الخميس، فبراير 25، 2010

ندوة في فندق الكومودور

-->
عن المقاومة العراقية في الذكرى الثانية لاحتلال العراق
ندوة في فندق الكومودور
-->

بمناسبة الذكرى الثانية للعدوان على العراق واحتلاله دعت «لجان دعم المقاومة في فلسطين والعراق» إلى ندوة في فندق الكومودور في بيروت، بتاريخ 20/ 3/ 2005م، حضرها الأستاذ راضي فرحات، ومعن بشور، وهاني فاخوري، وحشد كبير من مؤيدي المقاومة في العراق وفلسطين من الفعاليات الثقافية والسياسية والحزبية. وحاضر في الندوة الأستاذ نجاح واكيم رئيس حزب الشعب، والأستاذ حسن خليل غريب الباحث والكاتب اللبناني. وقدَّم الشاعر عمر شبلي المحاضرين، مستهلاً كلمته بتوجيه تحية للمقاومة العراقية، كطليعة لحركة التحرر العربية والعالمية، داعياً إلى استثمار بطولاتها في معركة المواجهة التاريخية مع الاستعمار. كما أعلن عدداً من الوسائل والسبل التي تدعمها على المستوى القومي العربي.
أما الأستاذ نجاح واكيم فقدَّم كلمة غير مكتوبة، نقتطف منها ما يلي:
إن استراتيجية الولايات المتحدة معروفة ومقرؤة. ولن أتحدث عن المقاومة لأن الأستاذ غريب قد تناولها وألقى الضوء عليها. ولكنني أتساءل: هل تنجح المقاومة؟ هل تفشل؟ ماذا ينقصها لتحقق أهدافها؟ هل الكيانات العربية قادرة على العيش في المرحلة الجديدة لهذا النظام العالمي الذي يرسم خرائط المنطقة كما يشاء؟
إن المقاومة في فلسطين والعراق لن تنتصرا إلاَّ إذا حاولنا أن نخرج من حالة الانكفاء التي يعيشها الشارع العربي. ومن دون ذلك أقول: حيث لا تُوجد مقاومة فالبلد محتل.
فأميركا تشن حرباً شاملة: على هويتنا العربية والإسلامية، فهل ننتظر الاحتلال المباشر لكي نقاوم؟ وكيف نبدأ حرب استنزاف ضدها؟
القتل الأميركي للشعب العراقي مستمر. فالرد في أن نقتل من يقتلنا. والمهم أن نقاتل الأميركيين أينما كان. ففي لبنان يمكننا أن نعطي أمثولة في منع خضوعه للمشروع الأميركي. ومن أسهل الأمور أن نسب الأنظمة العربية. وعلينا أن نعترف أن في بعض الأنظمة وطنيين: فهذا الرئيس صدام حسين يقود مواجهة ضد الأميركيين في العراق. وكذلك بشار الأسد يقف في مواجهة المد الأميركي.
في مواجهة الديموقراطيين الجدد في لبنان، كيف نبني أنفسنا لنمنع الهزائم؟
علينا أن نطور مفهومنا للعروبة، أن نطور أسلوبنا ونرتقي به إلى أكثر من تظاهرة احتجاج. لقد قامت فرق من الأميركيين باستطلاعات للرأي في المجتمع العربي، فحصلوا على نتيجة كشفت عن أن الشعب العربي يعرف كيف يحتج ولا يعرف كيف يقاوم. فدخلوا المنطقة وهم غير آبهين. تلك المسألة تدفعنا للتساؤل: كيف ننتقل من مرحلة الاحتجاج إلى مرحلة المقاومة؟
من مساوئنا أن كلاً منا يريد أن يغير العالم، وهو لا يريد أن يتغيَّر. نحن بحاجة إلى العروبة الآن أكثر من أي وقت مضى. فهم يعملون على إشعال لبنان لعزله عن العروبة. فعلينا أن نعمل لاستعادة العروبة. فكيف نستعيدها؟
نستعيدها بأن نجدد في مضامينها وأدواتها. وبدون التمسك بها، هناك موجة من الحروب الأهلية قادمة إلى كل مكان في الوطن العربي.
حيث يوجد علم أميركي توجد «إسرائيل»، ونحن نغض الطرف عنها. ف«إسرائيل» موجودة في كل عاصمة عربية، لذا كل عمل يوجَّه إلى أميركا كأنه موجَّه إلى «إسرائيل». ومقاومتنا للمشروع الأميركي في لبنان هي هدية للذين يقاتلونها في العراق.
أما كيف نرى التجديد في حركة الثورة العربية؟
علينا أن نغير أنفسنا أولاً قبل أن نغير الآخرين. بحيث يخرج كل تيار من كنيسته، ونفكر من جديد لإطلاق تلك الحركة، من خلال الشارع والنضال فيه. وهذا ما يدعونا إلى تأييد التظاهرتين في بيروت التي شارك فيها الشباب بفعالية حيث كنا نحسب أن الشباب انفصلوا عن قضاياهم، فأنا أرى أنهم سينقلبون على زعمائهم، الذين رفعوا شعار السيادة، وعليهم أن يعلموا أن السيادة هي بالاتحاد مع العروبة.
أنا خائف الآن أكثر من أي وقت مضى. وعلينا أن نمنع عن لبنان مرارة الكأس، لأن هزيمتنا فيه أمام المشروع الأميركي ستنعكس سلباً على الجميع.
ومن هنا أعلن أن العراق هو ستالينغراد العرب. ففيه معركة الفصل بين هيمنة المشروع الأميركي ومنع تلك الهيمنة.
نص الكلمة التي ألقاها حسن خليل غريب
أيتها السيدات والسادة
تمر الذكرى الثانية للعدوان على العراق، ولا يزال مستمراً. وتقف في مواجهته أكثر مقاومة شعبية في تاريخنا الحديث تثير الدهشة والإعجاب، لأنها ليست تحول دونه وتحقيق أهدافه فحسب، وإنما تمرِّغ أنفه وتدميه أيضاً، وتضعه في أكثر مآزقه حرجاً. فحقٌّ لنا، نحن العرب، أن نفتخر بأننا خرجنا من نفق الهزيمة التي كانت تلاحقنا كالظل.
إن أكثر ما يثير اهتمامنا هو أن معركة المقاومة ضد الاحتلال في العراق ستنعكس سلباً أو إيجاباً ليس على الوطن العربي فحسب، وإنما على النظام العالمي أيضاً. وهو ما يجعل حركات التحرر في العالم أكثر اهتماماً بها وبنتائجها.
قبل المقاومة العراقية كانت أجواء الهزيمة لا تزال ترخي بظلالها على النظام العربي الرسمي، ويتصرَّف أربابه على قاعدة «اليد التي لا تستطيع أن تعضها فقبِّلها»، وبمثل تلك الاستراتيجية لا يزال ذلك النظام يعيش في عصور أهل الكهف.
غداً، وليس غداً ببعيد، سيستفيق أصحاب الأنظمة ليجدوا أن عملتهم أصبحت بدون أية قيمة. وسيجدون أنفسهم في غاية من التخلف عن ركب عصر المقاومة الشعبية. العصر الذي يستند إلى قوة إيمان الشعوب بكرامتها الوطنية، وبطاقاتها المخزونة المكبوتة بـ«ظلامية الأنظمة» الرسمية.
لقد راهن الكثيرون على أن نظام البعث في العراق، بقيادة أمير الثورة العالمية صدام حسين، هو نظام كتلك الأنظمة التي نعهد فيها «كثرة في الجعجعة والقليل من الطحين»، «كثرة من الديكتاتورية والانفصال عن قضايا الأمة وهمومها في الديموقراطية»، وبنت الكثرة أحكامها على تلك النغمات. لذلك لم يُفاجأ الكثيرون باحتلال بغداد السريع لأنهم كانوا يفصِّلون النتائج على مقدماتهم. وهذا –حسب المنطق الصوري-منطقي. ولكن لامنطقية القياس جاءت لتؤكدها وقائع ما حصل ما بعد احتلال بغداد، وإسقاط نظام البعث السياسي.
لقد أثبتت وقائع مرحلة ما بعد احتلال بغداد أن كل المقدمات التي بنى عليها الكثيرون أحكامهم كانت غير صحيحة، فأصبحت الأحكام –أيضاً- غير صحيحة. وتبيَّن أن ما كان يعد له نظام البعث، من أجل مواجهة العدوان، ليس له علاقة أو أي ارتباط بالمواجهات التقليدية، بل كانت مما لم يعهده النظام العربي الرسمي، أي الاعتماد على الآلة العسكرية النظامية. أما ما هو غير تقليدي في أسس المواجهة فكان الاعتماد على سلاح «إيمان الشعب بكرامته الوطنية». ولما كان هذا السلاح «رومانسياً» في نظر البعض، هزأوا وسخروا من فعاليته. وعلى الرغم من ذلك فقد جاءت الأخبار والوقائع لتنبأنا بالخبر اليقين، فاسألوا سواعد المقاتلين في العراق، واسألوا جورج بوش وتطلعوا إلى قسمات وجهه، واسألوا أهالي الجنود الأميركيين، واسألوا برلسكوني، واسألوا جاك شيراك الذي أخافته نار جهنم العراق التي أججها جورج بوش وهو لا يدري كيف يقفلها.
لقد استباح مشروع «اليمين الأميركي المتطرف»، بدفع من الصهيونية العالمية، وبإغراء من أكاذيب عملائه من العرب والعراقيين، أرض العراق. ووعدت إدارته الأميركيين بالاستيلاء على «سمن العراق وعسله»، كما وعدت الجنود المشاركين في العدوان عليه ب«جنات النعيم» يعودون بعدها إلى بلادهم أبطالاً سيخلدهم التاريخ. كما وعدت عملاءها من العراقيين بنعيم السلطة، فارتضوا حتى ولو كانوا «خُشُباً مسنَّدة». أما الحصيلة التي نالها كل مشارك، فكانت كالتالي:
-سمن العراق وعسله، ونفطه، الذي كان سينير جيوب المتربعين وراء مكاتب شركاتهم الكبرى، أشعل النار في قلوبهم، وهم لا يعرفون –الآن-كيف سيطفئونها حتى لا تستنزف آخر سنت وظَّفوها في تجارتهم الخاسرة. فبدلاً من تغطية تكاليف الغزو من عائدات البترول، هم يفتشون الآن عن وسيلة لوقف النزيف في ميزانية أميركا التي استهلكت تكاليف العدوان أكثر من مايتين وخمسين ملياراً من الدولارات لو وظَّفتها إدارة جورج بوش في سد حاجة الشعوب الفقيرة لقضت على أسباب الإرهاب الحقيقية. فادفع يا جورج بوش، والحبل على الجرار.
-لم ينعم جنود الاحتلال باكتساب لون البرونز من شمس العراق، فأرضه تحولت إلى مقابر جماعية لمرتزقتهم. ولم يسبحوا في مياه دجلة والفرات لأنهم حوَّلوها إلى مقابر لجنودهم المرتزقة والحالمين ب«الغرين كارد». فقيادة قوات الاحتلال تتخلص منهم لإخفاء الأعداد الحقيقية لخسائرها، وهي –الآن- بعد اكتشاف مقابر جنودها في العراق استحدثت لهم مقابر جماعية في باكستان لتخفي الإدارة الأميركية خسائر قتلاها الحقيقية فيها. وأما من لا تستطيع الإدارة إخفاء جثثهم فلم يعودوا إلى أميركا أبطالاً، بل عادوا ملفوفين بالعلم الأميركي، أو عادوا على عكازات، أو على عربات المعوقين، أو عادوا معتوهين إلى مصحات المجانين وعيادات الأمراض النفسية.
أما عدد كل هؤلاء، استناداً إلى «جمعية قدامى المحاربين الأميركيين»، فقد بلغ -منذ بداية العدوان حتى قبل شهرين مضيا-(48733) معطوباً من أصل ماية وخمسين ألف جندي. وهنا لا تعليق لي على الأمر، بل أحيله إلى الخبراء العسكريين لعلهم يفيدوننا بشتى معاني ودلالات تلك الإحصائيات.
إذا كانت الفسحة الزمنية للندوة ستحول دون تعداد ما تعرض له العراق، شعباً وأرضاً وبنى تحتية صناعية وعلمية واجتماعية واقتصادية وسياسية، إلى تخريب ودمار بما يدمي القلب من الألم الشديد، دعونا نلقي نظرة على دفتر حسابات التاجر الأميركي الذي ظهر أنه غبي، فقد نقل رأس ماله لاستثماره على أرض العراق التي تتفجَّر فيها أجساد العراقيين لتمنعه من تحويلها إلى سوق للاستهلاك.
نتيجة للخسائر البشرية والمادية الكبيرة وجدت إدارة «اليمين الأميركي المتطرف» أنها تدفع من دون أفق بالتعويض عن تلك الخسائر. فإذا كانت أسر الجنود القتلى والمعوقين والمعتوهين ترضى بقبض نصف مليون دولار كتعويض عن فقدان الحياة، فإنهم يعرفون أن أبناءهم يقاتلون في العراق من دون قضية وطنية أو طبقية أو أخلاقية. فإذا سدَّدت الإدارة فواتيرها المستحقة لأهالي الجنود، فهي أمام مأزق لا تستطيع أن تواجهه وهو كيف تعوِّض رأسمال الشركات التي اشترت أسهماً لتمويل العدوان على العراق. فأزمة الإدارة الآن هي أزمة التاجر، الذي لو استمر في تمويل طاحونة الحرب في العراق، لكان من الأغبياء. ولا أحسب أن التاجر الأميركي غبي، فهو سيوقف تمويل حرب خاسرة، والنتيجة أنه سينقلب على الوسيط، إذا لم يتخلَّص منه بأية طريقة من الطرق، وهنا اسمحوا لي أن أخمِّن بأن الحرارة التي يتحرك بها جورج بوش ووزيرة خارجيته كوندوليزا إلى هنا أو هناك، ولا ينفصل الملف اللبناني عن مجمل المخطط، ليس الغرض من وراء تلك الحرارة إلاَّ دفاع عن رؤوس سيطيح بها رؤوساء الشركات استيفاءً لرساميلهم التي دفنتها «إدارة الشر الأميركية» في صحراء العراق.
قد يشعر البعض منكم أنه بحاجة إلى إشارات من التطمين حول واقع المقاومة العراقية الآن. لذا لم أستعرض نشاطها لأنني وجدت بالنتائج التي تؤديها وتحققها، كما أشرت إلى انعكاساتها على الصعيدين الأميركي والعالمي، أكثر من إشارة التطمين، وفيها ما يدعو إلى الاطمئنان المطلق. أما فيما يتعلَّق بواجب دعمها فالصورة سوداوية، لأن العرب قد تركوا الأبطال العراقيين لوحدهم، وهم لا يشعرون بأن الواجب القومي يحثهم للمشاركة في مقاومة ترفع رؤوسهم عالياً. وفي تلك الصورة نجد النظام العربي الرسمي يعمل على قتل ضمير الأمة الذي يمثله عصر المقاومة الشعبية في فلسطين ولبنان والعراق. كما نجد أن تيارات الحركة العربية الثورية قد رضخت لإملاءات أنظمتها الرسمية تارة، وللخلاف حول جنس ملائكة المقاومة العراقية تارة أخرى، وعلى العموم فحركتها تميل نحو البرودة التي تنخفض كثيراً عن درجات الحرارة التي تميَّز بها الشارع العربي في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي.
وباختصار نرى أن التقصير ضارب بأطنابه، بينما المطلوب أن ندين التقصير الأكبر من الشارع العربي وحركاته الحزبية، وندعوهم إلى أن يؤمنوا وسائل الدعم بما يليق بها كمقاومة ستضع على رؤوسنا أكاليل الغار. وبمرارة أقول: فلننظر إلى شوارع أنقرة وأثينا ولندن وباريس وروما، والأكثر مرارة هو أن يتظاهر الأميركيون، في واشنطن، ضد احتلال العراق بينما رياح القطبين الباردين تلفنا من رأسنا إلى أخمص قدمينا، وليس لسبب إلاَّ خوفاً من أن نصاب بنزلة صدرية أو زكام تحدثه خراطيم مياه المخابرات وضربات عصيهم ودخان قنابلهم الوهمية.
فإذا كانت سُحب الدخان التي أطلقتها ورشة الإعلام الأميركية فوق لبنان وسوريا وفلسطين من أجل التعتيم على حقيقة ما يجري في العراق الآن، فعلينا أن لا ننسى أن قوات الاحتلال الأميركي تواجه معارك شرسة لا تقل تأثيراً عن المعارك التي خاضها أهلنا في الفلوجة. وفي تلك المعارك التي تدور منذ شهرين، في الرمادي وبعقوبة والقائم وتلعفر وغيرها، يتساقط فيها الأطفال والنسوة ويستشهدون تحت ركام منازلهم. بحيث تأتي عمليات القصف بالطائرات للمنازل الآهلة ضغطاً على المقاتلين الذين أثخنوا قوات الاحتلال بالجراح وأسقطوا بينهم مئات من القتلى، ومئات من الآليات. تلك الآليات لا تزال شظاياها تتطاير تحت ضغط زنود المقاومة العراقية. فهي لا تزال تتشظى على الرغم من أن مهمة تصفيحها قد لُزِّمت إلى شركات صهيونية من مكاتبها في تل أبيب.
أما ما خلا ذلك، فللمقاومة العراقية خصائص ومميزات نذكر الاستراتيجي منها:
أولاً-للمقاومة منهج استراتيجي –سياسي وعسكري-معلن وهو أنها ستسمر حتى إخراج، وليس خروج، آخر جندي محتل أو متعاون أو متواطئ معه. وأما ما يعلنه أرباب إدارة بوش، فهو كذب وخداع للشعب الأميركي. أما نحن فعلينا أن لا ننخدع بكلام رئيس وصفه شعبه بالخادع والكذاب.
ثانياً-وللمقاومة منهج جبهوي، إذ أنه على الرغم من أن حزب البعث قد أعد للمقاومة كل مستلزماتها وهو في السلطة، فإن المقاومة الآن تتمثَّل بتعاون وتنسيق بين شتى الفصائل على أساس شمولي سواء في انتشارها على كل الرقعة الجغرافية العراقية أو في انخراط كل العراقيين في صفوفها. وهي وإن كانت أكثر نشاطاً في وسط العراق إلاَّ أن شماله وجنوبه يعرفان الكثير من العمليات النوعية. وهي شمولية على صعيد الهوية السياسية والدينية والمذهبية والعرقية، بحيث تجمع المنخرطين فيها الثوابت الوطنية والقومية. فليس بينها من هو طائفي أو مذهبي أو عرقي. لذا تتميَّز بفرادتها الجبهوية وتصل إلى الحدود التي توجه فيه قيادة المقاومة والبعث إلى تجاوز كل ما هو فئوي، وتدعو إلى التنسيق والتكامل بين شتى الفصائل على شتى المستويات، وتدعو البعثيين إلى تقديم كل الإمكانيات المتاحة –وبدون تمييز- لكل من يريد الانخراط في صفوف المقاومة.
وتتميَّز المقاومة العراقية بنشاطها الكثيف، وهذا النشاط لا يقل تعداد عملياته في أسوأ حالاته عن عشرات العمليات. وهذا يتأكد من خلال تصريحات قادة العدو. وتتميَّز بأن مقاتليها ذوو حرفة وخبرة على شتى المستويات العسكرية والسياسية.
وإذا كانت وسائل «إدارة الشر الأميركية» تعمل على نسبة قيادة العمل إلى هذا العنوان أو ذاك، وتحديداً تغليب التلاوين الإسلامية فليس إلاَّ من أجل طمس هوية المقاومة الوطنية، والإيحاء بأنها قادمة من الخارج أو من دول الجوار، للحؤول دون الاعتراف بشرعيتها الوطنية أولاً، ولتجميع كل العوامل التي تثير المخاوف والهواجس لدى الرأي العام الأميركي والعالمي ثانياً. فهي قد برَّرت عدوانها على العراق بوجود أسلحة الدمار لشامل من جهة والإرهاب الدولي من جهة أخرى. فإذا كان الكذب في الملف الأول قد أعلنته الإدارة بلسانها، فلم يبق أمامها إلاَّ الملف الثاني، كما أنها –من خلال-هذا الملف تستطيع أن تمارس ما تريد من أعمال تشوه به شرعية المقاومة الوطنية العراقية من أجل خلخلة النسيج الوطني العراقي.
أما ما يجب أن نعترف به، وهو ما لا نخفيه، بل نعلنه جهاراً، فهو أن مشاركة العرب والمسلمين من غير العرب ليس إلاَّ واجباً قومياً وإنسانياً. ونحن نضرع إلى الله أن يكون عدداً منهم في ساحة القتال ضد العدو الأميركي، ليس إلاَّ أن هذا واجب نرى أننا لا نزال مقصِّرين فيه.
استخلاصاً من الدرس العراقي في الصراع الدائر بين زيف الأهداف الأميركية المعلنة وحقيقة تلك الأهداف لا بدَّ من أن نستفيد منها في لبنان. ففي الوقت الذي بدأ فيه تسونامي الأميركي يجتاح لبنان وسوريا، نحن نرى أنه في بيدرنا اللبناني –كجزء من البيدر العربي- تلتبس الأمور، فعلينا أن نتميَّز بالحذر الشديد لأن قمحنا –اليوم- ملتبس بين شعارات تُرفع هنا أو هناك، ومن أهمها:
بين ما هو حق للبنان واللبنانيين، وما هو يصب في مصلحة المشروع الأميركي.
بين ما هو حق سياسي للبنانيين في الديموقراطية، وما هو واضح أو مخفي في ديموقراطية المشروع الأميركي.
أيتها السيدات والسادة
في الذكرى الثانية للعدوان على العراق، وفي مناسبة عيد الأم والطفل، نقف إجلالاً أمام عظمة الأم العراقية والطفل العراقي لما يلقونه من صنوف الإذلال والمهانة والتعسف وإرهاب المرتزقة من زبانية جورج بوش وطوني بلير. وإننا لنكبر فيهن طول الصبر والتضحيات، وهن، مع أطفالهن، تعانين العراء والتجويع والتظليم والترحيل والتهجير والتقتيل والاستشهاد والسجن والملاحقة. كما أنهن يتعرَّضن في هذه اللحظة بالذات إلى الانتقام الجماعي بتدمير المنازل على رؤوسهن في محاولة للضغط على المقاومة.
كما نوجِّه التحية إلى كل الأسرى والمعتقلين، من قيادات المقاومة والحزب وعلى رأسهم صدام حسين، الرئيس الشرعي للعراق، والقائد الفعلي للمقاومة العراقية.
كما نوجِّه التحية إلى كل أبطال المقاومة العراقية، بشتى انتماءاتهم، بمن فيهم كل من يدعو إلى الله في قلبه لنصرة تلك المقاومة، ولا نستثني حتى ذلك الذي يكفي المقاومة شره.

ليست هناك تعليقات: