السبت، فبراير 27، 2010

في الفاتح من كانون الثاني 1975:

-->
في الفاتح من كانون الثاني 1975:
كفاح الطلبة تفتتح عصر الشهادة في جنوب لبنان
في 14/ 12/ 2009
منذ أن اتَّخذ حزب البعث قراراً ببناء القرية المقاومة في جنوب لبنان، رهنت منظمة كفاح الطلبة نفسها لتأدية هذا الواجب، وهي كانت تعتبره واجباً وطنياً وقومياً.
فهو واجب وطني أولاً: لأن لبنان كان يتعرَّض باستمرار لوحشية الاعتداءات الصهيونية من دون رادع يردعها، أو حسيب يحاسبها. ولأن لبنان مستهدف في المراحل القادمة لضمه إلى الحلم التوراتي، كما جاء في معتقدات الصهيونية: «أرضك يا إسرائيل من الفرات إلى النيل». كما أن احتلال فلسطين كان بوابة متقدمة تنطلق منه الصهيونية لاحتلال المزيد من الأرض العربية.
وهو واجب قومي ثانياً، لأن احتلال فلسطين، كبقعة جغرافية في وسط الوطن العربي، يحول دون بناء الدولة العربية الواحدة، خاصة أن أرض فلسطين تربط بين شطري الوطن العربي الآسيوي والإفريقي. ولا يمكن النضال من أجل الوحدة من دون تحرير فلسطين من الاحتلال الصهيوني.
من أجل ذلك، ومنذ العام 1968، لبَّى علي شرف الدين الكادح في أرضه، في بلدة (الطيبة) الجنوبية، نداء الواجبين الوطني والقومي، ونزل إلى ساحة التدريب على استخدام السلاح من أجل الاسهام في حماية قريته الجنوبية التي طالما تعرَّضت للعدوان الصهيوني الذي يبعد عن حدود الطيبة مئات الأمتار.
في ذلك التاريخ، كان أبو علي حلاوي، من بلدة كفركلا الحدودية، وكان من الكادحين في قطاع البناء، يُشرف على تنفيذ قرار البعث في بناء القرية الحدودية المقاومة ويقودها، كان من أعز الناس على قلب علي شرف الدين، فتعاونا بكل اندفاع على الاعداد لتلك التجربة.
في الوقت الذي كان فيه علي شرف الدين يعمل في النهار لالتقاط خبز العائلة، كان أيضاً يجهد لتعليم أطفاله، فكان من بينهم ولديه عبد الله وفلاح الطالبين في المدارس المتوسطة، يحملان الكتاب في النهار ليتفرغا للتدريب على السلاح في الليل مع والدهما.
انتسب عبد الله وفلاح إلى منظمة كفاح الطلبة، فاتَّحد جهد الأب الكادح مع جهد الابن الطالب، جنباً إلى جنب، من أجل مهمة واحدة، فكانت مهمة تأدية الواجب نحو حماية لبنان وحماية الأمة العربية. ومن اتحادهما، شكَّلا الأسرة المقاومة إضافة إلى كونهم أعضاء في أسرة قرابية واحدة.
وهنا لن نتكلم عن دور الأم ودور الأبناء الآخرين، فلهم وقفة أخرى، بل لا بدَّ من الإشارة إلى أنموذج مثالي في الأسرة العربية الجنوبية التي تكاثفت أيادي أفرادها من أجل إتمام واجبين: واجب الأسرة القرابية، وواجب الأسرة الوطنية، فنجحوا في بنائهما رزمة واحدة، وأثبتوا أنه من الممكن للأسرة أن تلعب دوراً عائلياً ودوراً وطنياً في تكاملية قلَّ نظيرها في مجتمعاتنا.
إلى جانب كل ذلك فقد اتَّحد كتاب الطالب مع معول الكادح ليشكلا أنموذجاً في الكفاح من أجل العيش الكريم والوطنية الكريمة.
عائلة علي شرف الدين، كانت الأنموذج الذي قدَّم نفسه في أبهى حلة من الصدق الاجتماعي والوطني، وكانت اللحظة التاريخية قد ابتدأت ليل 31 كانون الأول/ الفاتح من كانون الثاني، الفاصل بين العامين 1974، و1975.
في تلك الليلة اقتحمت قوة كوماندوس صهيونية راجلة إلى قرية الطيبة، خاصة أنها لا تبعد عن الأرض العربية الفلسطينية المحتلة أكثر من مئات الأمتار. في تلك الليلة تسللت إلى بيت علي شرف الدين، ومن أهدافها القبض على الأب وأسرته أو قتلهم. أجل أسرته لأنها كلها كانت تشكل خلية عائلية مقاتلة لكل فرد من أفرادها دور يكمل دور الآخر. ولكن ما لم يكن بحسابه هو أن ترتفع بنادق العائلة في وجه القوة العدوة، وتشتبك معها ساعات متواصلة، لم تنته إلاَّ بعد وقوع الأب وابنيه شهداء.
في تلك الليلة كانت ملحمة الطيبة كلها، بل كانت ملحمة لبنان كله، بل ملحمة الأمة العربية من دون مبالغة، لأن البندقية التي تصدت كانت بحق بندقية الجماهير العربية التي ارتفعت عندما سكتت مدافع النظام العربي الرسمي، وانغرزت جنازير دباباته في الرمال والوحول وتعطَّلت عن الحركة.
في 1/ 1/ 1975، خرج العدو الصهيوني مدمى من معركة خاضها علي شرف الدين وأولاده، فسقط من بينهم الأب الكادح في (منظمة الكادحين)، وولداه عبد الله وفلاح الطالبان في (منظمة كفاح الطلبة)، شهداء يعلنون بشهادتهم أن عصر المذلَّة العربية في لبنان قد انتهى.
وبمثل هذه الملحمة تعانق الأول من كانون الثاني من العام 1975 مع الأول من كانون الثاني 1965، فكانت في تلاقيهما قد تحققت الأهداف القومية بين مقاومة فلسطين التي انطلقت من بوابة كفركلا في 1/ 1/ 1965 مع مقاومة لبنان، مقاومة البعث، التي انطلقت من بوابة الطيبة في 1/ 1/ 1975.
في 1/ 1/ 1975، كانت ولادة البعث المقاوم بالفعل، بعد أن كان مقاوماً بالقوة.
في 1/ 1/ 1975، كانت ولادة البعث في لبنان، فكانت الولادة الأولى للمقاومة الوطنية اللبنانية، ومن بعدها انتشرت الولادة وتعاظمت، واتَّسعت إلى أن بلغت ذروتها في 25 أيار من العام 2000، بحيث تحقق النصر الأكبر باندحار العدو الصهيوني صاغراً إلى خارج حدود لبنان.
في 1/ 1/ 1975، كانت (منظمة كفاح الطلبة) في لبنان، قد افتتحت عهد البطولة، عهد المقاومة، عهد الشهادة. ولكل هذا، وبحلول الذكرى الرابعة والثلاثين لاستشهاد عبد الله وفلاح شرف الدين، نزف إلى الأمة العربية عريسين من الطلاب. ونعلن أن للطالب دوراً ريادياً في كل ساح، في المدرسة والمعهد والجامعة، وإلى جانبها له دور ريادي في المقاومة، ومن أقدسها المقاومة المسلحة. وبذلك لن تموت أمة يرتقي فيها طالب العلم إلى طالب للشهادة في سبيل الوطن والأمة.
-->

ليست هناك تعليقات: