الاثنين، مارس 04، 2019

دراسة عن الحراك الشعبي العربي (الحلقة الأولى)


دراسة عن الحراك الشعبي العربي
وقائع ونتائج ودروس
(الحلقة الأولى)
تنويه:
1-أنجزت الدراسة في أواخر العام 2016. وقد قررت عدم التعديل والتجديد فيها انتظاراً لملاحظات قد تردني بعد نشرها.
2-تجدر الإشارة إليه أن هذه الدراسة استثنت حالات كل من فلسطين والعراق لكونهما تتعرضان للاحتلال، وعلى الرغم من ترابطهما ترابطاً وثيقاً، أرى أن تُدرس كل منهما على ضوء خصوصياتهما. واستثنت أيضاً دراسة الحراك في كل من السودان والجزائر، ولبنان، لأنه أخذ مناح إيجابية مستلهما من الأخطاء الفادحة التي وقع فيها حراك ما سُمِّي بـ(الربيع العربي).
ولذلك، وتدراكاً للالتباس، ألفت نظر القارئ اللبيب أن يأخذ بعين الاعتبار التنويه أعلاه.


دراسة عن الحراك الشعبي العربي
وقائع ونتائج ودروس
الحلقة الأولى (1/9 )
ما جرى على ساحات الوطن العربي منذ بداية العام 2011 كان ظاهرة غير مسبوقة في تاريخه الحديث والمعاصر. وفي صدفة من الزمن تشتعل ساحات وشوراع خمس دول عربية، عندما انهالت الجماهير الشعبية إليها كالسيول الجارفة تهتف بإسقاط الأنظمة الديكتاتورية، وتتطالب بالديموقراطية وفي حقها بالعيش الكريم.
لقد عمَّ الانبهار والدهشة الوسط الحزبي اليساري بشكل خاص، وارتفعت تحيات الاحترام إلى الذين ملأوا الشوارع يتصدون لآلات القمع البوليسية التي استخدمتها الأنظمة لحماية نفسها من غضبة الجماهير، والتقليل من زخمها على طريق القضاء عليها.
ولكن بعد مرور، أقل من شهرين، وبعد أن انطلق الحراك في ليبيا، وخاصة في بداياته في مدينة بتغازي، وما أخذ يطفو على سطح الأحداث من تدخل سافر لمنظومة دول الأطلسي، بدأت بعض أسئلة الاستفهام ترتفع، كما ارتفعت معها الأسئلة في معرض الحيرة مما يجري وسرعة ما يجري، وهذا ما شكَّل بداية أزمة عند معظم المثقفين والأحزاب السياسية، فأخذت التحاليل تتفاوت وتتناقض. وتزداد حدة على وقع ازدياد الأزمات وازدياد حجم الخراب والدمار حيثما اندلعت الانتفاضات، وتتحول اتجاهات الصراع بين الجماهير والأنظمة إلى صراع بين مكونات الجماهير الطائفية والسياسية والعشائرية ليعلو صوت الخطاب الطائفي والتكفيري، فيؤدي إلى تعميق الفجوة بين مكونات المجتمع على الصعيدين القطري والقومي، وهكذا ضاعت مطالب الجماهير في الحرية والعيش الكريم إلى ظاهرة القتل الطائفي وتدمير بنى الدولية المادية واستفحال ضيق العيش والاكتفاء بما تجود به منظمات الإغاثة الإنسانية، فتشكل الأبواب الخارجية التي فتحت أمام المهجرين مأوى وملجأً للهاربين من الموت والجوع والمرض.
في مقابل كل تلك الأزمات التي التفت على أعناق الجماهير، وعلى الصعيد السياسي، سقطت أنظمة بالتنحي، وأخرى بفعل حديد ونار الحلف الأطلسي. ولكن المحيَّر في الأمر أن البديل للأنظمة المتهاوية لم يكن يحمل الحلول بل على العكس من ذلك فقد حمل المزيد من التعقيدات كما حصل في تونس ومصر، وفقدت الجماهير آمالها من البدائل اللهم تحصيل حقها في القول والتظاهر، وهذا لا يضير الأنظمة البديلة طالما أن من حق الجماهير أن تتظاهر ولكن يبقى من حق الأنظمة أن تقرر ما تشاء.
وأما في ليبيا، فقد أُغرق الشعب الليبي في حروب بينية على قواعد عشائرية أو مناطقية، هذا بالإضافة إلى إدخال المنظمات التكفيرية الإرهابية لتزيد من إشعال النيران، وكل ما فعلته الدول الخارجية هي أنها وضعت آبار النفط تحت سيطرتها الكاملة، كما حصل في العراق تماماً، حينما كان هم الاحتلال الأميركي أن يحيِّد المؤسسات النفطية عن التدمير أو التخريب. وكل ما قدَّمته المنظمات الدولية كان انتداب ممثل لها لم يكن مسموحاً له الوصول إلى حلول، بل كانت مهمته الوحيدة هو إدارة أزمة الصراعات الجهوية والعشائرية وهكذا دخلت ليبيا دائرة الصراع المغلقة، وما تزال.
وأما بالنسبة لليمن فلم يكن المشهد أقل مأساوية بالنسبة للشعب اليمني حيث تحول الصراع من أجل توفير حقوق الجماهير الشعبية إلى صراع بين تشيكلات النظام السابق، التي يقبض نتائجها الشعب اليمني المزيد من الإفقار والتجويع والتقتيل والتدمير.
وماذا نذكر عن سورية سوى تحويل الصراع بين النظام والجماهير إلى صراع بين أبناء الوطن الواحد، فكانت النتائج أن الشعب خسر مطالبه المشروعة ولم يكسب شعاره بإسقاط النظام. وبدلاً من الحصول على حقوقه السياسية والمعيشية فقد حصل على كل أنواع القتل والتدمير والتهجير.
وبعد اكتمال العام السادس لانتشار ظاهرة الانتفاضات الشعبية في شتى الأقطار التي اندلعت فيها. وبعد مراقبة نتائج ما حصل من كوارث على شتى الصعد، نرى أن التدخل الأجنبي كان الثابت الأكثر بروزاً. وكان دوره الأساس مقتصراً على تزويد المتقاتلين بالوقود كالأسلحة والأموال المنقولة لتجنيد المقاتلين، هذا بالإضافة إلى تسريب الآلاف من المجندين التكفيريين لتكون أهداف محاربتهم مبرراً لمممارسة المزيد من التدخل في الصراع لتصب نتائجه في الحصول على ما يخططون له من مكاسب في هذا النظام أو ذاك. وفي مقابل التدخل الأحنبي، كان الغائب الوحيد عن الساحة، هما: النظام العربي الرسمي والأحزاب والقوى الوطنية والقومية. وإذا لم يكن عجزهما هو السبب، وهو كذلك، فإن من مصلحة القوى الأجنبية تغييبهما معاً من أجل تفصيل نتائج ما يجري على مقاسات مصالحها، وطبقاً لمعاييرها. ولكي لا تظلَّ الرؤية مشوَّشة، ولكي لا تبقى المواقف متباينة، كان لا بُدَّ من إعادة تقييم الظاهرة بعد وضعها تحت مجهر البحث والاستقصاء والتحليل. ولهذا سنلقي الضوء على عدد من الظواهر التي تساعدنا على تفسير ما حصل من أجل تحديد موقف موضوعي. وهي تأتي تسلسلاً على الشكل التالي:
-أولاً: نظرة تاريخية إلى تسلسل انطلاقة الانتفاضات العربية.
-ثانياً: الفراغ الحزبي العربي فتح الأبواب أمام استغلال انتفاضات الحراك الشعبي العربي.
-ثالثاً: موقع النظام العربي الرسمي.
-رابعاً: نظرة توثيقية لمشاريع الشرق الأوسط الجديد.
-خامساً: دور النظامين الإقليميين الإيراني والتركي في الحراك الشعبي.
-سادساً: المتغيرات الدولية:
-سابعاً: في نتائج الحراك: النجاحات والإخفاقات
-ثامناً: الحراك الشعبي العربي: كيف تستفيد الحركة الثورية العربية من التجربة (دروس وعبر).
-تاسعاً: إعادة صياغة عدد من المفاهيم السياسية على ضوء تجربة الحراك العربي.




ليست هناك تعليقات: