الجمعة، فبراير 26، 2010

إلى دول الجوار العراقي

-->
إلى دول الجوار العراقي،
والعراقيين اللاهثين وراء حلول سريعة
ليكن هدفكم الانحياز إلى تحرير العراق
وإعادة توحيده أولاً
10/ 7/ 2006
لقد لفتنا في المؤتمر الذي عقدته دول الجوار الجغرافي في طهران، بتاريخ 9/ 6/ 2006، مبادرة النظام الإيراني التي تدعو إلى برمجة انسحاب قوات الاحتلال الأميركي من العراق. ولأن أية مبادرة مماثلة تًعيد الحق إلى نصابه، كان لا بدَّ من أن تستوقفنا.
هل تلك المبادرة مقصودة من أجل موقف حق؟ ام هي مبادرة حق يُراد بها باطل؟
حول ذلك دلَّت كل تجارب السنوات السابقة، خاصة بعد التنسيق الإيراني الأميركي في احتلال «كابول وبغداد»، أن مبادرة النظام الإيراني ليست أكثر من مبادرة حق يُراد بها باطل. واستتباعاً للتنسيق المذكور استكمل النظام الإيراني مخططاً تخريبياً في العراق لم تعد تخفى معالمه على المراقبين لاتساع مظاهره وآثاره. ولكن فلندع لحسن النية مكاناً لعلَّ وعسى. وعلى أساس حسن النية ننظر إلى تلك المبادرة من منظار مبدئي، فنرى أن استكمالها بما يطمئن على أرض العراق وفضائه هو أمر ضروري لنحكم من بعده على مصداقية اللفظ مع روح المشروع الإيراني وأهدافه المضمرة والظاهرة على أرض العراق الواقع تحت الاحتلال. وهل هناك متغيرات أجازت هذا التحول أم أنه تحول تكتيكي للضغط على الإدارة الأميركية من أجل إنقاذ المفاعل النووي الإيراني؟
فإذا كان تحولاً مبدئياً فنحن نباركه لأنه يسير في الطريق الصحيح. واما إذا كان خطاباً تكتيكياً فننصح بتحويله إلى وجهته الاستراتيجية الصحيحة. وساعتئذِ، على الرغم من أن البعض سيستغرب وثوقنا بسهولة بالنوايا الإيرانية، سنظلّ ندعو جيران العراق والأمة العربية إلى سلوك الطريق الصحيح على شرط ألاَّ نقع في غفلة واستغفال.
إن نظرتنا إلى بعض ما جرى في المؤتمر المذكور من الزاوية المذكورة، ولكي نُبقي اليد ممدودة إلى كل من تتناقض مصالحهم مع المشروع الأميركي والصهيوني، ومنها النظام الإيراني مشمولاً بمواقف كل دول الجوار العربي وغير العربي للعراق، ومشمولة بمواقف ورؤى بعض التيارات العراقية والعربية، نرى أنه لا بدَّ من أن نطل على ما فات من مواقف ومحاولات سارت، ولا تزال تسير، على الطريق الخطأ من أجل وضح حلول للقضية العراقية. وبها ومعها لعلَّنا نستفيد منها في المراحل القادمة التي تنتظر هزيمة محققة للاحتلال الأميركي وعملائه.
لقد تعب أولياء الأمر في دول الجوار الجغرافي للعراق، وكدَّهم العرق، من جرَّاء اللهاث وراء حلول للقضية العراقية تحت الاحتلال. وما نالهم إلاَّ تعب جلسات المناقشة وجهدها، فلم يفلحوا، ولن يفلحوا، في الوصول إلى حلول تجمع بين مصالحهم المتناقضة.
وانبرى للجلوس إلى طاولة المصالحة، أو بعض «قصيري النفس» من الذين يسوَّقون لمبادرات كل همها أن تحفظ لهم مواقع متقدمة في أي نظام سياسي للعراق.
لن نجهد أنفسنا في تشخيص أسباب الفشل لنقول بأن قضية وطنية سائرة على طريق التحرر من الاحتلال لن تُنتَج الحلول السليمة لها إلاَّ على قاعدة وطنية تحررية. وهذا الهدف لن يكون بمنال أحد إلاَّ بأن يقوم الوطنيون التحرريون بوضع تلك الحلول والعمل من أجل تطبيقها.
تلك المعادلة ليست بوارد الوصول إلى اتفاق على حلول للقضية العراقية ، سواءٌ أكان الأمر يتعلَّق بدول الجوار أم كان عند اللاهثين وراء تسويق «حلول كيفما كان» طمعاً بمواقع شخصية.
لقد تناسى الجميع أن العراق واقع تحت الاحتلال، ومن احتل العراق ليس بوارد أن يترك لأحد في العراق حصة فيه، جيراناً كانوا أم من أهل الدار. فعلى واقعية منطق توفير المصلحة بـ«ميكيافيليته»، وعلى الرغم من القذارة التي تأنفها نفوس الشرفاء من الذين يأبون أن تكون «مصائب قوم عند قوم فوائد»، لا يمكن للاعب «ثانوي» أن يحلم بتوفير مصلحته في ظل وجود لاعب «أساسي». فاللاعب الأساسي هو الاحتلال، وهم اللاعبون الثانويون.
تلك المعادلة تدعو دول الجوار والانتهازيين إلى العمل من أجل طرد الاحتلال أولاً لأنه صاحب المصلحة الأساسي في احتلال العراق، ومن بعد طرده يمكنهم أن يحلموا بحصة لهم.
ليس الاحتلال الذي يعمل الواهمون والمساومون تحت رايته هو اللاعب الوحيد الذي عليهم أن يتفاوضوا معه أو يساوموا على حصصهم. ففي العراق المحتل لاعبان رئيسان: الاحتلال والمقاومة، أما البقية من الذين يحسبون أنفسهم من اللاعبين فتتملَّكهم أوهام بالقوة والقدرة على حيازة حصة في العراق. لا يعلم هؤلاء، أو يعلمون وينكرون، بأن الذي يسَّر لهم دوراً يلعبونه هو الفعل المقاوم، ولكن المقاومة لم يكن من أهدافها أن يستفيد هؤلاء من فعلها، وإنما لأنها أضعفت جسد الاحتلال برد فعل تحرري تجرَّا كل من الصيادين في الماء العكر على اقتناص فرصته.
ولأن قرار الاحتلال واضح من خلال عمله في أن يستفيد من كل الثغرات للتسلل من أجل إضعاف المقاومة، فبإضعافها إضعاف للمتسللين، ترك لكل هؤلاء، إذا لم يكن قد دفعهم إلى أن يلعبوا ادوارهم التي تصب في إنقاذه، فحسبوا أنفسهم «ديوكاً». ونسوا أنهم ليسوا أصحاب القرار على الإطلاق، بل هم أدوات في يد الاحتلال صاحب القرار لأول والأخير، فاستعجلوا الأمر لاهثين واهمين بأنهم سيقتطعون حصصهم ويتلذَّذون بها.
فإذا كان الاحتلال احتلالاً لا يعمل لمصلحة أحد بل إن مصلحته تفوق كل مصلحة أخرى،فهو يريد احتلالاً دائما ومستمراً من دون وجود أي شريك أو نصف شريك أو ربعه، فإن المقاومة تعمل من أجل تحرير الوطن، وهي لا تعمل لأي مصلحة أخرى إلاَّ تحرير الوطن من الاحتلال، بشكل نهائي وناجز وتام.
وبناء على المعادلة تلك سيبقى السابحون في الفضاء الفاصل بين الاحتلال والمقاومة تائهون في حالة من انعدام الوزن، إذ لن يكون الاحتلال مطمئناً لهم ولن تحسبهم المقاومة إلاَّ من المعرقلين لعملية التحرير، وهم من موقعهم سيكونون أقرب إلى الاحتلال ومنطق الاغتصاب منهم إلى ثوابت التحرير والدفاع عن الكرامة والسيادة الوطنية.
من تلك الوقائع لا بدَّ من أن نضع الحقائق الأساسية التي لا يمكن لعاقل أن يرى غيرها، لنقول ليس للاحتلال فهو يعرف حقيقة مواقف المقاومة، ويعرف حقيقة تأثيرها، بل نقول إلى دول الجوار الجغرافي للعراق، وإلى اللاهثين وراء سراب «حلول كيفما كان»: انتم لستم بالفعل أصحاب القرار، بل أنتم تعيشون على هوامشه مجرد تفصيلات يعمل الاحتلال على الاستفادة منها في مرحلة ضعفه. وما تجتمعون من أجله، أو تبادرون لأجله، ليست أكثر من مساحة أمل تكتيكية يستفيد منها الاحتلال. أنتم تفصلِّون حلولاً للعراق على مقاييس ما تخدعكم به أحلامكم، اما صاحب القرار الفعلي والشرعي الوحيد فهو المقاومة الوطنية العراقية. ولذا سيكون أي حل تتوهمون أنه سيرسم مستقبل العراق ليس إلاَّ حلاً عبثياً لا فائدة منه، وسيُنتج المزيد من العبث في مصير العراق والعراقيين.
فإذا كان الأمر واضحاً لديكم، فلستم من الغباء بما يجعل الحقيقة ملتبسة أمام عقولكم الراجحة، عليكم أن تحسموا الأمر في الاتجاه والسلوك نحو إحدى حقيقتين لا ثالث لهما: إما الانحياز إلى الاحتلال وبه تغامرون بمصير دولكم، أو بمصيركم الشخصي، والمخاوف تعرفونها أكثر منا، أو الانحياز إلى ثوابت المقاومة فتنقذوا العراق وفيه إنقاذ لدولكم ومصائركم الشخصية.
تعالوا إلى كلمة الحق التي أجازت وشرَّعت مقاومة الاحتلال حتى طرده من آخر شبر من الأرض المحتلة.
تعالوا إلى المقاومة الوطنية العراقية، فصدرها رحب وذهنها مفتوح وأنظارها تتطلع للحوار مع كل من ليس وجوده في العراق احتلالاً او عميلاً للاحتلال.
ابتعدوا عن الاحتلال وخدعه فهو يستغِّل مواقفكم العبثية ليمنعكم من الاعتراف بشرعية المقاومة المسلَّحة تحت خداع الدخول في ما يسميه «العملية السياسية السلمية»، أو في «العمليات التصالحية»، التي تتساقط الواحدة منها بعد الأخرى.
فعندما لا أحسب أنني أنطلق من أمنيات، والأمنيات مشروعة خاصة إذا كان الرهان معقوداً على بقية من ضمير، أفترض انها لا تزال حيَّة عند البعض. تعالوا إلى صحوة ضمير تدفع إلى استفاقة تجعل ما تبقى في النفوس الخيِّرة تندفع بعد سبات طويل إلى اليقين بهزيمة المشروع الأميركي الذي يتساقط. المشروع الذي لا يتساقط على أبواب مدن المقاومة العراقية من الشمال إلى الجنوب وحسب، بل في شوارع المدن الأميركية الكبرى أيضاً.
-->

ليست هناك تعليقات: