السبت، نوفمبر 09، 2019

أنياب خامنئي هشَّة ودموع ترامب كاذبة


أنياب خامنئي هشَّة ودموع ترامب كاذبة

من أجل استيعاب ما يجري الآن على سطح المشهد العراقي يحتاج إلى تفكيك العقد والأحاجي التي تحيط به. ومن أجل ذلك، كان لا بد من العودة إلى جذور ما حصل للعراق بعد احتلاله في العام 2003.
لقد اعتبر الكثيرون أن الاشتباك الأميركي الإيراني على الأرض العربية بشكل عام، وعلى الأرض العراقية بشكل خاص، عائد إلى تناقض بين مشروعين، بدا فيه النظام الإيراني كأنه يدافع عن أخوة عراقية إيرانية تربط بين الشعبين، وأعلن خامنئي أن الثورة في العراق هي فتنة ضد الأخوة المزعومة بينهما. وبدورها ذرفت الإدارة الأميركية، عبر سفارتها في المنطقة الخضراء، كما عبر بومبيو وزير خارجيتها، دموعاً على ما يحصل من قتل للشعب العراقي في شوارع المدن العراقية من بغداد حتى البصرة.
وأما عن حقيقة الأمر، فإنهما يتوزعان الأدوار، فحرص إدارة خامنئي على الأخوة بين الشعبين العراقي والإيراني، كما أن دموع ترامب التي يذرفها على سقوط ضحايا في الشارع العراقي، كاذبان، لأنهما ينفذان مخططاً واحداً، وهو الصراع على حجم حصص كل منهما من الفريسة العراقية. وهذا ما يدفعنا إلى تصوير قواعد الاشتباك بينهما كذئاب وضباع،  كل منها يريد أن ينهش من الفريسة أكثر من الآخر.
تعود جذور هذه الحقيقة إلى أنه (لولا طهران لما دخلت واشنطن إلى العراق، كما صرَّح أكثر من مسؤول في النظام الإيراني، منذ بداية العدوان والاحتلال. وإلى تسليم إدارة أوباما العراق إلى الضبع الإيراني في العام 2011، بعد أن أثخنت حراب المقاومة العراقية جسد الذئب الأميركي بالجراح، وهذا ما تؤكده الوثائق السرية أو المعلنة بين الطرفين.
في فترة استلام النظام الإيراني للعراق، بعد العام 2011، اختل التوازن في الاتفاق بين الضبع والذئب، فأصبحت استعادة التوازن بينهما مطلوبة كما أعلن دونالد ترامب: (أميركا دفعت المال والدم، وإيران استفردت بثروات العراق، بينما تلك الثروات هي من حق الشعب الأميركي)، فأعلن حينذاك أنه لا بد من تصحيح الخلل.
بين هذا وذاك، كان هدف استعادة الكرامة الوطنية العراقية وتحرير الثروات هدفاً مركزياً لكل العراقيين من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب، سوى من ارتبطت مصالحه مع مصالح كل من المتصارعين الأميركي والإيراني، فكانت ثورة الأول من تشرين، والتي انتشرت في العراق نتيجة وعي وإدراك، هي تلك المفاجأة التي صفعت كل من الحليفين اللدودين، الإدارة الأميركية والنظام الإيراني. فكشِّر الأول عن أنياب بدت من خلال صمود الثوار العراقيين بأنها هشة، ولم يقبض الثوار دموع الإدارة الأميركية على محمل الجد. وأما السبب فلأنه يمتلك من الوعي المقدار الكافي الذي يحصِّنه من الوقوع في شرك الخداع الذي يمارسه عليه الحليفان الأميركي والإيراني.
تحية من الأعماق لثوار العراق، الذين ملأوا الشوارع والساحات بعد أن فكوا طوق الحصار عنهم الذي استمر لأكثر من ستة عشر عاماً.
تحية لشباب العراق وماجداته وأطفاله وكهوله، الذين يواجهون وسائل القمع الإجرامية بصدور عارية، وزنود ممشوقة، وهمم عالية، وبسخاء المقتدرين والمعوزين من الحريصين على أن يستردوا وطنهم، وبوسائل مبتكرة لا تحتاج إلى دعم من هنا أو هناك، إلاَّ ما كان بدوافع أخلاقية وإنسانية وقومية ووطنية.

ليست هناك تعليقات: