السبت، فبراير 27، 2010

العولمة الأميركية والطائفية السياسية

-->
العولمة الأميركية والطائفية السياسية
تبتلعان الأول من أيار،
(طليعة لبنان الواحد عدد نيسان 2007)
على قاعدة أن «الديموقراطية الرأسمالية» تمثل نهاية تاريخ الديموقراطيات في العالم، اجتاحت الأمركة ساحة الأول من أيار، وردمت كل آثاره لتمحو معه أية تأثيرات للفكر الاشتراكي على عقل العمال والفلاحين، الذين عليهم أن يكونوا في خدمة الرأسمال والرأسماليين. وأن ينعموا بدفء أولياء نعمتهم من أصحاب المصالح والمصانع والحقول.
لم يحكم أولياء الرأسمالية العالمية على الأول من أيار، كرمز من رموز حقوق العمال فحسب، وإنما يعملون على إلغاء مفهوم الدولة الحديثة، كراعية للقطاع العام أيضاً.
تحت سقف القرار بإلغاء هذين الرمزين: الأول من أيار، ودولة القطاع العام، بكونهما عامليْن من عوامل المحافظة على آخر معاقل الشريحة الأكبر في المجتمعات الوطنية، انجرفت الحكومات اللبنانية، منذ العام 1992، المتعاقبة على بناء أرضية سياسية واقتصادية تستجيب لتعميم مفهوم الديموقراطية الرأسمالية التي روَّج لها فوكوياما، كأحد أهم المفكرين الأميركيين المدافعين عن المذهب الرأسمالي في العالم بشكل عام، والمذهب الرأسمالي الأميركي بشكل خاص.
بفعل ذلك لم يبق من الأول من أيار في لبنان إلاَّ الذكرى، ولكن هل تنفع الذكرى؟
لم يبق من الأول من أيار في لبنان إلاَّ ممثلين للعمال منقسمين و«مرتهنين» داخل إحدى جيبيْن: جيوب السلطة وجيوب الطوائف:
-السلطة التي تعمل على أمركة اقتصادنا، خاصة وأنها لم تتغير منذ وصلت امتدادات الأمركة إلى لبنان، وثبَّتت مواقعها، وأشرفت إدارة الأمركة في العالم على حمايتها ومدها بأسباب البقاء والاستمرار.
-أو داخل جيوب الطوائف، التي يعمل رؤساؤها على استبدال الاصطفاف إلى جانب الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والوطنية بالاصطفاف إلى جانب حماية النظام الطائفي السياسي.
وهكذا وقع الأول من أيار رهينة بين فكيْ كماشة خطيرة، فكها الأعلى أمركة لا ترحم، وتطييف يبتز ويضلل.
ولكن أوَ ليس هناك من حل؟
نعم، أما قاعدته فلن تكون خارج وعي العمال لمصلحتهم، لأنه لن يشعر بجوع الجائع إلاَّ الجائع نفسه. وفي دائرة الشعور بالجوع والغبن، لن نجد من بين فكيْ الكماشة، الأمركة والتطييف، إلاَّ من هو مُتخم ومُسترخٍ على ما يكدسه من أموال ومواقع في السلطة.
وإلى أن يبلغ العمال سن وعي حقوقهم، تبقى أيها «الأول من أيار» على هامش الانتظار على أرصفة المتخمين الذين لن يتورعوا عن اجتياحها لتنظيفها من آخر آثارك الرمزية.
ووداعاً لهذا العام، ونحن ننتظرك في العام القادم، وكل عام، ولكننا لن ننساك. فهل تجد من يقرضك بضعة آلاف من المتظاهرين في الشوارع أو المعتصمين في الساحات؟
هل ستجد من يقرضك بضعة آلاف من المتظاهرين «المليونيين» لكي يتظاهروا مطالبين بتوفير لقمة العيش لأولادك؟
-->

ليست هناك تعليقات: