ليس المجرم من يبني دولة
وإنما المجرم من يهدم أركانها
كان من الممكن السكوت عن أية دعوى تصدر عن
أيٍّ كان، فلا نضعها تحت مجهر التدقيق، لو لم تكن من حزب الدعوة
بالذات، الذي لن نتكلم عن ماضيه وتهافت بنيته الإيديولوجية، بل عن حاضره الراهن
بعد أن أمسك برقاب العراقيين، وعاث بهم وبالدولة العراقية تخريباً وتهديماً
وتجهيلاً، وارتكب كل أنواع الجرائم والموبقات من خيانة عظمى وقتل وتهجير وفساد
وسرقات .
وإن كانت التقارير الصادرة عن كل المؤسسات
الدولية، حكومية وأهلية، قد قامت بتوثيق جرائم حزب الدعوة، فإن الكلام هنا يقتصر
على بعض العناوين العامة لما آلت إليه الأوضاع في العراق بعد أن ارتكب هذا الحزب
العميل جريمة مشاركة الأجنبي في احتلال بلده ووطنه.
جريمة الخيانة الوطنية هي أم الجرائم
يأتي في أولوية تلك الجرائم، وهي أم
الجرائم، ارتكابه جريمة الخيانة العظمى عندما مدَّ الحزب المذكور أيديه لمشاركة
النظام الإيراني في العدوان على وطنه في أعوام الحرب التي جرت في ثمانينات القرن
الماضي ، وتهديمه وقتل أبنائه. واستكملها بتنفيذ أوامر ذلك النظام عندما استغل
العدوان الثلاثيني على العراق في شهر نيسان من العام 1991، وانقضَّ فيه ضد مؤسسات
الدولة العراقية واستباح دم العراقيين وأرواحهم، بقصد تسهيل الدخول الإيراني إلى
جنوب العراق، وبناء بؤرة أمنية ينطلق منها للعمل ضد نظام الحكم الوطني. وما ردعه
عن الاستمرار في جريمته سوى سواعد العراقيين الشرفاء الذين قضوا على الفتنة
واستأصلوها من شأفتها. ولكن تلك الزمرة العميلة، بيَّتت النوايا للاستمرار في
جريمة الخيانة العظمى عندما انخرطت في ورشة الإعداد لاحتلال العراق، فكانت عضواً
فاعلاً فيما سُميَّ بمؤتمرات (المعارضة العراقية)، التي كانت أجهزة المخابرات
الأميركية والبريطانية تُعدَّها لمساندة احتلال العراق، قبل أشهر معدودة من البدء
في العدوان عليه واحتلاله في العام 2003.
وبعد الاحتلال، استمر الحزب المذكور من دون
رادع وطني وأخلاقي و إنساني، وحتى من دون اي رادع ديني، في مشاركة الاحتلال
الأميركي ببناء عملية سياسية تشكل الخيمة التي يتلطى تحت سقفها الاحتلال المذكور
لإدارة شؤون العراق. والتي قصد من ورائها إسباغ الشرعية على احتلاله، من خلال
تجميلها بأسماء عراقية. فلم يجد سوى وجوه المسؤولين من قادة الحزب المذكور من
يتصدى لتلك المهمة القذرة. فحكموا العراق باسم الاحتلال الأميركي، وبعد هزيمة
الاحتلال المذكور على أيدي العراقيين الشرفاء من فصائل المقاومة الوطنية العراقية،
وضعوا كل بيضهم في سلال النظام الإيراني وانقادوا لتنفيذ مخططاته ومشاريعه الخطيرة
في الاستيلاء على العراق، ومنه للاستيلاء على الوطن العربي، وأعلنوا بوقاحة أنهم
يمهدُّون لقيام دولة الولي الفقيه في العراق على أن تكون تابعة لنظام الآيات في
إيران وتتلقى الأوامر منه كونه يشكل مرجعية مركزية لهم.
واستناداً إلى جملة العناوين العامة أعلاه،
والتي نجد فيها بلا أدنى شك، حكماً واضحاً في وقائعه وحيثياته ونتائجه بالادانة
الواضحة للزمر المنضوية تحت خيمة حزب
الدعوة بالعمالة للأجنبي والضلوع في تنفيذ مخططاته. وتمَّ ذلك ويتم، ليس عن جهل بل
عن سابق إصرار وتصميم. وهذا يستوجب حكماً بإعدام من يرتكب تلك الجريمة. والتي تنص
عليها دساتير وقوانين كل دول العالم بما
فيها كل من أميركا وإيران.
من يرتكب جريمة الخيانة العظمى فلن تعوزه
الجرأة على ارتكاب الجرائم الأخرى
وإذا كان للعراقيين الحق بمقاضاة كل من
يخترق القوانين الإنسانية والدينية فإنهم لا شك قد اختزنوا في ذاكرتهم الخرق
الفاضح الذي ارتكبه حزب الدعوة، ويأتي في الأولوية منها دور الحزب المذكور في
ارتكاب جريمة الوقوف في وجه المقاومة للاحتلال الاجنبي للوطن، تلك المقاومة
المعترف بشرعيتها في كل القوانين الدولية والإنسانية. وكان أعضاؤه يشكلون العصا
الغليظة التي استخدمها الاحتلال بوجهيه الأميركي والإيراني، في ملاحقة المقاومين
وقتلهم أو اعتقالهم أو تهجيرهم مع أسرهم خارج الحدود. والأكثر إجراماً من ذلك، هو
ادعاؤهم المزري والمثير للسخرية والذي لا ينطلي على شعبنا الصابر الواعي في انهم
شاركوا بمقاومة الاجنبي !!، في محاولة بائسة منهم لإضفاء الشرعية للاحتلال
الايراني كوريث للاحتلال الامريكي للعراق ، وتوجيه سفينته حسب أوامر نظام الولي
الفقيه.
ماذا جنى العراق في ظل حكم حزب الدعوة؟
إذا كان حزب الدعوة قد زعم أن النظام الوطني
لثورة السابع عشر – الثلاثين من تموز في العام 1968، قد ارتكب جرائم
بحق العراق، وعلى الرغم من أن وصوله إلى الحكم جاء على أسس غير شرعية على الإطلاق،
كما برهنا أعلاه، فإننا نتساءل: ماذا حقق من أنجازات للعراق بعد استلامه الحكم
طوال أربعة عشر عاماً؟
ولكن قبل ذلك نسأله ماذا أبقى من إنجازات
الحكم الوطني؟
وفي حقيقة الامر لم يتقن حزب الدعوة شيئاً
أكثر من إتقانه تنفيذ مهمة تدمير البنى التحتية المادية، وإفراغ خزينة الدولة
العراقية، وكذلك تفكيك العلاقات المجتمعية بين شتى أطياف الشعب العراقي.
أما على مستوى تدمير البنى التحتية، فلم تكن
من جريمة للنظام الوطني السابق، سوى أنه قد أنجز سلسلة واسعة من البنى الأساسية في
مجال بناء الشبكات الواسعة لتوفير الخدمات الكهربائية والمائية والمرافق العامة.
إضافة الى بناء مؤسسات كبيرة وتحقيق منجزات عملاقة في المجال الصحي والتعليمي
والصناعي والزراعي. والتي شكلت ريادة متميزة على كل دول المنطقة واخرجت العراق من
مصاف دول العالم الثالث في المجالين الصحي والتربوي بشهادة المنظمات الدولية .
وعلى مستوى تحويل العراق من مستهلك إلى
منتج، فقد أنجز نهضة تنموية انفجارية اسندها بقاعدة واسعة من من العلماء والخبراء،
ووفر لها كل مستلزماتها من المدارس والجامعات والمعاهد، ومراكز البحث والتطوير،
وهو الأمر الذي أثار مخاوف أصحاب الشركات الصناعية الكبرى، التي عدَّت أن النظام
الوطني قد خرق الخطوط الحمر لطموحات واطماع الأخطبوط الرأسمالي الصناعي.
وعلى مستوى الإعداد الوطني، فقد تحوَّل
العراق إلى رمز في العمل من أجل مصلحة العرب القومية، وفي بناء نسيج اجتماعي
متماسك بين شتى الأطياف الاجتماعية والدينية والعرقية.
وإذا كانت مجلدات لا تفي لغرض استعراض
إنجازات الحكم الوطني في العراق، فإن ذكر بعض عناوينها في هذا المقال الصغير تفي
بالغرض لا للاضاءة عليها فحسب، بل أيضاً
للإضاءة على مصيرها بعد الاحتلال، والذي كان جله بمسؤولية نظام حزب الدعوة،
لنتساءل عما أبقاه منها.
إن الجواب على السؤال ليس بأيدينا، بل هو
ملك العراقيين بمن فيهم اولئك الذين يشاركون في العملية السياسية التي يقودها حزب
الدعوة. وهو ملك الذين يرون بأم أعينهم الواقع الاجرامي والفاسد المرير، ويمتلكون
عشرات الآلاف من الأمثلة التي تدين حزب الدعوة بارتكاب كل تلك الجرائم. ألم يصرخ
أكثر من مسؤول في العملية السياسية قائلاً: إن نظام البعث كان أشرف ممن يشاركون في
إدارة العراق بالوكالة. ألم يترحَّم أكثرية الشعب العراقي، حتى ممن ضُلِّلوا منه ،
على روح صدام حسين وعلى حزب البعث وتمنوا عودته للحكم؟
وقد اصبح المواطن العراقي يتساءل الآن: أين
ذهبت أموال العراق؟ وأين تقع مصلحة العراق والعراقيين في كل ما يخطط له وينفذه حزب
الدعوة؟
ألا يتساءل الجائع والمريض، ممن عاصروا
الحكم الوطني: أين حماية الأروح والأعراض وأين رغيف الخبز، وأين حبة الدواء، وأين
المقعد الدراسي، وإلى أين تتسرب ثروات العراق؟
و..و...و ؟
وإذا ما اراد حزب الدعوة أن يدخل مادة
(جرائم البعث) لتدريسها في المدارس العراقية، فليقل لنا: وهل سيبقى في العراق، من
سيكون له الحظ في الدخول إلى مدرسة أو معهد أو جامعة ، في ظل
استمراره في حكم العراق
وكالة عن الآخرين؟.
من استحى فقد مات، فهل سيخجل عتاة المجرمين
مما يخططون؟
وإذا كان من العبث أن ترد على السفهاء، ممن
ينسبون أنفسهم للعراق.
وإذا كان من العبث أن تحصي جرائمهم لأنها
عصية على الإحصاء.
وإذا كان من العبث أن تقول للمجرم ليس من
حقك أن تحاضر في لا شرعية الجريمة.
فلن ننتظر أن تكون بدعة تدريس ما يسمونه
بـ(جرائم البعث) هي أخر البدع والجرائم التي يرتكبها حزب الدعوة، بل لن نستطيع
اللحاق بما سوف يبتكره أولياؤه من بدع وأضاليل في حق البعث والبعثيين، وذلك خشية
من فكره التقدمي النيّر وخطه السياسي ، فهو سيظل يشكل لهم الهم والهاجس الذي يؤرق
جفونهم ويبدد أطماعهم وأحلامهم .
بل علينا أن ننتظر انفجار حالة الاحتقان
الشعبي في العراق بعد أن وصلت حد الغليان. وحينئذ سيأتي ليس الرد على العملاء
لأنهم أصغر مما نحسب، بل سيأتي الرد على الغارقين في أوهام القوة والعنجهية من
الأوصياء على نظام ولاية الفقيه في إيران
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق