحات والشوارع
غضباً ونقمة ليكنس كل عملاء الاحتلال من كل مؤسسة حكومية من جواري الاحتلال وخدامه؟
ومتى يكنس الشعب الثائر من بيوت الله كل المعمَّمين الزائفين المتاجرين باسم الله؟
بتنا
نترقب كل ذلك، خاصة أن أبواب الجنة أقفلت في وجه الأغبياء والمستسلمين والتواكليين
الخانعين، وفُتحت أمام الثوار الأبطال الميامين.
أجل
لقد بانت علامات الظهور وأصبحت أكثر من واضحة، وهي تنبئ بظهور المارد الشعبي الثوري
الجبار في كل لحظة من لحظات الزمن في العراق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق