-->
-->
أسباب ووظائف المواقف المؤيدة للعراق على المستويين العربي والعالمي
تحت شعار »الحملة الدولية ضد العدوان على العراق ومناهضة العولمة«، انعقد مؤتمر عالمي في القاهرة بتاريخ 18 – 19/ 12/ 2002م. ومن خلال قراءة وقائع المؤتمر خلصنا إلى النتائج التالية:
كان ممثلاً في المؤتمر مجموعة من القوى والشخصيات العالمية والعربية، وبالتالي كان يسود المؤتمر عدد من الاتجاهات، التي من خلال متابعتها، نستطيع أن نصل إلى عدد من النتائج التي تلقي ضوءًا حول أسباب مواقف تلك القوى ووظائفها في الدفاع عن العراق. فكيف نرى تلك الأسباب والوظائف؟
لتمييز الدوافع والأسباب بين عالمي وعربي، نرى أن نتتبَّع عناوينها من خلال المناقشات التي قام بها عدد من المشاركين:
أولاً: مواقف القوى والشخصيات العالمية:
تتفق وجهات نظر المشاركين حول الأسباب التالية:
1-منطلق إنساني مُثُلي عام: يتمثَّل في الوقوف ضد استخدام القوة في حل النزاعات بين الدول.
2-الوقوف ضد العولمة باتجاهاتها الأحادية الجانب، والموضوعة –في هذه المرحلة التاريخية- في خدمة المصالح الأمبريالية الأميركية.
ولأن الولايات المتحدة الأميركية تبتز العالم بأسره، مستخدمة المنطلقين العامين: استخدام القوة في حل نزاعاتها، وتسخير العولمة لخدمة مصالحها، تمحورت المداخلات حول تحديد أفضل سُبل العمل من أجل إجهاضها.
ثانياً: في مضامين المواقف الدولية:
1-نظرة القوى الشعبية الدولية إلى مضامين الأهداف الأميركية: إن أميركا دولة مستبدة، تسخِّر كل الوسائل لتوظفها من أجل خدمة مصالحها القومية. ومن أجل ذلك تمارس النفاق والكذب في وسائلها السياسية والإعلامية. وتخترع كل الوسائل للقضاء على الدول التي تقف ضد العولمة الأميركية.
ولما كان العراق هو إحدى أهم تلك الدول، وُضِعت وسائل الإعلام الأميركية في خدمة الوظائف السياسية، لخلق مبررات للعدوان عليه. ومن أهم تلك المبررات هو أنه يمتلك كمية من أسلحة الدمار الشامل.
ليس نزع أسلحة الدمار الشامل العراقية هو الهدف، بل هو الخديعة التي تحجب السبب الحقيقي المتمثل بالنفط العربي من جهة، والسيطرة على مصادر العالم الاقتصادية ووضعها في خدمة شركاتها من جهة أخرى.
ومن أجل الهدف الحقيقي مارست أميركا كل أنواع الضغوط ضد الدول التي تمتنع عن مشاركتها بالعدوان أو السكوت عنه. واستخدمت من أجل ذلك وسائل الترهيب والترغيب، ومنها تهديد بعض الدول بمساعدة القوى المعارضة فيها للقيام بأعمال تخريبية في داخل منظوماتها السياسية والأمنية والاقتصادية.
2-ضعف استجابة دول العالم للرغبات الأميركية: ترى دول العالم مدى الخداع في المواقف الأميركية متمثلاً في ما يلي:
-تعمل أميركا على منع الآخرين من امتلاك وسائل القوة في الوقت الذي تدعم فيه نفسها من أجل امتلاك كل أنواع الأسلحة.
-تعمل من أجل تعزيز القوة القتالية للعدو الصهيوني بكل أنواع الأسلحة الفتاكة، وفي المقابل تمنعها عن العرب بشتى الطرق.
-تدعو من أجل الديموقراطية في دول العالم ، وتعزيز مبدأ المساواة والعدالة، في الوقت الذي تسود فيه اللاعدالة واللامساواة واللاديموقراطية وخرق حقوق الإنسان في قلب النظام الأميركي.
3-انكشاف الخداع في المواقف والأهداف الأميركية: لم تنجح أميركا في تقديم مبررات للعدوان على العراق. ومن أهم مظاهره يأتي الرفض الروسي والصيني والهندي، والأوروبي بشكل عام، للإطاحة بالنظام الشرعي في العراق. ولهذا السبب أصبحت علاقة أميركا بدول العالم آخذة بالتدهور شيئاً فشيئاً. وإذا استثنينا الموقف البريطاني المنصاع للأوامر الأميركية، يصبح ذلك الموقف من المتعذر فهمه حتى عند البريطانيين أنفسهم.
4-في مظاهر الرفض الدولي للأهداف الأميركية:
-سقوط عدد من الشهداء الأميركيين وهم يتظاهرون ضد الحرب والعولمة.
-تدعم روسيا رفع العقوبات عن العراق، كما أنها استطاعت أن تمنع بوش من الذهاب إلى الحرب. وتدعم الشعب العربي، وتدعو إلى اتحاد الضعفاء لأنهم به يصبحون أقوياء. وهناك دعوات روسية متواصلة من أجل التعاون بين روسيا والعرب.
-تتشكل في شتى دول العالم حركات شبابية جديدة لمقاومة العولمة، والوقوف إلى جانب العراق والقضايا العادلة الأخرى.
5-في وسائل منع أميركا من الاستمرار في مواقفها العدوانية:
-إن الوقوف في وجه الرئيس الأميركي بحزم يمنعه من الاستمرار في العدوان.
-دعوة أميركا للحد من الإنفاق العسكري، وتحويله إلى مصلحة محاربة الفقر عندها، وفي شتى دول العالم.
6-في تكوين معالم الخطة الاستراتيجية لمقاومة العدوان الأميركي:
-الدعوة إلى التخلص من كل أنواع الأسلحة، وعند جميع الدول، بما فيها أميركا و»إسرائيل«.
-الطلب من الأميركيين أن يسحبوا قواتهم من كل مناطق العالم. وأن يحترموا حق تقرير المصير للشعوب، وعلى أن حق تقرير المصير لن يكون من الخارج على الإطلاق.
-التساؤل عن السبب الذي يمنع العرب من التكاتف مع العراق، ويتوجه الغربيون بدعوة العرب لإرسال جيوشهم للدفاع عن العراق، ويدعونهم لقطع النفط عن الغرب.
-العمل من أجل تشكيل حركات أوروبية لمنع الحرب ضد العراق.
-أن تكون لحركة المقاومة شخصية دولية، ومن أهم مهماتها: مكافحة العولمة المؤمركة لأنها عملية تحول سياسي للسيطرة الاقتصادية. ومقاومة الغزو الثقافي، وسرقة الموارد البشرية.
ثالثاً: في مضامين مواقف القوى العربية:
1-حول أهداف أميركا من العدوان على العراق:
تعمل أميركا من أجل بناء هيكلية للعولمة تتناسب مع مصالحها. ولأن الشركات المتعدية الجنسيات هي من يحكم أميركا، تتحدد الأهداف الأميركية في العدوان على العراق، بما يلي:
-للأمة العربية مشروع تحرري، وهو اليوم محاصر بالمشروع الأميركي. ولأن مشروع العراق هو جزء أساسي من مشروع الأمة النهضوي، فهو مستهدف مباشرة من المشروع الأميركي.
-تصريف الإنتاج الأميركي والاستيلاء على مصادر الثروة الطبيعية ومن أهمها النفط.
-حرب أميركا لا تشمل العراق بمفرده، بل تطول العرب جميعاً، فأرضهم منبعاً للبترول، وإنسانهم مستهلك وليس منتجاً، لذا على أسواقهم أن تكون مكاناً لتصريف الإنتاج الصناعي لشركاتهم المتعدية الجنسية.
-ولأن العولمة المؤمركة ذات وجه استغلالي عالمي، تدعو القوى والحركات الشعبية العربية إلى قيام جبهة عالمية ضد أميركا. وعليها أن تتوجَّه إلى الأصدقاء من غير العرب، الذين يساندون القضايا العربية، إلى تشكيل لجان للمتابعة المشتركة بين الشرق والغرب. وتبقى الدعوة إلى الحوار بين شعوب الشمال الغني وشعوب الجنوب الفقير قائمة من أجل ترسيخ قواعد التفاهم أولاً والتفاعل ثانياً.
-لا تقف المخططات الأميركية عند حدود استغلال الثروات الاقتصادية فحسب، وإنما إبقاء العقل العربي متخلفاً عن التحول إلى موقع الإنتاج أيضاً. لذا تنتهج العولمة المؤمركة طريق إفراغ الجسم البنيوي العلمي العربي من العقل المنتج، ولهذا السبب تعمل من أجل محو الهوية العربية، ومن أهم مظاهر فصول تلك المؤامرة هو ما يبرز من النوايا من أجل السيطرة على عقول العلماء العراقيين، لذا تصبح الدعوة مستعجلة للمثقفين العرب للقيام بدورهم لحماية الكفاءات العلمية العربية.
2-كشف وسائل الخداع الأميركي في هذه المرحلة:
تتمظهر وسائل الخداع الأميركي، وتتكشف وسائله وأهدافه، على مستوى تخطيطها الاستراتيجي من جهة، ووسائل تحقيق خططه من جهة أخرى بما يلي:
-تحتضن أميركا الكيان الصهيوني، كظاهرة استعمارية، من خلال: استخدام مجلس الأمن كأداة تنفيذية في إصدار القرارات التي تخدم المصلحتين الأميركية والصهيونية. ولهذا السبب، حتى بالنسبة لقرارات المجلس، تتَّبع سياسة المعايير المزدوجة، ومن أهم مظاهرها: إن العدوان الصهيوني على الفلسطينيين بشكل خاص، والعرب بشكل عام يتم بمشاركة أميركية، لذا تعمل الإدارة الأميركية على حماية العدو الصهيوني بمنع المؤسسات الدولية من إرغامه على تطبيق قرارات الشرعية الدولية. وفي المقابل العمل من أجل إرغام العرب على تطبيق تلك القرارات بالقوة والعدوان. كما أنها تتستَّر على إرهاب العدو الصهيوني وتصف بالمقابل نضال الشعب الفلسطيني من أجل حقه بتقرير المصير بالإرهاب. وبهذا يعمل الأميركيون من أجل تحديد تعريف للإرهاب يتناسب مع مصالحهم. وللترابط الوثيق بين مصالح التحالف الأميركي – الصهيوني تستخدم أميركا تهديداتها بالعدوان على العراق من أجل صرف الأنظار عما يحدث في فلسطين من جرائم وحشية ضد انتفاضة الفلسطينيين.
4-في أسباب التحرك الداعم للعراق وموجباته:
-التشكيك في عدالة قرارات مجلس الأمن، لأنها تعبِّر عن مصالح التحالف الأميركي – الصهيوني.
-التركيز على أصولية مسؤولي نظام الإدارة الأميركية.
-العمل من أجل تغيير النظام العالمي القائم حالياً. والتنسيق من أجل ذلك مع أصدقاء العرب في العالم على الصُعد الرسمية والحزبية الشعبية.
-الديموقراطية، بالمفهوم الأميركي، تعني الدفاع عن مصالح أميركا فقط. والديموقراطية تعني، أساساً، حق الشعوب في تقرير مصيرها. ولأن نتائج الديموقراطية في العراق تصب في دائرة الممانعة في وجه الهيمنة الأميركية يعمل الأميركيون من أجل إسقاط النظام فيه الذي اختاره الشعب العراقي بمحض حريته وحقه في ممارسة الديموقراطية.
5-في موجبات ووسائل الدفاع عن العراق وفلسطين:
-دعوة العرب إلى اعتبار أن العدوان على العراق هو عدوان على العرب جميعهم، بسبب ترابط المصالح الأميركية مع كل الثروة العربية، ومع كل السوق العربي. لذا تأتي مهمة المشاركة في الدفاع عن العراق مهمة قومية تدافع فيه الأمة عن نفسها، وهنا من الواجب على الدول العربية أن تقوم بتفعيل اتفاقية »الدفاع العربي المشترك«. ففي المشروع الأميركي، بعد مرحلة العراق وبالإضافة للسيطرة على النفط العربي، ما يؤكد على تغيير خارطة المنطقة العربية بما يتضمن سلامة العدو الصهيوني. وتأتي على رأس الاستحقاقات مهمة تفتيت العراق وسورية ومصر والسعودية.
-دعوة العرب وتحصينهم من الإصابة بالإحباط من وهم فقدان التوازن بالقوى، لأن الحجر الفلسطيني يهزم الترسانة الحربية الصهيونية، وصلابة الصمود في الموقف العراقي يصيب الترسانة الحربية الأميركية بالانفعال.
-لمن الخطأ عند من هم مصابون بوهم اسمه أن أميركا سوف تعمل من أجل حل كل قضايا المنطقة من موقع الشريك الكامل، أن يستمروا في أوهامهم، لأن أميركا ليست شريكاً كاملاً بل هي طرف منحاز إلى مصالحها ومصالح العدو الصهيوني.
إلى موجبات فهم استراتيجيا التحالف الأميركي الصهيوني تستند رسم قواعد أهم وسائل العمل من أجل الدفاع عن العراق وفلسطين:
-تحويل كلام المؤتمرات إلى أفعال.
-كشف أهداف التعتيم الإعلامي على المبادرات الشعبية العربية التي تدهم قضيتيْ العراق وفلسطين.
-ولأن النظام العربي –حالياً- مفكك، يجب التعريض بالأنظمة العربية المتواطئة مع أميركا، وإدانة كل نظام يسمح للقوات الأميركية أن تقيم على أرضه، أو تعبر أجواءه أو ماءه.
-المقاطعة الشعبية لكل ما له علاقة بالمصالح الأميركية. ودعوة الأنظمة العربية، أيضاً، إلى القيام بواجباتها في ممارسة المقاطعة والحض عليها.
-توجيه وفد من المؤتمر إلى العراق من أجل تشكيل سد بشري عربي يدعم العراق في الدفاع عن نفسه.
-أما حول المعارضة العراقية الموجودة في الخارج، فتُصنَّف مواقفها في دائرة الخيانة للوطن. وهي أداة في يد أميركا و العدو الصهيوني. لذا يجب دعوة أطرافها للعودة إلى العراق في سبيل الدفاع عنه. وتوجيه تحية لكل من عاد إلى وطنه. كما أنه على الأكراد العراقيين أن يدافعوا عن أرضهم ضد العدوان الأميركي.
6-في سبيل وضع أهداف قومية ودولية عامة للدفاع عن العراق:
-مواجهة الهجمة الأميركية بهجمة شعبية واسعة، عربية ودولية.
-مواجهة أميركا بالمقاومة في كل أرض عربية. والدعوة إلى مقاومة شعبية عربية شاملة لمهاجمة المصالح الأميركية.
-اعتبار كل الدول التي تساند العدوان الأميركي من الدول المعادية.
-فضح تأثيرات القصف الأميركي، بقنابل محشوة باليورانيوم المنضَّب، على أطفال العراق الحديثي الولادة.
-الاستمرار في عقد سلسلة من المؤتمرات لفضح أهداف العدوان الأميركي على العراق. والعدوان الصهيوني على شعب فلسطين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق