الجمعة، فبراير 26، 2010

إلى القمة العربية

إلى القمة العربية:

لا نريد إصلاحاً على طريقة جورج بوش وضغوطه

14/ 5/ 2004م

يا أولياء نظامنا العربي الرسمي نخاطبكم وأنتم مقبلون على عقد قمة باسمنا، واتخاذ قرارات باسمنا، ومغازلة جورج بوش باسمنا.

لقد أعلنتم أن القمة ستقوم بدراسة مشاريع للإصلاح في هيكلية النظام العربي الرسمي، وبهيكلية الحياة السياسية للمجتمع العربي، وبها تكونون قد استجبتم لغيرة جورج بوش الكاذبة، فهو يريد أن يتاجر بقراراتكم ويضعها في خدمة المعركة الانتخابية القادمة، لينال رضى الأميركيين بمشروع أسياده أصحاب الشركات والمافيات العالمية.

يا سادة النظام العربي الرسمي

لقد دخل مشروع المافيات العالمي، على حصان صهيوني، إلى فلسطين منذ أكثر من نصف قرن. وبشِّرنا أصحابه أن الصهاينة سوف يسهمون في إعادة إعمار الحضارة العربية والإسلامية انطلاقاً من القدس.

لقد استهان العديد من أسلافكم بتلك الدعوة، وصدَّقوها، وأصدقوها القول والعمل. فانتقل الصهاينة من حصتهم التي اغتصبتها شرعية »هيئة الأمم المتحدة« إلى مصر وسوريا والأردن ولبنان، ففتحت بعض العواصم أذرعها مرحبة بحرارة وأقفلت بعض الأبواب وقاومت، أو لا تزال تقاوم، فأقفلت بوابة التوسع وجمَّدتها.

سكت بعض أسلافكم عن اغتصاب فلسطين، في سجون الكيان الجديد، كما هم ساكتون الآن- عن اغتصاب الماجدة العراقية في سجن أبو غريب.

بعد أن اطمأن بال أصحاب مشروع المافيات الرأسمالية العالمي، وفي القلب منهم مافيات إدارة جورج بوش، إلى أن السكوت العربي عن الاغتصاب، من فلسطين إلى سجون الاحتلال في العراق، هو علامة القبول والرضى، راحوا يضغطون باتجاه الحصول على المزيد من التنازلات المهينة لكرامة العرب وشرفهم وقيمهم، فصدَّروا إلينا مشروع الشرق أوسطية الجديد تحت عناوين الخداع الديموقراطية.

حصل التصدير بطريقة الديبلوماسية الناعمة، ومن الغريب أن يقوم أصحاب المشروع الأميركي الخبيث باستخدام الأيدي الناعمة وهو القائم على القتل والإرهاب والدبابة والقنابل الذكية، وعقارب وأفاعي ومطارق حديدية. أما السبب فلا يخفى على اللبيب، الذي من الإشارة يفهم.

لما أتى كولن باول إلى المنطقة في أيار من العام 2003م حاملاً أوامر وليس مطالب للتفاوض حولها، مبتدئاً بسوريا، كان رسولاً لإمبراطور العالم الجديد، ليقوم بترتيب أوضاع المنطقة بما يتناسب مع مصالح المافيات العالمية. وهدد سوريا قائلاً: إن سوريا تعرف ما عليها أن تفعله. بلَّغ الرسالة وعاد. كما بلَّغ المنظمات الفلسطينية أيضاً قائلاً: إنها تعرف ما عليها أن تفعله.

ولكن حقل كولن باول، استطراداً، لم ينطبق على بيادر الوطن العربي (ونحن كنا نأمل أن يكون بيدراً واحداً، ولكن للأسف). كانت محاضرة باول في مجلس الأمن بليغة في تقديمه البراهين التي عرضها لإثبات أن العراق يمتلك أسلحة الدمار الشامل، واستطراداً أيضاً، شعر بالإحباط قبل شهر من الآن، وشعر بالأسى لأن أجهزة المافيات قد كذبت عليه فاضطر ليكذب على العالم. وتزداد كآبة كولن باول يوماً بعد يوم!!

لكن كآبة كولن باول لم تدفعه إلى قطع حبل الكذب، بل راح يكذب من جديد. أما الآن، فهو يكذب بتسويقه لمشروع الشرق أوسطية تحت أثواب الديموقراطية والحضارة، والدفع بأولياء النظام الرسمي العربي إلى القيام بإصلاحات سياسية محشوَّة بلوز ديموقراطية جورج بوش وجوزها.

قامت الديبلوماسية الأميركية بلبس قفازات من الحرير في التعبير عن رغباتها، بعد أن استخدمت العصا، قبل عام من الآن، لأن المقاومة العراقية كسرت العصا على رؤوس أصحابها. فلا يظنن أولياء النظام العربي الرسمي أن بلاغتهم ونباهتهم وحكمتهم، كما لا يظنن أحد منهم أن كولن باول يستخدم التهذيب كما رئيسه- لأن حضارتهم في الأخلاق تدفعهم إلى ذلك. ولا يدفعهم الحرص على حقوقنا الديموقراطية هو ما جعلتهم يلبسون القفازات الناعمة بديلاً للعقارب والأفاعي والمطارق.

إن الدفع باتجاه الموافقة على مشاريع الإصلاح، على قاعدة الحرص الأميركي على الديموقراطية، يحمل السم بالدسم. فالديموقراطية الأميركية قائمة على الاغتصاب.

منذ اغتصاب شرف الأمة في فلسطين إلى اغتصابه في العراق، وممارسته بأقذر طريقة عرفتها البشرية في سجن أبو غريب في العراق، تمر الأمة بسلسلة من عمليات الاغتصاب الديموقراطي الأميركي المتواصلة. ونحن فقدنا الإحساس والنظر لما يفتعله التحالف الصهيوني من مخازٍ واعتداءات على العرض والأرض.

لقد انشغلتم يا سادة النظام الرسمي العربي بمشاهدة الدموع في عيون جورج بوش، وتابعه طوني بلير، ولم تنظروا إلى السكين التي يغرسها وحوشه المدربَّة في أجسام الضحايا كل يوم.

لقد حشوتم آذانكم ب»القصدير« لتمتنعوا عن رؤية القتلى والجرحى، كل دقيقة وكل ساعة وكل يوم، في غزة ورفح وطولكرم. في الفالوجة والموصل والبصرة والنجف وكربلاء. وقمتم بفتحها لسماع لغة الحرير الديبلوماسية التي تدعوكم، ليس للقيام بإصلاحات سياسية في أنظمتكم، بل للترويج لبضاعة جورج الفاسدة من أجل تأمين نجاحه في الانتخابات القادمة.

نحن لسنا من الدعاة إلى الشماتة بكم لأنكم ستدرسون الإصلاحات تحت الضغوط الأميركية، ولسنا من المرددين: كان من الواجب عليكم أن تقوموا بتلك الإصلاحات بمبادرات ذاتية قبل أن تبادروا تحت الضغط.

لسنا من المتفائلين بأنكم ستبادرون ذاتياً بعمليات الإصلاح، فللإصلاح طريق طبيعي وحتمي للتغيير. ولسنا من المنخدعين بالحرص الأميركي على الإصلاحات الديموقراطية. لهذا نرفض مشاريع الإصلاح على تلك الطريقة، خاصة تحت الضغوط الأميركية، لأننا نعرف حرصها الكاذب، ونعرف مضامين ديموقراطيتهم القائمة على الاغتصاب.

لهذا يا سادة النظام الرسمي العربي، ممن يحضِّرون أنفسهم لحضور اجتماعات القمة العربية، نقبِّل أياديكم ونقول لكم:

أتركونا أينما شئتم، وكيف أردتم. إسحقونا بدبابات جنازيرها عربية. أجلدونا بكرباج عربي. وكِّلوا بحراستنا أي »بسطار« عربي، وستجدوننا، والله، طائعين.

نرجوكم، ونقبِّل أياديكم، أتركونا نُهان على أيدٍ عربية، وبكلمات بذيئة عربية، ولا تسلِّمونا لديموقراطية جورج بوش. فنحن نرفضها، نرفض جنة »عدنه«، ولن ندخلها على الإطلاق، فناركم أكثر رأفة بنا، وبأطفالنا وبنسائنا وشيوخنا. فجلادنا العربي أرحم بنا من وحوش، و»وحشات (بالإذن من قواعد اللغة)«، جورج بوش، وكولن باول، والساديين من أمثال رامسفيلد وكوندوليزا وبول

يا سادة النظام الرسمي العربي

كونوا كما تريدون، كما أنتم، بظلمكم ولا عدالتكم، بأجهزة الأمن المحيطة بكم على شرط أن لا يكون بينها جندي ديموقراطي أميركي من أجهزة »السي آي إيه« الديموقراطية ونرجوكم أن تتخذوا قراراً وحيداً وواحداً، هو أن تشاهدوا كل يوم، ولو لساعة واحدة، مشاهد الديموقراطية الأميركية في فلسطين والعراق.

ومن بعدها فأهلاً بناركم مهما بلغت من القساوة. فنحن وإياكم نستطيع أن نكمل الشوط في الإصلاح على طريقتنا وشروطنا بعيداً عن »جنة عدن جورج بوش« الديموقراطية. لعلَّ الرسالة تصل إلى المسامع ونحن على الدرب سائرون.


ليست هناك تعليقات: