الصهيونية تؤسس لدولة ثانية في شمال العراق
نشر في الوحدوي – نت اليمنية: تاريخ 16/ 1/ 2004م وفي المحرر في العدد 164
كشف أصحاب »القرون من العملاء العراقيين«، من الذين تآكلتهم الخيانة، عن اتفاقهم المسبق –قبل الاحتلال- على تطبيق الفيدرالية في العراق. فلا تغفر لهم »يا أبتاه«، لأنهم، بغبائهم وأوهامهم وخيانتهم، سمحوا للصهيونية، بالتنسيق المتكامل مع أصحاب »القرن الأميركي الجديد«، بالتسلل إلى العراق من كل الأبواب التي شرَّعوها. فهم ادَّعوا، زوراً وبهتاناً، خبثاً وسذاجة، أن تعاونهم مع »الشيطان الأكبر«، كان من أجل ما سمُّوه »تحرير العراق« !!!؟؟؟
ماذا يعني النظام الفيدرالي في قاموس أصحاب »القرن الأميركي الجديد«؟
إذا كان أصحاب المشروع يريدون ابتلاع العالم كله، فهم لن يرضوا بقطعة واحدة من العراق. أما لماذا خططوا للمشروع الفيدرالي، أي المشروع الذي يقسم العراق إلى عدة قطع، فلهذا جوانب تكتيكية ذات علاقة بتسهيل سيطرتهم عليه من خلال إحداث انقسامات عرقية وطائفية يتلهَّى بها التفتيتيون من الإثنيات العرقية والدينية والمذهبية، فيغرقوا بصراعات جانبية، ويتلهون بها فيتناسوا أن هناك احتلال رابض على صدورهم.
إذا كان العملاء، قد انصاعوا إلى المشروع الأميركي المدعوم كلياً من الصهيونية العالمية، فهم من شدة حرصهم!!! على العراق!!! وافقوا على تفتيته لكي ينال كل منهم حصته!!!.
لقد أُصيبوا بلوثة من الأوهام، وتصوَّروا بعد أن انتفخوا ك»البالونات«، أن »القرد الأميركي« سيتقاسم جبنة العراق مع »القطط العراقية السمان« كأمثال: أحمد الكلبي ومحمد بحر العلوم وعبد العزيز الحكيم وإبراهيم الجعفري وجلال الطالباني ومسعود البارازاني، ومحسن عبد العزيز… وهم لا يدرون أن جبنة العراق –إذا ما استقرَّ الوضع للاحتلال، وهذا ما لن يحصل- لن يكون لهم منها أية حصة، لأنهم لن ينالوا أكثر من أجورهم –كخونة وعملاء- كمثل الضابط النمساوي الذي خان وطنه بصفقة مع نابليون بونابرت ولم يحصل منه على مصافحة باليد بل حصل على كيس من الذهب كأجر له.
أما من لهم علاقة بإيران، الطامعة ببناء دولة شيعية في جنوب العراق على قاعدة الفيدرالية، فلن يحصلوا على قشة من تبنها، لأن الدور التالي في المشروع / المؤامرة سيكون -كما سماه المشروع الأميركي، من نصيب »دول محور الشر«. أو ليس إيران من دول هذا المحور؟
لا شك بأن إيران، متذاكية، تخطط بأنها متى تخلَّصت من نظام حزب البعث (بقيادة صدام حسين)، وهو العائق الوحيد الذي كان يحول دون أطماعها في الأرض العربية، سيكون من السهل عليها أن تتخلَّص من أخطبوط »محور تطرف أصحاب الشركات الكبرى الأميركية – وتطرف المبشرين المسيحيين أصحاب مشروع رسالة سماوية – والصهيونية العالمية التي تسعى لحكم العالم بأكمله بمن فيه حلفاءها في التحالف«. وما يثير الاستغراب يكمن في أن البعض، من المؤيدين لإيران، يتوهَّمون بأن من يوافق على تفتيت العراق يعمل من أجل مصالحهم!!!
ومن لهم علاقة بالمشروع الكردي الهادف إلى تأسيس دولة كردية في شمال العراق، ومن هم من المؤيدين له تحت شعار »الحق في تقرير المصير«، يدفنون رؤوسهم في الرمال كالنعامة. فلا تغفر لهم »يا أبتاه« أيضاً، لأنهم –بالفعل- لا يدرون ماذا يفعلون.
أوَ يظن، الواهمون من الأكراد، أن أطراف التحالف الثلاثي »الشركات الأميركية –المبشرون المتطرفون – الصهيونية العالمية« أن همَّ الأكراد كان يؤرقهم؟
أوَ يظن، بعض اليساريين من أدعياء الديموقراطية، أن الاستعمار قد تحوَّل إلى مدافع عن مصالح الشعوب؟ وعن مصالح الأقليات الدينية والعرقية؟
إن تحالف »محور الشر« المذكور هو أذكى بكثير ممن يحسبون أنفسهم أذكياء:
-فجشع الشركات الأميركية، التي تخطط لبناء عالم »مؤمرك« لخدمة مصالحها لن ترى في بناء دولة كردية إلاَّ ضامناً لمصالحها، على أن تكون مستكينة مستسلمة.
-وتطرف المبشرين، الذين يخططون لمعركة »هرمجدون« التوراتية (للصراع بين الخير والشر)، لن يرضيه إلاَّ تأسيس دولة دينية ترى في الأديان الأخرى، والمذاهب المسيحية الأخرى، معبراً للشر الواجب القضاء عليه. وهي لا ترى سبيلاً آخر لخلاص الإنسان في الآخرة إلاَّ عن طريق دعوتها. فهي ليست مسيحية على الإطلاق، لأن الكنائس المسيحية الأخرى أقرَّت بأنه يمكن خلاص النفس بوسائط أخرى غير المسيحية.
-أما الصهيونية فهي لا ترى في تأسيس أي كيان سياسي، من غير المؤمنين بالرسالة التوراتية، إلاَّ معبراً للعودة إلى أرض بابل. الصهيونية التي اغتصبت أرض فلسطين بدوافع توراتية، تعمل من أجل الدخول إلى أرض الرافدين لبناء دولة صهيونية ثانية.
ولأن للصهيونية هدف إلهي!!! في العودة إلى أرض بابل، فهي –بداية- تحفر من أجل موطأ قدم ثابت لها لكي لا تتفاجأ بالاقتلاع تحت أي ظرف أو عامل غير محسوب. فوجدت أن المنطقة الكردية هي العامل الأكثر قرباً من الثبات، والأكثر اماناً، بفعل أكثر من سبب؛ ومن أهمها: أن الأكراد متى ما استمرأوا طعم الحالة الانفصالية في شمال العراق، سيجدون جاذباً فيه مصلحتهم فيعملون على حمايته بكل الوسائل والأساليب.
من داخل الدور الصهيوني ولأهميته تسربَّ الكثير من التقارير، ليست المستندة إلى مرحلة تبشيرية لتوضيح أهمية المشروع الصهيوني في العراق عامة، وشماله خاصة، بل جاءت تلك التقارير لتفضح وجود اتفاقيات وبروتوكولات جرى التوقيع عليها بين الأطراف الثلاثة: الأميركي والصهيوني والكردي.
وأهم ما جاء في مواد تلك البروتوكولات ما يلي:
1-وقَّعت الجماعات الكردية (طالباني وبارازاني) في شمال العراق على بروتوكول مع »إسرائيل« مقابل أن تزود تل أبيب الجيش الكردي الذي سيشكل في شمال العراق بصواريخ ستينجر أرض جو وسيارات وعتاد ومستلزمات عسكرية. وطبقاً للبروتوكول السري فقد قررت إسرائيل توطين 150 ألف يهودي من أصل كردى في منطقة شمال العراق.وحسب هذا البروتوكول فأن اليهود الأكراد سيمتلكون حق الملكية غير المحددة في القطاع الزراعي والحيواني بالإضافة إلى ذلك سيتم إعطاء المثقفين من المهندسين والتقنيين منهم قطع أراضى في المناطق الغنية بالمعادن الطبيعية والنفط ليقوم اليهود الأكراد بالتنقيب عن المعادن الطبيعية والنفط في منطقة شمال العراق. أما للتطوير التجاري في كردستان العراق المستقل فأنه تم تأسيس شركات إسرائيلية أردنية مشتركة لتفتح لها مكاتب في شمال العراق من أجل المساهمة في النهضة الاقتصادية في كردستان([1]) .
2-ولإرضاء دول الجوار نص البروتوكول على ما يلي: وفى إطار جميع هذه التغيرات سيتم منح إيران امتيازاً خاصاً من خلال منحها حق شراء أراضى في المنطقة التي لها مكانة خاصة بالنسبة للشيعة والمتمثلة في النجف وكربلاء والكوفة([2]).
3-أما الفقرة التي تخص الدول العربية في البروتوكول الموقع بين »إسرائيل« والأكراد فأنه سيتم منح حق شراء الأراضي في البصرة لكل من الإمارات والكويت والبحرين([3]) .
4-وللمزيد من ضمانات التطمين للأكراد فقد تعهَّد لهم أرييل شارون –رئيس وزراء العدو الصهيوني- بما يلي:
-تأمين اعتراف أميركي – أوروبي بالدولة الكردية. وتحقيق أكبر معدلات للتنمية. وتأمين حماية الدولة من الأخطار الخارجية بتشكيل جيش كردي – يهودي يؤمن تلك الحماية([4]).
وهنا يمكن للقارئ أن يتصوَّر مدى المخاطر التي تتعرَّض لها وحدة أرض العراق وشعبه. ويمكنه أن يتصوَّر قذارة الدور الذي يلعبه »مجلس الحكم العميل« بشكل عام، بعد أن أذعن للتقسيم الفيدرالي، والدور المشابه الذي يقوم به كل من الطالباني والبرازاني.
صحيح أن بعض الدول المجاورة للعراق، ستقف ضد تنفيذ هذا المشروع، ولكنها إذا مانعته فهي لن تستطيع أن تمنعه من دون مقاومة فعلية. فالمشروع الأميركي يسمح بالاعتراض الكلامي لكل من يريد أن يعترض (كحق ديموقراطي صوري) على شرط أن لا يترجم رفضه إلى فعل، ولكن الممانعة الكلامية لن تحبط المشروع الفيدرالي المشبوه، فالحد الأدنى المطلوب، إذا لم يكن مقاومة فعلية ومباشرة ضده، فهو دعوة تلك الإطراف إلى الابتعاد عن الوقوف على الحياد من المقاومة الوطنية العراقية، التي هي وحدها –على المدى المنظور- التي تستطيع أن تلحق الفشل به.
إن الخطر الصهيوني، القادم اليوم من شمال العراق، لن توقف زحفه لامبالاة الأنظمة والحركات الحزبية من قضية اغتصاب الأرض الفلسطينية، التي استخدمت في العام 1948م. فلو أحسن العرب وسائل الدفاع عن فلسطين لما وصلت الصهيونية إلى شمال العراق. وهم إذا لم يحسنوا مواجهة الخطر القادم من العراق اليوم بشكل عام، ومن شماله بشكل خاص، فسوف تدخل الصهيونية إلى مخادع كل العرب وتحدد لهم الطريقة التي ينجبون فيها أجيالهم القادمة.
أو لا يكفينا أن يحمل المشروع الأميركي كل صلافة وغرور وتعالي ثقافة وأفكار أصحاب الشركات الأميركية الكبرى التي رسمها الرئيس الأمريكي (تافت) عندما أعلن في العام 1912م: »سنمتلك القارة بأكملها كما نحن نمتلكها الآن معنوياً بفضل تفوقنا العرقي«([5]). ولأن النمط الأميركي في التفكير والسلوك هو على مثل تلك المقاييس فإنه: »لا يرى شيئاً خارج ذاته«، فأصبح استيلاؤه على المجتمعات الأخرى يشكل الخطورة الأولى على البشرية.
أوَ لا يكفينا ما جاء في التوراة: »(10) وإذا تقدمت إلى مدينة لتقاتلها، فادعها أولاً إلى السلم. (11) فإذا أجابتك إلى السلم، وفتحت لك، فجميع الشعب الذين فيها يكونون لك تحت الجزية، ويتعبدون لك. (12) وإن لم تسالمك… (13) وأسلمها الرب إلهك إلى يدك فاضرب كل ذكر بحد السيف. (14) وأما النساء والأطفال وذوات الأربع، وجميع ما في المدينة من غنيمة فاغتنمها لنفسك«؟
أوَ لا يكفينا احتلال العراق من قبل أقذر تحالف عرفه تاريخ البشرية؟ أوَ لا يكفينا جرس الخطر الذي يدق أبواب شمال العراق؟ أو لا يكفينا جرس الخطر الذي تدقُّه فتح أبواب الفيدرالية في العراق؟
إلى أن تتفتَّح ضمائر المتعاملين مع الاحتلال، وإلى أن يعي النظام العربي الرسمي خطورة المرحلة، وإلى أن يعي الخائفون أن قوات الاحتلال ليست إلاَّ نمراً من ورق، يبقى الأمل الكبير معقوداً بنواصي الفرسان أبطال المقاومة الوطنية العراقية. فإليهم تحية وألف تحية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق